آراء ثلاثة خبراء غربيين بشأن:

التحدي الذي تشكله القاعدة للحكومة السعودية

جوناثان شكانزر(1):

منتسبو القاعدة السعوديون

نتيجة للاجتياح الأمريكي لأفغانستان في عام 2001، أصبحت شبكة القاعدة تتألف الآن من جماعات صغيرة ومحلية وذاتية، ملحقة بالتنظيم الأساسي والتي تقوم بمهاجمة الأهداف الداخلية والغربية على السواء. إن الروابط بين الجماعات الملحقة وبين مركز القاعدة السابق هي علاقات غير رسمية إلى درجة كبيرة. على سبيل المثال، الهجمات الأخيرة التي ادعتها جماعات ملحقة مثل السلفية الجهادية في المغرب وأنصار الإسلام وشبكة أبو مصعب الزرقاوي في العراق.

لقد ظهرت مؤخراً جماعات ملحقة جديدة نسبياً تطلق على نفسها (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب). وقد شنت الجماعة هجمات على كل من النظام والغربيين في المملكة، والتي بلغت ذروتها بالقطع الرهيب لرأس الأمريكي بول جونسون في يونيو 2004. ورغم أن الجماعة تتكون من بعض مئات من المقاتلين وحسب، الا أنه يبدو أن لديها قاعدة واسعة من المؤيدين بين السعوديين. يكره معظم السعوديين العنف المروع، ولكن الغضب بسبب حرب العراق والثقافة السعودية الوهابية الخطيرة قد تكفل استمرارية الجماعة.

حتى وقت قريب كان قائد (القاعدة في جزيرة العرب) هو عبدالعزيز المقرن، وقد قتلته قوات الأمن السعودية في أواخر يونيو الماضي. وقد كان المقرن مشتركاً في نشاطات القاعدة في البوسنة، وبعد ذلك في الجزائر، حيث تم القبض عليه وإرساله إلى السعودية ليبقى أربع سنوات في السجن. وقد تم إطلاق سراحه بسبب سلوكه الحسن وبسبب حفظه للقرآن. (المثير للاهتمام، أنه قد تم إطلاق إرهابيين آخرين تحت ظروف مشابهة، وقد أطلق الأردن سراح الزرقاوي مشمولاً بعفو عام، عام 1999، وأطلقت القاهرة سراح زعيم الجهاد الإسلامي أيمن الظواهري في أوائل عقد الثمانينات).

عند إطلاق سراحه ذهب المقرن إلى أفغانستان التي كانت تحكمها الطالبان، ولكن تم إجباره على العودة ثانية إلى السعودية بعد الاجتياح الأمريكي. ومثل المجاهدين الآخرين العائدين من أفغانستان إلى دول مضيفة، فقد قام المقرن بالمساعدة على تشكيل جماعة منتسبة إلى القاعدة تشكل تحديات للنظام الحالي.

وقد ظهر صالح العوفي، والذي هو ضابط سابق في السجن السعودي، كقائد جديد لتنظيم (القاعدة في جزيرة العرب)، وهو يرى أن الهجمات ضد النظام السعودي أكثر أهمية من الجهاد الجاري في العراق. وقد رفض عفو الحكومة عن المقاتلين، وأعلن أنها علامة على الضعف. في الحقيقة، فإنها ستكون نصيحة جيدة للرياض بأن يطلب منها النظر إلى محاولات الجزائر لاستخدام العفو كوسيلة لإيقاف عنف منتسبي القاعدة. فبعد خمس سنوات من تجاوز نقطة النهاية في عفو الدولة، فإن كلا من الجماعة السلفية للدعوة والمقاومة، والجماعة الإسلامية المسلحة استمرتا في قتل الناس. لذلك، وعلى الرغم من أن العفو قد يؤدي إلى انخفاض قصير الأمد في الهجمات في العربية السعودية، إلا أن على الدولة أن تتوقع المزيد من الانتشار والعنف لدى جماعة (القاعدة في الجزيرة العربية) في المستقبل.

توماس ليبمان(2):

الإصلاح في العربية السعودية

تواجه الحكومة السعودية لائحة طويلة من الصعوبات البارزة، بما في ذلك النمو السكاني غير المسيطر عليه، والركود الاقتصادي، وعدم استقرار الزعامة السياسية، واستمرار الاعتماد على صادرات البترول، ونظام تعليمي غير كفء ينتج عقولاً مصابة برهاب الأجنبي، وعاجزة عن المشاركة في الاقتصاد العالمي. وبرغم هذه الصعوبات بعيدة المدى، فإن معايير المدى القصير تشير إلا أن الرياض تسمح بحدوث إصلاح في مجالات مختلفة. فمقاهي الانترنت هي أمر شعبي بشكل كبير في المدن السعودية، خصوصاً بين الجيل الأصغر عمراً. ورغم أن بعض الشباب السعوديين يركزون على المواقع الإسلامية، إلا أنهم مع ذلك لديهم حرية الوصول إلى أخبار خارجية ومعلومات أخرى. وتفتح الرياض كذلك المجال أمام الحوار المفتوح عن المشاكل الاجتماعية مثل تلك التي كانت تعتبر محرمة كالزواج وإساءة معاملة الطفل. بعض اللبرلة السياسة المعتدلة آخذة في البزوغ كذلك، ويقوم مجلس الشورى الآن بالمبادرة باقتراح التشريعات بدلاً من الاستجابة لمبادرات الملك ومجلس الوزراء.

ومع ذلك، فإن الكثير من هذه الإصلاحات، والتي تعتبر تقدمية بالنسبة للمملكة، هي نفس السياسات التي تؤدي إلى معارضة عنيفة. ورغم أن عدد الذين يؤيدون المشاركة في العنف صغير تماماً، إلا أن هناك استياءاً واسع الانتشار. حتى الآن، لم يقدم المتطرفون في البلاد لا برنامجاً سياسياً ولا بدائل سياسية ممكنة، ولذلك فلم يحصلوا إلا على قوة جذب محدودة. مع ذلك، فإن النظام يواجه تحدياً ملحوظاً من عناصر تدعي أنها تمثل الإسلام الأكثر نقاء. إن دور المملكة الرائد في سوق النفط العالمي واعتمادها على العمالة الأجنبية، خصوصاً المتعهدين غير المسلمين، يتم استغلالهما من قبل الأحزاب المتطرفة كمبررات للعنف. لقد لعبت أزمة العراق دوراً لصالح هذه الأحزاب كلها، معطية الفرصة لهؤلاء الإرهابيين لتكرير دعواهم بأن حلفاً غربياً معادياً يقوم بمهاجمة العالم الإسلامي.

لقد ردت قوات الأمن السعودي بقوة نسبياً على أحداث العنف الأخيرة. في الحقيقة، ينبغي النظر إلى عرض العفو الصادر في يوليو/ تموز 2004 على أنه إنذار نهائي. فعلى المدى القصير، لن يقوم النظام بالتفاوض مع منتسبي القاعدة أو أي جماعة أخرى تلجأ للعنف. في نفس الوقت، فإن المملكة لم تر نهاية عنف كهذا، وبدلاً من الإصلاحات المبدئية، فإن الحكومة لم تستجب بعد بشكل واف للمطالب الاجتماعية.

سيمون هندرسون(3):

الأزمة السياسية في السعودية

رغم أن النظام السعودي قد استطاع التغلب على أزمات سياسية في الماضي، على سبيل المثال اغتيال الملك فيصل عام 1975، والاستيلاء على المسجد الحرام في مكة عام 1979. إلا أن القيادة الحالية متمثلة فعلياً في مجموعة من صنّاع القرار هم أكبر عمراً وأقل إنتاجية. لقد استطاع النظام التغلب على أزمات في عقد السبعينات لأن مجموعة من الأمراء عملوا ما كان ينبغي عمله وسيطروا على الأوضاع المتفجرة. تنبع المشكلة اليوم من العمر الكبير لهؤلاء القادة أنفسهم، والذين كانوا في وقت ما أكثر كفاءة. فالملك فهد يبلغ الثالثة والثمانين من العمر، وولي العهد الأمير عبدالله يبلغ الواحد والثمانين عاماً والأمير سلطان يبلغ الثمانين. إن طريقة اتخاذ القرار التقليدية المعتمدة على الإجماع في المملكة هي طريقة بطيئة في العادة، ولكنها الآن أصبحت أكثر بطئاً وأقل فعالية. إن النظام هو بالتالي في حالة من عدم الاستقرار النسبي، إن الموت المترقب لشخصيات هامة قد تسبب في تعزيز سياسات القصر، مع وجود أبناء عمومة متنافسين يقتتلون على مراكز مستقبلية.

تتركز أزمة السعودية العربية الحالية حول شرعية النظام الإسلامية. فالعائلة المالكة تستخدم تفسيرها للإسلام وتستخدم فتاوى المفتي الكبير لتثبت عدم شرعية ابن لادن وشبكة القاعدة دينياً. لقد ادعت فتاوى حديثة أصدرها رجال دين سعوديون أن الإرهاب (وما يتعلق بتقديم المساعدة له) هما غير إسلاميين. تستخدم الدولة أيضاً الخطاب السياسي ضد قوى المعارضة. بعد هجوم في أيار/2004 على شركة مصفاة ينبع، ادعى ولي العهد الأمير عبدالله أنه ربما كان (الصهاينة هم المسؤولين). بمعنى من المعاني فربما كانت هذه أقسى إهانة يمكن توجيهها إلى ابن لادن.. فهو يلمح إلى أنه يتشارك مع الصهاينة في مقاصدهم.

(1) باحث في معهد واشنطن ومؤلف كتاب: (جيوش القاعدة: الجماعات الملحقة وجيل الإرهاب القادم).

(2) باحث مشارك في معهد الشرق الأوسط، متخصص في السياسة الأمريكية الخارجية، وفي شؤون الشرق الأوسط.

(3) زميل مستقر في لندن، مشارك في معهد واشنطن، وهو يترأس حالياً (الاستراتيجيات السعودية) وهي جماعة تقوم بتقديم النصائح للحكومات والشركات حول التطورات الإقليمية.