مخاوف من انتقال عدوى تونس ومصر لحقول النفط السعودية
جيتي أمبروز
يخشى محللو المخاطر ووكالات الاستخبارات من أن انتفاضة
مصر قد يفجر تصاعد الاحتجاجات في منطقة الشيعة المتوترة
في السعودية التي تضم أغنى حقول النفط في العالم. ويشكّل
الشيعة 10 بالمئة من سكان السعودية. وهم متضرّرون بدرجة
عميقة ومهمشون، ويجلسون على قمة احتياطيات النفط في المملكة.
"اليمن والسودان والأردن وسوريا تبدو واهنة، إلا أن
أكبر خطر من حيث الاحتمالية ودرجة الشدّة هو في السعودية"،
بحسب تقرير صادر عن تحليل خاص لمستشاري الاخطار. وبينما
ركّزت الأسواق على توقّف محتمل لقناة السويس، كونه معبراً
لـ 8 بالمئة من الشحن العالمي، فإنه من غير المحتمل أن
قادة مصر سيقطعون، بحال، تيار الدخل الذي تبلغ قيمته 5
مليار دولار سنوياً للدولة المصرية.
"لا أعتقد أن المصريين سيجرؤون في أي وقت على المساس
به"، بحسب رأي رئيس أوبك عبد الله البدري، مشيراً الى
أن خط أنابيب نفط السويس المنفصلة هو "محمي بشكل جيد للغاية".
وقد تم إغلاق القناة بعد حرب الأيام الستة في 1967.
كان هناك تركيز أقل على خطر عدم الاستقرار يمتد الى
المنطقة الشرقية في السعودية، المقر الرئيسي لشركة ارامكو
النفطية السعودية العملاقة. المنطقة تحتضن حقول النفط
الشاسعة في السفانية، شيبه، وغوار. "هذا ضمنياً أكثر خطورة
بكثير"، كما يقول فيصل عيتاني، الخبير الاستراتيجي الشرق
أوسطي.
"إن الشيعة يمثلون 10 بالمئة من السكان السعوديين،
وهم متضررون بشدة ومهمّشون، ويقطنون منطقة فيها أعلى احتياطي
للنفط في المملكة. وكانت هناك مواجهات متكررة ومعارك في
الشوارع مع قوات الأمن التي نادراً ما تنقلها وسائل الاعلام)
حسب قوله.
وكان آخر انتفاضة في هيئة عصيان مدني شامل في "الانتفاضة"
لعام 1979، مستوحاة من ثورة الخميني في إيران. وقد أدّت
الإشتباكات إلى 21 حالة وفاة. وقال عيتاني أنه من غير
الواضح ما اذا كان الجيش السعودي سيكون قادراً على التعامل
مع تفجّر الاحتجاجات في هذه المنطقة.
يشعر الملك السعودي عبد الله بقلق واضح من الأحداث
المتسارعة في مصر والعالم العربي. في بيان نشرته وكالة
الانباء السعودية قال الملك أن مثيري الشغب (تسللوا الى
مصر لزعزعة استقرار أمنها والتحريض على الفتنة الخبيثة).
يبدو أن الاتهامات موجّهة الى النظام الشيعي في ايران،
الذي أيّد علناً "المطالب المشروعة" لحركة الاحتجاج. وهناك
قلق عميق في الدول العربية السنية من أن ايران تحاول إنشاء
"الهلال الشيعي" من العراق والبحرين والخليج في المناطق
العربية السعودية، على أمل أن تصبح القوة المهيمنة في
إمدادات النفط العالمية.
وقال جولدمان ساكس بأن الشرق الأوسط يمسك بـ 61 بالمئة
من الاحتياطي العالمي المؤكّد من النفط، و36 بالمئة من
العرض الحالي، وهو ما قد يجبر قادة العالم على بذل "جهود
مركّزة" لتحقيق الإستقرار في المنطقة. وقال البنك بأن
مستويات عالية من الثراء ينبغي درء (العدوى السياسية)
من الإنتقال الى المملكة العربية السعودية ودول الخليج
الغنية بالنفط.
ومع ذلك، فإن ثلث سكان السعودية، البالغ عددهم 25 مليون
نسمة، هم من الأجانب، ولم يتم استيعابهم وأن البلد تواجه
"طفرة الشباب" مع بطالة تصل الى 42 بالمئة بين أولئك الذين
تتراوح أعمارهم بين 20 حتى 24.
ويقول نعمة خورامي أصل، وهو خبير في مشروع الخليج الأزمة
العابرة للحدود الوطنية، أن الشيعة "جرى توصيمهم نتيجة
الارتياب المفرط منذ الثورة الاسلامية في ايران" ويواجهون
معوّقات منظّمة في مجالي التعليم وفرص العمل. "ينبغي على
دول الخليج القيام بأي شيء أو محاولة للحفاظ على الوضع
الراهن، والا فإن الإضطرابات الاجتماعية واقعة لا محالة،
وأن الوضع الحالي في طبيعته غير مستقر"، كما ذكر ذلك لمجلة
السياسة الخارجية.
وذكر تحليل حصري بأن الثورة المصرية قد تجاوزت نقطة
اللاعودة كما يعتزم محتجون تنظيم مظاهرة المليون يوم الثلاثاء
والذي من المرجّح أن يؤدي الى خلع الرئيس المصري حسني
مبارك في غضون 30 يوما.
وقال جون كوكرين ، الخبير الاستراتيجي في مجموعة المخاطر
العالمية، أن النظام امتنع حتى الآن من إعطاء أوامر للجيش
لسحق المتظاهرين مع العلم أن الكثير من الضباط سيرفض الانصياع.
وأضاف "إذا طلب منه استخدام القوة المميتة، فإن من المشكوك
فيه ما إذا كان الجيش سوف يبقى متماسكاً".
وقد وصل الإخوان المسلمون، وهي الجماعة الأفضل تنظيماً
في حركة الاحتجاج المنتشرة، قد تواصل مع المؤسسة العسكرية،
مشيداً بـ "تاريخها الطويل والمشرّف" ، ولكنها بدأت في
إعداد ميليشياتها الشعبية الخاصة لحماية الشوارع.
ومن المتوقع أن يتم استخدام إعادة تأميم أجزاء من الصناعة،
والتحوّل بعيداً عن سياسات "السوق الحرة" لإضعاف النقابات
العمالية وترسية عقود لنخبة المحارم - حكومة المستقبل
- مع الإخوان.. قد تتم مصادرة شركة حديد عز وأجزاء أخرى
من الإمبراطورية التجارية لأحمد عز، وكذلك موجودات البنية
التحتية المرتبطة بالوزراء الفاسدين.
الحرس القديم للإخوان سيطروا حتى الآن على المتهورين
ولكن منظمة قريبة من حماس في غزة. قد تجد إسرائيل قريباُ
أنها لم تعد قادرة على الاعتماد على حدود آمنة في الجنوب،
حتى لو كان في مصر معاهدة سلام لا تزال إسمية.
تفجرّ الشعوبية العربية يبرئ المطالبات من قبل المحافظين
الجدد في الولايات المتحدة أن التغيير قد حان، ولكن ليس
هذا ما كان يدور في خلد واشنطن. "مصالح الولايات المتحدة
هي الضحية الأولى" ،حسب عيتاني.
سواء كان ذلك منصفاً أم غير منصف، فإن أمريكا إقترفت
نفس أخطاء مبارك، وقد تبدّل القاهرة ولائها الى القوى
الصاعدة مثل تركيا، والهند، وفوق ذلك، الصين.
ديلي تلجراف، 31/1/2011
|