كلمات الاصلاحيين بعد الافراج عنهم
صمود على خط الإصلاح
بعد الافراج عن الرموز الاصلاحية الاربعة الذي جرى
اعتقالهم دون وجه حق في حملة مباغته في الخامس عشر من
مارس من العام، لقي هؤلاء الرموز حفاوة وفرحة وتقدير قطاع
واسع من الشعب الذي وقف مع قضية الاصلاح والاصلاحيين وأفصح
بكل وسائل الاحتجاج الممكنة عن إدانة قرار الاعتقال الغاشم،
مطالباً بالافراج الفوري وغير المشروط عن هؤلاء الابطال
الذين حملوا معاناة وطن على كاهلهم. كتب عنهم وعن قضيتهم
ومظلوميتهم الكثير خلال فترة بقائهم داخل المعتقل الظالم،
وقد كتبوا هم أيضاً من داخل معتقلهم عن قضية الاصلاح التي
ناصروها وطالبوا بها. ولكن ثمة كلمات إنطلقت في فضاء الحرية
التي عادوا اليها بعد حرمان فصاغوا بعض كلمات في العرفان
وبعض الكلام في القضية المركزية، وفيما يلي مقتطفات من
كلماتهم.
أصدقاء الحرف والحرية
علي الدميني
أصدقاء الحرف والحرية والفضاء الديمقراطي
بوقوفكم معنا، لم نكن نشعر أننا وحيدون في المعتقل
وبما صنعتموه من جهد خلاّق، كان معنى وقوفنا جلياً
وعادلاً ومشرقاً ككتاباتكم
* * *
نعلم إننا لم نغب عن ضمائركم الحرة
وأنكم لم تبتعدوا عن مواقعكم في قلوبنا..
كانت التجربة غنية بما لا يمكن توصيفه أو توقعه
ولنا فيها ما يفتح أفق الأمنيات على مصراعيه الواسعين
بغدٍ أجمل وعالم سعيد
بأيام تتسع فيها فضاءات الحرية والكرامة الإنسانية
والديمقراطية
لتفيض على كل شئ
* * *
نبادلكم حباً بحب
ووفاءً بوفاء
ولنقبض معاً على يقين الآيام الأكثر عدالة وإشراقاً
* * *
لكم ما لا تستطيع الكلمات أن تعبر عنه
من الشوق
والمحبة
والامتنان
السعودية:مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان
عبد الرحمن اللاحم
قد تكون الأزمات هي الوقت الملائم لتفحص مدى فاعلية
الوثائق القانونية في أداء وظيفتها الحيوية في المجتمع،
وعلى وجه الخصوص إذا كانت تتعلق بحقوق الإنسان وحرياته
الأساسية، حيث إن أوقات الأزمات خصوصا الأمنية منها تكون
مظلة للتجاوزات والتعديات على الحريات المدنية للمواطنين،
الأمر الذي يستدعي استحضار تلك الوثائق والاستصراخ بها
لرفع التعدي ودفع تلك الانتهاكات. وبالتالي إذا لم تكن
تلك الوثائق بالفاعلية المناسبة لم تجد تلك الصرخات أي
صدى أو استجابة.
ما سبق ينطبق تماماً على ما تعيشه السعودية في هذه
المرحلة التاريخية الحرجة، حيث بدأت خلايا الإرهاب بمحاولة
لضرب المقدرات الوطنية وتهديد السلم والأمن الاجتماعيين،
ما استتبع قيام حملة أمنية وطنية لاستئصال شأفة هذه الخلايا.
وبطبيعة الحال فإن أوضاع حقوق الإنسان في الأجواء الأمنية
القلقة غالباً ما تتعرض للانتهاكات المتكررة، ما يستوجب
من المهتمين والمعنيين بالجانب الحقوقي المراقبة الدءوبة
لتلك التجاوزات، وعدم السماح لاستغلال الحرب على الإرهاب
لشرعنة تلك الانتهاكات وترسيخها واقعاً على الأرض. فالجميع
متفقون بشكل قاطع على نبذ العنف بشقيه الفكري والمسلح،
لكن هذا لا يستتبع بالضرورة القبول بمصادرة الحقوق المكتسبة
والتعدي على الحريات العامة، وعلى وجه الخصوص في بلد لا
زال يحبو في ميدان حقوق الإنسان، ولا زالت الثقافة الحقوقية
بقيمها وأدبياتها غريبة عن نسيجه التشريعي والاجتماعي،
ما يجعل كل مكتسب حقوقي بمثابة (ثروة وطنية) لا يجوز التنازل
أو التساهل فيها.
لقد كان تشريع نظام الإجراءات الجنائية وبقية الأنظمة
العدلية قفزة تشريعية في السعودية، حيث رسخ (تشريعياً)
الكثير من القواعد الحمائية للمتهم، وقيد سلطات رجال الضبط،
وقنن القواعد الخاصة بالقبض والتفتيش والتحقيق والمحاكمة،
بما لا يدع مجالاً للتجاوزات على الحريات العامة تحت أي
ظرف. وقيد مدة احتجاز المتهم بمدة محددة لا يجوز تجاوزها
دون توجيه تهمة له تبرر الاستمرار في تقييد حريته، وتقديمه
بناءً عليها للمحاكمة، أو إخلاء سبيله وإعطاؤه حريته.
ومن الناحية القانونية الصرف فإن نظام الإجراءات الجنائية
ينطبق بشكل صريح على المتهمين بقضايا أمنية، وبالتالي
فإن من أبسط المسلمات القانونية التي اتفقت عليها كافة
الشرائع السماوية والأرضية هي أن المتهم بريء حتى تثبت
إدانته، وإدانته لا تكون إلا من خلال محاكمة عادلة تتفق
والنظام القانوني للبلد، وما عدا ذلك فهو تعد على الحقوق
الأساسية للمواطن، التي من أهمها الحق في الحرية التي
لا يجوز سلبها منه إلا وفق القواعد القانونية السارية،
ولا سيما أن المتهمين بقضايا العنف المسلح يبقون في النهاية
مواطنين لهم حق المواطنة الكاملة، والتي من أبسطها حقهم
في محاكمة عادلة والتعامل معهم وفقا للقانون، دون التعدي
على حقوقهم وحرياتهم. لذا فإن هؤلاء الموقوفين على ذمة
قضايا تتعلق بالعمليات الإرهابية مخاطبون بنظام الإجراءات
الجنائية ومشمولون به، وحرمانهم من التمتع بالحصانات والحقوق
الواردة فيه لا يجد له ما يبرره، لا في القواعد الشرعية
ولا القانونية، وسيساهم بشكل أساسي في التعدي على المكتسبات
(المتواضعة) التي تحققت في ملف حقوق الإنسان في السعودية
ويعيدنا إلى نقطة البداية.
لقد نصّ النظام الأساسي للحكم (والذي يعد الدستور المكتوب
للدولة) على أن الدولة تحمي حقوق الإنسان.. وفق الشريعة
الإسلامية (المادة السادسة والعشرون). كذلك نص على أن
الدولة توفر (...الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها،
ولا يجوز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه أو حبسه إلاّ بموجب
أحكام النظَام) (المادة السادسة والثلاثون).
وبالتالي، لا يجوز استثناء أي إنسان يعيش تحت سيادة
الدولة من انطباق القانون عليه ولا يملك صلاحية الاستثناء
إلا الجهة التشريعية التي أصدرته وبالأداة القانونية ذاتها
وما عدا ذلك فإنه يعد تجاوزاً للأنظمة.
نأمل في ظل العفو الملكي للمطلوبين أن تؤكد القيادة
السياسية على معاملة الموقوفين على ذمة قضايا العنف المسلح
وفق الأنظمة الجنائية، وإعطاء الصلاحية الكاملة لهيئة
التحقيق والادعاء العام لممارسة صلاحيتها في التحقيق والتفتيش
على السجون، والتأكد من سلامة الإجراءات القانونية المتبعة
مع الموقوفين، وعدم تجاوزهم للمدد النظامية، حتى نؤكد
للجميع أن الإنسان في هذا البلد بكرامته وحريته وحقوقه
هو الركيزة الأساسية وهو المحور الأساسي لأي تنمية منشودة،
وأن الحرب على الإرهاب ليست مبرراً لمصادرة تلك الحقوق
والحريات (المدنية).
كما أن أوضاع الموقوفين ستكون محكاً حقيقياً للجمعية
الوطنية لحقوق الإنسان التي أُسست حديثا، والتي يفترض
أن تكون أول المتحركين لحل عادل وقانوني لهذا الملف. فإذا
كانت الجمعية أصدرت بياناً قبل عدة أيام تطالب فيه المطلوبين
بتسليم أنفسهم واستغلال العفو الملكي، فإننا نأمل أن تصدر
الجمعية بياناً مشابهاً تؤكد فيه ضرورة تمتع أولئك الموقوفين
بكافة الحصانات والضمانات، وتهيئة محاكمة عادلهم لهم،
ولا سيما وقد شمل العفو مشايخهم وكبراءهم، فلا أقل من
أن يعامل هؤلاء وفق النصوص القانونية السارية.
|