منكم وإليكم!
الفكر الوهابي ومنهج قطع الرؤوس
عميد في جهاز المباحث السعودي، اسمه ناصر العثمان،
متخصص في محاربة من تسميهم السلطة بـ (الفئة الضالّة)،
تمت تصفيته في مزرعته بالقصيم، وتمّ حزّ نحره وقطع رأسه!
طريقة زرقاوية معروفة، سبق وأن استخدمها عناصر القاعدة
في الرياض حين قتلوا أحد الأجانب وقطعوا رأسه الذي اختفى
ووضعوه في (الثلاجة) ربما ليساوموا عليه لاحقاً، وبقي
(الرأس) في الثلاجة مدّة أسابيع عديدة، الى أن تمّ مهاجمة
إحدى الخلايا في الرياض فوجد رأس الضحية في الفريزر!
أين تكمن المشكلة؟
إنها في الفكر الوهابي. فتاريخ هذا الفكر في الجزيرة
العربية المسجّل في كتب التاريخ التي تباع في الأسواق
السعودية، يتضمن الكثير من مشاهد الترويع والعنف والقسوة
غير المسبوقة في تاريخ الجزيرة العربية بأسرها. دمويّة
لم يسلم منها الصغير أو الكبير، الحقير أو الخطير، البشر
أو الشجر، العالم او الجاهل، حتى أن مفتي الشافعية في
الحجاز قتل، وكثير من رجال الدين طحنتهم الحرب الوهابية
في سبيل سيطرتها على الجزيرة العربية ولكي يحكمها آل سعود
ويطبقوا عليها مفاهيم الوهابية.
لقد شهدنا مثل هذا العنف غير المسبوق في العراق نفسه.
فرغم دموية صدام، إلا أن عناصر القاعدة ضاهوهم في العنف
والدموية وقطع الرؤوس وتفجير الآمنين في الشوارع والأسواق
وهو ما نشهده كل يوم تقريباً.
ظنّ البعض أنها حالة عراقية، يجوز فيها ما لا يجوز
في غيرها، خاصة وأن الضحايا هم من (الروافض) المباح دمهم
وعرضهم ومالهم!
وظنّوا أنها حالة عراقية بلحاظ أن العراق مصنع للعصبيّات
والعنف على مدى التاريخ.
وظنّ قسم آخر، بأنّ أعمال القاعدة وعمليات قطع الرؤوس
والتفاخر بذلك ونشر تلك المخازي بالفيديو والصورة على
شبكات الإنترنت وأحياناً من محطات التلفزة، إنما هي من
أفعال غير عناصر القاعدة وإنما يراد تشويهها بنسبة تلك
الأفعال اليها. وينسى هؤلاء أن تلك الصور مصدرها القاعدة،
وهي مرفقة ببيانات القاعدة التي تؤكد تلك الأفعال.
وغضّ الكثيرون من المثقفين ورجال الدين أعينهم عمّا
تقوم به القاعدة في العراق من أفعال دمويّة، واعتبروا
الأمر شذوذاً محدوداً، وأن أصل فعلهم صحيح، وهو مواجهة
الأميركان وعملائه، وبالتالي فإن من الواجب عدم التوقف
عند أخطائهم أو منهجهم، بل يجب دعمهم بالمال ورفدهم بالرجال
(الوهابيين) من جزيرة العرب ومن غيرها، وكان مشايخ السعودية
يشيرون الى أفراخ القاعدة في المملكة بأن ما تعملونه هنا
(في الرياض ومدن المملكة الأخرى) خطأ، ويمكنكم (ممارسة
ذات الأفعال) ولكن في العراق. وكان على رأس الحاثّين على
هذا التوجّه: ناصر العمر وسفر الحوالي.
الدول هي الأخرى غضّت الطرف من المغرب الى جاكرتا!
وبدأت النتائج يحصدها بلدٌ إثر آخر، بعد أن حصدها العراق
حرباً أهليّة.
وكان آخرها المغرب والجزائر، التي كانت تدفع تذاكر
مواطنيها العائدين من العراق، وكان القائم بالإعمال الجزائري
في دمشق يودّعهم فرداً فرداً وهم سالمين غانمين في طريق
عودتهم الى الوطن!
وعادت عناصر القاعدة أو بعضها الى المغرب، التي توجد
بها حركة نشاط وهّابي قوية أعلنت عن نفسها في حوادث سابقة
كان العنصر السعودي فاعلاً فيها. عادت تلك العناصر لتفعل
ذات الأفعال والتفجيرات في الدار البيضاء.
وقبل هاتين الدولتين كانت هناك تفجيرات في الأردن وفي
سوريا وفي أندونيسيا وفي غيرها.
إن ما نشاهده في السعودية وغيرها من الدول هو حصاد
لمنتج فكري وهابي. ولن نجد دموية مرّت في تاريخ المسلمين
قاطبة مثل دمويّة الوهابية وعناصر القاعدة. حتى الخوارج
الذين ينسب أفراد القاعدة اليهم، كانوا أقلّ دموية مما
نراه هذه الأيام.
والغريب ان مشايخ الوهابية في المملكة يضيقون ذرعاً
وينفرون بشدّة من ربط الوهابية بالإرهاب والعنف، في حين
أن كل مكان تمددت فيه الوهابية خلال العقود الخمسة الماضية
هو الذي يقوم بأعمال العنف. ويرمز اليهم بأنهم (سلفيون)،
أي بعبارة أخرى (وهابيون) وإن كانت السلفية كإطار أوسع
من الوهابية، لكن السلفية بنسختها الحديثة هي وهابية في
وجهها وأسنانها ومخالبها وعقلها وفكرها.
إذن فلتحصد السعودية وغيرها نتائج الجهاد الوهابي في
العراق، كما حصدته من قبل في أفغانستان.
لقد بدأ قطع الرؤوس على يد الزرقاوي.
وانتقل بسرعة الى السعودية.
وهناك من يخاف أن يطال القطع رجال دين ومشايخ من التيار
الوهابي نفسه.
أما التفجيرات الإعتباطية التي لا يصدّق العاقل أن
مسلماً أو حتى عاقلاً يمكن أن يفعلها، فهي تضرب الآن في
أكثر من بلد، ويبدو أنها ستستمر.
تنبهت موريتانيا الى خطر الوهابية منذ أحداث 11/9 فأغلقت
معهد تفريخهم.
والمغرب شنّت حملة فكرية محاولة منع كتب الوهابية من
الدخول بما فيها كتب ابن باز ورجال الوهابية الكبار، ولكنها
خشيت الإحراج من حكومة السعودية الصديقة إذا ما اتخذت
اجراءات أكثر تشدداً، ولكن من غير المستبعد أن تقفو الجزائر
والمغرب اثر تونس في فرض فيزا على السعوديين، منعاً لجنون
وهابيتهم.
|