الحكومة السعودية استخفت بالعدالة
وضع سجين مريض عقلياً في الحجز الانفرادي
بدلاً من تقديم الرعاية الطبية المناسبة لسجين مصاب
باضطراب نفسي،
رمت السلطات السعودية هادي آل مطيف في الحجز الانفرادي
قالت هيومن رايتس ووتش في 2/2/2007 أن على سلطات السجون
السعودية أن توفر فوراً الإشراف والرعاية الطبية التخصصية
لهادي آل مطيف، وهو إسماعيلي نال الحكم بالإعدام عام 1996
في محاكمة غير عادلة؛ بسبب مزاعم بتحقيره النبي محمد.
وقد سبق لهادي، الذي أكد التشخيص الطبي بأنه مصاب باضطراب
نفسي، أن حاول الانتحار مرتين الشهر الماضي بعد وضعه في
الحجز الانفرادي.
في 13 يناير/كانون الثاني قامت سلطات سجن نجران العام
بوضع هادي في الحجز الانفرادي، كعقوبة بسبب اتصاله مع
قناة الحر الفضائية التي تدعمها الحكومة الأميركية، وإرساله
لها شريط فيديو عن حالته، تم بثه في 22 يناير/كانون الثاني.
وبعد خمسة أيام من الحجز الانفرادي، في 18 يناير/كانون
الثاني حاول آل مطيف الانتحار لأول مرة بابتلاع أجسام
معدنية، وبعد ثلاثة أيام من خضوعه لعملية جراحية لإخراج
تلك الأجسام، أعاده مسؤولو السجن إلى الحجز الانفرادي؛
وفي 25 يناير/كانون الثاني حاول الانتحار ثانية وتم نقله
إلى المستشفى على وجه السرعة. وبعد يومين أعادته سلطات
السجن إلى الحجز الانفرادي مرة أخرى. وتفيد التقارير بأنه
لم يتلق علاجاً نفسياً لا في المستشفى ولا في السجن، رغم
أن أحد المستشفيات الحكومية شخصته عام 1999 بالإصابة باضطراب
نفسي.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن
رايتس ووتش: (بدلاً من تقديم الرعاية الطبية المناسبة
لسجين مصاب باضطراب نفسي، رمت السلطات السعودية هادي آل
مطيف في الحجز الانفرادي)، وتابعت تقول بأن (على الحكومة
إطلاق سراح هذا الرجل فوراً وأن تسمح له بطلب العناية
الطبية التي يحتاجها).
وقد تدهورت حالة هادي العقلية كثيراً منذ سجنه عام
1993؛ وفي عام 1999، وجد فريق متخصص في مستشفى الطائف
النفسي، الذي أقام فيه هادي ستة أشهر، أن هذا الأخير (غير
مسؤول عن تصرفاته)، وتم تشخيصه بأنه مصاب بالاكتئاب منذ
طفولته. ومنذئذ، حاول هادي الانتحار عدة مرات، ولكنه لم
يتلق أية عناية نفسية. كما رفض مسؤولو السجن أن يسمحوا
لأبويه وأخوته برؤيته في المستشفى أو في السجن طوال السنوات
الماضية.
في ديسمبر/كانون الأول قال آل مطيف لـ هيومن رايتس
ووتش عن طريق الهاتف أن أمله ضعيف في الإفراج عنه. وفي
أكتوبر/تشرين الأول، كتبت هيومن رايتس ووتش رسالة إلى
الملك عبد الله توثق لمحاكمته غير العادلة، وطلبت من الملك
العفو عنه. وفي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، بدا أن الملك
قد أعفى عن آل مطيف؛ وبدأت سلطات السجن إجراءات الإفراج
عنه، لكنها أعادته بعدئذ إلى الزنزانة دون أي تفسير، وأفرجت
عن سجين آخر في قضية مشابهة بدلاً عنه. وفي أواخر نوفمبر/تشرين
الثاني أخطر الملك عبد الله هيومن رايتس ووتش أن المحكمة
الملكية تتابع القضية.
في عام 1996، حكم القاضي محمد العسكري في محكمة نجران
على آل مطيف بالإعدام لأنه تلفظ في ديسمبر/كانون الأول
1993، على حد ما زُعم، بعبارة اعتبرتها المحكمة مهينة
للنبي محمد، وأبدى هذا القاضي، مع غيره من القضاة في دعوى
الاستئناف في العربية السعودية التي يحكمها السنة، معاملة
تمييزية ضد الأقلية الإسماعيلية الإسلامية التي ينتمي
إليها آل مطيف، وهي أحد اتجاهات الشيعة، كما وثّقت هيومن
رايتس ووتش في رسالتها إلى الملك؛ وكانت محاكمة آل مطيف
غير منصفة إلى حد كبير ولم يلتزم القضاة فيها بأهم معايير
المحاكمة العادلة المنصوص عليها في القانون الدولي.
فعلى سبيل المثال، لم يتلق آل مطيف حكماً مكتوباً يبين
أسباب الحكم عليه بالإعدام. وبعد أن أخبرت المحكمة الملكية
هيومن رايتس ووتش في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني بأن هناك
حكماً مكتوباً، طلب أخوه علي من المحكمة الملكية نسخة
منه في أوائل ديسمبر/كانون الأول. ولكن رغم أن مسؤولي
المحكمة أخبروه أن هناك ملف باسم آل مطيف في المحكمة (رقم
109036، بتاريخ 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 (20/10/1427
هـ)، إلا أنهم لم يسلموه أي حكم.
وقالت سارة ليا ويتسن: (لقد استخفت الحكومة السعودية
بالعدالة في محاكمة آل مطيف)، مضيفة بأنه (بدلاً من التمادي
في هذا، على الحكومة الإفراج عنه فوراً).
وينص القانون الإنساني الدولي على مبادئ تكفل تلقي
السجناء المرضى عقلياً على علاج نفسي مناسب وتسمح لهم
بالتواصل مع العالم الخارجي، كما تفرض هذه المبادئ قيوداً
على الإجراءات التأديبية مثل الحجز الانفرادي. وعليه فإن
وضع آل مطيف في الحجز الانفرادي وعدم تقديم عناية نفسية
تخصصية له يشكل انتهاكاً لهذه المبادئ.
وقد كررت هيومن رايتس ووتش دعوتها الملك عبد الله العفو
والإفراج عن آل مطيف. وعلى الحكومة السعودية إخراجه فوراً
من الحجز الانفرادي وتقديم العناية الطبية له أثناء وبعد
الاعتقال، كما جددت هيومن رايتس ووتش دعوتها الملك عبد
الله العفو عن آل مطيف؛ لأن محاكمته لم تكن عادلة.
|