ترامب يطارد مال السعودية حتى آخر هَللة!
هيثم الخياط
كتب ابراهيم محمد في موقع (دويتشه فيله) الالماني مقالة
نقدية لأهداف الزيارة التي قام بها محمد بن سلمان الى
الولايات المتحدة وكيف تحوّلت الى مجرد هدر متعمد للأموال
وإثراء للشركات الاميركية وليس تنفيذاً، كما هو الزعم
المعلن، لرؤية السعودية 2030.
ومما جاء في المقابلة، أن الرئيس ترامب يطارد المال
السعودي من الرياض الى واشنطن مقابل تسليح المملكة وتثبيت
سلطة أصغر ولاة العهد سناً وأكثرهم نفوذاُ. كيف يستطيع
ولي العهد الشاب التوفيق بين متطلبات تنويع الاقتصاد وإرضاء
«العم سام» لتثبيت دعائم حكمه؟
يوحي كلام الرئيس الأمريكي ترامب، حسب الكاتب، بطريقة
استعراضية خلال استقباله محمد بن سلمان وكأنّ المال السعودي
سينقذ الاقتصاد الأمريكي ويحل مشكلة البطالة في الولايات
المتحدة. «السعودية بلد ثري جداً، ونأمل أن تعطي الولايات
المتحدة بعضاً من ثروتها من خلال شراء أفضل المعدات العسكرية
في العالم وخلق وظائف جديدة»، بهذه الكلمات التي تشتم
منها رائحة الإبتزاز وكلمات إطراء نادرة من مسؤول سياسي
مثل «أنت أكثر من ولي للعهد»، استقبل الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب «صديقه العظيم» ولي العهد السعودي محمد بن
سلمان في البيت الأبيض خلال زيارة الأخير للولايات المتحدة
على مدى أسبوعين. ووصف ترامب العلاقات بين الطرفين في
عهد ابن سلمان ووالده بأنها أقوى من أي وقت مضى وأن «المملكة
من أكبر المستثمرين في سندات الخزينة وتشتري السلاح بمبالغ
طائلة وتخلق عشرات آلاف فرص العمل». وتلخص كلمات ترامب
نظرة إلى المملكة وكأنها بنك يعطيه الشيكات على بياض على
أن يحدد هو قيمة الصفقة وتاريخ الدفع.
قدّر ابن سلمان قيمة الصفقات التي سيتم الاتفاق عليها
خلال زيارته الى الولايات المتحدة بنحو 200 مليار دولار.
وحسب الاستعراض الذي قدمه ترامب حتى الآن فإن جلّ هذه
الأموال مخصصة لشراء الأسحلة وتصنيعها وصيانتها وتطويرها
إلى الحد الذي يجعل ميزانية التسلح السعودية السنوية تزيد
على مثيلاتها الروسية أو الألمانية. وتبلغ قيمة ميزانية
المملكة العسكرية نحو 80 مليار دولار في عام 2018 مقابل
أقل من 50 مليارا لكل من روسيا وألمانيا.
وخلال زيارة ترامب للسعودية في مايو 2017 اتفق مع ولي
العهد السعودي ووالده على «صفقة أسطورية» بقيمة تتراوح
بين 450 ألى 500 مليار دولار تشكل مبيعات الأسلحة الأمريكية
حصة الأسد منها. أما القسم المتبقي فجله استثمارات سعودية
في الولايات المتحدة بهدف خلق الوظائف وفرص العمل. يومها
قال ترامب وهو في غاية النشوة عن الزيارة والصفقة: «كان
يوماً هائلا..مئات المليارات من الاستثمارات السعودية
في الولايات المتحدة ووظائف، وظائف، وظائف ..».
يعرّف ترامب، كرجل أعمال جنى المليارات قبل أن يصبح
رئيساً، من أين تؤكل الكتف بشكل عام والكتف السعودية بشكل
خاص على مايبدو. وإذا ما ترجمنا ذلك إلى واقع المال والأعمال
فإن قيمة صفقاته مع المملكة حتى الآن تزيد على قيمة ما
تبقى من الاحتياطات السعودية الحالية المقدرة بأقل من
500 مليار دولار.
وعليه فإن أول سؤال يتبادر إلى الذهن، ماذا سيحل بمشاريع
«رؤية 2030» التي طرحها ولي العهد الشاب لتحديث المملكة
ونقلها من دولة نفطية إلى دولة متعددة الموارد الاقتصادية؟
من أين للأمير بالأموال اللازمة لتمويل مشاريع الرؤية
التي تقدر تكلفتها بحوالي 2000 مليار دولار وفي مقدمتها
مشروع «نيوم» بتكلفة 500 مليار دولار والسياحة بتكلفة
10 مليارات؟ وهناك مشاريع تحديث البنية التحتية والخدمات
العامة في عموم المملكة بتكلفة تزيد على 200 مليار دولار.
يضاف إلى ذلك عجز الموازنة بحوالي 50 مليار سنوياً
وتكاليف حروب اليمن وسوريا والعراق وغيرها بالمليارات
شهرياً. وهناك حاجة لبناء نظام ضمانات وشبكة أمان اجتماعية
تشمل نصف السعوديين، أي 10 ملايين سعودي من الفقراء ومحدودي
الدخل في حال أقدمت المملكة على الاصلاحات الاقتصادية
المطلوبة. وعلى الرغم من أهمية أموال الفساد التي تمت
مصادرتها من الأغنياء والمسؤولين بقيمة 100 مليار دولار
وتوقع توفير 100 مليار أخرى من أسهم أرامكو، فإن الأموال
اللازمة لمشاريع الرؤية أكبر بكثير من ذلك وليس من الواضح
كيف يمكن توفيرها على ضوء الصفقات مع الولايات المتحدة
أو العم سام.
بناء على ما تقدم سيثير طرح الجانب الاقتصادي من «رؤية
2030» بالشكل الذي تم طرحه حتى الآن الكثير من الجدل والشك
والريبة مستقبلا، لأن مصادر التمويل لمشاريعها لا تبدو
مضمونة.
في السياق نفسه، فإن محمد بن سلمان واجه «إهانة» من
قبل مكتب ترامب البيضاوي في مبيعات السلاح، اذا بدا ابن
سلمان غير مرتاح للغاية فيما كان ترامب يسرد كميات الأسلحة
التي باعتها الولايات المتحدة إلى السعوديين، «880 مليون
دولار...645 مليون دولار...6 مليارات دولار...هذا للفرقاطات”.
تعليق صحية (هآرتس) الاسرائيلية المسرورة لمواقف ابن
سلمان حيال الاعتراف باسرائيل كان لافتاً، إذ تنبّهت الى
الاهانة التي تعرّض لها ابن سلمان في لقائه مع ترامب.
وكتبت الصحيفة في 26 مارس الماضي:
رحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترحيباً حاراً بضيفه
السعودي الأمير محمد بن سلمان ونسب الفضل في مبيعات دفاع
الولايات المتحدة إلى السعوديين من خلال تعزيز الوظائف
الأمريكية، حتى في الوقت الذي واجه فيه تورط الرياض في
الحرب على اليمن من انتقادات.
في المكتب البيضاوي، أشاد ترامب وولي العهد بقوة العلاقات
الأمريكية - السعودية، التي توتّرت في ظل إدارة أوباما،
جزئياً بسبب وجهات النظر المختلفة تجاه منافسة الرياض
الإقليمية، أي إيران.
ولكن وبحسب مصدر مطلع على الاجتماع أخبر سي إن ان إن
“أن ابن سلمان لم يكن يتوقع تظهير ترامب للوائح الاستعراضية
الضخمة، والتي تفصّل صفقات بمليارات الدولارات من الصفقات
التجارية المتدلية تحت أنف ابن سلمان.
وتأتي المحادثات في أول زيارة يقوم بها ابن سلمان للولايات
المتحدة منذ أن أصبح ولي العهد السعودي في العام الماضي.
تداول ترامب ومحمد بن سلمان العام الماضي بشأن اتفاق
بقيمة 200 مليار دولار من الاستثمارات السعودية في الولايات
المتحدة، بما في ذلك شراء كميات كبيرة للمعدات العسكرية
الأمريكية. وقال ترامب إن المبيعات العسكرية ساهمت في
خلق 40 ألف وظيفة أمريكية.
في نهاية المطاف، فإن ابن سلمان تحوّل الى زبون مختطف
وغبي ينفق الأموال لتاجر جشع وفاجر وصريح.
|