بعد أن أفتى بكشف الوجه
عائض القرني يعتذر بعد ضغط المشايخ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله
وصحبه ومن والاه، وبعد:
فكشفاً للبس وإزالة للغموض حول مسألة قولي في حجاب
المرأة المسلمة، فأحبُّ بيان ذلك في مسائل :
الأولى: أنه جاءني فريق عمل متكامل من الإعلاميين والمصورين
وغيرهم، ورأيتُ في المشاركة في هذا البرنامج مصلحة في
مخاطبة شعوب وأطراف لم تسمع منا، وهي بأمس الحاجة إلى
السماع منا اليوم.
الثاني: جرى حديث عن تغطية الوجه، واختلاف العلماء
فيه، وهي مسألة فقهية اختلف فيها السابقون من الأئمة والعلماء،
وذكرتُ رأي الشيخ الألباني وغيره في كشف الوجه.
وحيث أن هذا الكلام موجَّه للغرب فالمناسبة والمقام
اقتضت ما سبق، وأنا على مذهب الأئمة القائلين بوجوب تغطية
الوجه من الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين، والعلماء
المعروفين في هذا البلد وغيرهم وعلى رأسهم أعضاء اللجنة
الدائمة للإفتاء وهيئة كبار العلماء؛ لعموم الأدلة في
ذلك كقوله تعالى: ) يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء
المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن
فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً(
قال السيوطي : ''هذه آية الحجاب في حق سائر النساء،
ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن''.
وحديث عائشة : ''كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذَوْا بنا سَدَلَت
إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه''.
رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي.
وحديث أسماء: ''كنّا نغطي وجوهنا من الرجال وكنّا نمتشط
قبل ذلك في الإحرام''. رواه ابن خزيمة، والحاكم.
وحديث عائشة: ''يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما
نزلت ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن( شققن مروطهن فاختمرن
بها''. رواه البخاري
وحديث عائشة عند الشيخين: ''وكان صفوان يراني قبل الحجاب،
فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فَخَمَّرْتُ وجهي عنه بجلبابي''.
وقصة عائشة مع عمها من الرضاع لما جاء يستأذن عليها
بعد نزول الحجاب فلم تأذن له حتى أذن له النبي صلى الله
عليه وسلم وقالت عائشة: ''كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم
ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من
الغلس'' متفق عليه.
وحديث أم عطية لما قالت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون
لها جلباب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ''لتلبسها
أختها من جلبابها'' متفق عليه.
ولهذا فالقول الصواب والذي اعتقده وأراه وأرضاه لبناتي
وأخواتي المسلمات ستر الوجه، وقد عدتُ إلى كلام أئمة الإسلام
وما جمعه شيخنا الشيخ عبدالعزيز ابن باز في رسالته (تحريم
السفور) وما ذكره الشيخ الشنقيطي في (أضواء البيان) وحرَّره
الدكتور بكر أبو زيد في (حراسة الفضيلة) والدكتور محمد
إسماعيل المقدم في (عودة الحجاب) وهو عين الصواب، وقد
خاطبتُ سماحة المفتي ومعالي وزير الشؤون الإسلامية وفضيلة
الدكتور الشيخ صالح الفوزان فرأوا إرجاع الناس إلى القول
الراجح والصحيح في المسألة هو الأولى، كما أشكر كل من
سددني في هذه المسألة من أهل العلم؛ كالدكتور ناصر العمر،
والدكتور سلمان العودة، والدكتور عوض القرنـي والدكتور
سعد البريك، والدكتور عبدالعزيز الحربي، والدكتور وليد
الرشودي، والشيخ راشد الزهراني، والشيخ فهد القاضي، والشيخ
عبدالله الوطبان، وغيرهم.
وهذه كلمة أقولها بصدق وقوة أنني ممن يحارب السفور
والتبرج الذي يدعو إليه المستغربون، وأنادي بالحجاب والطهر
والعفاف والغيرة أمام دعوات أهل الشهوات في مخططهم من
استهداف المرأة وإخراجها من حشمتها وحجابها، وقد طرحتُ
هذه المقولات فيما يُسمى بنظام العالمي الجديد، ويسمونها
حقوق المرأة وقد بيّنتُ في اللقاء المسجل كيف كفل الإسلام
للمرأة حقوقها، وأعلى مكانتها، وحفظ كرامتها، فأبرأ إلى
الله من كل ما يوافق دعاة التغريب المعتدين على حرمات
الإسلام .
فمن هنا أعود علناً إلى القول الصحيح الذي دلَّت عليه
النصوص وكلام العلماء، واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم
ولجميع المسلمين، وفَّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
وصلى الله على نبيه وآله وصحبه وسلم.
عائض القرني
|