بيت العلم وسيرة عالم
محنة التكفير والاقصاء
إذا كان الفتى سرّ أبيه، فإن سيرة العلامة الراحل السيد
محمد بن علوي المالكي رحمه الله تكمن في تحدّره من بيت
يضم كوكبة من العلماء الافذاذ الذين ساهموا في نشر المعارف
الدينية وأحيوا المراسم النبوية. فأبوه هو السيد العلامة
علوي بن العلامة السيد عباس بن عبدالعزيز بن محمد المالكي
المكي الحسني
بيت السيد علوي المالكي بمكة المكرمة بيت سياده وعلم
وفضل منذ مئات السنين فالسيد عباس و ابوه وجده وابو جده
وابوه من فوقه كل منهم عالم فاضل حافظ لكتاب الله ومنهم
المدرس والامام و الخطيب بالمسجد الحرام نالوا الفضل والتكريم
بالعلم والعمل والنسب النبوي الشريف فالحمدلله على فضله
واحسانه.
ولد السيد علوي بمكة المكرمة في بيت المالكي المعروف
بباب السلام سنة 1328هـ فبدا بحفظ القران الكريم فاتمه
وهو في العاشرة من عمره وصلى به التراويح إماماً بالمسجد
الحرام... ثم التحق بمدرسة الفلاح منتظماً في سلك الطلبه
وبرع واستحق ان يقوم بالتدريس في نفس المدرسة قبل التخرج
فكان هو وجملة من الطلاب المهره يقومون بالتدريس للفصول
الاولى مع تلقي العلم في الفصول العالية..مع الانخراط
في سلك الطلاب بالمسجد الحرام.
شيوخه و أساتذته
منهم والده السيد عباس الذي رباه و أدبه وعلمه واخذ
عنه اكثر علومه وقرأ عليه في الحرم والبيت و تخرج عليه
ـ الشيخ عمر حمدان ـ الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي ـ
الشيخ محمد علي بن حسين المالكي ـ الشيخ جمال المالكي
ـ شيخ القراء احمد التيجي ـ الشيخ عبدالله حمدوه ـ الشيخ
حسن السعيد السناري ـ الشيخ محمد أمين سويد الدمشقي ـ
الشيخ محمود العطار الدمشقي ـ الشيخ عيسى رواس ـ الشيخ
سالم شفي ـ الشيخ أحمد ناضرين ـ الشيخ محمد العربي التباني
ـ الشيخ محمد يحي أمان ـ الشيخ محمد الخضر الشنقيطي ـ
والشيخ عمر باجنيد والشيخ عبدالستار الدهلوي، وغيرهم الكثير.
مصنفاته
ـ العقد المنظم في أقسام الوحي المعظم
ـ المنهل اللطيف في أحكام الحديث الضعيف
ـ الإبانة في أحكام الكهانة
ـ رسالة في إبطال نسبة القول بوحدة الوجود لأئمة التصوف
ـ رسالة في الإلهام
ـ رسالة في أحكام التصوير
ـ إبانة الأحكام شرح بلوغ الـمرام
ـ نيل الـمرام شرح عمدة الأحكام.
ـ فيـض الخبير في أصول التفسير
ـ فتح القريب المجيب على تهذيب الترغيب والترهيب
وللسيد علوي المالكي محاضرات دينية وأحاديث إذاعية،
جمعها ابنه السيد محمد المالكي تحت إسم: نفحات الإسلام
من محاضرات البلد الحرام.
وظائفه العلمية و نشاطه التدريسي و الاجتماعي:
تخرج من مدرسة الفلاح سنة 1346هـ فتولى التدريس بها
سنة 1347هـ واجيز له بالتدريس في المسجد الحرام في نفس
السنة. وقد أعطى وقته كله وصرف نفيس عمره للتدريس بالحرم
الشريف وكانت له خلوه في باب السلام واخرى في رباط السليمانية
الكائن بباب المحكمة سابقا في الحرم الشريف يسكنها جملة
من كبار الطلاب. فكان رحمه الله يقضي أوقاته الخاصة بين
هاتين الخلوتين لتعليم هولاء الطلاب المجاورين وكان معهم
جملة من شباب مكة.
كان له درس يومي في رمضان بعد العصر من سنة 1370 الى
سنة وفاته وكان يحضره نحو الف شخص وكان يواظب عليه مع
شدة الحر وضعف جسمه في اخر حياته كما كان عضوا في اللجنة
العليا لتوسعة المسجد الحرام، والتي كان يرأسها الملك
سعود.
ـ كان عضوا في لجنة تحديد أعلام الحرم
ـ كان عضوا في لـجنة الإصلاح بين الناس
ـ كان له حديث أسبوعي في الإذاعة السعودية
ـ كان له حديث أسبوعي في صوت الإسلام
ـ كانت له محاضرة سنوية في ندوة المحاضرات بالرابطة
الإسلامية في عهد الشيخ محمد سرور الصبان
وكان رحمه الله مأذونا شرعيا لعقد الأنكحة
وفاته
انتقل والد السيد محمد (السيد علوي) إلى رحمة الله
في منتصف ليلة الأربعاء 25 صفر 1391هـ، ودفن عصر يوم الأربعاء
بمقبرة المعلاة، وقد شيعه الألوف من أهل مكة والمقيمين،
والقادمين من الأطراف، وحضر جنازته كبار علماء مكة المكرمة،
ووقفوا لتقبُّل العزاء فيه، وكانت جنازته مشهودة، بحيث
امتلأ الشارع من باب المسجد الحرام إلى مقبرة المعلاة
ويقول الشيخ حسن المشاط رحمه الله: (انه لم يشهد في
حياته جنازة مثلها وكانوا يقولون ان جنازة شيخنا الشيخ
جمال المالكي أعظم واكبر جنازة شهدتها مكة في هذا القرن.
قال شيخنا المشاط: أقول بل هذه الجنازة أعظم ولا يخفى
الصبح إلا على أعمى او حسود).
وقال الشيخ محمد نور سيف: إن الإمام أحمد بن حنبل يقول:
إن أهل السنة والجماعة يعرفون بجنائزهم، فهي محضورة ومشهودة،
قال: وهكذا جنازة السيد علوي كانت مشهودة ومحضورة، وما
رأينا جمعا كما رأينا في جنازته.
وقد خلف من الأولاد الذكور ولدين هما: السيد محمد والسيد
عباس نفع الله بهما واربعة من الاناث حفظ الله الجميع
لحفظه ويرعاهم برعايته.
سيرة الابن
العلاّمة الراحل السيد محمد المالكي مذهباً والحسني
الادريسي نسباً يتحدر في تقفي نسبه من سيدنا الحسن بن
علي رضي الله عنهما كما ورد في كتاب أنساب قحطان وعدنان،
فمولده في مكة المكرمة في بيت علماء، حيث حضرحلقات العلم
في المسجد الحرام وفي مدرسة الفلاح ومدرسة تحفيظ القرآن
الكريم وأكمل دراسته الجامعية بالأزهر الشريف وحصل على
شهادة الدكتوراه فيها. وقد رحل في طلب العلم الى مصر والمغرب
والهند وباكستان وبلاد الشام وأفاد كثيراً من رحلاته في
جمع المخطوطات ولقاء الرجال ومعرفة الآثار وكتابة الفوائد.
مشايخ السيد محمد بن علوي بن عباس المالكي
السيد علوي بن عباس المالكي الحسني ـ توفي 1391
الشيخ محمد يحيى بن الشيخ أمان ـ توفي 1387
الشيخ محمد العربي التباني ـ توفي 1390
الشيخ حسن بن سعيد يماني ـ توفي 1391
الشيخ محمد الحافظ التيجاني شيخ الحديث بمصر ـ توفي
1398
الشيخ حسن بن محمد المشاط ـ توفي 1399
الشيخ محمد نور سيف بن هلال المكي ـ توفي 1403
الشيخ عبد الله بن سعيد اللحجي ـ توفي 1410
الشيخ محمد يس الفاداني ـ توفي 1410 وما أدراك من هو
الشيخ الفاداني: مسند مكة وشيخ دار العلوم الدينية بها
رحمه الله حدث في مجلس واحد عن 200 شيخ مبتدئاً بمشرق
العالم الاسلامي ومنتهياً بمغربه!
الشيخ عبدالله أحمد دردوم ـ توفي 1407
الشيخ الفقيه شيخ العلماء حسنين بن محمد مخلوف مفتي
مصر ـ توفي 1411
الشيخ محمد ابراهيم أبو العيون شيخ الخلوتية بمصر
وهؤلاء أكثر الذين لازمهم السيد وأخذ عنهم واستفاد
منهم، كما التقى السيد بنخبة من العلماء العارفين من سادة
آل البيت النبوي وأخذ عن فحولهم واقتبس منهم الشيء الكثير،
وعلى رأسهم السادة من آل باعلوي كالعلامة محمد الشاطري
آل باعلوي وما أدراك من آل باعلوي، من أعلى الناس علماً
وتقوىً وأشدّهم تواضعاً وحياءً لو جهلتهم لجهلت مجداً
من أعرق الأمجاد لهذه الأمة المحمدية، استقر غالبيتهم
في بلاد حضرموت، ومنها انطلقوا للدعوة الى الله في أرجاء
الأرض.
أصحاب مبدأ في حياتهم يمثلون أهل السنة والجماعة، أشاعرة
العقيدة متبعون لمذهب سيدنا الإمام الشافعي، يعيشون لاحياء
علوم الدين على وجه الأرض. ولو أنصف المؤرخون لسطّروا
أثرهم بماء الذهب في فاتحة أي كتاب تاريخ للمسلمين! هل
تدري لماذا؟ لأنهم بتوفيق الله غيروا خريطة العالم الاسلامي،
فقد أدخلوا الإسلام لأكبر كثافة إسلامية على وجه الأرض
(أكثر من 50% من مجموع المسلمين) وهذا في آسيا وإفريقيا،
وهي أماكن لم تصلها جيوش المسلمين!
جملة من أئمة الدين الذين يروي عنهم السيد محمد علوي
المالكي:
الشيخ المحدث محمد زكريا الكاندهلوي شيخ الحديث بالهند
الشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي شيخ الحديث
الشيخ المحدث محمد يوسف البنوري بكراتشي
الشيخ محمد شفيع مفتي باكستان
الشيخ محمد أسعد العبجي مفتي الشافعية بحلب
السيد حسن بن أحمد بن عبد الباري الأهدل اليماني منصب
المراوعة
السيد المسند العارف بالله مكي بن محمد بن جعفر الكتاني
الدمشقي
الشيخ الفقيه شيخ العلماء حسنين بن محمد مخلوف مفتي
مصر
الشيخ المحدث أمين بن محمود خطاب السبكي المصري
الشيخ المعمر محمد عبدالله عربي المصري المعروف بالعقوري
وهو تلميذ الشيخ الباجوري. ويروي عن الأمير الصغير مباشرة
بلا واسطة، فسنده في غاية العلو.
موقف المالكي من التكفير الغاشم
بعد عشرين عاماً من حملة تكفير ضارية ضد العلاّمة الراحل
السيد محمد علوي المالكي قررت الحكومة اصلاح ما أفسدته
في العقدين الماضيين فتقدّمت بدعوة العلاّمة المالكي الى
جلسات اللقاء الفكري. وعلى هامش اللقاء الثاني نشرت جريدة
(الشرق الاوسط) لقاء معه تحت عنوان (أول عالم سعودي واجه
إتهامات التكفير لـ ''الشرق الاوسط'': الجفوة ذابت وقرار
تكفير خطأ). وقد جاء في مقدمة اللقاء:
بحضوره اللافت وسمته الوقور اضفى العالم والداعية المكي
السيد محمد علوي المالكي على جلسات اللقاء الفكري الثاني
مزيدا من فرص النجاح للحوار الوطني. فالرجل كان دائما
الغائب الحاضر في كل فتوى تكفير جديدة باعتباره يحمل الرقم
واحد كأول مواطن وشيخ دين سعودي يرزأ بهذه التهمة. وكان
ولا يزال محط انتقاد وتتبع لكتبه وأفكاره الفقهية المثيرة
للجدل، وربما كان هذا أول لقاء، بعد أن بلغ السابعة والخمسين
من العمر، يجمعه مع مناوئيه في الرأي والرؤى. «الشرق الأوسط»
التقته على هامش اللقاء.
* حضوركم للحوار الوطني جدد الى الأذهان قصة الخلاف
الشهير حول طروحاتكم الدينية. هل تم تجسير هذه الفجوة؟
ـ الخلاف موجود وهو متعلق بالآراء والأفكار. والحمد
لله أنه في هذا اللقاء الوطني وفي رحابه يمكنني القول
ان هذا الجمود قد زال تقريباً، واشعر أن تلك الجفوة قد
ذابت. يكفي أننا مجتمعون معاً وان كنا مختلفين في الآراء،
فالرأي لا يفسد المحبة ولا المودة.
* كنتم أول من توجه له تهمة التكفير من المواطنين.
الآن وأنتم تجتمعون تحت سقف واحد. تم التراجع عن تكفيرك؟.
ـ رد ضاحكاً لم اعترف يوما بهذا القرار، وليس فيه من
الصحة شيء. ولذلك، فليس أنا من يتراجع وانما يجب على الذين
اصدروا ذلك القرار بعدما رأوا هذا الواقع ان يتراجعوا،
والتراجع ليس عيباً.
* هل لمستم خطوة في هذا الاتجاه؟
ـ لا، لكن لم ينته الحوار بعد، ولعله يكون في آخر الحوار،
وأنا ارجو ذلك.
* هل حواركم اسس على قاعدة من التسامح والتفاهم. أم
لا تزال في النفوس اشياء؟
ـ ارجو ان تكون منطوية على خير. في الظاهر ليس بيننا
الا المحبة والمودة والتعاون والتفاهم اللفظي، أما عن
النفوس فلا يعلم دواخلها الا خالقها وهي بين يدي الرحمن.
* ناقشتم طرق تصفية الكتب التكفيرية من المكتبات السعودية.
هل حددتم معايير معينة للحكم على كفرية هذا الكتاب عن
ذاك، خصوصا وان أكثر كتبكم تتهم بوقوعها على كفريات؟
ـ لا يزال الموضوع تحت البحث. ما اقوله هنا هو أننا
نأمل في التوصل الى تحديد هذه المفاهيم بواسطة هذه اللجان،
والى ان نصل الى ذلك فستكون النتائج حسنة وجيدة. هناك
كتب لغيري ممنوعة. ولست المؤلف الوحيد الذي يواجه مثل
هذه التهمة، في اعتقادي أن الحكم على كتبي بأن فيها شركاً
او ضلالاً او انها تدعو الى البدعة، لا ينطلق من رؤية
متكاملة. ونرجو ان نصل في هذا الحوار الى منهجية شاملة
لكلا الطرفين من خلال رؤية شاملة كما يدعو اليه عنوان
هذا اللقاء الوطني.
الوهابية هي الاقصاء: تكفير
السيد محمد بن علوي مالكي نموذجاً
أضحت الوهابية كلمة مرادفة للاقصاء الواضح الذي تمارسه
هذه الفرقة بحجة تملك الحقيقة المطلقة والعقيدة الصافية
وحدها دون ملايين المسلمين الآخرين ـ وكي لانذهب بعيدا،
أمام أعيننا قصة التكفير (العار) الشهيرة، والتي راح ضحيتها
شيخ المالكية بالحجاز وأحد أحفاد المصطفى صلى الله عليه
وسلم وأحد ورثة التدريس بالحرم المكي، وابن امام وخطيب
المسجد الحرام الراحل - السيد محمد بن علوي المالكي..
- أصدرت هيئة كبار العلماء قرارها رقم 86 والصادر بتاريخ
11-11-1401هـ الداعي باستنكار مااتجه اليه السيد محمد
بن علوي بن عباس المالكي المكي الحسني من (الدعوة الى
الشرك بالله سبحانه) (والدعوة الى البدع والمنكرات والضلالات
والبعد عما عليه (سلف) هذه الأمة من سلامة العقيدة وصدق
العبودية لله تعالى في ألوهيته وربوبيته وكمال ذاته وصفاته).
- ألف المدعو عبدالله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار
العلماء كتابه (حوار مع المالكي في رد منكراته وضلالاته)
ـ(عام 1403) وكتب مقدمته سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث
العلمية والافتاء والدعوة والارشاد الشيخ عبدالعزيز بن
عبدالله ابن باز. تناول فيه المؤلف أحد كتب المالكي واتهمه
بالكفر والفسوق والضلاله والابتداع، وطبعه الشيخ الراحجي
على نفقته وقام بن منيع في مؤخرة الكتاب بتوزيع التهاني
والمدائح على جميع شيوخ الوهابية بالاسماء واصفا إياهم
بالعلم والسمو.. وكأن اسقاط واقصاء مرجعية دينية كبيرة
حادت عن منهجهم (الوهابية) أضحى لديهم أشد غبطة من الانتهاء
من بحث علمي يخدم الاسلام والمسلمين.
- امتدت القضية لتشمل تأليف شيخ وهابي آخر يدعى محمد
الفاتح كتاب ضد السيد المالكي أيضا، وغيره من الكتب، لعل
أشهرها وأكبرها عارا كتاب لوزير الأوقاف السعودي الشيخ
صالح آل الشيخ ردا على كتاب المالكي (مفاهيم يجب أن تصحح)،
فوزير الأوقاف السعودي الموقر لم تروق له مفاهيم رجل (كافر)
في نظره، فألف كتابه المغالط للشريعة والمشوه للقرآن (هذه
مفاهيمنا).. وهو عار لأنه (أي صالح آل الشيخ) اعتمد فيه
على الاستحسانات العقلية والظنية، وحاول تطبيق آيات المشركين
على المتوسلين (ياللجهل بأصول الدين)!! مع أن المشركين
اتخذوا شركاء أو وسائل من دون الله تعالى، بينما اعتمد
المتوسلون على حجة شرعية من الله ورسوله صلى الله عليه
وآله.. ولكن وزير الاوقاف أصر على عدم التفريق بين ماهو
من دون الله وما هو من عند الله تعالى!!!
ـ قيام شيوخ الوهابية بكتابة وثيقة تطالب بالحجر على
فكر وكتب السيد المالكي، وبطرده من المملكة، في خطاب موجه
لنائب رئيس مجلس الوزراء (عام 1403 هـ)، وبالفعل سافر
المالكي لفترة للمغرب والامارات قبل أن يعود مرة أخرى
بدعوة من ولي الأمر نفسه، لكن لايزال السيد ممنوع من نشر
كتبه وتوزيعها بالمملكة، علاوة على منعه -بالطبع- من الرد
علميا على أي كتاب كفره أو فسقه أو كتب في حقه (اقصاء
وهابي مع سبق الاصرار)..
ـ قيل في الوثيقة التي كتبها شيوخ الوهابية والمرفوعة
لولي الأمر: (بلغ من ان لمحمد علوي مالكي نشاطا كبيرا
متزايدا في نشر البدع والخرافات والدعوة الى الضلال والوثنية
وأنه يؤلف الكتب ويتصل بالناس ويقوم بالأسفار من أجل تلك
الأمور). (اقصاء في أسمى صوره، من فرقة لاتريد إلا أن
ترى نفسها وتسمع صوتها).
ـ استفتح شيخ الاسلام الجليل وأحد مفتي الدولة الرسميين
وقتها، الشيخ ابن باز كتاب بن منيع بكلمة ((****)) قال
فيها: (قد ساءني كثيرا وقوع هذه المنكرات الشنيعة والتي
بعضها (كفر) بواح من محمد علوي المذكور، كما أثار بما
نشره في كتبه من ضلالات وشركيات وبدع منكرة كثيرة من أهل
العلم وفي مقدمتهم هيئة كبار العلماء). (حتى الشيخ بن
باز كفره)!!
ـ منع السيد المالكي من حق مجرد (الرد) بكتاب أو مطوية
يدافع فيها عن عقيدته وعن منهج المذهب المالكي (الذي لايروق
لشيوخ الوهابية ويرونه كفرا بواحا).. رفض طلبه باجراء
مناظرة تلفزيونية أمام جميع أعضاء هيئة كبار العلماء..
صودرت جميع كتبه ومجمعاته وبحوثه.. حرم من مقعد ورثه أبا
عن جد بالحرم يقوم من خلاله بتدريس الطلبة ومخاطبة الزوار..
ـ محاولة اغتيال السيد المالكي والتي قام بها أحد طلاب
العلم المغرر بهم بالطبع بعد كل هذه السموم التي تكفر
الرجل وتنشر بمكتبات المملكة من تأليف ومباركة الوهابية..
ثم بعد هذا كله ـ أليست كل هذه دلائل على الاقصاء الذي
تمارسه هذه الفرقة؟! وأليست دلائل جهل فاضح بجوهر هذا
الدين وسعته ورحمته من قبل هذه الفرقة؟!حتى مع كل تلك
الحقائق أعجب من قناعتهم بأنهم وحدهم هم الفرقة المنصورة
وأصحاب العقيدة الصافية ثم كل من خالفهم ضال!!
مشاهدات في تأبين المالكي
ـ مكة المكرمة بمضايقها الصخرية وهضابها العالية القاحلة
ومساجدها العتيقة مع مآذنها الخالدة تبكي فراقك يا خادم
العلم الشريف حتى اشجارها قد كساها الحزن والاضطراب. اما
طلبة العلم من تلامذتك فقد استحوذ عليهم مرار ولوعة الفراق
ودهشة الصدمة في مصابهم الجلل الذي جعلهم يعجزون عن ترتيب
افكارهم وتنسيقها فغطوا في حزن كئيب ونحيب مرير ففقدك
يا خادم العلم الشريف مصاب جلل للامة وأنت العالم الرباني
الذي اشتهى طيلة عمره وظيفة واحدة سعى وتحرق شوقاً لها
وهي خدمة العلم وطلبة العلم ففتحت ابواب بيتك وقلبك لجميع
المسلمين أيا كانت الوانهم ومذاهبهم ولغاتهم كي تعلمهم
الفقه والحديث وتبصرهم بأمور الدين حتى تخرج من بين يديك
أجيالاً ربيتهم على العلم والعفة والتقى والورع والخير
والصلاح ومحبة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه اجمعين
والتابعين له باحسان إلى يوم الدين لا أحد ينسى افضالك
يا سليل آل بيت النبوة ويا من تربى في بيئة دينية علمية
وترعرع على اخلاق العلماء وتتلمذ على ايدي ثلة من اهل
العلم والفضل والورع والتقى بالبيت الحرام فتشربت حبهم
وسرت على نهجهم وأخلاقهم ونبلهم حتى حظيت بمكانة جليلة
وجلست للتدريس في المسجد الحرام وتتلمذ على يديك خلق كثير
استفاد من فقهك وعلمك وورعك وقد كان رحمه الله مرحاً جداً
تلقائياً إلى حد كبير وكان يملأ المجلس نوراً ودفئاً وتحلو
له مشاكسة طلبته من وقت إلى آخر فحظي بحب جارف تجلى كياناً
حقيقياً في شخصه الكريم وجبينه الوضاء وقد كان فضيلته
يحارب الفكر السخيف واذا كان لديك رغبة ملحة في الخروج
من أزمة او حدث يثير اهتمامك بين ظلام دامس او محنة تجعلك
تتخبط دون تحفظ او تميز في امور الدين والعقيدة فإن سرعان
ما ينبري بعلمه وفقهه وحلمه لازالة اللبس وتبصيرك إلى
طريق الصواب والحق دون بغضاء او شحناء فقد كان من ذوي
البصيرة والحلم والصبر والاناة وكانت امنيته التي ارادها
ان تتحقق في ظل هذه المتاهات الشاسعة التي خرجت إلى فضاءنا
بمحن وفتن وتصادم مع صراعات فكرية وخلافات ازلية تدعو
إلى انقلاب فكري غير متزن ولا يخدم امة الاسلام على المدى
القريب والبعيد حول مسائل فقهية قابلة للاجتهاد قبل موته
هو التباحث مع اهل الفكر والحوار على شتى ثقافاتهم ومذاهبهم
وانتماءاتهم عن ارضية صلبة للتقارب في الرؤى والفكر والثقافة
دون تصادم او شحناء ولكن هاهو الموت يحول بين الاماني
والرغبات ويبقى الطريق شائكاً وقد خيم عليه بعتمة كئيبة
(إنا لله وإنا إليه راجعون).
(كتبه/ مصطفى عبدالله بحر الدين عبدالله ـ مكة المكرمة
ـ جريدة المدينة 19 رمضان 1425 ـ 2 نوفمبر 2004).
ـ شيع أهالي مكة المكرمة الشيخ محمد بن علوي مالكي
الذي وافته المنية صباح أول من امس عن عمر يناهز الستين
عاماً، الى مثواه الأخير في مقبرة (المعلاة).
وعمّ الحزن أرجاء مكة والمدينة المنورة، وجدة. فمالكي
عمدة الفرق الصوفية الاسلامية، وبموته يفقد أتباع هذه
الفرق شخصية اتسمت بالتعقل والحكمة، اذ أدار كل مراحل
أزمات الخلاف بين تياره والتيارات الأخرى بقدر عال من
الاتزان، ومراعاة المصلحة العامة. وكان حذر أنصاره من
استغلال الضغوط السياسية على بلاده في إثارة النعرات السياسية
والمذهبية. الى ذلك، توقّعت أوساط الصوفيين أن يخلف مالكي
أحد تلاميذه (عبدالله فدعق، أو اسامة منسي أو أخوه عباس
مالكي)، إلا ان وزير الاعلام السعودي السابق الدكتور محمد
عبده يماني أبلغ (الحياة) أن الشيخ محمد علوي مالكي (أوصى
بأن يخلفه بعض ولده في العناية بالعلم الشرعي وتدريسه)
مما يعني في النهاية أنه أراد ان يتخذ ولده خليفة له.
مصطفى الأنصاري
(نقلاً عن جريدة الحياة في 2004/10/31)
|