تقرير (مراسلون بلا حدود)
السعودية أشد الدول عداء لحرية الصحافة
سعد الشريف
في تقريرها السنوي حول إنتهاكات حقوق الصحافة في السعودية
لعام 2007، ذكرت منظمة (مراسلون بلا حدود) أن السعودية
ظلّت واحدة من اشد دول العالم عداءً لحرية الصحافة. فقد
تم طرد إثنين من الصحفيين عام 2006 لأنهما تخطّيا الحدود
التي رسمتها السلطات الدينية المحافظة والمتطرفة والمهيمنة.
ويذكر التقرير بأن النظام السعودي يسيطر وبقوة على جميع
الأخبار إضافة الى وجود المراقبة الذاتية، وأن الصحفيين
المغامرين يدفعون الغالي جراء انتقادهم للسلطات أو سياسات
البلدان ( العربية الشقيقة). ويذكر التقرير بأنّ معظم
السعوديين يحصلون على الأخبار والمعلومات من محطات التلفزيون
الأجنبية وشبكة الأنترنت، ولم يسمح لمحطة التلفزيون القطرية
الفضائية (الجزيرة) الممنوعة في السعودية من تغطية أحداث
موسم الحج السنوي في مكة لعام 2006 وللعام الرابع على
التوالي.
قينان الغامدي: المنع من الكتابة
|
وفي أبريل/ نيسان تم طرد الصحفي( فواز تركي) من الصحيفة
اليومية الحكومية (عرب نيوز) بسبب كتاباته حول الجرائم
البشعة التي ارتكبت من قبل الحكومة الأندونوسية (بلد مسلم)
خلال الأعوام 1975 ـ 1999 أبان احتلالها لتيمور الشرقية.
ولقد تم تحذيره سابقاً بسبب انتقاده الرئيس المصري (حسني
مبارك) في الصحيفة.
ويراقب النظام بصورة مباشرة بعض الصحفيين. وفي 30 نوفمبر/تشرين
الثاني (2006) أبلغت وزارة الثقافة والأعلام الصحفي (قينان
عبد الله الغامدي) وبدون تبيان السبب بأنه لا يمكنه الإستمرار
في الكتابة للصحيفة اليومية الحكومية (الوطن). وقد سبق
وأن أجبر على الاستقالة من منصبه كرئيس للتحرير عام 2002
بعد أن نشر خبراً في الصحيفة بأن القوات الأمريكية تستخدم
القواعد العسكرية للبلاد.
وفي 16 فبراير تم إغلاق الصحيفة اليومية (شمس) التي
يملكها أفراد، لمدة شهر وتم طرد رئيس تحريرها بسبب اعادة
نشر الرسوم الكاريكاتيرية التي تسيء إلى النبي محمد والتي
نشرت لأول مرة في إحدى الصحف الدنماركية في سبتمبر/أيلول
2005.
ولا تخفي المملكة العربية السعودية رقابتها لشبكة الإنترنت.
فخلافاً للصين التي يبقى فيها حجب المواقع الإلكترونية
مقنّعاً بمشاكل تقنية، يدرك متصفّحو الإنترنت في السعودية
الصفحات التي تمنعها السلطات بفضل نظام الترشيح. وتتركز
الرقابة على المحتويات الإباحية والمنشورات الإسرائيلية
والمواقع المخصصة للمعارضة السياسية وتلك التي تعالج المثلية
الجنسية. كذلك، تفرض الرقابة على المدوّنات. ففي العام
2005، سعى فارضو الرقابة السعوديون إلى حجب ولوج أهم وسيلة
تدوين في البلاد blogger.com
ولكنهم عدلوا عن قرارهم بعد بضعة أيام ليحجبوا اليوم المدوّنات
التي تزعجهم فقط. وعلى سبيل المثال، في حزيران/يونيو 2006،
أضافوا إلى لائحتهم السوداء مدوّنة (حواء السعودية)
(Saudi Eve) التابعة لشابة تجرؤ
على التحدث عن حياتها العاطفية وانتقاد سياسة الرقابة
التي تعتمدها الحكومة.
وبحسب التصنيف العالمي لحرية الصحافة للعام 2007 الذي
تصدره منظمة (مراسلون بلا حدود) فقد احتلت السعودية المرتبة
148 فيما احتلت الكويت المرتبة 63 والامارات المرتبة 65
وقطر المرتبة 79، حيث أبدت الدول الثلاث الأخيرة قدراً
أكبر من الانفتاح واتخذت، في بعض الأحيان، مبادرات حميدة
لتعديل الإطار القانوني في اتجاه الليبرالية. إلا أن الرقابة
الذاتية لا تزال حاضرةً في صحافة هذه الدول ويذكر التقرير
أن سيطرة لجنة الرقابة على وسائل الإعلام في وزارة الإعلام
لا تزال تحول دون ارتقاء المملكة الوهابية مراتب أعلى
في التصنيف.
من جهة ثانية ذكرت اللجنة الأميركية للحريات الدينية
في تقريرها الأخير في أكتوبر الماضي بأن الحكومة السعودية
تواصل انتهاكها للحريات الدينية وتطالب إدارة بوش بالضغط
على الرياض لاتخاذ خطوات حقيقية في مجال الحريات الدينية.
وقالت اللجنة الأميركية للحريات الدينية بأن السعودية
فشلت في اتخاذ خطوات ملموسة لتشجيع التسامح الديني رغم
ما أكدته ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش من ان المملكة
حققت تقدما على طريق الاصلاح.
وطالبت اللجنة الكونغرس الاميركي باجراء فحص جديد للتقدم
الذي أحرزته السعودية في تطبيق سياسات الحريات الدينية
التي أعلن عنها في يوليو/تموز عام 2006 .
كما طلبت اللجنة التي شكلها الكونغرس عام 1998 لمراقبة
الحريات الدينية من ادارة بوش الضغط على السعودية وهي
حليف وثيق للولايات المتحدة في الشرق الاوسط وأكبر منتج
للنفط في العالم حتى تثبت عدم تورطها في توزيع مطبوعات
تلقى عليها اللائمة في تشجيع التشدد الاسلامي السني في
المعاهد الدينية والمساجد على مستوى العالم.
وجاء في التقرير الذي صدر بعد زيارة قامت بها اللجنة
للسعودية في شهري مايو ويونيو من هذا العام (يبدو أن الحكومة
السعودية حققت تقدماً قليلاً أو لم تحقق أي تقدم على الاطلاق
في جهودها لوقف تصدير العقائد المتطرفة). وجاء في الوثيقة
التي وقعت في 26 صفحة أن ممارسات الحكومة السعودية في
الداخل بها استمرار لانتهاك حقوق الاقلية الشيعية والطوائف
غير المسلمة وحقوق المرأة. وقالت (إستمرت الحكومة السعودية
بإصرار في التقييد الشديد لكل الممارسات الدينية العامة
خلافاً لتفسير الحكومة لنسختها من الإسلام السني).
ولاحظت اللجنة أن الخطوات الوليدة لإقامة مجتمع مدني
لم تتحقق وأن تعهدات الحكومة السعودية بالإصلاح لم تأت
بحماية ملموسة لحقوق الانسان.
ودعا التقرير الى ممارسة ضغوط على المملكة لحل الشرطة
الدينية (المطوعون) التي يقول رجال الدين أنها ضرورية
في الدولة الاسلامية رغم الإنتقادات العنيفة التي وجّهت
لها في أسلوب تطبيقها للشريعة الإسلامية.
وانتقدت اللجنة الولايات المتحدة لفشلها في اخراج العلاقات
الاميركية السعودية من دائرة المخاوف العملية بشأن سياسات
الشرق الاوسط والنفط رغم تعاقب الادارات.
وجاء في التقرير (يرى عدد كبير من المراقبين أنه حتى
الآن لا تريد الولايات المتحدة المخاطرة بالروابط الثنائية
الأمنية والإقتصادية بالضغط لتطبيق الاصلاحات السياسية
واصلاحات حقوق الانسان).
ووصفت الخارجية الاميركية السعودية (كدولة محل قلق
خاص) بموجب القانون الأميركي الدولي للحريات الدينية الصادر
في سبتمبر/أيلول عام 2004 بسبب إنتهاكها المتواصل والفاضح
للحقوق الدينية.
لكن ادارة بوش عادت ومنحت السعودية بعض التنازل وأعلنت
في يوليو/تموز عام 2006 أن المملكة تطبّق عدداً من السياسات
لتشجيع المزيد من الحريات الدينية والتسامح.
وحثّ التقرير بشكل خاص كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية
الاميركية على أن تثير مع السعودية مسألة معهد ديني خارج
واشنطن ربما يشكل إنتهاكا للقانون الأميركي بسبب أدلة
على أن السفارة السعودية في الولايات المتحدة هي التي
تديره.
وقد ذكرت صحيفة (الخليج) في العشرين من أكتوبر الماضي
أن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ تستعد للنظر
في مشروق قرار يطلب من وزيرة الخارجية كونداليزا رايس
بإغلاق الأكاديمية الإسلامية السعودية في واشنطن، إذا
لم توفّر الأكاديمية نسخاً من مناهجها لمراجعتها بواسطة
خبراء. وقال دوايت بشير كبير المحللين باللجنة للصحيفة
أن (اللجنة طلبت من السفير السعودي في يونيو/حزيران الماضي
نسخاً من المواد التي تدرس باللغة العربية (الحديث والتوحيد)
لعرضها على خبراء وحتى الآن لم نتلق أي رد، ولذا فنحن
نطالب بإغلاق الأكاديمية إذا لم تتم إزالة المناهج العدائية
للأديان الأخرى).
وأوضخ بشير أن القرار تم اتخاذه بعد حصولهم على تقارير
مبدئية عن تلك المناهج، وأضاف أن الجهة التي اعتمدت اللجنة
توصياتها جهات تضم خبراء في اللغة العربية وفي الإسلام
ومراكز بحثية أخرى. وعن هوية الخبراء الذين ينوون تكليفهم
بفحص المنهج في حالة استجابة السفير السعودي، الذي يشغل
بحكم منصبه رئيس مجلس الإدارة، أجاب دوايت بشير بأنهم
سيكلفون خبراء مستقلين بالأمر.
وقد نفت الاكاديمية السعودية الاتهامات الموجهة لها
بتعليم التعصب الديني. ونقلت (الخليج) عن مدير الأكاديمية
عبدالرحمن الجفيلي قوله (أعتقد أنهم ذهبوا إلى السعودية
واطلعوا على بعض مواد المناهج هناك، وظنوا أننا نستعملها
في منهاجنا الدراسي هنا، ولكننا نعلم المنهاج الأميركي).
وأوضحت (الخليج) أنها علمت أن اجتماعاً عُقد في مقر
السفارة السعودية لبحث الأمر، والنظر في التقرير الذي
أصدرته لجنة حرية الأديان الدولية المشكلة من الكونغرس
منذ عام 1998، وهو التقرير الذي عبّر عن قلقه العميق من
قيام الأكاديمية بتدريس مناهج دينية عدائية قد تمثل خطراً
على الولايات المتحدة.
جدير بالذكر أن الأكاديمية السعودية تتعرض، تحديداً
منذ أحداث 11 آيلول / سبتمبر، لهجمات ومطالبات بإغلاقها
ووصل الأمر إلى تعرّضها لتهديدات بتفجيرها ببلاغات كاذبة
جرى في أعقابها تأمين مقريها أمنياً.
من جهة ثانية، أكد الرئيس الأميركي جورج بوش أن المملكة
العربية السعودية تتعاون مع الولايات المتحدة في الحرب
على الإرهاب، بالرغم من التصريحات التي أدلى بها مؤخرا
مسؤول أميركي وقال فيها العكس. ففي مذكرة موجهة إلى وزارة
الخارجية ونشرها البيت الأبيض، قال بوش إن (المملكة العربية
السعودية تتعاون مع الجهود التي تبذل لمحاربة الإرهاب
الدولي، وتتيح تقديم مساعدة أميركية لبعض برامج المساعدة).
وتهدف هذه البرامج مثلا إلى تشجيع الديموقراطية أو حقوق
المرأة والتربية، حسب ما أعلنت المتحدثة باسم البيت الابيض
دانا بيرينو.
وتتعارض أقوال بوش مع أقوال مسؤول كبير في وزارة الخزانة
الأميركية. فقد إتهم مساعد وزير الخزانة ستيوارت ليفي
السعودية بعدم ملاحقة الأشخاص الذين يمولون المجموعات
الإرهابية. وقال ليفي قبل عدة أسابيع لمحطة التلفزيون
الأميركية (أي بي سي) إن أياً من ممولي الإرهاب الذين
حددتهم الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة لم يلاحق في
السعودية).
وبحسب ماثيو بركات، فإن مدرسة إسلامية خاصة تدعمها
الحكومة السعودية يجب إغلاقها حتى تتأكد الحكومة الأميركية
من أن المدرسة لا تشجّع الاسلام الراديكالي، بحسب توصية
هيئة فيدرالية.
وفي تقرير أصدرت هيئة أميركية للحريات الدينية الدولية
تم توجيه انتقادات لما وصفوه بانعدام الحرية الدينية في
المجتمع السعودي وتشجيع التطرّف الديني في المدارس السعودية.
وكانت مجموعات دفاعية عدة قد نقلت في السنوات الأخيرة
أمثلة على نصوص ملتهبة في الكتب الدينية الرسمية في السعودية
بما يشمل كتب دينية مدرسية للصف الثالث المتوسط وتنص على
أن لا تقوم الساعة حتى يحارب المسلمون اليهود ويتقتلونهم.
وقال مسؤولون سعوديون بأنهم عملوا في السنوات الأخيرة
على إصلاح الكتب المدرسية والمناهج، ولكن النقّاد يقولون
بأن التقدّم في هذا المجال كان ضئيلاً.
الجدير بالذكر أن ملاحظات اللجنة تستند على عمل وفد
سافر الى السعودي هذا العام. وقد طلبت اللجنة من مسؤولي
السفارة لمراجعة الكتب المدرسية المستعملة في المدارس
السعودية بصورة عامة وفي الأكاديمية السعودية الإسلامية
بصورة محددة ولكنها لم تتلق أي رد.
وانتقد التقرير أيضاً التركيبة الإدارية للمدرسة بالقول
أنها ليست أكثر من فرع للسفارة السعودية، حيث يضطلع السفير
السعودي في الولايات المتحدة بدور رئيس هيئة مدراء المدرسة.
وتثير هذه التركيبة مخاوف حيال ما إذا كانت مخالفة للقانون
الأميركي الذي يقيّد نشاطات السفارات الأجنبية.
منذ حوادث الحادي عشر من سبتمير، تساءل النقّاد عن
طبيعة التعليم الديني في الأكاديمية السعودية. وقد رأت
الأكاديمية الضوء في 2005، وهو نفس العام الذي تم فيه
توجيه الإتهام للطالب المتفوّق أحمد عمر أبو علي، بانضمامه
لتنظيم القاعدة خلال حضوره الكلية في السعودية وتخطيطه
لاغتيال الرئيس بوش. وقد تمت إدانة أبو علي والحكم عليه
من قبل المحكمة الفيدرالية بالسجن ثلاثين عاماً.
|