لـيس الآن
حمود ابو طالب
لم يتطرق خطيب الجمعة الشاب الأنيق الذي اعتدنا متابعته
للأحداث، لم يتطرق يوم أمس من قريب أو بعيد لما يجري في
لبنان. اقتصر صاحبنا على الأندية الصيفية موجها أشد الكلام
وأقساه لكل الذين يقتربون منها بالنقد. لا بأس في ذلك،
فهو حر في اختيار ما يشاء قوله. ولكن أليس عجيبا أن يغيب
كثير من المنابر عن احتراق شعب عربي ودمار دولة عربية.
لم يخطر في ذهني إلى الآن، أن الفتوى المنسوبة لأحد
المشايخ على شبكة الإنترنت قد تكون سببا أو يكون لها هذا
التأثير العام. حتى لو كان ما نسب إلى ذلك الشيخ صحيحا
فإنه يبقى رأيا فرديا لم يقله في منبر رسمي أو إعلامي،
كالصحف مثلا.. أعرف أن مسألة حزب الله قد يتخذها البعض
ذريعة للإحجام أو التردد عن قول رأي واضح وصريح وإنساني،
ولكن ليس إلى درجة الغياب التام أو إسقاط مشاكل مزمنة
على حدث دموي مأساوي، واستغلاله بصورة كهذه.
وأنا أتصفح ملحق الرسالة، قرأت زاوية الصديق الصحافي
المتمكن الأستاذ عبدالعزيز قاسم، التي جاء عنوانها (حول
أحداث لبنان)، ولا أنكر أنه كتبها بحرفية وتمكن ومهنية
عالية، استطاع بنجاح تمرير ما يريد قوله، لولا أنني كنت
أتمنى ألا يقحم مثل هذه الجملة في السياق: (وصحيح أن خلافا
عقائديا كبيرا تاريخيا يقف حاجزا بيننا وبين القوم، غير
أن الصحيح برأيي أيضا ضرورة التسامي عن ذلك كله في راهن
الآن، ومساعدة إخوتنا اللبنانيين والفلسطينيين).. لم يكن
هناك داع للنصف الأول من كلامك يا عبدالعزيز في هذا الوقت
بالذات، لأنك تكاد تقول ساعدوهم ولا تساعدوهم، كما أن
إشرافك على الملحق يتطلب منك حيادا أكثر من هذا.
وفي الملحق يقول الشيخ سلمان العودة: (إننا نختلف مع
حزب الله، وهو خلاف جوهري وعميق كما هو خلافنا مع الشيعة
الذي لا يمكن أن يلغى، لكن هذا الوقت ليس وقت الخلاف والشقاق
فعدونا الأكبر هم اليهود والصهاينة). وهنا أيضا نريد أن
نقول للشيخ سلمان ما أجمل كلامك لو لم تقحم فيه الخلاف
الجوهري مع الشيعة الذي لا يمكن أن يلغى، رغم أنني سمعتك
ذات مرة تشير إلى أن خلافنا معهم لا يزيد عن خلاف على
فروع ومسائل ثانوية، كما أن لبنان ليس كله حزب الله وليس
الذين يموتون من الأطفال والعجائز والشيوخ كلهم من الشيعة،
وحتى لو كانوا كذلك جدلا، فهم ليسوا كفاراً أو مشركين
حتى يتم تثبيط الناس عن دعمهم ومؤازرتهم بهذا الأسلوب
غير المباشر، رغم وضوحه.
إنه لمؤسف جدا أن تستغل ظروف مأساوية كهذه من أجل تأجيج
خلاف طائفي مزمن، ومؤسف جداً توظيفه بهذه الصيغة وفي هذا
الوقت.
|