تحذيرات من سوق الأسهم السعودية
انهيارات على جميع الأصعدة العلمية والمهنية والاجتماعية
والأمنية
من مستوى يقترب من 22 ألف نقطة الى مستوى 7500 نقطة
انحدر مؤشر سوق الأسهم السعودية ليعصف بكل مدخرات المواطنين
السعوديين. أكثر من 1.8 تريليون ريال كانت الخسائر. باعت
النساء ذهبهن، وسيّل المواطنون عقاراتهم (منازل وأراض
بيعت) بغية الحصول على (الكاش) واستثماره في الأسهم، الأمر
الذي جرّد معظم المواطنين من معظم مدخراتهم وأرصدتهم.
قدّر بعض الباحثين أن نحو 60% من المحافظ خسرت بين 65%
ـ 80% من ممتلكاتهم.
الرقم مخيف بالطبع. والحقيقة فإن المواطنين لازالوا
يعيشون حالة من الدوار، خاصة بعد أن حدث ما حدث خلال الشهر
الماضي من انتكاسة بالغة لمؤشر سوق الإسهم، من نحو 13
ألف نقطة الى ما يزيد قليلاً عن سبعة آلاف نقطة. الذهول
والضياع باتت مسيطرة على المواطنين عامّة، وحالة من اليأس
الممزوجة بالغضب والسخط بدأت تقلق الأمراء السعوديين أنفسهم،
خشية أن تتحول حالة اليأس والخسارة الفادحة للمواطنين
والتي ستنعكس على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم الى انفجار
باتجاه السلطة. لكن هؤلاء الأمراء لازالوا غير مدركين
بشكل كاف للآثار العميقة السياسية والإجتماعية لـ (مذبحة
الأسهم) وهم حتى الآن يعتقدون بأن انفجاراً ما لن يحدث،
وأن يد الدولة طولى وقادرة على قمع الإنفعالات وبالتالي
تنفيس الاحتقان الذاتي للأفراد في محيط الذات والدائرة
الإجتماعية العائلية الضيقة المحيطة بها.
على الصعيد النفسي، كشف تقرير لـ يو بي آي في التاسع
عشر من نوفمبر الماضي، واعتماداً على مصدر طبي سعودي،
أن أكثر من 37 ألف سعودي قاموا خلال الأشهر التسعة الأخيرة
بمراجعة العيادات النفسية بسبب الخسائر الكبيرة في سوق
الأسهم الذي يشارك فيه أكثر من 4 ملايين سعودي. ونقلت
صحيفة الوطن السعودية الصادرة في 9/11/2006 عن استشاري
الطب النفسي الدكتور محمد شاوش قوله إن حالات الإصابة
بالاكتئاب والأمراض النفسية في المملكة زادت زيارة ملحوظة
خلال الأشهر التسعة الماضية، مشيرة الى أن السبب الرئيس
في ذلك يعود الى خسائر سوق الأسهم.
وأضاف شاوش انه تم تكليف فريق خاص مكون من أطباء في
الصحة النفسية وخبراء اجتماعيين لدراسة تلك الظاهرة وإيجاد
حلول لمعالجتها وتلافيها. وحذر من أنه إذا استمر الحال
على هذا النحو لسنوات عدة سوف يشهد المجتمع انهيارات على
جميع الأصعدة العلمية والمهنية والاجتماعية والأمنية.
من جانبها، ذكرت استشارية الطب النفسي فاطمة محمد أن
المراجعة لم تقتصر على الرجال فقط، حيث كانت هناك نسبة
جيدة للنساء، مشيرة الى أنه من أصعب الحالات التي راجعتها
كانت لسيدات فقدن كل ثرواتهن في السوق وتعرضن الى تهديد
من أزواجهن بالطلاق بسبب دخولهن سوق الأسهم بدون موافقتهم.
وأشارت الى أن كثيرا من الحالات فقدت أموالها أو منازلها
أو مجوهراتها بسبب سوق الأسهم وتعاني من متاعب نفسية هستيرية.
كان من المتوقع لدى أي محلل سياسي أن مثل هذا الإنحدار
في سوق الأسهم السعودي سيفرز انعكاسات سياسية مباشرة،
مثلما حدث في كثير من بلدان العالم، ولن تكون السعودية
شاذّة في هذا، وإن تأخر ظهور الإحتقان الشعبي على شكل
عصيان سياسي.. مع العلم ان شرعية النظام السياسي اليوم
هي أضعف مما كانت عليه في أي وقت مضى منذ عشرين عاماً
على الأقل.
وكتب أندرو هاموند مراسل رويترز في الرياض أن تجدد
هبوط سوق الأسهم السعودي رفع من وتيرة المخاوف من تصاعد
وتغلغل ما أسماه الاستياء الشعبي بين ملايين السعوديين
الذين شهدوا مدخراتهم تتبخر، حيث فقدت أكبر بورصة في العالم
العربي (السعودية) ربع قيمتها في غضون عشرة أيام بعد الغاء
جلسة التداول المسائية الرائجة اعتبارا من 28 تشرين الاول
(اكتوبر) مما فجر تدافعا محموما على البيع في سوق يقول
بعض المحللين انها لاتزال مقدرة جزئيا بأكثر من قيمتها.
ونشرت الصحف أنباء عن متعاملين أفراد خسروا ما يصل الى
80 في المئة من حيازاتهم. وعكست غرف الدردشة على شبكة
الانترنت الكثير من الغضب في بلد يضارب الملايين من سكانه
في البورصة بتشجيع رسمي على أمل تحقيق مكاسب سريعة.
واضاف هاموند بأن ما حدث لم يكن جديداً. فقد خسرت البورصة
نصف قيمتها السوقية في تراجع حاد من شباط (فبراير) الى
ايار (مايو) عصف بملايين السعوديين الذين يضاربون في السوق
بانتظام، لكنهم سقطوا لافتقارهم الى المعرفة بأساسيات
السوق ضحية سهلة في يد مضاربين محترفين.
وقال محللون ان عددا أقل من السعوديين تأثر هذه المرة
مما خفف مخاوف الحكومة من خروج السخط العام عن نطاق السيطرة.
وتظاهر مستثمرون أمام مقر البورصة الكويتية في وقت سابق
هذا العام وهو ما لن يكون مقبولا في السعودية. وفي نيسان
(ابريل) بدا أن الحكومة تسعى لاحتواء استياء عام بسبب
التراجع الحاد الاول للسوق انذاك عن طريق استبدال رئيس
الهيئة المشرفة على البورصة وخفض أسعار الوقود.
وتؤجج مخاوف الحكومة حقيقة أن الدولة هي من شجع المواطنين
على الاكتتاب في دفعة من الاصدارات العامة الاولية خلال
العامين الماضيين بهدف تحقيق توزيع أفضل للثروة الناجمة
عن طفرة أسعار النفط العالمية. وقال رشدي يونسي المحلل
لدى اوراسيا غروب ان التهديد الاكبر للسلطات يأتي من التشدد
الاسلامي. وشن متشددون على صلة بتنظيم القاعدة حملة في
2003 لاسقاط الاسرة الحاكمة في المملكة. وقال الخطر الوحيد
يأتي حقيقة من الاسلاميين.. البعض منهم قد يستغل تلك الخسائر
لتقويض الاسرة الحاكمة بزعم أنها تشجع أحد أشكال المقامرة.
|