بؤس الإمبراطورية الإعلامية السعودية
مفاعل بلا يورانيوم!
فريد أيهم
يصف أحد العاملين في الإمبراطورية الإعلامية السعودية
بأنها مفاعل نووي ضخم ولكن بدون يورانيوم، فهو غير قادر
على تخصيب المواقف السعودية أو التهديد باستعمالها للأغراض
السلمية وغير السلمية. لم تحقق هذه الإمبراطورية إختراقاً
لافتاً في مجال صناعة رأي عام متوافق مع سياساتها، فيما
يواصل تنظيم عسكري مثل حزب الله صعوده الشعبي والإعلامي
بفعل إنجازاته الميدانية والسياسية التي عطّلت مفعولات
الإعلام السعودي الذي بدا مثيراً للشفقة وهو يغطي عملية
التبادل بين حزب الله والدولة العبرية، في محاولة للتخفيف
من وطأة الإنكسارات المخيبّة للآمال التي تتعرّض لها السعودية
في الثلاث شهور الأخيرة.
العوا: لمن تعمل الشرق الأوسط؟
|
في السادس عشر من يوليو الماضي، كان الإعلام السعودي
على موعد مع تحدٍ جدي، وضعه أمام: المهنية والعمل الإحترافي
المندّك في صميم صدقية ومصداقية الإعلام، والموقف السياسي
والأيديولوجي، الذي تعتنقه الدولة المموّلة له. وفيما
كانت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج تتابع منذ الساعات
الأولى من صباح السادس عشر من يوليو تفاصيل عملية تبادل
الأسرى بين حزب الله والدولة العبرية، وترقب باهتمام بالغ
منجزاً غير مسبوق يحقّقه بكفاءة عالية تنظيم صغير الحجم
ويفرض شروطه التي تمسّك بها منذ عملية أسر الجنديين في
الثاني عشر من يوليو 2006، كان الإعلام السعودي مشغولاً
في التفتيش عن سلبيات العملية بهدف الحط من شأن المقاومة
اللبنانية.
المراقب لطريقة تعاطي قناة (العربية) السعودية تمويلاً
وإدارة وسياسة، يجد بوضوح أن ثمة قصداً عن سابق تصميم
بتخفيض الحدث، فقد جاء خبر التبادل في المرتبة الثانية،
ثم اختفى بصورة كاملة من حصيلة الأسبوع، فيما كان الطاقم
الأخباري في القناة يتسقّط كل ما يحصل عليه من روايات
وإن كانت مفبركة كيما يضيء عليها، أو يسهب في شرح أبعادها.
وبلغ بؤس الإعلام السعودي في تغطية عملية التبادل بين
حزب الله واسرائيل أنه صنع ما يشبه (سبق صحافي وهمي) حين
استعجل بث أخبار قبل ساعات من عملية التبادل من قبيل أن
رفات المناضلة دلال المغربي لن تكون واردة في عملية التبادل،
ثم تراجعت عن ذلك بقليل ليكون الخبر على نحو موارب بأن
رفات المغربي لن يكون في المرحلة الأولى لعملية التبادل.
صحيفة (الشرق الأوسط)، الوجه الآخر لقناة (العربية)
نسجت على المنوال نفسه، فانبرت لنقل (سوابق صحافية)، ودائماً
نقلاً عن مصادر إسرائيلية، من بينها ما ذكرته الصحيفة
في 15 يوليو الماضي بأن (إسرائيل إشترطت نقل الأسرى المحررين
إلى مطار بيروت وذلك للحؤول دون احتفال حزب الله على حدودها
مع لبنان)، ونقلت الصحيفة عن المصادر الإسرائيلية بأنه
تقرر نقل الأسرى بطائرة مروحية تابعة للجيش اللبناني من
مقر الأمم المتحدة في رأس الناقورة الى مطار بيروت الدولي.
واختارت الصحيفة السعودية تصريحات ذات دلالات إسرائيلية
محض حين نقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله: (على العالم أن
يشاهد كيف يسود الحزن إسرائيل وهي تتسلم أبناءها الجنود،
وكيف يحتفي حزب الله بالإرهابي سمير قنطار، الذي كان قد
خطف طفلة يهودية عمرها أربع سنوات وقتلها بيديه بضرب رأسها
بكعب المسدس، ويجعل من حريته انتصارا للإرهاب).
هكذا إذاً الطريقة التي عبّر فيها الإعلام السعودي
عن موقفه من عملية التبادل، فيما كان الجمهور العربي يبتهج
لمنجز سياسي كبير بعودة الأسرى اللبنانيين وجثامين المناضلين
والشهداء من الوطن العربي. إختار الإعلام السعودي مواصلة
المواجهة مع عواطف الجمهور العربي، وإرث المناضلين وكرامات
العوائل، كل ذلك كيما يصفّي حسابات خاصة، الأمر الذي أثار
استهجان المفكر الإسلامي المصري محمد سليم العوا حين تساءل
في تعليق على مقالات وأخبار صحيفة (الشرق الأوسط) حول
صفقة التبادل بين حزب الله والدولة العبرية، وفبركة الصحيفة
لأرقام غير صحيحة : لمن تعمل هذه الصحيفة؟
ما غاب عن صانعي السياسة الإعلامية السعودية في هذه
المرحلة بالتحديد أن المناخ العاطفي في العالم العربي
لم يعد يحتمل خطاباً سعودياً ينضح بالكراهية لكل ما يمسّ
كرامة العرب وممانعتهم، وبلغ مقت الغالبية العظمى من الجمهور
العربي والإسلامي للسعودية أن صاروا يضعوها في خانة واحدة
جنباً إلى جنب الدولة العبرية. وإن الحملة الإعلامية التي
تشنّها إسرائيل ضد حزب الله ومشروع المقاومة بصورة عامة،
تندرج في سياق تنسيق إسرائيلي سعودي، وهذا ما تكشف عنه
وسائل الإعلام السعودية بصورة واضحة.
المثير للغرابة أن نبأ الحملة الإعلامية الدولية التي
أطلقتها الدولة العبرية في السابع عشر من يوليو الماضي
ضد حزب الله وإظهاره بوصفه منظمة (إرهابية) أخذ بعداً
متميّزاً في الإعلام السعودي، ويلتقي أيضاً مع حملة إعلامية
سعودية ضد حزب الله منذ حرب يوليو 2006، ولم تتوقف حتى
الآن، حين تقرر إحياء الخطاب الطائفي بالتركيز على الهوية
المذهبية للمقاومة اللبنانية، والتي يتكرر استعمالها في
الإعلام السعودي من قبيل عبارات (حزب الله الشيعي) و(الحركة
الشيعية اللبنانية)، كل ذلك من أجل فصل الجمهور العربي
والإسلامي العام عن المقاومة اللبنانية، بل والتحريض عليها
من خلال تضخيم بعض الأخطاء أو فبركتها، وهي ذات السياسة
التي اعتمدتها إسرائيل في الحملة ضد حزب الله عشية عملية
التبادل، حين قامت ببث فيديو على موقع (يوتيوب) تشرح فيه
الخارجية الإسرائيلية ملابسات صفقة التبادل، وتستنكر إطلاق
سمير القنطار وتطلق التهديدات ضد حزب الله، وتحرّض عليه
من خلال رسائل صوتية إلى آلاف الهواتف النقّالة في جنوب
لبنان وبيروت.
القنطار: إرهابي في الإعلام السعودي والصهيوني
|
وكما (العربية) و(الشرق الأوسط)، فإن الإعلام الإسرائيلي
يشدّد على الدعم الإيراني لحزب الله، وعلى الهوية المذهبية
له، ولا ينسى أن يدمغ تصريحات المسؤولين بالدمغة الإرهابية،
كيما تكون صالحة للإستعمال الدعائي الغربي. لا يتوقف الإعلام
السعودي عند حد نقل الخبر، بل يمارس فعلاً دعائياً إيجابياً
لصالح الدولة العبرية حين يسهب في نقل خبر منقول عن مصدر
إسرائيلي ما نصه: (وفّرت الأجهزة الإعلامية التابعة لرئيس
الوزراء أيهود أولمرت ووزارة الخارجية الاسرائيلية والوكالة
اليهودية ـ منظمة شبه حكومية للهجرة الى إسرائيل ـ لوسائل
الإعلام العالمية أفلاما ووثائق تشدد على قيم الدولة العبرية
الأخلاقية).
وحتى لا يقال عن هذا الإعلام بأنه فاقد للمصداقية والمهنية،
فإنه يورد أخباراً مقتضبة عن الاحتفالات في لبنان ويختصرها
الإعلام السعودي في (الضاحية الجنوبية) بدلالات غير مغفولة،
وليعقب على ذلك بالقول: (حيث ألقى الأمين العام لحزب الله
حسن نصرالله كلمة). أما الجانب الإسرائيلي فتفرد له صحيفة
(الشرق الأوسط) مساحة لافتة مخصصّة لتصريحات أختيرت بعناية
(وفي تصريحات أدلى بها في حيفا أمام دفعة من ضباط البحرية،
ونقلتها وسائل الإعلام، قال وزير الدفاع الاسرائيلي إيهود
باراك إن: حزب الله عدو شرس وصلف وحقير يعتبر الحياة البشرية
مجرد وسيلة للتبادل).
ولا يخفى أن تأييد موقف سياسي ما يستدعي تسليط الضوء
عليه، والجحود بموقف آخر يتطلب تهميشه وتخفيضه، وهو ما
يقوم به الإعلام السعودي بأمانة عالية، حين يسدل ستاراً
من الغموض على منجزات المقاومة، فيما تنقل بدقة مشفوعة
بطعم الدعاية الإيجابية والدعم المبطّن تصريحات المسؤولين
الإسرائيليين.
رغم ذلك، فإن ردود الفعل الشعبية على الحملات الإسرائيلية
ـ السعودية ضد حزب الله تأتي على الدوام خاسرة منكسرة.
في تعليقات القراء على خبر الحملة الإعلامية الإسرائيلية
على حزب الله، والذي نشره موقع (العربية) على شبكة الإنترنت
في السابع عشر من يوليو الماضي، كانت النتيجة مخيّبة لأصحاب
الحملة، حيّث عبّرت الغالبية العظمى من قرّاء الخبر عن
تأييدهم للمقاومة اللبنانية، وإدانة للإرهاب الإسرائيلي.
مقتطفات من التعليقات تكشف عن تمسّك الجمهور بخيار
المقاومة:
ـ لا يلقى بالحجارة إلا الشجرة المثمرة.
ـ هل يمكن لإسرائيل أن تقول لنا كم طفلاً عربياً قتلت؟
ـ وقتلهم اطفالنا هو ليس بجريمة ومحمد الدرة خير شاهد..
أين هو المجرم الحقير؟ واين هو المناضل الشريف؟
ـ حزب الله وباختصار أعاد هيبة الاسلام والعرب وقلب
نظرة الجبناء أن دولة الصهاينة لا تهزم.
ـ أعلن مصدر رسمي أن إسرائيل أطلقت الخميس 17-7-2008
حملة إعلامية دولية للتشديد على ما أسمته الطابع (الإرهابي)
لحزب الله اللبناني، غداة عملية تبادل الأسرى والرفات
مع الحركة الشيعية اللبنانية.. والعربية هي أول القنوات
المتبرعة لإحياء هذه الحملة.. باركوا لها.
ـ شكرا للمقاومة وشكرا للسيد حسن نصر الله، لقد أثبت
أن وعده باسترجاع سمير القنطار لم يكن مجرد خطابات، وأثبت
أن المقاومة هي الخيار الوحيد الذي يحرر الأراضي العربية،
فشكراً يا سيّد المقاومة والى الامام.
ـ الأغبى من يغمض عينه عن الحقيقة ولا يرى إلا بمنظار
متطرف أخرق.
ـ الصهاينة يستحقّون أكثر من ذلك، الله لا يردهم، اذا
سمير القنطار قاتل فماذا يكون المجرم شارون وأولمرت وغيرهما؟
أنا أجزم بأن إسرائيل كيان إجرامي يجب إبادته والإنتهاء
منه.. إسرائيل هي كالورم يجب استئصاله لكي يعيش الإنسان.
ـ وينكم يا عرب ولكم شوفو شو عمل حزب الله، خليكم نايمين
وآخرتكم رح تصحوا وتلاقو حالكم متل فلسطين تحت الإحتلال،
وبتشوفو كيف اسرائيل رح تاكلكم متل ما اكلت غيركم بس حزب
الله تغدى فيها قبل ما يتعشوا فيه.. يحيا حزب الله وتموت
اسرائيل. والله رح تنهدو يا اسرائيل ما اتعبو حالكم انتو
فاشلين ورح تفشلو كمان وكمان.
ـ نعم واضح جداً جداً أن إسرائيل تريد ألاّ تدع الفرصة
تضيع هباءً فقد سخّرت العشرات للكتابة هنا بأسماء عربية
والأدلة واضحة، ليس من عربي يقول كيف قتل فتاة عمرها 3
سنوات لانه العربي يعلم أن اسرائيل قتلت مئات الآلاف مثل
الدرة وغيره، ولا ينسى العرب ما فعله اليهود فى صبرا وشاتيلا
وقانا وغيرها.
ابتهاج بالنصر في بيروت وحزن في اسرائيل و...
الرياض!
|
ـ دائما السيد يعد ويفي بوعده. سر يا سيدنا ونحن من
ورائك واثقين بك إلى نهاية الدرب (بزوال إسرائيل) إن شاء
الله تعالى. سر بالقافلة ودع الكلاب تنبح، فما يضر السحاب
نباح الكلاب.
ـ أنت الوحيد يا سيد حسن الذي أبكيت اسرائيل ومناصري
اسرائيل، ومع الأسف في الأمس شاهدنا الحزن واضح على قناة
(العربية) والتي اكتشف أنها صهيونية، بحيث حتى عندما ذكروا
خبر إطلاق سراح الأسرى ذكروه بحزن، وليس بفخر وفرح وحسبنا
الله ونعم الوكيل يا قناة (العربية).
ـ لنفترض أن القنطار قتل طفلة إسرائيلية، كم مجزرة
أطفال قامت بها وآخر مجازرها في غزة ولبنان وخصوصا في
قانا؟
ـ إنتصر حزب الله بقيادة السيد حسن نصر الله، ومن نصر
إلى نصر إن شاء الله حتى تحرير كامل الاراضي العربية المحتلة.
ـ يا أيها العالم أنظر بعينيك، يا أيها العالم إسمع
بأذنيك، يا أيها العالم لا ترضى بالظلم فالحقيقة أمام
ناظريك. أنا فتحت الرابط على اليوتيوب فلم أجد أكذب وأحقر
من هذا الشعب المغتصب المجرم الجبان الكاذب. إنهم يزوّرون
الحقائق ويتلاعبون بالتاريخ، وكل ذلك ببساطة لأننا جبناء
ناقصو عقل. أين شبابنا الذين يفوقونهم ذكاء ومعرفة من
نشر جرائمهم وعمل تقارير مفصّلة عن مذابحهم بالصوت والصورة
يا أحرار العرب.. أيها العرب أرجوكم دعونا نواجههم إعلاميا
من نفس الموقع الذي يستخدمه ملايين البشر لمعرفة الحقائق
من نفس موقع يوتيوب الذي نشروا عليه أكاذيبهم. إذا كان
سمير قنطار قتل طفلة واحدة، فهم قتلو آلاف الأطفال الفلسطينيين
وبإمكانكم أن تجمعو الصور وتردّوا عليهم، ومن السهل الوصول
اليها بينما هم لايمتلكون أي صورة عما يدّعونه.. إصحوا
يا بشر أفيقوا فالمعركة لا تتم بالقتل والذبح، إنها الآن
معركة إعلامية يفوز بها من كان أذكى ونحن لا ينقصنا الذكاء،
لكن ينقصنا فقط أن نخرج من عقلية الجبناء.
ـ بتحكوا عن أطفالكم، ليش أطفالنا شو؟ طفلة عندكن مقابل
مئات الأطفال عنّا، تناسيتو عند الحرب لمّا جبتوا أطفال
اسرائيل ليكتبوا على الصواريخ (إلى اطفال لبنان). روحوا
إنتو المجرمين، إنتو المجرمين، ان شاء الله منضلنا منتصرين
عليكن.. ان شاء الله ولا اسرائيلي بضلّ عايش أرفتونا...
الله يقويك يا سيد المقاومة وضّلك رافعلنا راسنا.
ـ كم من طفل عربي بريء قتلوا بطرق بربرية على يد ماما
اسرائيل؟
ـ مبروك لكل عربي شريف هذا الا نجاز والله يحمي اليد..
ـ اذا كان حزب الله الذي ينطلق من مبدأ المقاومة إرهابياً
كما ادّعت جهات إسرائيلية، فماذا نقول عن اسرائيل التي
تقوم بقتل المئات من الفلسطينيين، وتحاصر ما يزيد عن المليون
ونصف فلسطيني بغزة.
ـ أنا متحيّر من اليهود، يقيمون حفله إعلاميه من أجل
تشويه سمير القنطار والذى قتل طفله فى السبعينات، بينما
هم لم تجف أيديهم من دماء أطفال فلسطين ولبنان. تذكروا
مدرسه بحر البقر الإبتدائيه فى مصر. يجب أن تحاكموا جميعاً
وأن تقضوا عمراً فوق عمركم خلف القضبان يا قتلة. أأنتم
من تعلمون العرب القتل وأنتم من تدفعونهم للإنتقام منكم
نتيجة ظلمكم. نحن مؤمنون أن مصيركم الى زوال حتى ولو طال
الزمن.
ـ لا يسعني إلا أن أقول حماك الله يا نصر العرب يا
نصر الله، سر ونحن على دربك يا سماحة السيد، وألف ألف
مبروك مرة أخرى على انتصارك على الخونه قبل إسرائيل.
ـ إن انتصار حزب الله وإسقاط الأسطورة التي لا تقهر
هو انتصار الى الأمة الإسلامية كلها وفخر لنا جميعاً وأنستنا
أيام هزائم الأيام الستة التي احتلت فيها إسرائيل أرضنا
وجاء يوم الإنتصار، يوم تحرير الجنوب بقوة السلاح وتحرير
الأسرى، ويجب علينا أيها المسلمون أن نتّحد ونسحق جرثومة
الفساد إسرائيل من أرضنا.
ـ شارون ـ موفاز ـ بيجن ـ بن اليعازر.. كلها اسماء
قتلت من الفلسطنيين الآلاف رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً
بلا استثناء.
|