هيومان رايتس ووتش: يجب منع قاضي محكمة التمييز من
تولي القضية
وزارة العدل تستهدف ضحية الإغتصاب
محمد شمس
في الموضوع المثار حول قضية (فتاة القطيف) والتي أخذت
أبعاداً محلية ودولية واسعة، وسببت في نقد عالمي للحريات
في المملكة ولجهازها القضائي، أصدرت هيومان رايتس ووتش
بيانين حول القضية، أثارت فيهما اعتراضاتها على المحاكمة
غير العادلة، وطالبت الملك عبدالله بضبط الجهاز القضائي
السعودي وتحقيق العدالة بإسقاط الأحكام الصادرة.
ففي بيانها الصادر في 17/11/2007، أشارت المنظمة الى
مضاعفة المحكمة عقابها لضحية الإغتصاب، وأنها ضايقت محامي
الضحية ومنعته من متابعة القضية وصادرت ترخيص مزاولة المهنة
الخاص به. وأشارت الى أن مسؤول بمحكمة القطيف العامة،
التي أنزلت الحكم يوم 14 نوفمبر إن المحكمة قد زادت من
عقوبة المرأة بسبب (محاولتها التهويل والتأثير على القضاء
بواسطة الإعلام). ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش الملك عبد
الله إلى إلغاء الحكم فوراً وإسقاط كل التهم الموجهة لضحية
الاغتصاب وأمر المحكمة بالكف عن مضايقاتها لمحاميها.
وقالت فريدة ضيف الباحثة بقسم حقوق المرأة في هيومن
رايتس ووتش: (هذه امرأة شابة شجاعة تواجه الجلد والسجن
لتحدثها علناً عن جهودها للسعي لتحقيق العدالة)، وتابعت
قائلة: (ولا يقتصر هذا الحكم على إرسال رسالة إلى ضحايا
العنف الجنسي مفادها ألا يلجأن لتوجيه الاتهامات إلى المعتدين
في المحاكم، بل أيضاً يعني توفير الحماية والإفلات من
العقاب لمرتكبي هذه الجرائم).
وكانت الفتاة قد تعرضت لاغتصاب سبعة رجال، وعلى الرغم
من مطالبات الادعاء بتوقيع أقصى العقوبة على المغتصبين؛
فإن محكمة القطيف حكمت على أربعة منهم بالسجن من عام إلى
خمسة أعوام، وعدد جلدات تراوح بين 80 إلى 1000 جلدة، وقد
أدينوا بالاختطاف دون إثبات وقوع الإغتصاب، حيث أن القضاة
تجاهلوا دليل الإثبات الخاص بتسجيل فيديو من جهاز هاتف
خلوي سجل فيه المهاجمون الاعتداء.
وتابع البيان بأن هيومن رايتس ووتش قد التقت بالضحية
الشهر الماضي (ديسمبر) ووصفت الإتهامات والإجراءات القضائية
والمعاملة التي تلقتها في المحاكمة فقالت: (في الجلسة
الأولى قال »القضاة« لي: أي علاقة كانت تربطك بهذا الشخص؟
ولماذا غادرت بيتك؟ وهل تعرفين هؤلاء الرجال؟ وسألوني
أن أصف لهم المشهد. وراحوا يصيحون في وجهي، ووجهوا لي
الإهانات. ورفض القاضي السماح لزوجي بأن يدخل القاعة معي.
وقال لي أحد القضاة إني كاذبة لأنني لا أذكر التاريخ على
وجه التحديد. وراحوا يقولون: لماذا غادرت بيتك؟ لماذا
لم تخبري زوجك »أين كنت ذاهبة«؟).
ورأت فريدة ضيف أن ضحايا العنف الجنسي في السعودية
يواجهون (معوقات كثيرة في النظام القضائي الجنائي) وأن
(التحقيق معهم وجلسات المحكمة قد تعمق من صدمة الاعتداء
الأولية أكثر من احتمال توفيرها للعدالة).
وانتقدت المنظمة الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقراً
لها، القاضي المُهنا، قاضي القطيف، لأنه منع محامي السيدة
وهو عبد الرحمن اللاحم، من دخول المحكمة ومن أي تمثيل
لها في المستقبل، دون سبب واضح. كما صادر بطاقة هوية المحامي
التي تصدرها وزارة العدل. ويواجه اللاحم جلسة تأديبية
في وزارة العدل في 5 ديسمبر/كانون الأول، حيث يمكن أن
تتضمن العقوبات الإيقاف عن العمل لمدة ثلاثة أعوام والايقاف
من مهنة المحاماة. المعروف أن اللاحم محامي سعودي معروف
بتولي قضايا حقوق الإنسان، وكان قد خطط في وقت مبكر من
هذا العام لرفع قضية ضد وزارة العدل لفشلها في توفير نسخة
له من نص الحكم ضد موكلته بحيث يتسنى له إعداد النقض في
الحكم. وعلى الرغم من مثوله في المحكمة والوزارة مرات
كثيرة، فلم يحصل على نسخة من ملف القضية أو من الحكم.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: (يظهر من قرار منع
محامي ضحية اغتصاب من الاطلاع على القضية ضعف احترام السلطات
السعودية لمهنة المحاماة وللقانون بشكل عام).
ورأى بيان المنظمة أنه (لا يوجد حالياً سيادة القانون
في السعودية، التي لا يوجد بها قانون جنائي مكتوب. ولا
يتبع القضاة قواعد إجرائية معينة ويصدرون الأحكام التعسفية
التي تتفاوت إلى حد كبير فيما بينها. وكثيراً ما يتجاهل
القضاة إصدار الأحكام كتابياً، حتى في القضايا التي يُحكم
فيها بالإعدام. وأحياناً ما ينكر القضاة على الأفراد حقهم
في التمثيل من قبل محامي. وفي مايو/أيار 2006 طرد قاضي
في جدة محامياً من قاعته وكان يترافع في قضية مدنية، وهذا
على أساس من انتمائه إلى الطائفة الإسماعيلية. وما زالت
المحاكمات ممنوعة على العامة).
أتبعت هيومن رايتس ووتش بيانها هذا ببيان آخر صدر في
29 نوفمبر الماضي، انتقدت فيه وزارة العدل السعودية وقاضي
المحكمة ورأت ضرورة منع قاضي التمييز لأنه غير محايد.
كما انتقدت تسريب ملف القضية الى موقع سلفي، في حين أن
محامي الضحية لم يستطع الحصول عليه ليدافع عن الضحية.
وجاء في البيان الجديد هذا:
رداً على الاستنكار الدولي للقضية نشرت وزارة العدل
بيانين صحفيين على موقعها الإلكتروني في 20 و24 نوفمبر
2007، زاعمة في البيانين أن ضحية الاغتصاب اعترفت بالتورط
في أعمال مُحرمة وأنها خلعت ثيابها في السيارة قبل الاغتصاب.
وجاء في البيان الثاني أن (السبب الرئيسي في حصول »الاغتصاب«
هي المرأة والشخص المصاحب لها حيث عرضا نفسيهما لهذه الجريمة
النكراء، وتسببا في وقوعها لمخالفتهما أحكام الشرع المطهر).
وأعربت الوزارة عن أسفها لدفاع الإعلام الذي (في غير محله)
عن المرأة. وظهر متحدث باسم وزارة العدل أيضاً على شاشة
التلفزيون يلومها على الهجوم ويلمح بقوة إلى أنها تورطت
في حادث زنا. وقالت الباحثة فريدة ضيف: (كان رد وزارة
العدل على الانتقاد الموجه إليها جراء حُكمها غير العادل
رداً مروعاً، في البداية حاولوا إسكات المرأة، ثم يحاولون
الآن تشويه صورتها أمام الرأي العام السعودي).
وأشار البيان الى أنه في 27 نوفمبر الماضي نشرت صحيفة
عكاظ حواراً مع القاضي إبراهيم بن صالح الخضيري قاضي محكمة
تمييز الرياض، وهي المحكمة التي ستنظر الطعن الذي قالت
المرأة السعودية إنها تعتزم التقدم به. وإنه على ضوء تصريحه
للصحيفة، فيجب ألا يُسمح للقاضي الخضيري بترأس أية مداولات
في القضية. فمثل هذه التصريحات من قبل القضاة بعيداً عن
المحكمة تقوض من حيادهم ومن قدرة الضحية على أن تحظى بجلسات
محاكمة عادلة.
كما أشار البيان الى أنه في 24 نوفمبر نشر أحد المشاركين
بموقع إلكتروني سعودية هو (www.alsaha.com) ما يبدو أنه
أجزاء من الحكم الأولي الصادر في أكتوبر 2006 وهو مكتوب
بأسلوب يشبه كثيراً بيان وزارة العدل في 14 نوفمبر 2007.
ولم تتلق المرأة أو محاميها قط الحكم الأولي أو حُكم 14
نوفمبر، على الرغم من المحاولات المتكررة للحصول عليه.
وكتب المشارك بالموقع الإلكتروني أن أحد القضاة في محكمة
القطيف العامة هو مصدر معلوماته. وقال المحامي اللاحم
إن بيان وزارة العدل، والحكم على ما يبدو، جاءا استناداً
إلى أقوال أدلى بها المغتصبون للتقليل من فداحة قضيتهم.
|