محمد الرميحي:
تكرار لتهم كتاب البلاط
قراءة الكاتب الدكتور محمد الرميحي في تصريحات الامير نايف كما
جاءت في صحيفة الوطن السعودية في الثالث من ديسمبر تتكيء على
انتزاعات متخيلة او احكام مفترضة لم يفصح عنها الامير بصورة اكثر
صراحة. بل أن حديث الامير نايف قد يكون ألهب رغبة البحث في موضوع
يستحق درجة سخونة اكبر. ولربما وجد الدكتور الرميحي في حديث الامير
ما يستحق فتح النار على الاسلام السياسي. فالاخير، حسب الرميحي
تتقاسمه ثلاثة اشكال من التطبيقات السياسية: الممارسة الايرانية،
والتركية والعربية، وقد سقطت الممارسة الافغانية وربما الممارسة
الباكستانية من مجمل التطبيقات تلك. ليس ثمة غرابة في تقديم الرميحي
لحديثه عن الاخوان بهذه المقدمة بكل ايحاءاتها الدالة على تجريم
الجماعة وفكرها ورموزها وتاريخها. لا يمهل الدكتور الرميحي، اليساري
المتجه يميناً، قارئه حتى نهاية مقالته كي يتعرف على حكمه في
الاخوان، فهو يطوي كل مسافة بحثية من أجل ان يردد حكم من كان قبله من
خصوم الاخوان، وهو يذكرنا بكتّاب البلاط المصري. فها هي المقولة
الدراجة عن الاخوان تتردد في مقالة الرميحي: (ان التفسير السياسي
للاسلام الممارس في الشرق الاوسط اليوم قد نبع تاريخيا من عباءة
الاخوان المسلمين المصريين بالذات، والعرب بعد ذلك). ورأي كهذا يحمل
حكمه معه. وفيما نالت الممارستان الاسلاميتان الايرانية والتركية
وثيقة براءة من الدكتور الرميحي، وقعت الحركة السياسية الاسلامية
العربية النابعة تاريخياً من خلال (الاخوان المسلمين) في تعقيدات
القضاء غير النزيه. الامير نايف فتح باب المحكمة الخطأ حين ألقى عيوب
التجارب المحلية على الخارج كي تبرأ ذمة الدولة ومن يديرها من أخطاء
ارتكبت من أناس نشأوا وترعرعوا وتطرفوا في مؤسساتها.
وبصراحة، لم يفلح الدكتور الرميحي في تقديم الدعوى على (الاخوان
المسلمين) كما لم ينجح في رصف الادلة الداعمة لتهم الامير نايف،
ولذلك لجأ لتكرار القائمة التقليدية للتهم الموجهة للاخوان من قبل
خصومها داخل مصر وخارجها، وهي قائمة لا صلة لها بالاوضاع السياسية
التي خرجت فيها تصريحات الامير نايف من قبيل: جغرافية الجماعة،
وسريتها، وحقوق الانسان في ادبيات الجماعة، والبرنامج السياسي
المستقبلي، ومفهوم الديموقراطية الحديثة، ومن الطبيعي ان يضيف
الرميحي موقف الاخوان إبان الاحتلال العراقي للكويت.
المقالة تثبت أن تصريحات الامير نايف كما المقالة مبتورة السياق،
فلم يكشف لنا الدكتور الرميحي عن خلفية ومناسبة تصريحات الامير.
ويزداد الامر ارتياباً حين يبني الرميحي تقييماً للاخوان لاصقاً عليه
صورة الحركة الوهابية، كما تعكسه نهاية المقالة. |