..احتفلوا بالمولد، إلا في (قرن الشيطان)!
احتفل المسلمون في كل أصقاع الأرض، وبشتّى مذاهبهم
ورؤاهم بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
كثير من الدول الإسلامية إن لم يكن معظمها، وبينها
دول خليجية، اعتبرته يوم عطلة.
مكان واحد، وفئة واحدة، شذّت عن باقي المسلمين.
إنها (الوهابية) التي تعتبر كل من احتفل بالمولد النبوي
مشركاً، وربما كافراً أيضاً.
هو بالقطع بدعي، عابد للقبور، بنظر مشايخها.
وهو بالقطع ليس صحيح الإسلام، فالإسلام الصافي لا يوجد
إلا في (نجد) التي أطلق عليها رسول الله صفة (قرن الشيطان)
التي لا تبارحها الفتن، فهي مصدرها وهي مآلها.
غريب أن يفرح كل المسلمين بالمولد النبوي الشريف، ويحتفى
بسيرته العطرة في كل الأرض، في حين يحظر كل ذلك في مكان
ولادته ونشأته والأرض الطاهرة التي فيها ترعرع ومنها انطلقت
رسالة الإسلام.
المسلمون كلّهم لم يفهموا كنه التوحيد إلا مشايخ الوهابية.
والمسلمون كلّهم مخطئون إلاّهم!
والمسلمون الذين يستقون من سيرة النبي نبراساً يضيء
لهم عتمات الطريق، ومفترقات المذاهب، يصبح حراماً الاحتفال
بمولده الشريف بنظر الوهابية. حتى أن بعض مشايخهم وبالعلن
كتبوا: مولد النبي مثل وفاته، فلماذا لا يحتفل بوفاته؟!
النبي مات، وما الفائدة من ميت، أي الرسول؟ هكذا يتساءل
الوهابيون.
الرسول بنظرهم لا قيمة له بعد أن مات.
لا بل أن من يحيي سيرته قولاً وتذكّراً ويشهد مواقفه
الشريفة في مواقع الإسلام الأولى، يصبح قبورياً مشركاً
بنظر هؤلاء المتفرعنين المكفراتية.
مؤلم جداً على قلب كل مسلم صادق، أن يرى الوهابية تحتل
الأماكن المقدسة وتعيث فيها تدميراً وإفسادا.
مؤلم ويحزّ في النفس أن ابتلى الله المسلمين بهذه الطائفة
المعوجة التي تنكبت الصراط وهي ترى نفسها قائدة الجماعة،
في حين أنها لا تمثل حتى خمسة بالمائة من المسلمين.
مؤلم أن يحتفى بآل سعود، بملوكهم، بنظاراتهم، بأقلامهم،
في حين تدمر بيوت الصحابة، وأمهات المؤمنين، بل ويدمّر
بيت رسول الله، وبيت خديجة رضي الله عنها.
مؤلم وقاس أن ترى جرائم الوهابية لم يسلم منها حتى
الجبال، فهم يتوعدون بهدمها، حتى غار حراء يريدون هدمه،
فهو طريق الى الشرك، لا الى التوحيد ـ كما يفهمه الوهابيون.
لا ندري متى سينتهي هذا التطرّف الوهابي البغيض؟.
متى يحترم هؤلاء عقائد أغلبية المسلمين وطقوسهم؟
متى يقبلوا الإجتهاد والتنوع الثقافي والمذهبي؟
لم يسلم من أذى هؤلاء أحد زار الأماكن المقدسة.
كل معتمر وحاج لا بد وأن قابله بعض الأوباش يحملون
العصي، يهشهونها في وجهه، أو يذكرونه في كل لحظة ـ وهو
عند بيت الله، وعند قبر رسول الله وصاحبيه رضي الله عنهما
ـ بأنه قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في الشرك، أو وقع
في الشرك فعلاً.
لم يكتف مشايخ الوهابية بذلك، بل أن شيخاتهم! اللاتي
يرين تلهف المسلمات القادمات من أصقاع بعيدة، تبحث عن
ثرى رسول الله لتقبله، فإذا بهن يضعن السدود خلف السدود
أمامهن، مستخفين بمشاعرهن، ومحتقرين معتقداتهن.
لا غرو أن فرّخ لنا صبية الوهابية القتلة والمجرمين
والمفخخين، الذين ـ كما وصفهم المؤرخون في القديم والحديث
ـ يذبحون الناس ويذكرون الله.
هم الخوارج، بصفاتهم التي قرأناها في التاريخ، لم يشذّوا
عنها قيد أنملة.
ومن محاسن الصدف هنا، أن بعضهم يتهم البعض الآخر بأنه
خارجي! وأن فكره خارجي!
صبر المسلمون على طغيان الوهابية وما تفعله في مقدسات
المسلمين بالحجاز كثيراً.
فإلى متى الصبر؟
الى متى؟
|