لماذا لم يقبض جهاز الهيئة على أي إرهابي في السعودية؟
بندر السليمان
جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو الجهاز
البوليسي الأكثر حيوية واتساعاً في السعودية، ومع ذلك
لم يُظهر هذا الجهاز أي فعالية أو مساعدة تُذكر في الحرب
الشرسة، التي تخوضها الحكومة السعودية ضد الإرهاب.
ففي الوقت الذي تظهر فيها الهيئة كإخطبوط يملك عشرات
الأعين، التي جعلته الجهاز الأكثر قدرة على التغلغل في
الشبكة الاجتماعية، إلا أنه لم يعلن عن القبض على أي أحد
من الإرهابيين أو المتعاطفين معهم بشكل مثير للقلق.
وسيبدو مثل هذا السؤال لا معنى له، فبالفعل إن البحث
عن الإرهابيين ليس من اختصاص الهيئة، ولكن رجال الهيئة
لم يعترفوا يوماً بتخصصهم، فقد تدخلوا مثلاً في عمل الإدارة
العامة لمكافحة المخدرات لدرجة أنست الناس هذا الجهاز
بالكامل.
كما يقوم رجال الهيئة بالمداهمات، على الرغم من أن
هذا يخرج عن نطاق نشاطهم، ومن المعروف أن رجال الهيئة
لا يلتزمون بأي من القوانين التي تصدرها وزارة الداخلية
وتهدف إلى تحديد أعمالهم.
ولكن رغم هذا النشاط، والتدخل في شؤون الغير، إلا أن
هيئة الأمر بالمعروف أبدت التزاماً وأدباً غير معهود منها،
وهي تمتنع عن مشاركة قوات الأمن في البحث عن الإرهابيين
أو المتعاطفين معهم.
يقول أحد المعلقين: "رغم العدد الكبير من الإرهابيين
الذين تم القبض عليهم، إلا أن الهيئة لم تظفر بأي واحد
منهم. هل يُعقل هذا؟! عيون الهيئة المنتشرة في كل مكان
بحثاً عن شاب مخمور، أو فتاة مع صديقها، أو جلسة سمر في
استراحة، من الغريب أنها الآن أصيبت بالعمى عن رؤية الإرهابيين".
الحيلة التي يقوم بها الإرهابيون، هي التغلغل عميقاً
في الشبكة الاجتماعية، وهذا ما تبرُع فيه أيضاً الهيئة
عبر توظيف عدد كبير من المخبرين والمتعاطفين، وحتى العمال
الأجانب الذين يحصلون على مكآفات مالية، ولكن هذه القدرة
الكبيرة على التمدد الاجتماعي لم تنجح في القبض على إرهابي
واحد.
وتتزايد الغرابة أكثر مع الإمكانات الكبيرة، التي توفرها
لها الدولة السعودية من سيارات حديثة ودعم مالي سخي وافتتاح
مراكز جديدة، جعلها تتفوق على عدد مراكز الشرطة، ومع ذلك
لم تُظهر الهيئة أي حضور في المعركة الشاسعة ضد الإرهاب
التي شارك بها الجميع.
يسخر أحد الصحافيين من أن مراكز الهيئة هي المراكز
الحكومية الوحيدة التي لم يتم تسويرها بالقطع الخرسانية
الضخمة، ولا الإجراءات الأمنية، كما حصل مع العديد من
المرافق المهمة، مشيراً إلى أن هناك أشبه بشعور من الجميع
أن الهيئة آخر من يتعرض لعمليات إرهابية، ويضيف: "من المستبعد
أن يكون للهيئة علاقة بالإرهاب، ولكن من المؤكد أن رجال
الهيئة، وبسبب مرجعيتهم الفكرية هم الأكثر قرباً من البيئات
التي تحتضن الإرهابيين أو تتعاطف معهم. ومع ذلك لم تساهم
على الأقل بمساعدة رجال الأمن، كما تفعل بحربها على المخدرات،
بالقبض على أي من المشتبه بهم. هل يُعقل أن أحداً من أعضاء
الهيئة لا يعرف أي أحد من الإرهابيين، الذي ربما كان في
يوم ما صديقه المقرب"؟!
قد يبدو هذا السبب هو الذي يجعل الهيئة تتخاذل عن أداء
دورها في الدفاع عن الوطن من الأعداء، فبسبب أيديولوجيا
الهيئة المتشددة، باتت على الأقل تكف يدها عن الإرهابيين
الذين تراهم قد ضلوا الطريق، وبسبب ارتباطها الوثيق مع
شيوخ التطرف في السعودية الذين يحاولون استغلال العمل
الإرهابي من أجل تمرير أجندتهم، ولا يسرها فوق ذلك أن
يقبض رجالها الملتحون على رجال ملتحين آخرين، يشتركون
معهم في الكثير من العقائد الفكرية.
يقول صحافي متخصص بالكتابة عن الهيئة: "لا أعتقد أن
الهيئة تعتبر الإرهاب هو منكر لتكافحه. المنكر المؤكد
الذي تكافحه هذه الأيام بقوة هو قصات الكدش"!
ومن الواضح أيضاً أن الهيئة غير مشغولة بالدفاع عن
التراب السعودي، أكثر من دفاعها عن أيديولوجيتها الخاصة،
التي راح ضحيتها الكثير من الدماء السعودية البريئة. أما
بالنسبة للإرهابيين فهي كما يبدو سعيدة بفشلها الكبير
والمقلق هذا.
عن: السياسي
|