الحرب السعودية الحوثية
عبدالحكيم الفقيه
ربما يكون الرئيس علي عبدالله صالح ذكياً في استدراج
السعودية إلى مستنقع صعدة كي تتحمل عنه عبء القضاء على
الحركة الحوثية المتمردة، والتي لقنت جيشه دروساً متكررة
في كل المساقات، وارتسمت الحيرة في أذهان المراقبين حول
سهولة سقوط السعودية في الفخ المرسوم لها، وهي دولة ذات
وزن إقليمي، لا يشرّف جيشها خوض معركة مع أقليّة متمردة
في بلد مجاور، وكان الأحرى بها أن تكون وسيطاً لحل النزاع،
لا طرفاً فيه. وهنا يكمن مأزق السياسة الخارجية السعودية.
لقد اقترفت السعودية ـ ربما بحسن النية ـ خطأ فادحاً
حين سلّمت جبل الدخان للجيش اليمني الذي لم يحافظ عليه
فسقط الجبل في يد الحوثيين، الأمر الذي وضعهم وجهاً لوجه
أمام الجيش السعودي. ومن الغريب في الأمر أن السعودية
سبق وان تسلمت جبل الدخان من الحوثيين بعد حوار بينهما،
فكيف لدغ السعوديون مرتين من جحر واحد؟
الأمر يفهم على أنه كلاسيكية في العمل السياسي السعودي،
ومأزق في دبلوماسياتها التي لا تعرف المرونة، ولا تجيد
العزف على أوتار فن الممكن.
إن إشارة الرئيس الصالح إلى أن الحرب كانت بروفة، وأنها
لم تبدأ إلا قبل يومين، إشارة إلى دخول السعودية المصيدة
التي ستريح الجيش اليمني من عناء اللوم والسخرية الشعبية،
وخصوصاً إذا تمكّن الحوثيون من صدّ العدوان السعودي، وإحراج
جيش المملكة. ومن المفارقات أن يطالب الحوثي بالمحافظة
على السيادة اليمنية، في ظل إشادة الحكومة اليمنية بضربات
السعودية حتى ولو في الأراضي اليمنية!
لا جدال بأن حرب صعدة دخلت بعداً إقليمياً بعد دخول
السعودية الحرب، وتصريحات وزير الخارجية الإيراني حول
التحذيرات من التدخل في الشأن اليمني. والمخيف أن العالم
فقد التضامن وروح المبادرة، وخصوصا ونحن نرى الموقف الدولي
والعربي البائس من أحداث الصومال، وانهيار الدولة على
مرأى ومسمع الجميع. فهل ستستمر اللامبالاة الدولية حتى
انهيار الدولة اليمنية وتصدير الفوضى لكل المنطقة؟
إن دخول السعودية الحرب قد أسال لعاب أطراف عديدة وخصوصاً
أن مصدّري السلاح وجدوا سوقاً استهلاكية جديدة، وحرباً
تورّطت فيها دولة غنية، تزعم أن لها دوراً إقليمياً ودولياً
في رسم السياسات. ولعل قبائل الفيد التي نهبت أسلاك الكهرباء
وبلاط الحمامات من عدن، في ارتقاب سقوط مدينة سعودية لتفيد
منها. يبدو أن غلطة الشاطر بعشر، وفي الغالب فإن الثعابين
تموت بسموم العقارب، ويضع الله سره في أضعف مخلوقاته.
علينا نحن الرافضون لهذه الحرب العبثية منذ البدء أن
نترقب مرحلة الجنون القادمة في ظل غياب العقلاء.
|