لو كنت سعودياً: سؤال الهوية
ضمن فعاليات منتدى التنافسية الثاني الذي انقضى الأسبوع
الماضي بالرياض، تحدث مؤسس سنغافورة الحديثة ورئيسها الأسبق،
لي كوان يو، متلبسا عنوانا براقا وهو يقول: لو كنت سعودياً.
العنوان الذي اختاره له دلالات لغوية جوهرية فكأنه
يعاتبنا تنمويا، إما على انحراف المسار، وإما القصور.
لو كنت سعوديا.. ماذا ستفعل؟ الجواب، بالإجابة على
أبرز الأسئلة الكبرى: سؤال الهوية.
نحن خطابات شتى تتناقض مع خطاب الهوية. كان بعض أطفالنا
حتى الأمس ـ لا أدري عن اليوم ـ يذهبون إلى مقاعد الدراسة
ثم يفتحون صفحات مقرر ـ التوحيد ـ ليقرؤوا كلاما مكتوبا
يتناقض مع مشروع الوحدة. كانت الأسطر حتى الأمس ـ لا أدري
عن اليوم ـ تضخ كل مفردات التكفير والفئوية المذهبية التي
تقسم الوطن إلى ـ كانتونات ـ مرجعية مذهبية لم يسلم منها
أحد. كانت ولاتزال ـ ربما ـ تصنيفا بغيضا حتى داخل الفصيل
الواحد بافتراضه متناغما في الأصل، وإذا بهم داخل المقرر
المدرسي أصناف وصنوف شتى لأن بذرة الفرقة حين تزرع تمتد
مثل شجيرة (الورد الجهنمي) فلا أظن أن بلدا واحدا يشابهنا
اليوم في خطاب الإقصاء المتطرف.
وما لم يكمله المنهج على الورق المكتوب، تنهيه أدلجة
المنهج الشفهي وحسبك أن تبرهن الحالة عن أستاذ جامعي لم
يشف غليله ما هو مكتوب في منهجه ليبادر بالقول في محاضرة
عامة إن أهل المنطقة (الفلانية) أشد كفرا من اليهود والنصارى،
وهو بالتأكيد يمارس ذات الذي يفعله بضعة آلاف في المدارس
الرسمية بطولها وعرضها من قدح وشتم وتصنيف وتعريض. هذه
المتناقضات لا تصنع هوية، ناهيك عن أنني لم أعرج على الأدبيات
الضخمة بيننا التي تسفّه حتى مجرد النطق بأي مشتقات ومرادفات
من دائرة كلمة (الوطن).
إن هذه المتناقضات التي تحيا بيننا لا تصنع هوية.
علي سعد الموسى، الوطن 27/1/2008
|