حول اعتقال الناشط الحقوقي متروك الفالح
نظام مستهتر بشعبه والعالم
يحـي مفـتي
دعت منظمة العفو الدولية في بيان عاجل لها (20/5/2008)
الى ضرورة إطلاق سراح الدكتور متروك الفالح من السجون
السعودية. ففي 19 مايو 2008 قُبض على الدكتور متروك الفالح،
وهو أكاديمي وناشط سعودي في مجال حقوق الإنسان، ووضع بمعزل
عن العالم الخارجي في مقر المباحث العامة، وأصبح عرضة
لخطر التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة. وكان أفراد
من وحدة المباحث العامة التابعة لوزارة الداخلية قد قبضوا
على الدكتور متروك الفالح في الجامعة التي يدرِّس فيها.
وقد أُبلغت عائلته في وقت لاحق من يوم 19 مايو/أيار 2008
بخبر اعتقاله، ولم يُسمح لها بزيارته أو التحدث معه حتى
الآن.
والمعروف أن الدكتور الفالح عمل قبل اعتقاله ممثلاً
قانونياً للأخوين عيسى والدكتور عبد الله الحامد حيث يقضي
الشقيقان أحكاماً بالسجن لمدة ستة أشهر وأربعة أشهر على
التوالي. وقد اتهما بـ (التحريض على الاحتجاج)، بعد دعوتهما
إلى ـ ومشاركتهما في ـ مظاهرة سلمية خارج سجن بريدة، قامت
بها نساء من قريبات المعتقلين السياسيين المحتجزين في
ذلك السجن. وقد طالبت المتظاهرات بتوجيه تهم إلى أقربائهن
المعتقلين وتقديمهم إلى محاكمة عادلة، أو إطلاق سراحهم.
وحتى الآن، لم تكشف السلطات السعودية النقاب عن سبب
القبض على الدكتور الفالح، ولكنه ربما يكون مرتبطاً بنشره
مقالة في 17 مايو/ أيار كتبها عقب زيارته سجن البريدة،
وأشار فيها إلى الدكتور عبد الله وعيسى الحامد، وانتقد
أوضاع السجن التي تتسم بالقسوة والاكتظاظ. وكان الدكتور
متروك الفالح قد قُبض عليه في السابق في مارس/آذار 2004
عقب دعوته إلى الإصلاح السياسي، وحُكم عليه بالسجن 6 سنوات
في مايو/أيار 2005 بتهم منها: (زرع الفتنة وعدم إطاعة
ولي الأمر). وقد أُطلق سراحه بعد إصدار عفو ملكي عنه من
قبل الملك عبد الله في 8 أغسطس/ آب 2005. ولكن لم يُسمح
له بالسفر إلى الخارج منذ إطلاق سراحه.
ويتعرض نشطاء حقوق الإنسان ومنتقدو الدولة إلى انتهاكات
فادحة لحقوقهم على أيدي مختلف قوات الأمن الخاضعة لوزارة
الداخلية. وغالباً ما يُعتقلون بمعزل عن العالم الخارجي
من دون تهمة أو محاكمة، ويُحرمون من الاتصال بمحامين واللجوء
إلى المحاكم للطعن في قانونية اعتقالهم، ويتعرضون للتعذيب.
وتقصِّر المحاكمات كثيراً عن الإيفاء بالمعايير الدولية
للمحاكمات العادلة. وفي العديد من الحالات، لا يتم إبلاغهم
ولا إبلاغ عائلاتهم بسير الإجراءات القانونية ضدهم. وغالباً
ما تُعقد جلسات المحاكم خلف أبواب موصدة. وتحتجز السلطات
السعودية المعتقلين بمعزل عن العالم الخارجي بصورة منتظمة،
حيث يكونون خلال هذه الفترة عرضة للتعذيب وإساءة المعاملة.
ويُحتجز منتقدو الدولة، بشكل اعتيادي، إلى أجل غير مسمى
من دون تهمة أو محاكمة.
وعبرت العفو الدولية عن قلقها من احتجاز الدكتور متروك
الفالح غير القانوني؛ وطالبت السلطات بتقديم ضمانات تكفل
حمايته من التعذيب وإساءة المعاملة؛ كما طالبت أجهزة الأمن
بالسماح لعائلته بزيارته بانتظام، والسماح له بالاتصال
بمحاميه وبالحصول على العناية الطبية التي قد يحتاجها؛
وأخيراً دعت المنظمة الى إلى إطلاق سراح الدكتور الفالح
فوراً وبلا قيد أو شرط.
النشاطون الحقوقيون مهددون بالخطر في السعودية
من جهة أخرى، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان
لها في 21 مايو الماضي بأن على وزارة الداخلية السعودية
الإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور الفالح، الذي
وصفته بأنه أحد القيادات الناشطة في مجال حقوق الإنسان.
وقالت بأن الفالح اعتقل من الجامعة بعد يومين من انتقاده
علناً أوضاع أحد السجون التي يمضي فيها اثنان آخران من
ناشطي حقوق الإنسان أحكاماً بالسجن.
وقال المسؤول في هيومن رايتس ووتش جو ستورك: (يؤكد
اعتقال السلطات السعودية للدكتور متروك الفالح على أن
الدفاع عن حقوق الإنسان في هذا البلد ما زال عملاً محفوفاً
بالمخاطر). وأضاف: (السعودية لا تجني عبر قمع المعارضة
السلمية إلا المزيد من السمعة السيئة).
وقالت زوجة متروك الفالح؛ جميلة العقلاء، إنها وجدت
سيارة زوجها في موقف سيارات الجامعة، وأنها حين اتصلت
بهاتفه الخلوي لم يرد عليه أحد رغم أنه كان يرن. ووصل
الى علم المنظمة بأن عائلة الفالح تلقت حوالي منتصف الليل
تأكيداً بأن الشرطة السرية قد قامت باعتقاله. وأضافت المنظمة
الحقوقية بأن وزارة الداخلية السعودية لم ترد على الاستفسارات
التي قدمتها حول الدكتور متروك الفالح في 19 و20 مايو/أيار،
فيما لم تتلق عائلة الفالح أية توضيحات حول أسباب احتجازه
أو فيما إذا وجهت له تهم بارتكابه أية جريمة.
كان الدكتور الفالح، وقبل يومين من اعتقاله، أي في
17 مايو/أيار قد أرسل عبر البريد الإلكتروني بياناناً
وصف فيه إجراءات الزيارة المتشددة في سجن بريدة العام
حيث يعتقل الأخوين الحامد، وشبّه مكان الزيارة بـ (حظيرة
الدجاج)، وذكر في بيانه أن الأخوين الحامد وصفا السجن
بأنه مكتظ، وقذر ويخلو من أشكال الرعاية الصحية، حيث أصيب
عبدالله الحامد بالتهاب في الأذن أدى إلى نزيف، إلا أنه
ظل بدون علاج بسبب عدم وجود طبيب.
وقالت هيومن رايتس ووتش أنها حصلت على معلومات مستقلة
عن الظروف غير الصحية والازدحام وتدني مستوى الخدمات الصحية
في السجون السعودية والتي تسهم في وفاة السجناء خاصة في
سجن بريمان في جدة، إلا أن إدارة السجن لم تبذل أي جهد
ملحوظ منذ أن أثارت هيومن رايتس ووتش القضية في مايو/أيار
2007. وقال جو ستورك: (من المشين أن تقوم وزارة الداخلية
السعودية باعتقال الدكتور الفالح بهذا الشكل التعسفي بدلاً
من أن تتصدى لمعالجة الظروف غير الإنسانية التي قام بتوثيقها).
ودعت المنظمة هيئة حقوق الإنسان الحكومية والجمعية الوطنية
لحقوق الإنسان غير الحكومية بأن تطالبا وبقوة الإفراج
عن الفالح ووضع حد للمضايقات التي تتم بحق ناشطي حقوق
الإنسان.
ولفتت المنظمة الى أن الرئيس الأميركي وبعد يومين من
زيارته للرياض والتي جرت في 16 مايو الماضي، قد دعا في
شرم الشيخ القادة العرب الى (الإفراج عن سجناء الرأي في
بلدانهم). كما ذكرت بأنه جرى انتخاب السعودية في مايو/أيار
2006 لعضوية مجلس حقوق الإنسان في هيئة الأمم المتحدة
لدورة مدتها ثلاث سنوات وذلك بعد تعهدها بـ (الالتزام
الكامل بالدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها) بما
في ذلك (اتباع سياسة تعاون فعالة مع منظمات حقوق الإنسان
الدولية). ولكنها لم تلتزم بتلك التعهدات.
ردود الفعل
أصدرت شخصيات حقوقية وإصلاحية بيانات إدانة للحكومة
السعودية لاعتقالها الدكتور متروك الفالح، من بينها الإصلاحي
محمد سعيد طيب، وخالد العمير، والدكتور عبدالكريم خضر،
والناقد الدكتور عبد الله الغذامي، والأستاذ الصويان وغيرهم.
كما صدر بيان وقع عليه نحو 140 مواطناً من مختلف المناطق
شمل مثقفين وناشطين حقوقيين وسياسيين وإعلاميين، كان عبارة
عن رسالة وجهت الى الملك عبدالله تطالبه التدخل وإطلاق
سراح المعتقلين الدستوريين والحقوقيين. زد على ذلك أصدرت
منظمات المجتمع المدني في العالم العربي، كما في العالم،
بيانات منفردة وجماعية تدين ما قامت به وزارة الداخلية،
التي تبدو وكأنها غير آبهة بالإعتراضات، طالما أن اموال
النفط قادرة على شراء الدول الغربية ومن ثمّ تعطيل الضغوط
السياسية عليها من مؤسسات المجتمع المدني في العالم بما
فيها مؤسسات الأمم المتحدة نفسها.
داخلياً، تم توجيه نداء الى الملك عبدالله، في 2/6/2008
جاء فيه: (في الوقت الذي كان الموقعون على هذا البيان
ينتظرون فيه الشروع العملي في خطوات إصلاحية ملموسة وواضحة
المعالم مثل البدء في انتخاب مجلس الشورى، وتفعيل دور
المجلس الاقتصادي، وإقرار نظام مؤسسات المجتمع المدني،
ليتمتع المواطنون بحقوقهم في التعبير بحرية عن آرائهم
في تطوير بلادنا وخاصة ما يتعلق منها بسيادة القانون وحفظ
المال العام، واحترام حقوق الإنسان وكرامته، إلا أنهم
فوجئوا يوم الأثنين 19/5/2008م باعتقال الدكتور متروك
الفالح).
ورأى الموقعون ان اعتقال الفالح يعتبر انتهاكاً لحقوق
الإنسان التي أقرتها الشريعة الإسلامية، ومنظمات حقوق
الإنسان المحلية والدولية، و نظام الإجراءات الجزائية
الصادر بمرسوم ملكي، وأن طريقة الإعتقال المقترنة بالمعاملة
غير اللائقة أدت الى اضراب الفالح عن الطعام وهو ما يعرض
حياته للخطر. وناشد الموقعون الملك أن يأمر بإطلاق سراحه،
أو إحالته إلى محكمة علنية عادلة، وتمكينه من توكيل محامين
يحضرون معه جلسات التحقيق والترافع أمام القضاء.
من بين من وقع على النداء من الشخصيات المهمة: الأديب
الشيخ/ عبد الكريم الجيهمان، د. سناء عبد الله العماج/
عضو جمعية حقوق الإنسان الوطنية، د.عبد العزيز محمد الدخيل/
مستشار إقتصادي، د. معجب الزهرانى/ أكاديمي، د. عبد العزيز
حسين الصويغ/ كاتب وأكاديمي، الأديب والمفكر محمد العلي،
الناشط جعفر الشايب، الناشط الحقوقي علي الدميني، الكاتب
والصحافي يعقوب محمد إسحاق، عبد الله فراج الشريف، الأكاديمي
د. عبد المحسن هلال، الشاعر عبدالمحسن حليت، الدكتور سعود
عرابي سجيني، الناشط نجيب الخنيزي، الكاتب د. يوسف مكي،
الباحث د. عوض بادي، د. محمد بن فهد القحطاني، د. فوزية
بوخالد، وجيهة الحويدر، د. صادق الجبران، وغيرهم.
من جهة ثانية أصدرت منظمات حقوقية عربية عديدة بيانات
منفصلة وبياناً تنديدياً جامعاً بالإعتقال، وقع عليه:
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، برنامج العدالة والحرية
لحقوق الإنسان، جماعة تنمية الديمقراطية ـ مصر، جمعية
الدفاع عن الحقوق والحريات (عدل) ـ لبنان، الجمعية المصرية
للنهوض بالمشاركة المجتمعية، جمعية حقوق الإنسان أولا
بالسعودية، دار الخدمات النقابية والعمالية، الرابطة التونسية
للدفاع عن حقوق الإنسان، الشبكة العربية لمعلومات حقوق
الإنسان، لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان
في سوريا، لجنة احترام الحريات وحقوق الانسان في تونس،
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مجموعة المساعدة القانونية
لحقوق الإنسان، مركز الأرض لحقوق الانسان، مركز البحرين
لحقوق الإنسان، المركز العربي لاستقلال القضاء – مصر،
المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، المركز المصري لحقوق
المرأة، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، مركز أندلس لدراسات
التسامح ومناهضة العنف، مركز دراسات التنمية البديلة،
مؤسسة المرأة الجديدة، مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان،
مركز شعاع، مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية، منظمة
السودان للتنمية الاجتماعية، المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
وقع كل هؤلاء على بيان في 11/6/2008، قالوا فيه: (تدعو
المنظمات الحقوقية العربية ومؤسسات المجتمع المدني الموقعة
على هذا البيان، السلطات السعودية لوضع حد نهائي للمارسات
التعسفية، التي تستهدف النشطاء السعوديين المتطلعين للإصلاح
الديمقراطي في المملكة. وتطالب المنظمات العربية السلطات
السعودية باتخاذ التدابير اللازمة للإفراج الفوري، غير
المشروط، عن الدكتور/متروك الفالح الناشط السعودى البارز
فى مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، والمعروف بانخراطه فى
أبرز الفعاليات المطالبة بالإصلاح الدستوري فى المملكة
السعودية).
ورأى الموقعون: (إن الإجراءات التي طالت متروك الفالح
وزميليه عبدالله الحامد وعيسى الحامد، مؤشر إضافي على
المكانة بالغة التدني لحقوق الإنسان، فى بلد لا يقيم اعتباراً
لحرية التعبير، ولحق المواطنين فى الشكوى، أو الاحتجاج
أو التجمع السلمي، وتنتهك فيه على نطاق واسع إجراءات التقاضي
ومعايير المحاكمة العادلة. وتشدد المنظمات الموقعة على
هذا البيان على ضرورة تضافر جهود الحركة العالمية لحقوق
الإنسان، من أجل الإفراج الفوري عن متروك الفالح وعبدالله
الحامد وعيسى الحامد، ووضع نهاية لإجراءات التنكيل بالمدافعين
عن حقوق الإنسان ودعاة الإصلاح فى المملكة).
وأخيراً طالب الموقعون من مجلس حقوق الإنسان بالأمم
المتحدة اتخاذ التدابير المناسبة ضد السعودية التي هي
عضو فيه، ولم تلتزم بما وقعت عليه من مواثيق وعهود حين
انتخبت عضواً، ورأوا أن ما تقوم به السعودية يمثل استخفافاً
بتلك التعهدات التي قدمتها الحكومة السعودية.
وقبل هذا البيان صدر في 3/6/2008 بيان آخر هو عبارة
عن رسالة الى الملك عبدالله وقعتها مؤسسات حقوقية لها
وزنها، مطالبة إياه بإطلاق المعتقلين السياسيين والحقوقيين،
ووضعت اسم الدكتور سعود الهاشمي الى جانب الأخوين الحامد
والدكتور الفالح. وقع البيان كل من: اللجنة العربية لحقوق
الإنسان، الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، المركز العربي
لاستقلال القضاء والمحاماة، جمعية (المدافعون عن حقوق
الإنسان في العالم العربي)، الملتقى الثقافي العربي الأوربي،
منظمة صوت حر لحقوق الإنسان، جمعية الكرامة للدفاع عن
حقوق الإنسان، منظمة العدالة الدولية، موقع صدى للحقوق
والحريات، المرصد الفرنسي لحقوق الإنسان، مركز دمشق للدراسات
النظرية والحقوق المدنية، مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان،
المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان (سورية).
|