تقرير هيومان رايتس ووتش عن السعودية لأحداث عام 2006
الإصلاح السياسي تعطّل، والإنتهاكات تزايدت
لا تزال أوضاع حقوق الإنسان بشكل عام سيئة في المملكة
العربية السعودية، التي تطبق نظام الملكية المطلقة. وعلى
الرغم من الضغوط الدولية والمحلية لتنفيذ إصلاحات، فإن
الملك عبد الله لم يحقق التوقعات الخاصة بتحسين الأوضاع
عقب توليه العرش في أغسطس/آب 2005. ولم تنفذ الحكومة أية
إصلاحات رئيسية في مجال حقوق الإنسان خلال عام 2006، كما
ظهرت بعض الدلائل على التراجع في بعض القضايا المتعلقة
بالمدافعين عن حقوق الإنسان وحرية تكوين الجمعيات وحرية
التعبير.
ولا يوفر القانون السعودي الحماية لكثير من الحقوق
الأساسية، وتفرض الحكومة قيوداً صارمة على حرية تكوين
الجمعيات وحرية التجمع وحرية التعبير. ولا يزال الاعتقال
التعسفي وإساءة معاملة المعتقلين وتعذيبهم وفرض قيود على
حرية التنقل وعدم محاسبة المسؤولين من الأمور التي تبعث
على القلق الشديد. وما برحت المرأة السعودية تواجه عقبات
كأداء تعترض مشاركتها في المجتمع. كما يتعرض كثير من العمال
الأجانب، ولاسيما النساء، لظروف عمل تتسم بالاستغلال.
وفي عام 2006، نقلت الولايات المتحدة 29 معتقلاً سعودياً
من خليج غوانتانامو إلى معتقلات سعودية، وأُفرج عن تسعة
منهم بعد ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى ثلاثة آخرين من معتقلي
غوانتانامو السابقين الذين كانوا قد نُقلوا في يوليو/تموز
2005.
الإصلاح السياسي والاجتماعي
في عام 2006، تعطل الإصلاح السياسي الوليد في السعودية،
فلم تنفذ الحكومة التوصيات المنبثقة عن أحدث دورات الحوار
الوطني، وهي الدورة الخامسة التي عُقدت في ديسمبر/كانون
الأول 2005، ولا عن الدورات السابقة للحوار، ومن بينها
النظر في تولي المرأة لمناصب القضاء.
وتشددت الآراء المحافظة رداً على الخطوات المحدودة
المتخذة على صعيد التحرر الاجتماعي. ففي فبراير/شباط 2006،
قام بعض المحافظين، ومن بينهم أفراد (هيئة الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر) وهي بمثابة شرطة دينية، بمضايقة عدد
من الزوار والكتاب، وخاصة النساء، في معرض الرياض الدولي
للكتاب، حيث عُرضت نسخة من الكتاب المقدس وأعمال المؤلف
تركي الحمد للمرة الأولى من نوعها، بالرغم من الحظر المفروض
على مؤلفاته. وفي مارس/آذار، نظم بعض المحافظين مسيرة
للاحتجاج على مقترحات إصلاح المناهج التعليمية التي تحظى
بدعم قوي من الولايات المتحدة.
وأدى صدور عدد من أحكام القضاء إلى إثارة القلق من
عدم وجود قانون موحد يكفل الحد من تحيز القضاة. ففي فبراير/شباط،
رفض أحد القضاة السماح لمواطن سعودي شيعي بالشهادة على
زواج ابن رئيسه السني. وأبطل قاض آخر إحدى الزيجات بحجة
(عدم الكفاءة) لأن الزوج ينتمي لطائفة الشيعة الإسماعيلية،
لا المذهب الوهابي السائد في السعودية والذي تنتمي إليه
الزوجة. كما أبطل قاض ثالث زيجة أخرى، وصدر هذا الحكم
لصالح رجل زعم أن زوج أخته غير كفء لمصاهرة عائلته نظراً
لتواضع نسب القبيلة التي ينتمي إليها الزوج، على الرغم
من أن القانون الشرعي في السعودية لا يفرض شروطاً متعلقة
بالميراث على المقبلين على الزواج.
الاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة وعقوبة الإعدام
في 12 أكتوبر/تشرين الأول، نقلت صحيفة (عكاظ) عن د.
سعود المصيبح، الذي يرأس لجنة استشارية خاصة بوزارة الداخلية
ووزارة الشؤون الإسلامية، قوله إنه قد تم الإفراج عن 700
معتقل ممن لم يتورطوا في أعمال إرهابية ولكن يُشتبه في
أنهم يتبنون أفكاراً متطرفة.
ونقلت مباحث الدمام الناشط الشيعي كامل عباس آل أحمد
من السجن العمومي إلى سجن المباحث قبل أسبوع من انقضاء
الحكم الصادر ضده بالسجن خمس سنوات، في يوليو/تموز. وقد
اتصلت هيومن رايتس ووتش هاتفياً بمسؤولي المباحث وأعطتهم
تاريخ نقله، إلا إنهم أنكروا أية معرفة لهم بكامل آل أحمد.
ولكن بعد تدخل (لجنة حقوق الإنسان)، وهي لجنة حكومية،
أفرجت المباحث عنه في سبتمبر/أيلول.
وزعم سجين سابق بسجن مكة العمومي لهيومن رايتس ووتش
أن حراس السجن كانوا يضربونه بصورة منتظمة، ويحرقون ظهره
بوضعه على قالب معدني مُحمى، وأنهم وضعوه في الحبس الانفرادي
ستة أشهر. وأضاف قائلاً إن هذا الانتهاك كان أمراً معتاداً
خلال الفترة التي قضاها في السجن من عام 2002 إلى عام
2006. وقد أرسل نزلاء سجن الحائر بالرياض، وعددهم 36 سجيناً،
نداء في أواخر عام 2005 بعنوان (صرخة استغاثة للمنظمات
الحقوقية العالمية) عرضوا فيه ما يشعرون به من (اكتئاب)
بسبب ما تعرضوا له من ضرب في السجن ومن جلد على الملأ.
وعادةً ما يصدر القضاة السعوديون أحكام الجلد بآلاف
الجلدات كنوع من أنواع العقوبة، وكثيراً ما تُنفذ على
الملأ، وتؤدي إلى صدمة نفسية شديدة وألم بدني شديد، ولا
يتلقى الضحايا بعدها أية رعاية طبية.
وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2006، كانت السعودية قد
نفذت حكم الإعدام في حوالي 22 شخصاً، ويعادل هذا العدد
ربع العدد المسجل في عام 2005 تقريباً.
حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات
في فبراير/شباط 2006، أغلقت السلطات السعودية صحيفة
(الشمس) لفترة وجيزة بسبب نشرها رسوما كاريكاتيرية للنبي
محمد اعتُبرت مسيئة له. وفي مارس/آذار 2006، ألقت المباحث
القبض على محسن العواجي واحتجزته عدة أيام، وذلك لمجاهرته
بانتقاد الملك بسبب ما يزعم عن اعتماده الشديد على مشورة
الليبرالليين. وفي إبريل/نيسان، ألقت المباحث القبض على
ربَّاح القويعي بسبب تبنيه أفكاراً هدامة نشرها في كتاباته
على شبكة الإنترنت، والتي ينتقد فيها تنظيم (القاعدة).
وانتزع القاضي تعهداً غير محدد من ربَّاح القويعي، الذي
وصف نفسه في حديثه لهيومن رايتس ووتش بعد الإفراج عنه
بأنه (نصف حر). وفي يونيو/حزيران، ألقت المباحث القبض
على سعد بن سعيد آل زعير واحتجزته لمدة 20 يوماً لأنه
قال في حوار مع قناة (العربية) إن وفاة أبو مصعب الزرقاوي
(زعيم تنظيم القاعدة في العراق) أمر محزن لمعظم المسلمين.
وفي فبراير/شباط 2006، ألقت السلطات القبض على عدد
من الشيعة كانوا يحتفلون علناً بيوم عاشوراء في الصفوة.
وفي أغسطس/آب، أوقفت قوات الأمن بعض الشيعة الذين كانوا
قد بدأوا في التظاهر احتجاجاً على الهجمات الإسرائيلية
على لبنان. وفي أكتوبر/تشرين الأول، ألقت قوات الأمن القبض
على أربعة من الشيعة في المنطقة الشرقية واحتجزتهم عدة
أيام لرفعهم شعارات (حزب الله).
وفي سبتمبر/أيلول 2006، تظاهر نحو 300 من أبناء الطائفة
الإسماعيلية الذين شاركوا في مظاهرة سلمية احتجاجاً على
التمييز، ولم يعترضهم أحد، وذلك وسط وجود أمني مكثف في
نجران.
وفي مارس/آذار، رفض مجلس الشورى، وهو مجلس معين، مشروع
قانون بشأن المنظمات غير الحكومية يفرض مزيداً من القيود
على حرية تكوين الجمعيات، منها تخويل لجنة وطنية حكومية
صلاحيات رقابية واسعة تتيح لها التدخل بصورة مفرطة في
شؤون المنظمات غير الحكومية.
المدافعون عن حقوق الإنسان
رغم مرور أكثر من عام على عفو الملك عن ثلاثة من الإصلاحيين
البارزين، وهم علي الدميني وعبد الله الحامد ومتروك الفالح
ومحاميهما عبد الرحمن اللاحم، لم تستجب الحكومة لطلبهم
برفع الحظر المفروض على سفرهم للخارج. في سبتمبر/أيلول،
اعتقلت المباحث وجيهة الحويدر، الناشطة في مجال حقوق المرأة،
وأرغمتها على أن تتعهد بالامتناع عن التحدث إلى الإعلام
والكف عن نشاطها في الدعوة لحقوق الإنسان كشرط لإطلاق
سراحها. وكثيراً ما تلجأ السلطات السعودية غير القضائية
إلى انتزاع مثل هذه التعهدات من منتقدي النظام.
وفي أغسطس/آب 2006، لم ترد الحكومة على طلب لإنشاء
منظمة جديدة لحقوق الإنسان، كما ظلت ترفض إصدار تصريح
لجمعية (حقوق الإنسان أولاً) في المملكة العربية السعودية،
وهي جماعة مستقلة ظلت ترصد انتهاكات حقوق الإنسان بالرغم
من ذلك الرفض.
وفي عام 2006، أصبحت (الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان)،
التي وافقت عليها الحكومة، أكثر نشاطاً ومجاهرةً بآرائها.
وقد اقترحت إصدار وثيقة لحقوق المرضى المصابين بفيروس
نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وانتقدت علناً مشروع قانون
المنظمات غير الحكومية. كما دعت (الجمعية الوطنية لحقوق
الإنسان) إلى إجراء إصلاحات قضائية بما يكفل المساواة
في العقوبات بالنسبة للجرائم نفسها.
ووافقت وزارة الداخلية على تشكيل هيئة (اللجنة الوطنية
لحقوق الإنسان)، وهي لجنة حكومية تتألف من 24 عضواً، بعد
أن تأخرت الموافقة عليه طويلاً، لكنها لم تعلن بعد أسماء
أعضائها، الذين تردد أن من بينهم عدة شخصيات شيعية (أحدهم
ينتمي إلى المذهب الإسماعيلي)، ولكن ليس من بينهم نساء.
وأصدر الملك توجيهاته إلى جميع الهيئات الحكومية بالتعاون
مع تلك اللجنة.
حقوق المرأة
لا تزال المرأة السعودية تعاني من تمييز شديد في مواقع
العمل وفي البيت وفي المحاكم، كما تعاني من القيود المفروضة
على حريتها في التنقل وفي اختيار شريك الحياة. وتفرض الشرطة
الدينية، ممثلةً في (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)،
الفصل الصارم بين الجنسين وتلزم النساء والفتيات بأن يرتدين
في الأماكن العامة ملابس تغطي الجسم كله من الرأس حتى
أخمص القدمين. كما تُستبعد النساء من المجلس الأسبوعي
الذي يستمع فيه أفراد الأسرة المالكة إلى شكاوى المواطنين
ومقترحاتهم.
ويتعين على المرأة الحصول على إذن من ولي أمرها الذكر
للعمل أو الدراسة أو السفر. وفي فبراير/شباط 2006، رفضت
لجنة النقل بمجلس الشورى طلباً لمناقشة إمكان السماح للنساء
بقيادة السيارات، إلا إن وزير الإعلام إياد المدني قال
إنه ليس هناك ما يمنع المرأة من التقدم لاستخراج رخصة
القيادة.
كما صدرت تعليمات بإحلال عاملات سعوديات محل الرجال
العاملين في محال بيع الملابس الداخلية، وذلك بموجب نص
جديد في قانون العمل يسمح للنساء بالعمل في الوظائف المناسبة
لطبيعتهن، فقوبلت التعليمات باعتراضات شديدة من المحافظين.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2005، أُتيح للنساء أن يدلين بأصواتهن
لصالح المرشحات لعضوية مجالس الغرف التجارية المحلية،
وفازت امرأتان بمقعدين في جدة، وهما لمى السليمان ونشوى
الطاهر.
حقوق العمال المهاجرين
يواجه كثير من العمال المهاجرين في السعودية، والذين
يُقدر عددهم بنحو 8.8 ملايين شخص، ظروف عمل تتسم بالاستغلال،
من بينها طول مدة العمل التي تبلغ 16 ساعة يومياً، وعدم
وجود فترات للراحة وعدم توافر الطعام والشراب، والحبس
في عنابر النوم في غير ساعات العمل. وقد وعدت الحكومة
بنشر ملحق خاص بقانون العمل الجديد في نوفمبر/تشرين الثاني
2006 لتنظيم حقوق العمال المهاجرين الذين يعملون خدماً
في المنازل. وكثيراً ما تتعرض الخادمات لانتهاكات شديدة
في البيوت، حيث لا يتمتعن بالحماية في ظل قانون العمل
الحالي.
وفي سبتمبر/أيلول، بدأت الحكومة في تخفيف الحظر الذي
فُرض في أغسطس/آب 2004، وهو حظر ينطوي على التمييز، إذ
يمنع جميع المواطنين التشاديين من تجديد تصاريح الإقامة،
والالتحاق بالمدارس والحصول على الرعاية الطبية في حالات
الطوارئ. وفي أكتوبر/تشرين الأول، ألقت قوات الأمن القبض
على حوالي سبعة آلاف شخص، أغلبهم من المهاجرين غير الشرعيين،
من حي البخارية بالطائف، وحي الهنداوية والكارانتينا بجدة
ومناطق أخرى. وقامت السلطات بترحيل عشرات الآلاف من المهاجرين
غير الشرعيين في عام 2006، وذلك بدون النظر فيما إذا كانت
لديهم أسباب وجيهة تجعلهم يخشون التعرض للاضطهاد في مواطنهم
الأصلية.
الأطراف الدولية الرئيسية
تعتبر المملكة العربية السعودية حليفاً رئيسيا للولايات
المتحدة. وفي مارس/آذار 2006، عُقدت الدورة الثانية من
اجتماعات العمل في إطار الحوار الاستراتيجي الأمريكي السعودي
الذي بدأ في عام 2005، إلا إن المناقشات المتعلقة بحقوق
الإنسان في إطار الفريق العامل المعني (بالتعليم والتبادل
والموارد البشرية) لم تفض إلى أية نتائج.
وقد أشار تقرير الحريات الدينية في العالم، الصادر
عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2006، إلى السعودية بوصفها
(بلداً يثير القلق بشكل خاص)، لكنه لم يعد يدعي أن (حرية
العقيدة غير موجودة). ولم تفرض الولايات المتحدة عقوبات
على السعودية لانتهاك الحريات الدينية، مشيرة إلى اتخاذ
السعودية بعض الإجراءات في يوليو/تموز لإصلاح الكتب المدرسية،
وتقييد سلطة الشرطة الدينية في القبض على الأشخاص، وتعزيز
(لجنة حقوق الإنسان).
وفي أغسطس/آب، وافقت المملكة المتحدة على بيع 72 طائرة
من المقاتلات الأوروبية المتطورة من طراز (تايفون) بقيمة
عشرة مليارات دولار إلى السعودية، حسبما ورد. ولا يزال
تقرير حقوق الإنسان لعام 2006، الصادر عن وزارة الخارجية
والكومنولث البريطانية، يدرج السعودية ضمن الدول التي
(تثير قلقاً كبيراً).
|