بيان بمناسبة مرور سنة كاملة على سجن دعاة الإصلاح
في السعودية
آل سعود لازالوا متمسكين بغيّهم السياسي
في 16/3/2005م تحل الذكرى السنوية الأولي على اعتقال
عدد من رموز ونشطاء الإصلاح الدستوري والمجتمع الأهلي
المدني من أكثر من منطقة في بلادنا.
ومنذ بداية هذه الاعتقالات أفرجت السلطات السعودية
عن البعض منهم، بينما لا زالت وزارة الداخلية تتحفظ على
البعض في المعتقل حتى الآن مثل( الدكتور عبدالله الحامد
والشاعر على الدميني والدكتور متروك الفالح).
وقد كان اعتقال هذه المجموعة من الفعاليات السياسية
التي هدفت وتهدف توجهاتها مع بقية دعاة الإصلاح الوطني
إلى تجنيب البلاد كوارث اقتصادية وسياسية، والمناداة بالحريات
العامة والمحاسبة والشفافية وبناء مؤسسات المجتمع المدني
وتطبيق القانون، مفاجئا للجميع في ظل التغيرات الإقليمية
والعالمية الحادة التي تعصف بالعالم في الحقبة الأخيرة،
وما رافقها من استحقاقات كثيرة حان وقت تأديتها بدون تريث
أو تأخير. غير أن السلطات لم تراع هذه التغيرات، ولم تأبه
أو تكترث بما حدث من أوضاع عاصفة في بلادنا.
فلا زالت الأجهزة الأمنية تمعن في قمعها ضد سجناء الرأي
والفكر من شرفاء وطننا، متنكرة لكل المشاعر الوطنية الغاضبة
المعارضة لهذا النهج، وما يترتب عليه من نتائج تهمش التلاحم
بين القيادة والشعب وتضعف تماسك الجبهة الداخلية أمام
التحديات المتصاعدة على كافة المستويات.
لقد وقف دعاة الإصلاح في بلادنا منذ صدور (مذكرة الرؤية
قبل أكثر من عامين) ضد كافة أشكال الإرهاب، وأكدوا على
الطابع السلمي لكل تحركاتهم، وتصدوا بكل بسالة ووفق الإمكانيات
المتاحة لكل التدخلات والتطاولات التي قد تمس استقلالنا
الوطني، ودافعوا بضراوة عن وحدة أراضي الوطن.
غير أن ذلك لم يكن موضع ترحيب ومراعاة من قبل أقطاب
النظام الذين اخذوا يتبارون بعد اعتقالهم في قذف رموز
الإصلاح الوطني بتهم وعبارات قاسية والطعن في وطنيتهم،
وصعدوا من لهجة التهديد والوعيد.
إن مرد ذلك، كون القيادة السياسية لا زالت متمسكة بغيها
السياسي، ولازالت تمقت أي نوع من الحراك والتفاعل السياسيين،
ولا يتحمل رموز النظام أصوات التجديد المغايرة لرغباتهم،
ولا تتفق مع توجهاتهم، بل يستكثرون على المثقفين والنخب
التحدث بطرق معاصرة وحداثية وعبر برامجهم الوطنية لما
فيه مصلحة الوطن والشعب، وجعل حركة الإصلاح السياسي وسيلة
سلمية لذلك بطرق تختلف بتاتا عن نهج السلطة السعودية.
لقد أكدت هذه الاعتقالات أن النظام السياسي في بلادنا
يصر على أسلوب إذلال المواطنين، ويسعى بكل إمكانياته لضبط
حركتهم في الاتجاه الذي يحقق المزيد من التبعية والموالاة،
بقصد إبعادهم عن المشاركة الفعلية في صياغة القرارات السياسية
المتعلقة بحاضرهم ومستقبلهم على كافة الأصعدة.
واستكمالا لهذا النهج.. وإمعانا من الدولة في استئصال
كل الأصوات الإصلاحية، ومن اجل اجتثاث كل الفعاليات الوطنية،
واصلت اعتقال المزيد من المواطنين، لتشمل في فترات لاحقة
(الدكتور سعيد بن زعير وابنه مبارك) اللذان صدر بحقهما
أحكام مبالغ فيها بعد محاكمات صورية وهشة لا تتلاءم مع
التهم الموجهة لهما.
كما تم أيضا اعتقال المحامي (عبدالرحمن اللاحم) وكذلك
(مهنا الحبيل واحمد القفاري وعيسي الحامد ومهنا الفالح)
ولعدم وجود أدلة كافية تبرر اعتقالهم أفرجت عن بعضهم ولا
زال المحامي عبدالرحمن اللاحم قيد الاعتقال.
إن التوجهات المطلبية السلمية والحرص على المضي في
هذه المطالب عن طريق مخاطبة قيادة البلاد ورموزها مباشرة،
بالإضافة إلى الاهتمام الوطني المخلص في معالجة أزمات
البلاد، وفك الاختناقات المتصاعدة بشفافية متناهية، لم
تشفع للجميع، ولم تحمهم من النهج التعسفي القمعي لأجهزة
الدولة.
لقد كانت طموحات الجميع وآمالهم تتوق إلى أن صناع القرار
السياسي في هذا البلد يتحسسون حجم وأبعاد المخاطر المحدقة
بنا من كل صوب، ولكن عدم مبالاتهم بما يطرح من آراء جديدة
وميلهم إلى التمسك بالأفكار والأساليب القديمة، جعلهم
يسعون بكل الطرق للالتفاف على الأوضاع عبر مسرحية جديدة
أطلق عليها( المحاكمات العلنية) حيث ساق (الادعاء العام
المرتبط بوزارة الداخلية) تهما غليظة وملفقة، مجسدا بذلك
المنحى العدواني والانتقامي في نهج هذه الوزارة ضد أطياف
المعارضة. غير أن هذه المسرحية لم تصمد أمام المواقف الشجاعة
للمعتقلين، وما رافق ذلك من حركة تضامنية من قبل أسرهم
ودعاة الإصلاح الوطني، وما لقيته قضيتهم من تضامن ودعم
واسعين من قبل حركات التضامن واللجان الحقوقية والقانونية
والجمعيات الإنسانية في العالم، وقد جرى التلويح للمعتقلين
من قبل هيئة المحكمة بإصدار أحكام غيابية عليهم في حالة
إصرارهم على شرط المحاكمة العلنية، بينما بقي الآخرون
دون محاكمة.
ويتعرض حاليا بعض المعتقلين للحجز الانفرادي، والمضايقات
اليومية والتفتيش المفاجئ من قبل ضباط السجن في جهاز المباحث
العامة، كما يحرم بعضهم من توفير العلاج الطبي الضروري،
مما أدى إلى سوء حالة بعضهم الصحية.
إن هذه الاعتقالات كانت المفصل الهام الذي كشف عن عدم
جدية القيادة في بلادنا في تبني الإصلاح مهما كان حجمه،
وقضت على كل الوعود التي أطلقها بعض رموز النظام، مما
يؤكد أن هذه التصريحات والتنويهات الإصلاحية كانت للاستهلاك
المحلي، ولدرء أشكال الضغوطات الدولية المتواصلة على النظام
وبالتالي لتسهيل مهمات انضمام السعودية إلى المؤسسات السياسية
والاقتصادية الدولية.
وحاليا، يستشعر دعاة الإصلاح الوطني طبيعة التوجهات
الهادفة لإجهاض كل ما تحقق من مكاسب على صعيد الكتابة
وحرية التعبير خلال الفترة الماضية، رغم ضآلتها وصغر مساحتها،
إثر تحفز الجناح المتشدد بالأسرة الحاكمة، وزحفه نحو مواقع
متقدمة في سدة النظام ليزحف على كل مساحة القرار السياسي
نتيجة ضعف وتردد وعدم جدية الأطراف الأخرى في الأسرة الحاكمة،
والتي بشرت في أوقات سابقة بعهد جديد من الإصلاحات الاقتصادية
والسياسة والاجتماعية، حيث اختطف الجناح المتشدد المبادرة
ليحقق مبتغاه في إلغاء كل ما يمكن أن يفضي إلى الإصلاح،
واخذ يفرض ( أجندته) على الجميع للحفاظ على النهج القديم
الرافض للتجديد، وديمومة الهيمنة المطلقة على كل شيء،
والعودة إلى المربع الأول.
لذلك فإن دعاة الإصلاح الوطني يهيبون بجماهير شعبنا،
على اختلاف منحدراتهم الفكرية والاجتماعية، لمطالبة قيادة
البلاد بشكل سلمي بضرورة الإصلاح وجعله أمرا واقعا، ورفع
مستوى مطالبهم يوميا للدفاع عن حقوق المعتقلين، وضمان
حقوقهم الإنسانية وتوفير العلاج الطبي اللازم لهم، والمحاكمة
العلنية العادلة بمقاييس دولية معترف بها، بما يؤدي إلى
الإفراج الفوري عنهم وبدون شروط، ورفع كافة القيود عن
المفرج عنهم مثل المنع من السفر والملاحقات الأمنية والمنع
من الكتابة والاتصال بوسائل الاعلام.
إن دعاة الإصلاح الوطني يقدرون كامل التقدير كل الجهود
التي بذلت من قبل كل القوى الخيرة العربية والدولية ولجان
حقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية، وإنهم يثمنون كل مواقفهم
التضامنية بكل تقدير، يتمنون المزيد من الجهود لمناصرتنا
والوقوف معنا في هذه الأزمة التي تمر بها بلادنا. عاش
الوطن، الحرية للمعتقلين، والى إصلاح وطني شامل.،،،
دعاة الإصلاح في السعودية
|