الوطن أولاً
وليد سامي أبو الخير
..يقتات المتحيز الذي يقف مواقف غير صحيحة، إما بوعي
منه أو بدون وعي، لأنه في الغالب يخجل من رفع شعار الطائفية
بل هو ينفي وجودها في نفسه في حين أنه يتدثر بلبوسها،
والعلامة البيّنة على مضامينه هي سطاحة بضاعته المعرفية
المزجاة، فلا هو يعد من العامة ولا من الخاصة، فالأخيرون
قد علمت حالهم، أما الأوائل فهم يعيشون في بيوت متجاورة،
في منطقة واحدة، ويلبسون ملابس متشابهة، ويذهبون إلى أعمال
متشابهة، وفي نفس أماكن العمل، ويذهب أولادهم إلى نفس
المدارس، بل ويدعو بعضهم بعضاً في مناسبات دينية كإفطار
رمضان وسحوره، وغداء الأعياد وما شابه، ويؤمون بيتا واحدا
في الصلاة والحج، ويبتاعون من بعضهم البعض، في تجل واضح
لتمظهر الإنسانية في أبهى صورها وأبسطها، وانبساط أساريرها
على محيا الإنسان المسلم البسيط.
هذا هو (الوطن، نقيض الطائفية، فعندما يسود النظام
الطائفي يغيب الوطن وعندما يفرض هذا –الوطن - نفسه تتوارى
الطائفية) وهذا ما قاله الباحث وأستاذ التاريخ المصري
« يونان لبيب «، أما الطائفية فهي حين تحل محل الوطن وتحتويه
فإنها تضفي صفاتها وخصائصها و ولاءاتها عليه، إنها تنفيه
إلى العدم لتشيِّد عدمها الخاص مكانه في هيئة حروب تدميرية
عقيمة وإعادة إنتاج لحروب أخرى من ذات الطبيعة..
صحيفة اليوم، 5/3/2009
|