النفي الاجتماعي: إشكالية الردة
سلطان العامر
(فيجب أن يحاكم ليرجع عن ذلك. فإن تابَ ورجع، وإلا
وجب قتله مرتداً عن دين الإسلام، فلا يغسَّل ولا يكفَّن
، ولا يصلى عليه، ولا يرثه المسلمون). بهذه الكلمات ـ
أو لنقل: الرصاصات ـ أجاب به أحد المشايخ من استفتاه حول
رأيه في مقالة كل من يوسف أبا الخيل عن (الآخر في ميزان
الإسلام) وعبد الله بن بجاد عن (اسلام النص واسلام الصراع!).
يمكن إدراج هذه الفتوى تحت ظاهرة اجتماعية ملازمة للمجتمعات
المغلقة، أو المسكونة بهاجس الهوية والمحافظة عليها. ظاهرة
نسميها (النفي الاجتماعي)، تمارسها مؤسسة اجتماعية أو
أحد ممثليها من أصحاب (رأس المال المعنوي) والمدافعين
عن ما يتم تثبيته أنه (الأصل) و(الهوية)، اتجاه أحد أفراد
المجتمع نتيجة سلوكه مسلكا يصادم فيه أو حتى يخالف هوية
هذا المجتمع. وتتعدد مراحل هذا النفي، فقد يكون نفيا أفقيا
يكتفي باستبعاد هذا المنفى أو تجريده من كل قيمة اجتماعية
وخلق حواجز بينه وبين أفراد المجتمع عبر إدراجه تحت بند
(المارقين عليه). وهذا المروق، قد تتعدد أسماءه من نفاق،
وزندقة، وابتداع، وهرطقة، ولبرلة، وعلمنة...إلخ. وينتهي
هذا النوع من النفي إلى عزل هذا المنفي اجتماعيا، تماما
كما كان العرب الأوائل يفعلون مع الإبل (المطلي به القار).
أما النوع الأخطر من هذا النفي فهو النفي العمودي، أي
السعي لإلغاء وجود هذا المنفي في المجتمع، سواء بسجنه
أو إحراق كتبه أو طرده أو ـ وهذا الأشد خطرا ـ تصفيته
جسديا!
عكاظ، 19/3/2008
|