زرعت الخراب في الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا
الوهابية تتجه لزعزعة شرق آسيا
باحثون شرق آسيويون يحذّرون من محاولات السعودية لـ
(وهبنةْ) جنوب شرق آسيا عبر تمويلها لجماعات ومدارس
دينية متطرّفة ونشر الأفكار الوهابية المحرّضة على الكراهية
والارهاب
كتبت الباحثة كريستينا لين مقالة نشرت على موقع آسيا
تايمز بتاريخ (15/6/2016) حذرت فيها من انتشار حالة الراديكالية
عند الشباب في منطقة جنوب شرق آسيا، وذلك بسبب المال الذي
يتدفق من السعودية بغية «نشر الوهابية في المنطقة». وقالت
الكاتبة التي عملت سابقاً في كل من وزارة الحرب الاميركية
البنتاغون، ومجلس الامن القومي كمختصة بالملف الصيني..
إن على الولايات المتحدة قطع الصلة ما بين السعودية والوهابية،
اذا ما كانت جادة في موضوع مكافحة الارهاب، وتحدثت عن
ضرورة تفكيك «المجمع الديني- الصناعي» الذي يتألف من المساجد
و المدارس الممولة سعودياً، والتي تعمل «كمصانع للجهاديين
تنتج الانتحاريين من افريقيا الى اوروبا والآن آسيا”.
واستشهدت الكاتبة بما كتبه البروفيسور بارهاما تشيلاني،
من مركز الابحاث السياسية في الهند أواخر العام الماضي،
في مقالة حملت عنوان «حرب السعودية الزائفة على الارهاب»،
حيث اعتبر أن العقيدة الوهابية تشكّل السبب الجذري للارهاب
العالمي. كما اشارت الكاتبة الى تحذير تشيلاني في مقالته
من عدم فاعلية الحرب على الارهاب، الا في حال تم ضبط توسع
الوهابية.
و اضافت الكاتبة ان الرابط السعودي الوهابي لا يزال
يلقّن «الجهاديين الجدد»، مشيرة الى أن ذلك أصبح يطال
منطقة شرق آسيا. ولفتت الى ما حصل في شهر مايو الماضي
عندما اعنلت الحكومة الماليزية تحت قيادة رئيس الوزراء
نجيب رزاق المقرب من السعودية والذي تلقى رشوة شخصية منها
بمقدار 681 مليون دولار، دعمها لفرض قانون «حدود»، وهو
قانون «شريعة» يعود الى القرن السابع يتضمن اجرءات عقابية
مثل قطع الاطراف والرجم، وحذّرت من أن ذلك يهدد الديمقراطية
والتعددية في البلاد.
كما استشهدت الكاتبة بما قاله الدبلوماسي الماليزي
المتقاعد دينيس إغناتيوس في شهر مارس العام الماضي، حيث
حذّر من «سعودة جنوب شرق آسيا”(Saudization of Southeast
Asia)، ووصف الرابط السعودي الوهابي بأنه «التهديد الأكبر
للسلام والاستقرار في العالم اليوم”.
الكاتبة لفتت أيضاً الى ما تحدث عنه إغناتيوس لجهة
تشكيل الرياض كادر من الاكاديميين ورجال الدين المدرّبين
من قبل الوهابيين حول المنطقة، وكذلك لجهة المساعي التي
تبذل خلف الكواليس بغية التأثير على سياسة الدولة وعلى
الرأي العام.
وقالت الكاتبة أن كل ذلك أدّى الى تغلل «ثقافة التعصب
والكراهية والعنف» في منطقة جنوب شرق آسيا، كما هو الوضع
في الشرق الاوسط، مشيرة في الوقت نفسه الى توجه الشباب
المسملين من دول مثل اندونيسيا وماليزيا وسنغافورة والفلبين
الى سوريا للالتحاق بالجماعات الارهابية.
وتحدثت الكاتبة عن مفارقة بالموضوع وهي أن المظلة الامنية
الاميركية تقوم بحماية وتمكين «الرابط السعودي الوهابي»
في الوقت الذي «تزعم» فيه واشنطن أنها تقود المساعي العالمية
لمحاربة الارهاب. ونبّهت الى أنه ومن المنظار الآسيوي،
فان الوهابية تعتبر السبب الجذري للارهاب في الغرب، وكذلك
الآن في آسيا. كما أضافت ان دعم واشنطن للرابط السعودي
الوهابي أدى بالتالي الى تقليص شرعية الولايات المتحدة
بوصفها الدولة القائدة في محاربة الارهاب.
وقالت الكاتبة أيضاً أن توظيف أميركا «للاسلام الراديكالي»
كسلاح للإطاحة «بالانظمة التي لا تعجبها في أفغانستان
والعراق وليبيا والآن سوريا» قد أدخل «الجهاد العالمي»
الى المجتمع الدولي. وأشارت الى أن واشنطن تتحمل المسؤولية
في هذا الاطار بسبب دعمها للرابط السعودي الوهابي.
واستشهدت الكاتبة أيضاً بما قاله رئيس وزراء سنغافورة
الراحل لي كوان يو الذي انتقد اسلوب واشنطن في محاربة
الارهاب بسبب اعتمادها الاساس على استخدام القوة العسكرية،
حيث قال إن قتل الإرهابيين يعني قتل «النحل العاملين فقط»،
بينما ملكات النحل هم رجال الدين الذين يعلّمون هذا النموذج
«المنحرف» من الاسلام في المدارس والمراكز الاسلامية.
الكاتبة نبّهت أيضاً الى أن الولايات المتحدة تدعم
الاجندة السعودية، بتحويل سوريا الى إمارة اسلامية، حيث
تسلّح وتموّل جماعات مثل أحرار الشام و جيش الاسلام التي
هي «طالبان السورية»، وشبّهت ذلك بالدعم الذي قدمته أميركا
لحركة طالبان في افغانستان.
وعليه قالت الكاتبة أن انضمام أميركا الى المساعي الهادفة
الى اسقاط الحكومات العلمانية والتعددية واستبدالها بامارات
إسلامية يطرح شكوكا حقيقة بما تروج له واشنطن بأنها المدافع
عن الديمقراطية والحرية في النظام العالمي الليبرالي.
كذلك اعتبرت أن الدول الآسيوية تجني نتائج هذه السياسة
الاميركية المتهورة، وقالت ان على واشنطن تثبيت نفسها
عبر الافعال وليس الكلام. وشدّدت على ضرورة إعادة توجيه
المقاربة الاميركية لمحاربة الإرهاب بغية التصدي لانتشار
الوهابية بدلاً من اسقاط القنابل فقط.
وفي المجمل، فإن المنتج الوهابي السعودي التكفيري (الداعشي
والقاعدي) أصبح طاعون العصر، لم تسلم منه الدول العربية
ولا الإسلامية، ولا أيّ قارة من قارات العالم. وما لم
يتجه العالم الى منبع التعصب والعنف والدموية في (نجد/
الرياض)، ويحارب الإرهاب من مصنعه ومفرخته، فإن الإرهاب
سيتواصل.
حتى لو قُضي على داعش في العراق، وعليها وعلى جبهة
النصرة القاعدية في سوريا، وحتى لو فُككت خلايا الإرهاب
الوهابي في سيناء واليمن ونيجيريا، فإن المصنع الحقيقي
ليس هناك. انه في السعودية، فهل يجرؤ الأميركيون على مواجهة
حليفهم وتكسير أسنانه الوهابية؟ وهل يعتقدون أن بإمكانهم
فصل السيامي الوهابي السعودي دون عملية جراحية؟!
|