هل تكون السعودية هي التالية؟
ليس هناك من يستطيع التكهّن بالطريق التي سيسلكها
الربيع العربي هذا العام
روبرت فيسك
الإندبندنت 31/12/2012
|
روبرت فيسك |
كسرت بلورتي منذ أمد طويل. ولكن التكّهن بأوضاع المنطقة
له جذر شريف. بحسب رحّالة فرنسي الى الخليج وبغداد كتب
في 1883، فإن (سباق المضطّهدين حتى الآن من المتوقع أن
يحتل مكانه الصحيح في مصائر الاسلام). وقبل عام من ذلك
التاريخ، أفشى دبلوماسي بريطاني في جدة قائلاً: (بحدود
معرفتي..فإن فكرة الحرية تقوم في الوقت الحاضر بإثارة
بعض العقول حتى في مكة..).
ولذلك، دعنا نقول ذلك في العام 2013: (اليقظة العربية):
(عنوان عمل جورج أنطونيوس لعام 1938)، سوف يستمر، وأن
المطالبة بالكرامة والحرية ـ دعنا لا نعثر هنا بـ (ديمقراطية)،
سوف يستمر يجتاح الاستقرار الظاهري للشرق الأوسط، ما يتسبب
في إثارة خوف كبير في واشنطن كما هو الحال في قصور الخليج
العربي..
على مقياس ملحمة التاريخ، وهذا المقدار مؤكّد. في الجوهر
الملتهب لهذا السخط سوف تكون المطالبات بدولة فلسطينية
وهي ليست موجودة وقد لا تكون موجودة وأن أفعال الدولة
الاسرائيلية التي ـ عبر البناء المتواصل للمستعمرات لليهود،
ولليهود فحسب في أرض عربية ـ تؤكد على أن (فلسطين) سوف
تبقى مجرد حلم عربي. في حال كان 2012 كأي شيء آخر يمكن
المرور عليه، فإن الفلسطينيين يواجهون السنة القادمة بمعرفة
أن: 1) لا الامريكيين ولا الاوروبيين لديهم الشجاعة لمساعدتهم،
لأن 2) إسرائيل ستواصل العمل مع الإفلات من العقاب، وليس
3) أوباما ولا كاميرون ولا هولاند لديهم أدنى رغبة في
فرض ضغوط اللوبي الليكودي، والذي سوف يصرخ بـ “معاداة
السامية” لحظة يتم إجراء أدق الانتقادات ضد إسرائيل. ولذلك،
فإن ثمة أخبار سيئة للفلسطيين العام 2013.
إيران؟ حسناً، يفهم الايرانيون الغرب أفضل بكثير مما
نفهم نحن الايرانيين ـ فكثير منهم، تلقوا تعليمهم في الولايات
المتحدة. ولديهم طريقة مثيرة في الوصول الى القمة مهما
يفعلوا. جورج بوش (واللورد بلير للكوت والعمارة) غزيا
أفغانستان وخلّصوا الايرانيين الشيعة من عدوّهم السني،
الذي كانوا ينادونهم دوماً بـ (طالبان السود). ومن ثم
شنّ بوش ـ بلير الحرب على العراق وخلّصوا الجمهورية الاسلامية
من عدوّها الأشد كرهاً، صدام حسين. وعليه، كسبت ايران
حرب أفغانستان والعراق ـ دون أن تطلق رصاصة واحدة.
لاريب أن ايران سوف تطلق رصاصة أو إثتنين في حال قامت
إسرائيل/ أميركا بمهاجمة منشآتها النووية. ولكن إسرائيل
لا يوجد لديها المعدة لحرب شاملة ضد إيران – فهي بعد أن
خسرت هي وأمريكاً حربين من حروب الشرق الأوسط، لا حماسة
لحرب ثالثة تخسرها. العقوبات - وهنا هو عدو إيران المحتمل
والحقيقي - التي تسبب البؤس أكثر بكثير من طائرات F-18S
الاسرائيلية. لماذا تهدد ايران أمريكا في المقام الأول؟
لم تهدد الهند عندما أصبحت دولة نووية! فعندما كانت الدولة
غير المستقرة والمتطرّفة، التي تدعى باكستان تعمل على
تطوير الأسلحة النووية، لم يظهر تهديد من واشنطن بقصف
منشاتها.
الآن، وقد دخل أوباما قمرة قيادة الرئاسة الثانية،
فنحن في طريقنا لمعرفة المزيد عن تلك الطائرات الحربية
بدون طيار التي تقوم بتمزيق الأشرار والمدنيين إرباً لأكثر
من أربع سنوات. ذات يوم، فإن واحدة من هذه الآلات - على
الرغم من أنها تطير في حزم من سبعة أو ثمانية - سوف تضرب
العديد من المدنيين أيضاً، أو أسوأ من ذلك، وسوف تخطط
لقتل الغربيين أو المنظمات غير الحكومية. بعد ذلك سوف
يقوم أوباما بالإعتذار - على الرغم من أنه لم يذرف الدموع
على نيوتاون بولاية كونيكتيكت. وهذه فكرة لهذا العام.
لوبي السلاح في الولايات المتحدة يخبرنا بأن “ليست البنادق
هي التي تقتل – وانما هم الناس”. ولكن تطبيق ذلك على هجمات
الطائرات بدون طيار على باكستان أو القصف الإسرائيلي لغزة
قد يتغيّر. انها المدافع/ القنابل/ الصواريخ التي تقتل
لأن الاميركيين لا يعني قتل مدنيين واسرائيليين لا يرغبون
في قتل المدنيين. إنها مجرد “أضرار جانبية” مرة أخرى،
على الرغم من أن هذا ليس عذراً يمكن تقديمه لصواريخ حماس.
وعليه ماذا بقي لعام 2013؟ الاسد، بطبيعة الحال. فهو
يحاول استعادة بعض القوات المتمردة الى جانبه ـ تكتيك
ذكي مع أنه خطير ـ وأن الغرب يسعى جاهداً في دعم المتمرّدين.
نعم، سوف يرحل الأسد. ذات يوم. لقد تحدٌّث مطولا عن ذلك.
ولكن لا نتوقع أن يحدث ذلك في المستقبل القريب. أو على
غرار القذافي. النغمة القديمة لا تزال سارية. مصر لم تكن
تونس واليمن لم تكن مصر وليبيا لم تكن اليمن وسوريا ليست
ليبيا.
العراق؟ سوف تستمر حربه الاهلية الكامنة وتطحن عظام
المجتمع المدني على الرغم من أننا نتجاهل معاناته، وهناك
أيام عندما يقتل المزيد من العراقيين أكثر من السوريين،
على الرغم من أنك لن تعرف ذلك من نشرات الأخبار المسائية.
والخليج؟ جزيره العرب، حيث بدأت الصحوة العربية الأولى؟
حيث، في الواقع، الثورة العربية الأولى - ظهور الإسلام
- انطلقت الى أرجاء العالم. هناك من يقول إن ممالك الخليج
سوف تبقى آمنة لسنوات عديدة قادمة. لا يعوّل عليه. راقبوا
ما يجري في المملكة العربية السعودية. وتذكروا ما كتب
دبلوماسي بريطاني قبل 130 عاما. “حتى في مكة...”.
|