آل سعود:
نعم لحقوق الإنسان، ولكن ليس في دولتنا!
ديريك اوكلي
نشر موقع سيسفاير على الشبكة في 20 نيسان (إبريل) الماضي
للكاتب الصحافي ديريك أوكلي، وهو عامل سلام، ومدرّب وكاتب
من دورست، يعيش حالياً في لندن، وهو مدير منظمة للشباب
تدعى (Free Radicals) وهم مهتم بالفن الراديكالي، وحركات
المجتمع المدني، والسياسة الأفريقية والشرق اوسطية. ولديه
مدوّنة بعنوان أفكار لا عقائد. في مقالته المشار اليها
هنا يحاول أوكلي أن يعقد مقارنة بين مزاعم آل سعود في
الدفاع عن حقوق الإنسان في سورية وما يمارسون نقيضه داخل
بلادهم. وهنا إضاءة على ما جاء في مقالته:
فيما يواصل حكّام السعودية شجب نظام الأسد فإنهم يقومون
بقمع المعارضة في بلادهم، وحظر الاحتجاجات واعتقال المعارضين،
وكل ذلك بدعم ضمني من الغرب. أوكلي يقارب قضية الشاعر
المعتقل حمزة كشغري، الذي يواجه حالياً الاعدام بسبب تغريدات
له على تويتر.
حمزة كشغري، الشاب المضلّل، المرتد غير القابل للتوبة
أو المعارض المضطهد في واحدة من أكثر الدولة قمعية في
العالم؟ وفيما تستعرض السعودية عضلاتها الإقليمية للدفع
بتغيير النظام في سوريا، فإن سجن شاب بسبب إرساله تغريدات
على الشبكة يلخّص التناقضات الداخلية للدولة الثيوقراطية
التي تصارع من أجل التعامل مع الجيل الجديد من المقاومة.
وفيما تتواصل الانتفاضات عبر العالم العربي بجذب المتدخلين
ذوي العيون العدائية في كل مكان، فإن الملك عبد الله برز،
إلى جانب أمير قطر، كرائد التشجيع على التدخل العسكري،
ولفظياً يشجب تصاعد العنف في سوريا، ويحشد الحكومات من
موسكو الى واشنطن في سياق الجهود لعزل الأسد، وفي العلن
دعوة الحكومات الأجنبية لتسليح المعارضة المفروضة.
وفي الوقت نفسه، فإن الصحافي، والشاعر، والمدوّن السعودي
حمزة كشغري يجلس في سجن إنفرادي في زنزانة سعودية، خلف
جدار من السريّة غير الخاضعة للمحاسبة من قبل النظام القضائي
السعودي.
قضية كشغري ليست حول تغريدات ثلاث فحسب، وليست هي مناظرة
دينية حصراً، إنها حول القمع الرجعي لحرية التعبير، والتفكير
النقدي والمعارضة. إن غضب كثيرين إزاء غياب العدالة، والمساواة،
والحريات داخل المجالات الإجتماعية، والسياسية، والقضائية
في السعودية ليس جديداً. إذ يقدر نحو 30 ألف معتقلاً في
السجون السعودية، بالرغم من أن جمعية حقوق الإنسان غير
المستقلة والخاضعة تحت سيطرة الحكومة تنفي هذا الرقم وتخفّضه
الى أدنى رقم تافه وهو 4400. في هذا السياق، فإن الحاجة
للتعبير عن الغضب واكتشاف البدائل على الشبكة، بالإضافة
الى العمل السري المتواصل الذي ينظّمه البعض، يبدو مفهوماً.
فما تعكسه قضية حمزة هي أن النشاط السياسي على الشبكة
ليس آمناً.
في حقيقة الأمر، أن قضية حمزة تبدو معزولة الى حد كبير،
وليست، للأسف، هي الأشد خطراً. في الأسابيع التي تلت زيارة
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الى السعودية في
يناير الماضي، تم إطلاق النار على متظاهرين غير مسلّحين
في منطقة القطيف ذات الغالبية الشيعية، من قبل قوات الأمن،
ومن المحتمل أن تكون بأسلحة حصلت عليها من مصانع تزويد
السلاح في بريطانيا. وفي الوقت نفسه، فإن عدداً آخر من
الناشطين، والفنانين، والصحافيين قد جرى اعتقالهم بمن
فيهم، في هذا العام وحده، حسين يوسف ونذير الماجد، والأكثر
إثارة للجدل، الشاعر المعروف والمصوّر حبيب علي المعاتيق،
بتهمة العلاقة المزعومة بإشرافه على شبكة الفجر الالكترونية،
والتي كانت تغطي الاحداث التي كانت تجري في القطيف. وحتى
الناشطين الذين تظاهروا لدعم الثوار السوريين، وهو موقف
وضعهم في سياق سياسة حكومتهم، قد جرى اعتقالهم. ولتبرير
ذلك، قرار من الحكومة يبدو مألوفاً: (نحن نواجه شكلاً
جديداً من الإرهاب). على الأرجح أن يكون غير ارهاب الدولة
في شكله القديم الذين كان يجري توظيفه من قبل النظام.
في العالم العربي، هناك قصص مماثلة في المعارضة، والقهر،
وحالة الانكار في الشهور الأخيرة أفضت الى مزايدة. وعليه
لماذا هناك ردود فعل في الغرب مكتومة في هذا المثال؟ هل
جهود الانتشار الباذخ مثل معرض الحج الحالي في المتحف
البريطاني، إضافة الى الجهود الإنسانية السعودية إقليمياً،
نجحت بالفعل في دفعنا لشراء الصورة الملّمعة للملكية المتقدّمة
والرحيمة، التي يحاول النظام بكل السبل فرضها؟ أم أن الحسابات
المثيرة للسخرية الحتمية، المتمركزة على دلالات كامنة
لعدم الاستقرار في أكبر منتج للنفط في العالم، تضمن بأن
حقوق الإنسان (العالمية) تقف على حدود المملكة؟
ومن خلال تثمير المزايدة الشعبية حول تغريدات حمزة،
والعمل على نزع الطابع السياسي للقضية، فإن أعتى الأنظمة
التسلطية يستطيع ليس فقط حرف الإنتباه عن التفاصيل المرعبة
عن انتفاضة القطيف وقمعها، ولكن أيضاً تغذية المخاوف المحلية
من تدخل الخارج وكذلك (مخاطر) شروع المناظرة العامة أو
الانخراط في عملية صنع القرار. وهذه الدعوة للخوف تهمّش
الأسئلة الأصلية والملحّة التي يضعها المعارضون، وكذلك
السياسة الأصيلة للتعبير الحقيقي عن الذات في مواجهة العنف
التسلطي.
وقد صرّح وزير الخارجية السعودية (هل هناك أعظم من
حق الدفاع عن النفس والدفاع عن حقوق الإنسان). يبدو أنه
لم يكن مدركاً بأن الدفاع عن النفس وعن حقوقه يعني أن
الفرد لابد أن يجد ويستعمل صوته. حمزة كشغري إستعمل صوته،
وردّت السلطات السعودية بالطريقة الوحيدة التي تعرفها.
بالنسبة للرجال والنساء الشجعان مثله، فإن تضامن الآخرين
في الخارج قد يعني الحياة أو الموت.
|