300 سعودي يلاحقون في لبنان
لا أبالغ في العنوان، فهذه التحريات الأمنية في لبنان
تعمل على البحث عنهم وملاحقتهم. والقتلى منهم والمقبوض
عليهم لا يشكلون إلا جزءاً بسيطاً من جزئيات الرقم الكبير.
وقد لا يبدو الرقم كبيراً إذا ما قورن بثلاثة آلاف سعودي
استقبلتهم أرض العراق في أقل من ثلاثة أعوام، لكنه كبير
حين نعلم أن تجمع السعوديين في لبنان بدأ منذ نهاية صيف
العام 2006، والفارق في الحالتين أن التحريض إلى العراق
كان بارزاً وعلناً في بلادنا، بعكس الحالة مع لبنان، إذ
شكلت مفاجأة للجمهور.
والسعوديون في لبنان جاءوا من معبرين؛ فئة من السعودية
مباشرة، وأخرى تم تحويلها من العراق عبوراً بسورية. ورقم
الثلاثمئة محصلة للتحريات الأمنية وفق بلاغات أسر سعودية
تلقت اتصالات من أبنائها قالوا إنهم في لبنان، كما أفادت
التحقيقات مع موقوفين بوجود سعوديين قدموا من العراق،
وقدموا أسماءً ثبت تغيبها منذ فترة فعلياً، وهم مصنّفون
محلياً كونهم في العراق.
ليس كل السعوديين المطلوبين من (فتح الإسلام)، فالحالة
اللبنانية متنوعة، فـ (القاعدة) موجودة أيضاً، وهما جماعتان
منفصلتان على أي حال، حتى لو توحد المرجع، وتوحد الداعم
والمسهل أيضاً. وقد لا يعلمون أبداً أنهم ضحايا عبث استخباراتي،
وأن من يجندهم ليسوا دعاة التحريض الذين التقوا بهم، بل
وراءهم أجهزة أمنية ضخمة، سهلت أعمالهم بضخ المال وتوفير
المعلومة، الركيزتان الأساسيتان لقيام أي تنظيم مسلح.
ولذا ليس كل السعوديين يتحصنّون في مخيم نهر البارد،
كما يعتقد البعض، فالأكثرية منهم في خارجه، موجودة في
بيروت ومدن أخرى. وقد تابعنا المواجهتين في طرابلس وجنوبها
أخيراً، وكيف وجدنا السعوديين قتلى فيهما، وهم ليسوا من
(فتح الإسلام). ووفق الوضع الحالي، لن يكون مستغرباً حدوث
مواجهات أمنية في شقق ومزارع في لبنان من اليوم حتى نهاية
العام، وفي كل مواجهة نجد سعودياً في النهاية. فهؤلاء
خلايا منتشرة من جنسيات عدة، بمن فيهم اللبنانيون واللاجئون
الفلسطينيون، ومع سقوط كل خلية تنكشف أخرى، كما حصل في
السعودية تماماً.
ولكي نعرف من أين أتى كل هؤلاء، خاصة الذين قدموا من
السعودية مباشرة، ولا يحملون تجارب مشابهة أخرى، كأفغانستان
أو العراق، علينا أن ننظر إلى فئتهم العمرية، لنجد أن
السواد الأعظم منهم دون الثالثة والعشرين، فهؤلاء جيل
الانترنت. المجندون إلكترونياً، والمسهلة أمور رحالهم
من المحرضين في بلادنا. وكل ما يقال عن أدوار قيادية للسعوديين
في لبنان ليس إلا عبث استخباراتي آخر، فلا سعودي واحد
يتولى قيادة خلية، بل كلهم أفراد مبتدئون، ومواجهتا طرابلس
الأخيرتان نموذج لحال كثير منهم، من ضعف المعرفة العسكرية
والتعامل مع السلاح، فسقط ستة سعوديين سريعاً، وبأقل تكلفة.
لكل أزمة جانبها الهزلي، أن ترى أسراً تفقد أبناءها
بكل سهولة، وبعدها يتضح علمهم بملامح التغيير على شخصية
ابنهم دون أن يحركوا ساكناً، تغيير لا يتذكرونه إلا بعد
فوات الأوان، ولكن يبدو أن هذه هي نتيجة القدسية المجانية
لآلاف السعوديين الضحايا من أفغانستان الثمانينيات إلى
لبنان اليوم.
فارس حزام
الرياض 10/7/2007
|