تعيين مدير جديد لمسجد جنيف
الجالية الإسلامية في جنيف تواجه (انقلابا سعودياً)
أثار تعيين مدير سعودي جديد على رأس مؤسسة ترعى مسجداً
في جنيف بسويسرا صدمة في اوساط الجالية المسلمة ولا سيما
أنه ترافق مع إقالة 4 من قدامى المسؤولين فيه، فيما وصفت
بعض الصحف الصادرة في جنيف ما جرى بانه يشبه الانقلاب.
وذكرت صحيفة Le Matina السويسرية
أن الجالية المسلمة في جنيف تعيش حالة صدمة بعد الإقالة
المفاجئة لأربعة مسؤولين كبار في مسجد
Prtit-Saconnex في جنيف. وتقول
مصادر مطلعة على القضية للصحيفة إن الأمر يشبه انقلاباً
لأن هؤلاء الأربعة المقالين موجودون في مناصبهم منذ فترة
طويلة، ومن بينهم الناطق الرسمي فؤاد أوارديري والمدير
محمود فضل. وتأتي هذه الإقالات بالتزامن مع تعيين مدير
جديد على رأس المؤسسة الثقافية الإسلامية التي ترعى المسجد،
وهو سعودي معروف بصرامته.
ومع ان هؤلاء الأربعة لا يزالون يفضلون الصمت، فإن
رمزي عبدالرحيم وهو محامي محمود فضل يشير إلى ان هذه القضية
غامضة جداً. فمجلس المؤسسة يسمي عادة مديره بواسطة رئيسه.
و(لكن ما جرى أنه لا نعرف على وجه الدقة من اتخذ القرار).
بدوره المدير الجديد (سيثي نعمة الله) يغذّي هذا الغموض.
ووفقاً لمصادر عدة فإنه معروف بصرامته وسبق له أن تعامل
مع ظروف مماثلة في ألمانيا، وفقاً لما يؤكده عبدالرحيم.
وتشير الصحيفة أنه سبق لهذا السعودي أن اجرى (تنظيفات)
مماثلة في عدد من المساجد. وكشف مصدر آخر على علاقة وثيقة
بهذا الملف أن المدير الجديد (يقول لمن يريد أن يسمع إنه
أُرسل إلى جنيف لتنفيذ قرارات وإرساء النظام، ولكننا لا
نعرف من وراءه).
تمويل المؤسسة سعودي
بالمقابل فإن المؤسسة الثقافية الإسلامية ممولة بشكل
رئيسي باموال سعودية. لكن المؤسسة تلتزم بالصمت، رغم أن
موظفاً معيناً حديثاً في المؤسسة أشار إلى ان المؤسسة
ستصدر قريباً بياناً. والغموض الذي يحيط بالقضية لم يتح
مجالاً لمعرفة حقيقية بالظروف التي أحاطت بإقالة المسؤولين
السابقين الأربعة. ويقول عبدالرحيم إن موكله لم يتلق أي
إنذار أو توضيح. ومع أنه جرى الإيحاء بوجود أسباب اقتصادية
للمسألة إلا ان الدافع يبدو سياسياً وفقاً للصحيفة.
سيطرة التيار الأكثر راديكالية
وفي تصريح آخر لصحيفة La Tribune
de Geneve قال عبدالرحيم إن أسباب ما جرى سياسية
لأن الموظفين المقالين من أصول شمال أفريقية ويتحلون بمنظور
منفتح للإسلام، وتولي مدير سعودي الإدارة يعني استعادة
التيار الأكثر راديكالية للسلطة. بدورها ترى صحيفة
Le Matina أن ما جرى جاء توقيته
غير مناسب لأن وضع المسلمين في سويسرا موضوع حساس جداً
في هذه الأيام، ومجيء المدير الجديد ينبيء بالأسوأ. وبالانتظار،
فإن المحامي عبدالرحيم سيعترض امام المحكمة على قرار الإقالة،
لأن فضل تلقى كتاب الإقالة في 22 آذار / مارس وكان حينها
في فترة مرض وإجازة وهذا يلغي مشروعية قرار الإقالة.
قضية تتفاعل وحديث عن صراع نفوذ
تكشفت قضية تعيين مدير سعودي جديد على رأس المؤسسة
الثقافية الإسلامية في جنيف عن صراع نفوذ بين إدارة المؤسسة
السابقة ورابطة العالم الإسلامي التي تديرها الحكومة السعودية
من مكة. وتصدرت القضية اهتمامات وسائل الإعلام السويسرية.
ورغم ان خصوم المدير الجديد المعيّن فتحي نعمة الله يروجون
انه (راديكالي) ومتطرف، إلا أن للمدير الجديد مؤيدين يجزمون
بانه رجل منفتح ومتنور، بل إنه يصافح النساء باليد ولديه
ابنة لا تلبس الحجاب.
وفتحت قضية تعيين نعمة الله مديراً للمؤسسة الثقافية
الإسلامية التي ترعى مسجد Prtit-Saconnex
وإقالته 4 من المسؤولين فيها ملف ائمة المساجد ورجال الدين
الذي يدخلون إلى سويسرا لأهداف دينية، حيث سبق للسلطات
الاتحادية ان رفضت إعطاء أذونات لعدد منهم ومن بينهم مدير
اختارته رابطة العالم الإسلامي لتولي إدارة المؤسسة الثقافية
الإسلامي في نهاية 2004.
المؤسسة في دائرة اهتمامات الحكومة
وذكرت صحيفة Le Temps السويسرية
أن المؤسسة الثقافية الإسلامية تشهد اوقاتاً عصيبة منذ
شهور. فبعد ربع قرن على إنشائها وجدت المؤسسة نفسها شيئاً
فشيئاً في دائرة اهتمام وزارة العدل والشرطة التي ضاعفت
في الآونة الأخيرة من إشارات الحذر تجاه هذه المؤسسة.
وتدير المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف شبكة مكونة
من المسجد الكبير ومدرسة ومركز ثقافي. ورغم تمتعها باستقلالية
مالية واسعة نتيجة عائدات مبان تمتلكها إلا أنها لا تزال
ترتبط بشكل وثيق برابطة العالم الإسلامي التي تزودها بمبالغ
مالية مهمة وتختار مسؤوليها وإدارتها واعضاء مجلس إدارتها
الذين يقيم الكثير منهم في السعودية.
وقد تتالى المديرون المعينون من السعودية خلال السنوات
السابقة ومنهم رسميون سعوديون حتى العام 2004، حينما رفضت
السلطات السويسرية تعيين عصمت البهيتي الذي كانت اختارته
الرابطة.
وقالت صحيفة Le Temps إن
السلطات السويسرية بررت رفضها آنذاك في رسالة اعتبرت فيها
أن البهيتي يمثل رسمياً رابطة العالم الإسلامي في جنيف
وان هذه المنظمة ليست سوى اداة سعودية في حملة عالمية
تهدف إلى نشر الأفكار السلفية للسعودية. وهي، أي رابطة
العالم الإسلامي، تدير موقعاً الكترونياً يحوي تصريحات
تصل إلى 'التعارض مع النظام القانوني ومبادئ الديمقراطيةب،
و(وثائق بمحتوى معاد للغرب وللاندماج، ولاسامي او يروّج
لنظرية المؤامرة).
الإدارة السابقة سعت نحو الاستقلالية
وتحدثت الصحيفة عن اتجاه لدى الإدارة السابقة، التي
أقالها المدير الجديد، نحو مزيد من الاستقلالية. فقد صدمت
هذه الإدارة برفض وزير العدل السويسري كريستوف بلوشي إشراك
المؤسسة الثقافية في الحوار مع المسلمين. ودفع هذا الأمر
بالإدارة القديمة إلى إرسال رسالة إلى رابطة العالم الإسلامي
تضمنت رغبة باكتساب استقلالية ذاتية لتفادي مثل هذه العوائق
في المستقبل.
لكن أي جواب لم يصل من الرابطة في السعودية، وفقاً
لما يؤكده حافظ أوارديري الناطق السابق باسم المؤسسة،
حتى كان امر تعيين المدير الجديد نعمة الله، والإقالات
التي تلته. ويتساءل Jean-Bernard Waeber
محامي المسؤولين الأربعة المقالين عما إذا كان تعيين المدير
الجديد حصل بقرار من مجلس المؤسسة وهي اعلى سطة فيها ويجب
على غالبية اعضائها ان يكونوا مقيمين في سويسرا، وعما
إذا كان هؤلاء أيدوا قرار الإقالة؟ ومع ذلك يشكك اوارديري
بأن تكون الحكومة السعودية او رابطة العالم الإسلامي وراء
ما جرى من إقالات مشيراً إلى أشخاص في الظل سيعمل على
كشفهم.
جدل حول شخصية المدير الجديد
وكان المدير الجديد فتحي نعمة الله (70 عاماً) تعرض
لانتقادات عديدة حيث وصفه خصومه بانه راديكالي. لكن أنصاره
يؤكدون أنه ليس رايدكالياً، ويستدلون على ذلك بانه مطلّق
وابنته لا ترتدي الحجاب. ونقلت صحيفة
La Tribune de Geneve الصادرة
الخميس عن شابة مسلمة ان نعمة الله رجل محترم وليس راديكالياً
على الإطلاق، فهو مطلق ويصافح النساء باليد وابنته لا
ترتدي الحجاب.
وعاش نعمة الله سنوات في ألمانيا (نحو 30 عاماً)، كما
تؤكد مصادر الصحيفة، حيث تابع دراساته الجامعية في الجيولوجيا.
ثم عمل بعد ذلك مترجماً في المحاكم الألمانية، لكن معرفته
باللغة الفرنسية محدودة. وهو يحمل جواز سفر فرنسي نظراً
لأن زوجته السابقة كانت تحمل الجنسية الفرنسية. وقضى السنوات
العشر الأخيرة في السعودية حيث يقول بعض الشهود إنه عمل
لحساب رابطة العالم الإسلامي التي تدير مسجد جنيف، وهي
الجهة نفسها التي أرسلته إلى سويسرا لإدارة المؤسسة الثقافية
الإسلامية. ويقول البعض إن لا شيء في سيرته يشير إلى خبرته
في الإدارة ولذا فإن مجيئه إلى سويسرا تحكمه اعتبارات
سياسية، وهو ما ينفيه مؤيدوه.
المدير السعودي يخرج عن صمته
خرج المدير السعودي المعيّن حديثاً للمؤسسة الثقافية
الإسلامية في جنيف فتحي نعمة الله عن صمته وردّ على الانتقادات
التي وجّهت له بالسعي إلى فرض سيطرة السعودية ومنهجها
الديني على المؤسسة، فنفى ان يكون اختياره من قبل رابطة
العالم الإسلامي لإدارة المؤسسة سببه الرغبة بالتأثير
في توجهاتها الأيديولوجية. وقال نعمة الله في حديث لصحيفة
Le Temps السويسرية إن الحديث
عن ان تعيينه هدفه إعادة تأكيد الدور سيطرة السعودية على
المؤسسة من الناحية الثقافية لا يمت إلى الواقع بصلة ورغم
إنه مسلم يمارس شعائره الصلاة والصوم لكنه لم يخضع لتكوين
ديني وليس لديه إلمام بالشرع أو خبرة بالمؤسسات الدينية.
وقال نعمة الله إنه جاء إلى سويسرا ليعمل في إدارة
المؤسسة، ولم يكن لديه أي رغبة في أن يظهر إعلامياً. وقال
إن السعوديين اختاروه لهذه المهمة نظراً لأنه عاش في اوروبا
ويحمل جنسية أوروبية في حين أن معظم السعوديين لا يعرفون
شيئاً عن أوروبا ولا عن قوانينها او العقلية السائدة.
وأوضح نعمة الله أنه حينما وصل إلى جنيف قام بدراسة ملفات
المؤسسة للإلمام بوضعها، وخلص إلى أن المؤسسة تستحق أن
تدار بشكل أفضل، ولذلك قبل ما يعتبره تحدياً جديداً. وقال
نعمة الله إن الذين يدعون أنه أصدر قرارات فصل دون التمعن
بالوضع يخطئون كثيراً.
وفي سياق متصل، نفى محامي المؤسسة الثقافية الإسلامية
رضا عجمي أن تكون القضية الناشئة عن فصل أربعة مسؤولين
سابقين نتيجة صراع بين رؤية تقدمية للإسلام يحملها هؤلاء
وأخرى اكثر جموداً جاء بها المدير السعودي الجديد. وقال
عجمي في حديث لصحيفة La Tribune de
Geneve الجمعة إن هذا خطأ، وإن المدير الجديد هو
شخصية متنورة. وأوضح ان قرار الإقالة ارتكز على تكليفين
من قبل رابطة العالم الإسلامي، حيث ان إحدى الوثائق التي
يعود تاريخها إلى العام 2005 تشير إلى مصاعب مالية ومشاكل
في الشفافية، إضافة إلى وجود تأخير في دفع الرواتب للموطفين
وغيرها من المشاكل الإدارية والمالية.
|