الله أكبر.. الجهاد الوهابي يشتعل!
(الله أكبر الجهاد يشتعل! مقتل 18 من خنازير الردّة
الباكستانية من أذناب القادياني مشرف وجرح 28، عجل الله
بمقتلهم! اللهم انصر المجاهدين! اللهم احصد المرتدين القاديانيين)!
هكذا كتب أحد معتوهي الوهابية في منتدى الساحات. فردّ
عليه معتوه آخر: (بشرك الله بالخير يا أخي)! وعلق آخر
مؤيداً: (سبحان الله دماء المسلمين لا تضيع)! وبالطبع
لا يدخل المقتولون ساحة الإسلام الوهابي ولا يصنّفون في
بوتقتها، فهم كفّار استحقوا اللعنة والقتل.
معتوه وهابي آخر كتب: (غضب الشعب الباكستاني لن ينتهي
إلا برقبة مشرف، وقد انتشر الآلاف في باكستان يحتجون ويدعون
للجهاد ضد هذا الخنزير الغير مشرف... ومشرف الآن في أخطر
مراحله وبدأ يحسب أنفاسه فقضية قتله مسألة وقت. اللهم
عجل بها)!
علّق على هذا أحد المفتونيين بالحور العين قائلاً:
(بالفعل! جزّ الرقاب لا يستحقه إلا كل خائن.. ومشرف ستكون
نهايته على أيدي الأحرار بإذن الله). لكن زميلاً له يشاركه
الرأي رأى بأن شعب الباكستان لا عمل له إلا المظاهرات،
وأن المطلوب عمل (يفصل الشرايين) وذلك عبر (فصل رأس مشرف
عن جسده النجس)!
واتفق القوم على التالي: (الله يخزيه ويعجل بهلاكه
وكل من يؤيده من إنس أو جان)!
ليست المشكلة أن تكون ضد مشرف سياسياً، لكن اللغة الحادة
والعنيفة والدموية التي تصطبغ بها مقالات الوهابيين هي
أكبر من موقف عادي، إنها تكشف عن خبايا نفس مريضة متعطشة
للدماء والقتل وحز الأعناق. وعن فكر أحادي لا يرى غيره
على جادة الصواب والإسلام، فكر يسهل استخدامه في تكفير
كل من لا يتوافق معهم في شرق الأرض وغربها. لا عجب فزرقاويهم
أول من استخدم (الذبح وقطع الرقاب).
والغريب في هذا أن مثل هذه المواقف يفسح لها المجال
محلياً ويحررها مواطنون (احياناً بأسمائهم الصريحة) وفي
موقع تسيطر عليه المباحث السعودية بشكل شبه كامل، فصار
كالمصيدة لكل الوهابيين الذين يتخطون الحدود فيهاجمون
آل سعود، أما الدعوة لقتل الآخرين في الخارج، في أي بلد
عربي وإسلامي فمباح ومسموح به.
الموقع إياه نفسه تضمن نقاشاً افتتحه أحد رجال المباحث،
وعنوانه: (هل ترى حكاماً أفضل من آل سعود في العصر الحاضر؟)
سرد فيه كيف أن آل سعود هم أفضل الخلق ديناً وخلقاً ورحمة
بشعبهم! لكن أحداً ممن يتشوقون لقتل الآخر لم يرد عليه،
بل أيّدوه تمام التأييد، اللهم إلا واحداً تخفى تحت إسم
مستعار علق بالقول: (نعم هم الأفضل ولكن في المباريات
الودية! وإذا كثر الدبس ـ المباحث ـ طلع التمر اللي بلا
عبس)!
لا تستطيع أن تناقش وهابيا مؤدلجاً، فهو ضحل في السياسة
ويعتقد أنه أكثر خبرة من أي أحد آخر. إنها حالة الإستعلاء
التي تلازم الوهابيين والنجديين عامة. فهم العرب الأصلاء
أبناء العوائل، ودينهم هو الصحيح (الوهابية) وتحليلاتهم
دائماً هي التي تصيب ولا تخيب أبداً. وكما ذكرنا في العدد
السابق كيف أن ضحالتهم السياسية جعلتهم لعبة بيد آل سعود
وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وهي اللعبة التي دفعت بندر
ـ وبمجرد أن وقفت الحرب في لبنان الصيف الماضي ـ ليدفع
بهم الى هناك (لقتال حزب الله) قبل ان يرتد الأمر عليه
وعلى حلفائه فضيحة وخزياً.
المؤدلج تملي عليه أيديولوجيته التحليل السياسي، التحليل
الذي يرغب فيه، التحليل الذي قاله ابن تيمية قبل قرون
عديدة، ولا يرى الواقع كما هو!
حزب الله هُزم! وإسرائيل انتصرت! حتى لو قالت هي أنها
تعرضت لهزيمة.. فالحزب الوهابي المؤدلج يستطيع أن يغير
المعادلة على هذا النحو الذي كتبه أحد معتوهيهم: (رغم
قلة الخسائر المادية والبشرية الناتجة عن صواريخ حزب الله،
إلا أن الإسرائيليين اعتبروه فشلا في حماية أمنهم القومي،
ما يعني بدوره فشلا في الحرب برمتها. لذا، فإن على المتأثرين
بحزب الله من مسوقي الوهم ومخدري الأمة من المطبلين لنصر
وهمي لم يتحقق إلا في أذهانهم المريضة، ممن لهم أقلام
في المطبوعات وأصوات في الإذاعات ووجوه حسنة في الفضائيات،
أن يتوقفوا فورا عن تقديم حزب الله بصورة المنتقم لكرامة
الأمة العربية، المدافع عن حياضها، وتقديم زعيمه بصورة
القائد المؤمن المناضل الذي قهر عدوا لا يُقهر. وليعلم
العرب أن إسرائيل ستبقى منتصرة، طالما بقي فينا من يصفق
لنصر إلهي كنصر حزب الله، لم يجد له ميدان يتحقق فيه إلا
أذهان وعقول مريضة تعشق العيش في الوهم). هذا قول كاتب
نجدي وهابي (مثقف!) في صحيفة سعودية (سعود المعيقلي).
وقد تتالى التأييد لما كتبه، عدا واحدٌ منهم قال: (اسرائيل
فشلت وفضحت في الحرب الاخيرة، وهذا يدل على ان العرب هم
من صنع من اسرائيل قوية) فرد عليه المعيقلي نفسه: (إسرائيل
هُزمت حسب معاييرها هي للهزيمة، وليس على حسب معاييرنا)!
بالطبع للعقول المريضة بالطائفية والإستعلاء مقاييس
خاصة بها، وكأن ال سعود في حرب دموية مع اسرائيل، وكأن
الوهابية ورعاعها الذين يقتلون الناس في كل الدنيا ومن
مختلف الأصناف هم من يواجه إسرائيل اليوم! نظن أن على
حزب الله أن يقدم اعتذاره للوهابية ولآل سعود ولكل الحكام
العرب المرضى لأنه خرق القاعدة وانتصر، وكان عليه أن ينهزم،
هذا هو الواجب الذي بقي عليه، حتى يرضى الوهابيون والحكام
العرب! والأهم حتى يكون المواطن العربي جديراً بالعقل
الوهابي الذكي الذي عرف كل شيء وفهم ما لم يفهمه الآخرون
الأغبياء وهم كل المواطنين العرب. انظر ما علق به أحدهم:
(ولكن مع كل هذه الدلائل ـ على هزيمة حزب الله ـ لازال
العقل العربي في سبات من جميع الجهات!! فهل هو غباء أم
تغييب أم كليهما معا وزيادة؟!).
الوهابية وآل سعود والأنظمة العربية لن يطيب لهم جميعاً
المقام إلا بتحويل نصر حزب الله الى هزيمة، وللأسف فهم
قد حولوا أعظم نصر حققه العرب بعد حرب 1973 الى نصف هزيمة.
فتعساً للوهابية على انتصاراتها (جرائمها).
|