رسالة مفتوحة إلى خادم الحرمين الشريفين
جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين
حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
لقد استبشرنا خيراً بتوليكم مقاليد الحكم، وبالخطوات
الواثقة نحو التغيير الايجابي، وتحقيق المستقبل الأفضل.
ونرجو من الله أن يوفقكم لما فيه خير وصلاح هذه الأمة.
إن التزمت والتشدد والنظرة الضيقة إلى واقعنا وإلى
العالم، هي التي أودت بنا إلى مهالك كثيرة في الماضي والحاضر.
وأن التسامح والجدل بالحُسنى واحترام الرأي والرأي الآخر،
هو الذي أدى إلى احترام العالم لأفكارنا ومبادئنا ورسالتنا.
لقد وقع في المملكة العربية السعودية يا صاحب الجلالة
حدث ثقافي خطير، يجب أن نتنبه إلى خطورته قبل أن يتنبه
له الآخرون، ويستغلونه للطعن في ثقافتنا والنيل من قيمنا.
وهو يتلخص بقيام الباحث السعودي سعيد بن ناصر الغامدي
طالب الدكتوراة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
بكتابة رسالة دكتوراة تحت عنوان: ''الانحراف العقدي في
أدب الحداثة وفكرها'' في عام (1420 هـ، 2000 م) وتمت طباعة
هذا البحث في جدة، وفي كتاب تم توزيعه وبيعه في أسواق
المملكة وخارجها في (1424 هـ، 2003م). وفي هذا البحث يُفتي
الباحث سعيد بن ناصر الغامدي بردة أكثر من مائتي مفكر،
وشاعر، وكاتب، وفيلسوف، وباحث، وناقد عربي وسعودي معاصر،
ويدعو صراحة لاغتيالهم، ورفع عصمة الدم عن هذه النخبة
من المبدعين العرب. وبما أن المصائب لا تأتي فرادى، فقد
قامت بمباركة هذه الأحكام الجائرة لجنة من أساتذة جامعة
الإمام محمد بن سعود الحكومية الرسمية، ومنحت الباحث درجة
الدكتوراة بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى. وهذا يعني أن
الأكاديميا السعودية الرسمية المتمثلة بهذه الجامعة وبأساتذتها
قد حرصت على اهدار دماء أكثر من مائتي مثقف في العالم
العربي، مذكورين في هذا البحث بالأسم.
أعلمُ جيداً، إن المملكة العربية السعودية يا صاحب
الجلالة، وهي تخوض الآن حرباً لا هوادة فيها ضد الارهاب
المدمر لكل القيم الإسلامية والعربية الحقة والصحيحة،
حريصة كل الحرص على أن لا تكون مثل هذه الأحكام صادرة
عن جامعة حكومية رسمية كبيرة، تورّط المملكة اعلامياً
وديبلوماسياً.
إننا نلتمس من جلالتكم الأمر بتشكيل لجنة تحقيق في
هذا الموضوع الخطير، لتبرئة ذمة جامعة الإمام محمد بن
سعود الحكومية من هذه الفتاوى الارهابية بالجملة، والتي
لا تخدم غير الارهابيين داخل المملكة وخارجها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شاكر النابلسي
|