صمم لمن به صمم!
السعودية: نظام غير آبه بالعدالة
محمد شمس
زادت انتهاكات العائلة المالكة لحقوق مواطنيها، وزادت
تعديات الوهابية التي تغوّلت بدعم الدولة أكثر فأكثر..
وعليه كثرت الإعتقالات والتعديات والأحكام القضائية المشبوهة،
وقابلها زيادة في عدد البيانات والتقارير المطولة والدراساتية،
والمناشدات والرسائل الخاصة والبيانات الفورية لعديد من
المنظمات الحقوقية الدولية. ومع الكم الهائل الصادر من
تلك الجهات الحقوقية، تبدو الحكومة السعودية في حالة صمم
تام، واستهتار لقيمة تلك التقارير ومن صدّرها، موحية للمواطنين
بأن العائلة المالكة تحكم قبضتها على البلاد والعباد،
وأنها لا تهتم بأحد كما لا تهتم بغير سلطتها الداخلية.
خلال الشهرين الماضيين تتالت الإنتقادات لانتهاكات
الحكومة السعودية لحقوق مواطنيها، فكان من بينها:
ـ تقرير لميدل إيست ووتش تحت عنوان: (قاصرات الى الأبد/
إنتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن نظام الولاية والفصل
بين الجنسين في المملكة العربية السعودية) صدر في أبريل
2008م، وهو تقرير مطول بحجم 13000 كلمة.
ـ تقرير من نفس المنظمة تحت عنوان: (كبار قبل الأوان/
الأطفال في نظام العدالة الجنائية السعودي) صدر في مارس
الماضي، وجاء في 28000 كلمة، ترصد انتهاكات حقوق الأطفال
السعوديين.
ـ تقرير من نفس المنظمة تحت عنوان: (عدالة غير آمنة/
الإحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة في ظل التصوّر
الذي يعتري نظام العدالة الجنائية السعودي)، وقد صدر في
مارس الماضي أيضاً، ويقع في نحو 45000 كلمة.
ـ تقرير لمنظمة العفو الدولية حمل عنوان: (أحكام الإعدام
وما نفذ من أحكام في 2007) كان حصة السعودية منها كبيراً،
ويتعلّق بعمليات الإعدام في السعودية وحجمها الكبير، والتقرير
مؤرخ في 15 من أبريل الماضي.
ـ أيضاً هناك رسالة من جو ستورك، المدير التنفيذي/
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش،
الى الأمير نايف بن عبدالعزيز مؤرخة في 11/4/2008، تتعلق
بمحتجز تونسي في السجون السعودية، تم سجنه تعسّفاً.
ـ بيان لمنظمة العفو الدولية في 19/3/2008م يطالب الحكومة
السعودية بإطلاق سراح الأخوين عبدالله وعيسى الحامد بعد
أن حكم عليهما بالسجن 4-6 أشهر بتهمة تحريض نساء وزوجات
وأخوات المعتقلين سياسياً على الإعتصام، وهو حكم سياسي
بدأ تنفيذه في 8 مارس الماضي.
ـ وهناك أيضاً بيان لمنظمة العفو حمل عنوان: (شريط
فيديو سري يظهر هول الإعدام بقطع الرأس في السعودية) صادر
في 28/4/2008م.
ـ وهناك جملة من البيانات المتعلّقة بالدكتور محمد
أبو رزيزة الذي حكم عليه المطاوعة بالجلد والسجن في عملية
كيدية مدبرة للإستاذ الجامعي، الذي يزيد عمره على الستين
عاماً، فكان عقابه بحجة (الخلوة) غير الشرعية! وكل جريمته
أنه لا يكنّ ودّاً للوهابية ولهيئة الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر. من بين تلك البيانات، بيان صادر من جنيف عن
المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT) في الثاني من
هذا الشهر (مايو) حمل عنوان: (الإعتقال التعسفي/ العقوبات
الجسدية وسوء المعاملة) شرح فيه قصة الدكتور محمد ابو
رزيزة وتطوراتها القانونية. ليختم البيان بطلب من أعضاء
المنظمة وداعميها السياسيين والحقوقيين الكتابة الى السلطات
السعودية لإلغاء الأحكام. حيث أرسلت آلاف الرسائل الى
السفارة السعودية في جنيف والى السفير هناك، والى الأمير
خالد الفيصل أمير مكة، والى الملك عبدالله.
وفي ذات الإتجاه أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً
عاجلاً في 2/5/2008م، حوت نفس المعلومات عن القضية، وطالبت
أعضاءها بإرسال رسائل الى المسؤولين السعوديين.
وفوق هذا، كتب مسؤول قسم الشرق الأوسط في منظمة العفو
الدولية، وكذلك رئيس المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
رسالتين منفصلتين الى الأمير خالد الفيصل طالبين منه إيقاف
أحكام الجلد والسجن، وكانت رسالتيهما قد بعثتا في يوم
6 مايو الجاري. إضافة الى ذلك، فإن المقرر الخاص لمناهضة
التعذيب في الأمم المتحدة بجنيف أرسل رسالة الى الأمير
خالد الفيصل يوم 7 مايو الجاري تحثّه على إيقاف السجن
والجلد، موضحاً له بأن ذلك مخالف لمواثيق الأمم المتحدة
والتي وقعتها الحكومة السعودية نفسها.
ـ أيضاً ولذات الأسباب التي تعرّض لها الدكتور أبو
رزيزة، فإنه سبق للدكتور خالد الزهراني، المحاضر في الكيمياء
الحيوية، أن اتهم هو الآخر بالخلوة غير الشرعية مع أكاديمية،
والخلوة هي مجرد الجلوس الى جانب سيدة!، وحكم عليه بالسجن
ثمانية أشهر وبالجلد 600 جلدة، في حين حكم على السيدة
بالسجن أربعة اشهر والجلد 350 جلدة. وقد تدخلت منظمة العفو
الدولية ومنظمات أخرى لإلغاء الحكم القراقوشي، وأصدرت
منظمة العفو بياناً عاجلاً بهذا الشأن في 11 أبريل الماضي.
وما نريد قوله هنا، أن الإحتجاجات على الإنتهاكات الحكومية
السعودية كثيرة، وقد تنعكس أحياناً على شكل مقالات وتعليقات
حتى في الصحافة المحليّة، لكن كل ذلك يكاد يكون عديم الأثر،
فقد شرب آل سعود ووهابيتهم حليب السباع، ولكن الى حين
فقط.
|