مسألة الثقافة السياسية
يحاول القادة السعوديون دائماً أن يزرعوا فكرة لدى المسئولين في
الدوائر الاميركية بأن الديمقراطية ستفضي الى زعزعة الاستقرار
الداخلي واثارة عاصفة من الاضطرابات التي بدورها ستضر كثيراً
بالمصالح الحيوية للولايات المتحدة. فالضغط المتزايد من اجل حركات
ديمقراطية في الشرق الاوسط بعد أزمة الخليج الثانية أثارت سؤالاً غير
محايد حول علاقة الاسلام بالديمقراطية، ومدى قدرتهما على التعايش في
مكان وبيئة واحدة.
في زاوية واحدة على الاقل من الاصلاحات السياسية المنشودة في
السعودية يمكن القول بأن هذه الاصلاحات خارج الجدول، وانها ستمهّد
الطريق من اجل اصلاحات اخرى وحريات أكبر. ومن جهة ثانية، فإن
الاصلاحات الدستورية في السعودية يراد منها ان تكون متوافقة زعماً مع
التقاليد السعودية وهكذا مع الشريعة. فالنظام السياسي في السعودية
يواجه مأزق الاستجابة الى المطالب المتزايدة من اجل الديمقراطية بدون
اضعاف سلطة التقاليد.
يضعف كثير من الباحثين الاسس النظرية التي يستند عليها القادة
السعوديون في نبذ الديمقراطية باعتبارها غير متوافقة مع الاسلام.
فالتاريخ حسب جون اسبوسيتو يكشف بأن الشعوب والتقاليد الدينية كانت
قادرة على انتاج تفسيرات وتوجيهات ايديولوجية رئيسية متنوعة. وحتى
الثقافة في بلد ما وإن كانت في لحظة تاريخية معينة عائقاً امام
الديمقراطية، فتاريخياً كانت الثقافات دائماً ديناميكية اكثر من
كونها سلبية. فالاعتقادات والمسالك السائدة في المجتمع تخضع للتغيير
المتواصل. وفيما تظل هناك حاجة للاحتفاظ على عناصر للاستمرار، فإن
الثقافة السائدة في مجتمع ما قد تختلف بصورة ملحوظة عما كانت عليه
قبل جيل او جيلين سابقين على حد قول صموئيل هنتغتون. |