|
سايمون هندرسون |
من يدير مملكة آل سعود؟
سايمون هندرسون
فورين بوليسي، 10/8/2015
تَبيّن أن الفروع المحلية لـ تنظيم «الدولة الإسلامية»
في العربية السعودية هي أقل تمييزاً في اختيارها المستهدف.
ففي مايو، استُهدف اثنان من المساجد الشيعية في المنطقة
الشرقية، مما أسفر عن مقتل 26 شخصاً. وفي 6 أغسطس، فجّر
التنظيم الجهادي مسجداً سنّياً في جنوب غرب المملكة، على
مقربة من الحدود اليمنية، وأسفر الحادث عن مقتل 15 شخصاً
معظمهم من رجال الأمن السعوديين. جاء ذلك بمثابة تذكير
لأفراد العائلة المالكة السعودية بأنه بينما يشارك تنظيم
«الدولة الإسلامية» نزعاتهم المعادية للشيعة، إلا أنه
يكره أيضاً آل سعود وكل ما يمثلونه.
إن تفجيرات المسجد السعودي هي فقط دليل واحد على تصاعد
الأزمات الداخلية والخارجية التي تواجه المملكة، وكثير
منها له صلة حقيقية أو متخيّلة بإيران. ليس من الواضح
أن قيادة المملكة في مستوى مواجهة الأزمات الإرهابية التي
تقع على أراضيها أو المشاكل الأخرى التي لا تعد ولا تحصى.
فعاهل البلاد لا يتمكن حتى من تخطيط إجازة بشكل صحيح:
ففي الأسبوع الماضي، قرر الملك سلمان على ما يبدو بأنه
يكره جنوب فرنسا، على الرغم من أنه قد تم تطهير الشاطئ
العام من المتشمسين الفرنسيين، لذلك انتقل مع أكثر من
600 شخص من حاشيته إلى قصره في المغرب.
من جهة اخرى، أثارت العلاقة بين الأميرين محمد بن نايف
ومحمد بن سلمان الكثير من النقاش في دوائر السياسة الخارجية
في جميع أنحاء العالم. وليس هناك شك في أن العاهل السعودي
يرغب أن يصبح نجله محمد بن سلمان ملكاً يوما ما. والسؤال
الوحيد هو ما إذا كان سيُسمح لبن نايف بأن يصبح ملكاً
بين [فترة حكم] الرجلين. ويعتقد العديد من المراقبين السعوديين
في الوقت الحالي، أن الملك سلمان سيُبلغ عن اعتزاله، ويُعلن
أن محمد بن سلمان قد حل محله. إن نظام الخلافة في الحكم
في حالة تغير مستمر، ويبدو أن القانون الصارم الوحيد هو
ان هناك أهمية قصوى تُولى لتنفيذ رغبات الملك.
ولكن هناك معلومات متضاربة بشأن ما إذا كان التنافس
قائماً بين الأميرين (المحمدين). ويقول البعض أن محمد
بن نايف - أو على الأقل أولئك الخدم الذين سيكونون الطرف
الخاسر في هذه المناورة - يخطط لتولّي المنصب لنفسه، وسيُنحي
جانباً ابن عمه الأصغر سناً. ومع ذلك، تفيد تقارير أخرى
من الأجانب الذين تعاملوا معهما، بأن بإمكان الخصمين العمل
في الواقع بشكل جيد كفريق واحد.
سيتم في الأشهر المقبلة اختبار هذه الشراكة بشكل متزايد.
ويُعهد إلى الرجلين بدفع المؤسسة العسكرية السعودية التي
غالباً ما تسودها الانقسامات، إلى العمل نحو هدف مشترك،
حيث يشغل محمد بن نايف أيضاً منصب وزير الداخلية المسؤول
عن الأمن الداخلي، بينما يشغل محمد بن سلمان منصب وزير
الدفاع، وبالتالي قائد الجيش السعودي والقوات الجوية والقوات
البحرية بحكم الأمر الواقع. وعلى نحو تقليدي، لا يعمل
الجيش ووزارة الداخلية السعودية معاً بصورة فعالة. أما
القوة الثالثة فهي «الحرس الوطني السعودي» بقيادة الأمير
متعب بن عبد الله، فقد تضاءلت طموحاته لأن يصبح ملكاً
عندما توفي والده قبل ستة أشهر، واختفى تماماً عندما قام
الملك بترقية محمد بن سلمان إلى منصب ولي ولي العهد في
أبريل.
ويتشبث الأمير متعب ـ الذي يُنظر إليه باعتباره حليفاً
لمحمد بن نايف ـ بمنصبه في «الحرس الوطني»، على الرغم
من التقارير تفيد بأن محمد بن سلمان يريد استيعاب القوة
التي هي قبلية أساساً في القوات البرية السعودية، مما
يجعل متعب عاطلاً عن العمل.
وتشكل حملة اليمن المشكلة الأكثر إلحاحاً التي تواجه
فريق الأمن القومي الجديد للمملكة. فقد فشلت الضربات الجوية
- للتحالف الذي تقوده السعودية، والتي بدأت في مارس -
في هزيمة المتمردين الحوثيين، وحوّلت الوضع إلى لعبة ضرب
الجرذان ضد قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الأمر
الذي يكبّد أضرار جانبية ضخمة للمدنيين الأبرياء. ومؤخراً
أعادت حكومة الرئيس المنفي عبد ربه منصور هادي إرساء موطئ
قدم لها في مدينة عدن الساحلية في جنوب البلاد. لكن التحالف
بين صالح والحوثيين لا يزال سليماً، وقد أعطى الزعيم السابق
مقابلة مشاكسة للموقع الجديد لـ «هافينغتون بوست» باللغة
العربية، دعا فيها إلى تقديم هادي إلى المحاكمة في لاهاي.
إن دور دولة الإمارات، اللاعب الكبير الوحيد الذي انضم
إلى التحالف الذي تقوده السعودية، قد غيّر مجرى الحرب
كما يحتمل. وكونها تعمل انطلاقاً من قاعدة أمامية في إريتريا،
فقد كان السلاح المفضل للقوات الإماراتية من «الحرس الرئاسي»
هو حقائب من النقد، لأن هذه القوات تحاول رشوة القبائل
المحلية في جنوب اليمن من أجل القتال ضد الحوثيين. وبشكل
مقلق، تم أيضاً تجنيد عناصر من تنظيم «القاعدة» للانخراط
في صفوف المقاتلين.
لقد كان التفسير القاسي الذي قدمه مسؤول يمني سابق
رفيع المستوى بأن «العدنيين لا يقاتلون» هو السبب وراء
الحاجة لـ تنظيم «القاعدة» من أجل ترجيح كفة الميزان في
القتال، مما تسبب في تراجع الحوثيين. ان استمرار النجاح
الذي تقوده دولة الإمارات بواسطة قواتها المدرعة، موضوع
قابل للجدل والنقاش. وخارج وحداتها من النخبة، فإن جودة
جيش الإمارات أمر مشكوك فيها، على الرغم من أن معداته
من المستوى الأول.
أما سوريا فلا تزال تشكل أيضاً مصدر قلق سعودي كبير،
بسبب كراهية الرياض للرئيس السوري بشار الأسد ورغبتها
في إلحاق داعميه الإيرانيين هزيمة استراتيجية. لقد كان
هناك قدر كبير من النشاط الدبلوماسي على هذه الجبهة، فقد
التقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ووزير الخارجية
الروسي سيرجي لافروف، ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير
في الدوحة. كما سافر وزير الخارجية السوري إلى عُمان.
وهناك شائعات عن قيام مدير المخابرات السورية بزيارة الى
الرياض.
وبالإضافة إلى المعارك التي يخوضها حكام السعودية ضد
أعدائهم داخل البلاد وخارجها، يجب عليهم التعامل أيضاً
مع الأزمة المالية. فقد انخفض سعر النفط مرة أخرى الى
أقل من 50 دولاراً للبرميل الواحد، كما أعلنت السعودية
عن خطط لاقتراض مبلغ ضخم قدره 27 مليار دولار. إن النفقات
الباهظة في اليمن، والمنح التي تقدر بحوالي 32 مليار دولار
التي أُغدِقت لإرضاء السكان، عندما اعتلى الملك سلمان
العرش، سببت استنزافاً واضحاً للخزينة السعودية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، من هو صانع القرار الرئيسي
فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية السعودية؟ قد يكون هذا
الشخص هو الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 29 عاماً،
بصفته رئيس «مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية». إن ذلك
يشير مرة أخرى إلى الصعوبات التي تواجهها المملكة: فسجل
الحسابات الذي يعكس ما يجب القيام به مقابل الموارد المتاحة
غير متوازن.
|