حملة تطهير واسعة للمؤسسة الدينية!
نشرت صحيفة الحياة في طبعتها السعودية في الثامن والعشرين
من مايو الماضي نبأ قرار وزارة الشؤون الاسلامية السعودية
وقف أكثر من 1700 من الائمة والمؤذنين والخطباء عن العمل
(لعدم صلاحيتهم). ونقلت الصحيفة عن الوزارة أنها (تلقت
توصيات رسمية بطي قيد فصل 353 شخصاً من العاملين في المساجد
هم 44 خطيب جمعة و160 إمام مسجد و149 مؤذناً وذلك بعد
التأكد من عدم صلاحيتهم للعمل في المساجد في حين الحقت
1357 شخصا بدورات شرعية هم 517 إماماً و90 خطيباً و750
مؤذناً).
الصحيفة نقلت عن رئيس اللجنة الاعلامية لبرنامج العناية
بالمساجد في الوزارة الشيخ سلمان العمري قوله (ان أسباب
طي قيد هؤلاء الائمة والخطباء والمؤذنين لا علاقة لها
بأحداث التفجيرات الاخيرة أو بأي ضغوط من هذا النوع) مشيراً
إلى أن بعض الاسباب تعود الى (عدم انتظام بعض الائمة في
عملهم أو تقدّم عدد منهم باعتذار رسمي عن مواصلة العمل
في المساجد بعد ما بدأت الوزارة 'حملة تقويم' لهم).
واشار العمري الى ان هذه مرحلة أولى في العملية وستتلوها
مراحل أخرى موضحاً أن عملية 'إعادة التأهيل المتعلقة بالائمة
والخطباء والمؤذنينب تقررت بعد آلاف الزيارات التي قامت
بها لجان شرعية وفنية تابعة للوزارة للمساجد.
وقد شهدت البلاد في الشهور الاخيرة حرباً باردة بين
التيار الديني والتيار الوطني الليبرالي على خلفية التحولات
الثقافية والاجتماعية التي يشهدها هذا البلد المحكوم من
قبل سلطة مستبدة ومؤسسة دينية جامدة، الامر الذي أثار
نقاشات جادة تتصعد تدريجياً لتناول قضايا ذات حساسية خاصة
لدى العائلة المالكة والمؤسسة الدينية، وبلغت مديات واسعة
بحيث باتت تتداول في المساجد التي يديرها رجال دين متشددون.
حملة الاقالات الواسعة في صفوف أئمة المساجد والخطباء
تأتي كخطوة إضطراية أقدمت عليها العائلة المالكة بعد تصعيد
التيار الديني السلفي المتشدد لهجة الخصومة تجاه الآخر
سواء في الداخل أو الخارج، والذي أثار استياءً عاماً بفعل
أفكار تحريضية تشجّع على العنف والكراهية الدينية وتتناقض
مع دعاوى الانفتاح واحترام الآخر والتسامح إزاء المختلف،
وهو ما ترفضه عقيدة التنزيه السلفية التي تزعم تمثيل الحقيقة
الدينية النقية، والملزمة للآخر بالرضوخ اليها والامتثال
لمقتضاها.
ينظر البعض الى قرار الاقالات على أنه بمثابة إعادة
طلاء وجه العائلة المالكة التي باتت محاصرة بموجة انتقادات
واسعة بسبب رعايتها ودعمها لثقافة دينية متشددة وتيار
ايديولوجي يشجّع العنف ويدعو اليه، وهو ما دفع بها الى
إبراز بعض الشخصيات الدينية المعتدلة أو المعدّلة للقيام
بدور رئيسي يتناسب وحاجات المرحلة الراهنة وتحدياتها.
بالرغم من ذلك، فإن الجناح المتشدد في التيار السلفي
مازال يلقى دعماً سخياً من الامراء السديريين الكبار وخصوصاً
سلطان ونايف وسلمان، الذين باتوا سنداً قوياً لدى المؤسسة
الدينية التقليدية، حيث يراهن رجالها على عودة التحالف
الاستراتيجي والتاريخي بين السلفية والعائلة المالكة بعد
رحيل الملك عبد الله إيذاناً بتشييد أسس الدولة الدينية
المستبدة، على غرار مافعله الملك فهد في بداية الثمانينات
الذي أحدث أكبر عملية تشويه للدين والدولة معاً.
|