السعودية ومعركة سوريا!
خالد شبكشي
على مدار العقدين الماضيين، وخاصة العقد الماضي، تكبّدت
السياسة السعودية خسائر فادحة أتت على معظم نفوذها ومكانتها
في العالمين العربي والإسلامي.
لقد انتهى ما سمي بـ (الحقبة السعودية) التي تحدث عنها
الكاتب المصري المشهور محمد حسنين هيكل في منتصف سبعينيات
القرن الماضي. تلك الحقبة التي بدأت بغياب الرمز الكبير
جمال عبدالناصر، واستمرت في تصاعد حتى نهاية الثمانينيات
الميلادية، لتبدأ الإنتكاسة منذ بداية التسعينيات، وبالتحديد
بعد حرب الكويت، وتستمر في انحدارها وتآكل النفوذ السياسي
السعودي معها، حتى قضت عليها الثورات العربية الأخيرة،
وبالتحديد الثورة المصرية، قضاءً شبه مبرم.
لم تعد السعودية ذاك الرقم الكبير والمهيمن في المعادلة
الإقليمية. فالدول العربية الكبيرة ذات التأسيس التاريخي،
والتي سمحت للسعودية بأن تقود العالم العربي، لم تعد ترى
في السعودية ممثلاً وحكماً وقاضياً ومعبّراً عن الآمال
والطموحات العربية، فضلاً عن أن تمثل النظام العربي الرسمي
الذي أصابه الإنشقاق والشرخ الشديد منذ عقود. لا العراق،
ولا سوريا، ولا الجزائر، ولا السودان، ولا مصر (بعد ثورتها
المظفرة) تقبل بالهيمنة السعودية وسياساتها، ولا هي تنصاع
لأوامرها.
السعودية اصطدمت مع كل هذه الدول، وهي لا تمتلك مؤهلات
الزعامة إلا إذا تنازلت عنها قيادات هذه الدول، وقد فعلوا
في منتصف السبعينيات، ولكن السعودية ما لبث ان اتخذت دوراً
عدائياً لهم جميعاً، وقطعت المساعدات عنه بلدانهم. تلك
المساعدات كانت مسهّلاً للدور السعودي وقبوله عربياً وإسلامياً،
ووفر تنازلات في المواقف والأيديولوجيات لصالح السعودية.
لم يتبق للأخيرة حتى وقت متأخر سوى مصر، التي كانت في
عهد مبارك مطيّة للسياسات الخارجية السعودية. وها هي مصر
تتغير، وتحاول استعادة دورها ومكانتها المفقودة، وتحاول
أن تميّز نفسها عن المواقف السعودية، من أن تتبع الأخيرة
لخطواتها وليس العكس.
لا حضور للدور السعودي في العالم العربي؛ وإذا وجد
فلا يذكر إلا بالسلب. في لبنان كما العراق وفلسطين والصومال
والصحراء الغربية واليمن وحتى في عدد من بلدان الخليج،
ينكمش الدور السعودي الى أبعد حدوده، وتخسر السعودية الورقة
تلو الأخرى، وتنهار الأحلاف والإئتلافات السياسية التي
تصنّعها الولايات المتحدة، والتي تبقي للسعودية مكانة
ما، كما سمي بحلف الإعتدال العربي، الذي انهار بفضل الثورة
العربية التي ضربت قلبه في مصر مبارك.
حين تذكر السعودية، ترى الألسن تلوك مواقفها وفساد
حكامها. في فلسطين، خسرت السعودية معظم أوراقها، حيث اتخذت
الأخيرة موقف العداء تجاه معظم الفصائل الفلسطينية عدا
فتح محمود عباس، وأصبحت أقرب الى الموقف الإسرائيلي من
أي موقف آخر، ولازالت سهامها توجه لحماس وغيرها. وفي العراق
آيست السعودية من تغيير الوضع عبر تصدير منتجاتها التكفيرية
والعنفية الوهابية. وفي سوريا، خسرت السعودية حليفاً طالما
وقف معها في الشدائد، كما في حرب تحرير الكويت. وإذا تحدثت
عن السعودية في لبنان، فترى فريقها أقرب الى الهزيمة منه
الى النصر، رغم حقن المال المستمرة، والدعم السياسي واللوجستي
السعودي والغربي معاً. اليمن، مزرعة السعودية الخلفية،
يثور على رجل السعودية، ويتهمها بالتآمر على ثورته، ومثله
الشعب التونسي الذي استشاط غضباً وتظاهر أمام السفارات
السعودية في اوروبا مطالباً بترحيل الديكتاتور بن علي
القابع في السعودية. وفي مصر يتحدثون عن الثورة المضادة
التي تقودها السعودية عبر سلفييها، وسمعتها الملطخة بالدموية
والإستبداد أصبحت كاملة السواد بتدخلها العسكري الممزوج
بالدم في البحرين. وهكذا.
وحتى النفوذ السعودي في بلدان العالم الإسلامي، هناك
انحسار كبير له. في الباكستان، مختبر السعودية والوهابية،
وهو البلد الذي استثمرت فيه السعودية أيديولوجياً وسياسياً
منذ أكثر من نصف قرن، يتكاثر المعارضون للسعودية، المتهمة
بتمويل الإرهاب فيه، وتفكيك قراره السياسي. وفي أفغانستان،
حيث كانت السعودية تناصف الباكستان نفوذها فيه، يصعب على
المراقب أن يرى دوراً للسعودية فيه. ومثل ذلك الحال تجده
في العديد من الدول الأفريقية الإسلامية، وفي الدول الكبرى
كنيجيريا وأندونيسيا وحتى تركيا، التي ينذر انخراطها الفعال
في قضايا العالم العربي، بتبدّد النفوذ السعودي، ولهذا
فإن السعودية ممتعضة من ذلك الدور التركي المتصاعد.
لهذا كلّه، فإن السعودية تشعر باليأس.
انها تبحث عن انتصار ولو قليل يوقف نزيف الخسائر الذي
تصاعد بسقوط بن علي ومبارك وربما قريباً الرئيس اليمني
علي عبدالله صالح.
هي بحاجة الى انتصار معنوي في ظلّ الخسائر المتتالية.
لكن العين السعودية تتركز على سوريا بالذات، وليس غيرها،
لماذا؟
لأن أغلب الثورات التي وقعت إنما وقعت في (كامب الإعتدال):
في مصر وتونس واليمن والبحرين، وبالتالي فهذه كلّها تعتبر
خسائر للسعودية ونفوذها في المنطقة.
هناك ليبيا، وسوريا. الأولى ليست في أي معسكر، فالقذافي
(الفلتة!) أراد أن يجعلها (دولة عظمى!) وتمثل بذاتها ولوحدها
معسكراً وهمياً! وسقوط القذافي لا يغير من معادلة الشرق
الأوسط، ولا يضيف رصيداً كبيراً للسعودية، بل ستكون ليبيا
نهباً لكل الجهات الغربية والإقليمية. سيتوزع إرث القذافي
في حال سقوطه بين القبائل المتعددة. والسعودية ـ وإن استثمرت
في ليبيا ضمن صفقة مع الولايات المتحدة ـ فلكي تحدّ من
خسائرها في اليمن. أي في مقابل البحرين واليمن. كان تدخلها
ودعمها المالي والسياسي للعملية العسكرية الغربية القائمة
ثمناً للحفاظ على حديقتيها الخلفيتين. لكن واحدة منها،
وهي اليمن، لم تستطع الصفقة أن تحمي نظامها، وإن أجّلت
سقوطه، بفعل الموقف الغربي المخزي، وبفعل المبادرة السعودية
(الخليجية إسماً!) التي رفضت وانسحبت قطر منها مؤخراً.
زد على ذلك، فإن هناك مستثمرين كبار آخرين ينافسون
الإستثمار السعودي في ليبيا، وفي مقدمتهم قطر التي قد
يكون لها أجندة مختلفة، وبالقطع طموحات مختلفة عن السعودية،
وهي تطمح بأن تلعب دوراً مؤثراً في التحولات الإقليمية
الجارية.
وفي العموم، فإن سقوط القذافي لا يعني خسارة لما يسمى
بـ (حلف الممانعة) أو (حلف المقاومة) الذي يدعم في جملته
الثورة في ليبيا، ولكنه ضدّ التدخل الغربي فيها، رغم ان
فريق الممانعة لا يقول ذلك بصريح العبارة.
إذن هي سوريا. بيضة القبّان، التي يراهن السعوديون
على سقوط نظامها من أجل تعديل الموازين السياسية، واستعادة
الأنفاس والنفوذ الضائع، وتأكيد الأيديولوجيا السعودية
الوهابية، وإعادة تصديرها الى هناك.
لماذا سوريا؟
لأن إسقاط نظام سوريا ـ بالنسبة للسعودية وللغرب ـ
يعني توجيه ضربة قاصمة لحلف الممانعة، ورداً كبيراً على
النجاحات المتتالية التي حققها ذلك الحلف. وإذا ما نجح
هذا المشروع، فإنه يعني إضعاف المقاومة عامة في المنطقة
وبالخصوص في فلسطين ولبنان. ويعني هزّ النفوذ الإيراني
في المنطقة الذي جاء على حساب السعودية، وربما يعني لها
وللغرب بداية لضرب النظام الإيراني والتخلص منه برمته،
فضلاً عن ضرب النفوذ السياسي لأعداء حلفائها الحريريين
في لبنان، واستعادة بعض الدور في العراق والتأثير عليه،
وهو الأمر الذي فشلت السعودية فيه حتى الآن.
لماذا سوريا؟
لأن سوريا ـ بالنسبة للسعودية ـ المكافئ طائفياً للعراق.
والسياسة الخارجية السعودية لم تبرح حساباتها ومؤثراتها
الطائفية المحركة لها والمستهدفة لها. كان السعوديون يقولون
للأميركيين، لن نقبل بحكم الشيعة في العراق، إلا إذا خسر
العلويون الحكم في سوريا! وسوريا بالنسبة للسعودية (مهد
السلفية)؛ منها جاء ابن تيمية، وعدد من مشايخ السلفية
الذين يعتبرون رموزاً للحركة الوهابية منذ نشأتها. سقوط
النظام في سوريا ينظر اليه سعودياً أكثر من سقوط نظام
سياسي. إنه انتصار مذهبي، طالما بحثت عنه السعودية وفتشت
عليه. لا عجب أن نرى الخطاب الطائفي السعودية هو الذي
يغذي الوضع هناك، ولا عجب أن تبنى الآمال من قبل مشايخ
الوهابية (سوريين وسعوديين وغيرهم) من أن سقوط الأسد سيفتح
لهم بوابة لجعل سوريا (قلعة الوهابية الجديدة)! ولا عجب
أن يختطف الوهابيون ـ الذين لا يؤمنون بالتظاهر ضد ولي
الأمر! ـ الحراك السوري ويحولونه باتجاه العنف، وبالتالي
يضعون الإنتفاضة السورية في وضع خطر، دون أن يشعروا بذلك
(انظر العدد الماضي من الحجاز).
لماذا سوريا؟
لأن سوريا تمسك أوراقاً عديدة في المنطقة العربية،
تضيّق الخناق على السعودية ونفوذها هي وحلفائها المحليين
والغربيين، ابتداءً من قضية فلسطين وعملية السلام والوضع
المقاوم في لبنان ودعم حماس، والتأثير على الوضع في العراق،
والتأثير على تركيا ومكانتها في العالم العربي، والبوابة
باتجاه العراق، ومفتاح العلاقة في الحل والسلم مع اسرائيل،
كما هي مفتاح العلاقة مع إيران. لهذا، فإن سقوط النظام
السوري يعني الشيء الكثير للغرب وحليفتيه إسرائيل والسعودية،
يؤمل منه تغيير الموازين في الشرق الأوسط لصالحه ولصالح
حلفائه.
لكن ماذا سيحدث إذا لم يسقط النظام في سوريا، الذي
تعقد حول سقوطه الآمال؟ كيف ستكون طبيعة العلاقات السعودية
السورية؟
لا شك أن النظام في سوريا مستبدّ، ولكن البديل المطروح
اليوم لازال غير ديمقراطي، بل خياراً طائفياً وهّابياً.
خياراً غربياً يريح اسرائيل، ويرضي الغرب، والسعودية.
ومع هذا فإن هذا الخيار قد لا ينجح. والأرجح أنه لن
ينجح. ويحتمل أن تتحول الأمور الى ما يشبه الحرب الأهلية
الداخلية. لماذا؟
المجتمع السوري متعدد طائفياً وإثنياً ودينياً وعشائرياً
ومناطقياً. والثورة في المجتمعات المتعددة عامة يفترض
ـ لكي تنجح ـ أن ترفع شعاراً وطنياً ديمقراطياً جامعاً،
بغية تجسير الإنتماءات المختلقة وتحقيق اجماع داخلي من
كافة الفئات على التغيير. لا يكفي هنا في سوريا ـ كما
في البحرين الأقل تعدداً بالقياس الى سوريا ـ أن تتحرك
الأكثرية، أو بالأصح جزء (ما) من تلك الأكثرية، لكي يحدث
التغيير المنشود. لا يصحّ أن يكون تحرّك الأكثرية وفق
شعارات طائفية صارخة، لأن هذا سيؤدي الى ضياع الإجماع
الذي تحتاجه أية ثورة، ويحدث تكتلاً مقابلاً مناهضاً،
حتى من أفراد تلك الأكثرية، كما هو حال الصوفية في سوريا
التي ميزت مواقفها ووقفت الى جانب النظام. لم يستطع دعاة
التغيير تحقيق اختراق في الجبهة المقابلة، بسبب الخطاب
الطائفي وغياب الخطاب الوطني والديمقراطي من جهة. ومن
جهة أخرى، بسبب اختطاف حراك الشارع السلمي باتجاه العنف
المقابل لعنف النظام.
وهذا هو الخطأ القاتل في الحراك السوري حتى الآن. فالحراك
السلمي أجدى، وأقلّ كلفة من الناحية البشرية، ثم إنه خيار
أخلاقي يثقل كاهل كل من يستخدم العنف ضد شعبه، أي أنه
يفقده التعاطف الإنساني العام، ويجعله مجرداً أخلاقياً،
وقد يحدث انشقاقات في مؤسسته الأمنية والعسكرية. إن النظم
المستبدة لا يمكن مواجهتها في نقطة قوتها، وهي نزعتها
الحادّة باستخدام مؤسسات الأمن والعسكر. أية معارضة هي
أضعف عسكرياً من أن تواجه مؤسسات كهذه. وإن اللجوء الى
العنف والقتل والتهجير على أساس الهوية الطائفية ـ كما
حدث ـ يمنح النظام فرصة ذهبية لتحقيق إجماع داخلي مضاد
لضرب الإنتفاضة عبر إطلاق القوة المقيّدة لتفعل فعلها.
هذا ما تنبّه له اليمنيون والمصريون وغيرهم. لكن في الحالة
السورية، جرى عكس ذلك، ومنذ البداية، بتشجيع من السعودية
ومشايخها الوهابيين، الى حد قول الشيخ اللحيدان، رئيس
المجلس القضائي الأعلى السابق في السعودية، بأنه يجوز
قتل ثلث الشعب السوري لإنقاذ الثلثين!
الآن وقد حدث ما حدث، فإن الخيار المتاح للمجتمع السوري
المتعدد هو العودة الى الشعارات الأولى في الإصلاح ضمن
أجندة واضحة ومحددة للتغيير. وإلا فإن الخيارات الأخرى
لا تتعدى: حرباً أهلية؛ أو تدخلاً غربياً على الطريقة
الليبية حيث اختطفت الثورة لصالح الغرب وصودر قرار قادتها،
مع ان هذا الخيار صعب التطبيق بالنسبة لسوريا.
في كل الأحوال، لا يبدو أن سقوط النظام السوري بالطريقة
القائمة أمراً ممكناً في المدى المنطور. في هذه الحالة:
كيف سيكون شكل العلاقات السورية السعودية؟
حتى الآن، فإن سوريا تتجنّب الصدام الإعلامي والسياسي
مع السعودية، وحتى مع دول الخليج الأخرى، كقطر والإمارات.
لم ترد على الحملات الإعلامية والتحريض على العنف، إلا
بصورة جزئية، دون أن تسمّي دولة بعينها، بل أن وزارة الخارجية
السورية ملتزمة بالصمت الشديد، الى حدّ أن نقداً وجّه
إليها من قبل أطراف سورية محسوبة على النظام.
واضح أن النظام السوري لا يريد فتح معارك مع السعودية،
واختطّ طريقاً سياسياً آخر. ربما، هو يعتبر السعودية مجرد
تابع وجزء من معركة أكبر، وأن الأساس هو الغرب وفي مقدمته
العواصم الثلاث واشنطن ولندن وباريس. هنا الموقف السوري
الرسمي واضح. لكن في حال استعاد النظام السيطرة على الأوضاع
بمزيج من القمع وحزمة الإصلاحات التي قدّمها، فإن الأمور
قد تتغيّر. لقد كشفت الأحداث في سوريا المخبوء السعودي،
ومدى استعداد الرياض لمواجهة دمشق، بالرغم من أن تراجعاً
سياسياً سعودياً عن التصعيد حدث في قمة الكويت 2009، لكن
سرعان ما عادت الرياض الى وضعها السابق، الذي يرى دمشق
عدوّاً يجب اسقاطه.
ومما أكدت عليه الأحداث، أن السعودية والغرب ودول الخليج
الأخرى، إنما كانت تعاقب دمشق على نهجها السياسي الذي
اتخذته، خاصة في أمرين: دعم المقاومة في فلسطين ولبنان
(حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى وحزب الله)، والعلاقة
المتميزة والإستراتيجية مع إيران، تلك العلاقة التي أزعجت
الغرب وأودت بالنفوذ الإقليمي للسعودية الى الحضيض. وكانت
الولايات المتحدة وخلال العقد الماضي قد نصحت السعودية
في تصريحات علنية بأن تقوّي علاقتها مع دمشق وتقدّم اليها
الإغراءات لتغيير مسارها هذا، لكن الرياض لم تقم بذلك،
واختارت سبيل المواجهة، ما أفضى الى مزيد من الخسائر في
النفوذ الذي تحدثنا عنه بداية المقالة.
من الواضح حتى الآن، أن سوريا قد تكون أكثر اقتناعاً
بنهجها السياسي، وإذا ما كان هذا صحيحاً، فإن العلاقات
السعودية السورية ستبقى متوترة الى فترة طويلة، خاصة وأن
الرياض اهتبلت فرصة الاحتجاجات السورية لا للتأكيد على
إصلاح النظام، وإنما لإسقاطه، وأثبتت أنها تتمنّى هذا
الأمر أكثر من أي شيء آخر لأسباب تمّ شرحها.
لكن يبقى هناك احتمال أن تعود الأمور لمجاريها، إما
بتعديل السعودية لسياستها تجاه دمشق، لأسباب داخلية تتعلق
بتغيير في هيكل القيادة العجوزة، أو لحراك سعودي إصلاحي
داخلي يشغل الرياض عن العبث في شؤون غيرها، أو لأنها قد
تواجه عزلة بسبب تغير الأوضاع في المنطقة كلها بفعل نتائج
الثورات وما تسفر عنه من ضعضعة للسعودية ونفوذها أو حتى
أمنها (من اليمن مثلاً). وقد يكون النظام السوري في حال
استعاد وضعه، مستعداً لفتح صفحة جديدة مع الرياض وفق مصلحة
يراها، أو خطر يراد درؤه، وليس بالضرورة وفق قاعدة (الإنتقام)
والمعاملة بالمثل.
الأيام حبلى بالأحداث. وعلينا أن ننتظر ونرى كيف ستؤول
الأوضاع في سوريا أولاً، ثم سيكون لكل حادث حديث!
|