العربية السعودية تهيمن على الحوار الوطني البحريني
على الرغم من عدم وجود مقعد للعربية السعودية مع المتحاورين
على طاولة الحوار المعدة لحل الأزمة في البلاد. إلا أنّ
صوتها أكثر من مهم في كل نواحي الحوار؛ إذ يمتد من ضبط
إيقاع الجلسات وحتى التنازلات النهائية. فبعد أربعة أشهر
من الاحتجاجات الشيعية وحملة القمع العنيفة التي تلتها،
أصبحت السعودية هي الحامي والراعي وحارس بوابة الملكية
السنية في البحرين، وفي الخط الأمامي للقيادة الخليجية
لمواجهة الربيع العربي.
وسيعتمد كيفية تعامل حكام البحرين مع الحوار بشكل كبير
على مدى رغبة السعودية في تقديم التنازلات في جارها الخليجي
الصغير. فبالنسبة للعائلة المالكة السعودية وشركائها في
الخليج، تمثل البحرين خطًا لا يمكن تجاوزه. فأي تراجع
لعائلة آل خليفة التي حكمت البحرين لقرنين من الزمن يعدّ
تهديدا لجميع ملوك الخليج وشيوخه، ونافذة محتملة لإيران
الشيعية للتغلغل في دول الخليج الموالية للغرب، وفي مقدمتها
السعودية.
ويرى أيهم كامل، المحلل المختص بالشرق الأوسط في معهد
يوراسيا بواشنطن، بأنّ الملكية في البحرين تمثل الأهمية
القصوى بالنسبة للسعوديين، وسيقدمون لها كلّ ما يملكون
من أجل أن يبينوا بأنهم ملتزمون بحفظ نظام آل خليفة فيها.
ولحد الآن أثبتت احتجاجاتهم في 14 فبراير المستلهمة
من الانتفاضات العربية، أنّها التحدي الأكبر لأي زعيم
خليجي منذ عقود. ولذلك نشرت السعودية نحو 1000 من قواتها
لقيادة قوة خليجية، هدفها دعم ومساندة الملكيّة في البحرين
التي قامت بحملة اعتقالات واسعة النطاق، وقامت بفرض نظام
شبه عسكري لخنق الاحتجاجات المطالبة بحقوق أكبر. وقد أدّت
الاضطرابات إلى مقتل 32 شخصاً على الأقل في هذا البلد،
المهم استراتيجيا، ومأوى الأسطول الأمريكي الخامس. وعلاوة
على ذلك فإنّ الملك السعودي قام بإرسال ملايين الدولارات
حتى ينقذ جيرانه من الأ?راء الخليفيين من حافة الإفلاس،
وحتى إنه قام بتزويج أحد بناته من أحد أبناء ملك البحرين.
وتعليقا على ذلك تقول ريما سابان، المقيمة في دبي والمتخصصة
في علم الاجتماع، إنّ هذا الزواج الملكي مسلك قوي، فهو
ليس له علاقة بالحب والعواطف، وإنّ زواجاً من هذا القبيل
هو زواج سياسي بحت. ومن ناحية أخرى هاجمت إيران السلطات
في البحرين بلا هوادة بسبب حملة القمع التي قامت بها ضد
الأغلبية الشيعية في البلاد، واعتبرت القوات الخليجية
التي تقودها السعودية بأنها جيش (احتلال).
ولا توجد أدلّة قوية تربط المجموعات السياسية الشيعية
بإيران بالإضافة إلى أنّ زعماء المعارضة ينفون بشكل متكرر
أيّ دور لإيران في الانتفاضة، ويطالبون القوة المقادة
سعودياً بمغادرة البحرين قبل البدء في أيّ حوار. وفي هذا
الصدد يقول علي سلمان زعيم الوفاق - التي تعدّ أكبر حزب
سياسي شيعي - إنّ وجود القوات الأجنبية في البحرين هو
جزء من المشكلة، وليس جزءً من حلها.
ويشار إلى أنّ الوفاق قد شاركت في حوار المصالحة المهندس
حكوميا على مضض، في حين أنّ هناك المئات من المحتجين الذين
يحاكمون بتهم ضد أمن الدولة، وآخرين في السجون، من ضمنهم
ثمانية نشطاء بارزين محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة؛ بسبب
دورهم في الاحتجاجات. وقبل البدء في الحوار المدعوم أمريكيا
- والذي دشن بجلسة احتفالية يوم السبت- قامت الحكومة بعمل
مجموعة من التنازلات من ضمنها عمل لجنة تحقيق دولية تتضمن
النظر في ممارسة قوات الأمن أثناء الثورة، وقامت بإيقاف
محاكمات الداعمين للمعارضة في المحاكم العسكرية التي حكمت
بالإعدا? على اثنين منهم.
ولكن الحكومة لم تستجب لمطالب المعارضة بالإفراج عن
جميع المعتقلين، ولم تسقط التّهم المرتبطة بالاحتجاجات،
والتي تم انتقادها بشدة من قبل الجماعات الحقوقية الدولية
وحلفاء البحرين الغربيين بما فيها الولايات المتحدة.
وتقول مارينا اوتوي مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة
(كارنيغي الدولية للسلام الدولي): (إنّ الحوار معني أكثر
بتخفيف الانتقاد الغربي أكثر مما هو معني بتقديم تنازلات
إلى أحزاب المعارضة، والتي تشعر السلطة بأنها قد هزمت).
وتردف قائلة: (إنّ البصمات السعودية موجودة في كل مكان
فيما يسمى بالحوار الوطني). وتضيف قائلة: (الحوار مطلب
سعودي، لأنّ المواجهة ليست الطريقة التي اعتادت عليها
السعودية لحل الأمور، ومن ثمّ فهي تدعم المصالحة طالما
أنّها لم تتحول إلى مفاوضات بين الملكية والشعب). من جانب
آخر يبدو - ولحد الآن - أن? زعماء الشيعة مستعدون لإعطاء
الحكم فرصة أخيرة؛ حتى لا ينسب فشل الحوار إلى قرار المعارضة
بالمقاطعة. ويقول سلمان إنّ (مطالبنا واضحة، وحتى تنجح
أيّة مفاوضات يجب أن يفرج عن الناس الذين طالبوا بالديمقراطية،
ويجب أن يعطى الناس الذين طالبوا بالحرية الفرصة في انتخاب
حكومتهم).
عن: أسوشيتد برس، 5/7/2011
|