|
عبدالله عمر خياط |
المطالبة بإحياء الآثار في الحجاز
عبدالله عمر خياط
علمتني الأيام أن أكتب ما أرى فيه مصلحة عامة، وأن
أقول ما أعتقد دون الدخول في مجادلة من تستهويه المناكفة،
ولا محاورة مجادل لا يقبل بغير ما يرى صائباً كان أو مخطئاً،
رغم ما خلفه لنا السلف من قواعد لا تخطئها الحقيقة، إذ
روي عن الإمام مالك – رحمه الله – أنه قال: (كل كلام يؤخذ،
ويرد عليه إلا كلام صاحب هذا القبر، وأشار إلى مثوى الرسول
صلى الله عليه وسلم)، كما يروى عن الإمام الشافعي رحمه
الله أنه كان يقول: (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري
خطأ يحتمل الصواب).
وبناء على هذه القواعد فقد قلت ما أرى عندما ثارت قبل
حين زوبعة الخلاف حول الأماكن الأثرية بأن من المهم العناية
بها والحرص على صيانتها لتبقى رمزاً للتاريخ الذي شهدته،
وأن من الأولى أن نتيح للحاج والمعتمر والزائر الوقوف
عليها وكذا تنظيم برامج لطلاب المدارس والجامعات لمعرفة
تاريخ تلك الآثار الدينية والتاريخية وتعيين وعاظ ومرشدين
لإعلام كل من يصل لتلك الآثار بأهمية مكانتها الإسلامية
والتاريخية، ومنع الجهلة من ممارسة أي تصرف غير شرعي.
هذه خلاصة ما كتبت وعندما ثارت ثائرة الخلاف لم أنبس
ببنت شفة وفقاً لما تعودت بأن أقول كلمتي وأكتب رأيي وأدع
للآخرين أن يقولوا ما يرون.
ومرت الأيام التي وافاني بعدها الباحث الإسلامي الأستاذ
عبد الرزاق محمد حمزة بصورة مما كتبه والده فضيلة إمام
الحرمين الشريفين الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة في مجلة
(الحج) بتاريخ 16/7/1374هـ وأيضاً بصورة من صفحات كتاب
(شهور في ديار العرب) للعلامة مسعود عالم الندوي الذي
صدر عن مكتبة الملك عبد العزيز العامة بمناسبة مرور مائة
عام على تأسيس المملكة.
فقد جاء في ما كتبه فضيلة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة
– رحمه الله – بمجلة (الحج) تحت عنوان (دعوة إلى إحياء
دار الأرقم) بعدما تحدث عن تاريخ الدار التي كان يجتمع
فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه خيفة من قريش
حتى أسلم بداخلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فخرج بالجميع
إلى الملأ، وأن جلالة الملك سعود وافق على إحياء هذه الدار
بتحويلها لمقر لدار الحديث بعد ترميمها وإصلاحها يباشر
فيها تدريس الكتاب والسنة والتوحيد، ثم يختم الشيخ حمزة
مقاله بهذه السطور:
وحياة المسلمين رهن بإحياء دينهم، وحياة دينهم رهن
بالتمسك بالكتاب والسنة، والتمسك بالكتاب والسنة يقوم
بإنشاء دور العلم وتشجيعها والأخذ بيدها والله لا يضيع
أجر من أحسن عملاً).
كما جاء في كتاب (شهور في ديار العرب): وبمناسبة (دار
الأرقم) ذكر الشيخ محمد بن عبدالرزاق حمزة رأيه فيما يتعلق
بالأماكن التاريخية في مكة، يقول: (يجب الابقاء على جميع
هذه المباني وجعلها مقراً للإدارات والهيئات العلمية والدينية،
وكان من الضروري بالطبع هدم القباب، ولكن لا معنى لإهمال
تلك الأماكن ذات الصلة بالحياة الأولى للدعوة الإسلامية).
طبعاً (دار الأرقم) أصبحت الآن من أروقة المسجد الحرام
لكن الشاهد في ذلك مطالبة أهل العلم من السلف بإحياء الآثار
الإسلامية الكثيرة في بلادنا لتكون صروحاً تعليمية أو
العناية بها لتبقى شاهداً على تاريخ الإسلام الذي أخرج
الله به الناس من الظلمات إلى النور.. وإنها لذكرى للذين
يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
عن: عكاظ، 13/4/2009
|