كتاب في (الموالاة) وآخر في (الخروج)
في بداية التسعينيات الميلادية الماضية، صدر كتاب بعنوان:
(الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية) ووضع مؤلفه اسماً
مستعاراً، ثم تبين أن المؤلف هو أبو محمد المقدسي، أستاذ
الزرقاوي، وهو لايزال معتقلاً في الأردن. الكتاب أثار
ضجة حينها، كونه يشرعن الخروج على الحكومة السعودية، باعتبارها
دولة كافرة، وكونه يوضح بالتفصيل خروج آل سعود على أسس
الدعوة الوهابية ومرتكزات الدين وفق رؤيتها. ويبين الكتاب
كفر الدولة، من جهة موالاتها للكفار وأعداء الإسلام، وأنها
جزء من المنظمات الإقليمية والدولية، وأن قوانينها المتعددة
التي تصدرها تخالف كتاب الله وسنّة رسوله، وأن آل سعود
يضطهدون الدعاة السلفيين، وينفذون سياسات الكفار في بلادهم
وبلاد غيرهم من المسلمين.
واعتبر ذلك الكتاب ـ وربما لا يزال ـ المستند الأكثر
تحريضاً على مواجهة النظام السعودي من قبل قاعدته السلفية،
كما أنه أصبح بمثابة (الدليل النظري) للخارجين على الدولة
والداعين لأممية الجهاد وضرورة إسقاط النظام السعودي (الكافر).
وبسبب تلك الشعبية للكتاب قام أحد النشطاء السياسيين بإعادة
طباعته وتحشيته تأكيداً على ذات الفكرة: كفر الدولة السعودية
وواجب الخروج عليها!
بعد نحو 15 عاماً من صدور كتاب الكواشف الذي ينظر لـ
(فقه الخروج) صدر في مقابله عام 2005 كتاب حكومي ينظّر
لـ (فقه الطاعة) وكان الكتاب الجديد يرد على القديم حتى
في طريقة عرض عنوان الكتاب. اسم الكتاب المطنطن! هو: (الحجج
القوية على وجود الدفاع عن الدولة السعودية، حفظها الله
رب البريّة!)، لمؤلفه أبو عمر أسامة بن عطايا بن عثمان
الذي استند الى مقالة للشيخ الوادعي في مقدمة كتابه زاعماً
التالي: (أنا أقول هذا، لم يدفعني اليه أحد، ولم يلزمني
أحد بأن أقوله، بل من نفسي أرى أنه يلزمني براءة لذمتي)!
كل محتويات الكتاب ترد على كتاب الكواشف، وتدعم موقف
الحكومة السعودية ورؤيتها، ولعل عنوان الكتاب يكفي لمعرفة
المحتوى، شأنه في ذلك شأن نظيره الأول. المهم أن كتب الموالاة
وكتب الخروج تكاد تعني فئة مذهبية واحدة هم أتباع المذهب
الوهابي، وهم أقلية في السعودية، وأما وجهات نظر الآخرين
في خارج نجد وبين المذاهب الإسلامية الأخرى في الحجاز
والأحساء وغيرهما فتميل الى تبني ما أسمته الدكتورة مضاوي
الرشيد بفقه المقاومة السلمية.
|