الأمير عبد الله يطلب من أبو مازن دعوة العرب لوقف إرسال الأموال
لـ (المنظمات الإرهابية)
السعودية تعهدت بتجفيف منابع القاعدة
في القمة العربية الاميركية بشرم الشيخ في الثالث من يونيو
الماضي، تحدّث ولي العهد الأمير عبد الله الى الرئيس الأميركي جورج
دبليو بوش عن التدابير الصارمة التي تتبعها الأجهزة الأمنية السعودية
لاستئصال جذور الإرهاب والعنف في بلاده منذ الهجمات الانتحارية في
الرياض في الثاني عشر من مايو الماضي.
وقد بالغ الأمير عبد الله في تصوير تحرك الأجهزة الأمنية لتطويق
آثار تفجيرات الرياض، وحسب الأمير فإنه بعد أيام قلائل على الهجمات
استطاعات أجهزة الأمن السعودية من القاء القبض على أربعة من المشتبه
بهم ومعهم زوجاتهم المغربيات في مطار جدة الدولي وهم في طريقهم
لاختطاف طائرة سعودية. وقد أطال الأمير في الحديث عن براميل المواد
الكيميائية التي جرى اكتشافها خلال الغارة على مخابىء الإرهابيين،
حيث كان مقدّراً لهذه المواد الاختلاط بمواد متفجرة والتي من شأنها
أن تسبب إنفجارات سامّة في مراكز بعض المدن السعودية.
في العشرة الأيام التي تلت تفجيرات الرياض، كانت وسائل الاعلام
السعودية، والتي كان يتم التعامل فيها مع موضوع الارهاب باعتباره
موضوعاً محرّما، مدججة بأعمدة مملوءة بقصص وروايات عن الملاحقات
الدرامية لأعضاء تنظيم القاعدة من قبل قوات الأمن السعودية.
لقد طمأن الأمير عبد الله الرئيس الأميركي بوش ووزير خارجيته
كولين باول بأنه شخصياً يوظف كافة جهوده الحثيثة لاستئصال جذور
الارهاب ويراقب عن كثب وبصورة مكثقة كل قرش يخرج من المملكة من وإلي
الجمعيات الاسلامية. وقد تعهد بأن ليس هناك سبيلاً يمكن لأي مال
الوصول الى أيدي القاعدة أو أي جماعة إرهابية أخرى في الشرق الأوسط
مثل حماس والجهاد الاسلامي على حد زعم الأمير عبد الله.
الأميركيون نقلوا تلك المعلومات الى الاسرائيليين لإقناعهم بأن لا
يدّمروا مفاوضات وقف إطلاق النار بين أبو مازن وقادة حماس. إن وقف
التدفق المالي الى حركة حماس من داخل السعودية سيؤدي بطبيعة الحال
الى إنحسار شديد في العمليات الاستشهادية لدى الحركة وسيخفّض من
مستوى القدرات القتالية لدى خلاياها.
تقارير من خارج مشهد قمة العقبة تفيد بأن رئيس الوزراء الفلسطيني
محمود عباس أبو مازن طلب عقد جلسة محادثات خاصة مع الرئيس الأميركي
جورج بوش، ونقل أبو مازن بأنه تلقى اتصالاً تلفونياً على جهاز هاتفه
الخاص من الأمير عبد الله لايصال طلب خاص له. فقد طلب منه اضافة
عبارة الى البيان الختامي للقمة وهي: ''نحن الفلسطينيون ندعو كافة
الحكومات والشعوب العربية من أجل وقف إرسال الأموال الى المنظمات
والجماعات الإرهابية الضالعة في التحريض على الإرهاب والعنف. ونحن
الفلسطينيون نتعهد بالتعاون في هذا المجال كجز من الحرب العالمية على
الإرهاب''.
وبعد سماعه ذلك، هنأ الرئيس بوش رئيس الوزراء الفلسطيني كبداية
هامة يسهم بها في تطوير علاقات حسنة مع الاسرائيليين. وعلى أية حال
حين نقل بوش تلك المعلومات بصورة خاصة الى باول وجونداليزا رايس
مستشارة الأمن القومي، تبادلوا وجهات النظر الأولية دون أن يبدوا
تعليقاً علنياً على ماسمعوه عن الأمير عبد الله لرئيس الوزراء
الفلسطيني. فقد قرأوا التقرير الصادر من مدير الاف بي آي روبرت مولر
عن زيارته في مايو الماضي الى الرياض وصنعاء. وقد تناول التقرير
موضوع تقدّم التحقيقات السعودية بخصوص تفجيرات الرياض في الثاني عشر
من مايو الماضي.
وقبل مغادرته المملكة، أعرب مولر عن تقديره للعلاقات العلاقات
الوثيقة والمتطوّرة بين فرق التحقيق السعوديين والأميركيين. ولكن ما
إن خرج من الرياض، أرسل تقريراً مختلفاً تماماً لرؤوسائه في واشنطن.
فقد نقل عنه قوله بأن السعوديين طالبوا بأن يغادر معظم أفراد فريق
التحقيق الأميركي المؤلف من 60 عضواً المملكة بدون تأخير. ونقل عن
المسؤولين السعوديين قولهم بأن التحقيق قد إنتهى وليس هناك من نتائج
وأدلة أخرى متوقعة يمكن العثور عليها. وكان السعوديون قد سلّموا
قائمة بأسماء الموظفين الأميركيين العاملين في هيئة التحقيق
الفيدرالية والمشاركين في التحقيق بأن يغادروا البلاد في الحال، وهم
في الغالب من المحققين عالي الكفاءة. ولم يسمح بالبقاء سوى لعدد من
الاشخاص يتراوح عددهم بين 6 الى 7 أشخاص من المتخصصين ولكن من غير
المدرّبين على القيام بمهمات كبيرة وشاملة.
تقرير مولر ألقي بالشك على معظم الادعاءات السعودية فيما يتصل
بمساعيها المؤكدة والخاصة بملاحقة أعضاء تنظيم القاعدة. فالمعلومات
المتداولة من مصادر مختلفة تظهر بأن كثيراً من المزاعم السعودية
بخصوص الغارات على مخابىء ومخازن السلاح الخاصة بتنظيم القاعدة هي
وهمية.
المحققون الأميركيون الذين صحبوا لمعاينة مخابىء القاعدة المزعومة
وهكذا مخازن أسلحتها إرتابوا في صحة تلك المخابىء والمخازن وشككوا في
أن تكون بعض هذه الاسلحة قد وضعت في هذه الأماكن. ولكن ما هو مقلق
بالنسبة لأولئك المحققين هو الدليل الذي تقدّمه سلطات مكافحة الارهاب
الأميركية والتي تقول بأن تدفق الأموال السعودية الى القاعدة مازال
مستمراً وبدون توقف، بالرغم من تأكيدات الأمير عبد الله للرئيس بوش،
فهذه الأموال تصل عن طريق ملتوي، وتحديداً عن طريق دبي وليس عبر
الجمعيات الخيرية السعودية مباشرة.
كل تلك الدلائل تثير غبار الشك حول مزاعم الأمير عبد الله بشأن
التدابيرالصارمة المزعومة التي تتبعها حكومته ضد القاعدة حيث يظل
السؤال دائماً ما هو المخفي من القصة السعودية؟ |