السعودية تقود الثورة المضادة
- النائب البريطاني، جوناثان إدواردز:
من الصعوبة بمكان فهم لماذا كانت بريطانيا تدرّب قوات
تنتمي لأنظمة قمعية وغير ديمقراطية إنه وجه صادم لديمقراطيتنا
- نيكولاس جيلبي، من حملة مكافحة تجارة
السلاح: تدريب الحرس الوطني السعودي مكّنه من تطوير
تكتيكات في قمع النهوض الشعبي في البحرين
هاشم عبد الستار
تحت عنوان: (المملكة المتحدّة تدرّب قوات سعودية لقمع
ربيع العرب) كتب جيمي دوارد، وفيليبا ستيوارت في جريدة
الأوبزرفر البريطانية في 28 مايو الماضي بأن بريطانيا
تقوم بتدريب الحرس الوطني التابع للسعودية ـ وهو قوة النخبة
الأمنية التي جرى نشرها خلال الإحتجاجات الأخيرة في البحرين
ـ في تدابير فرض النظام العام وباستعمال أسلحة قنّاصة.
وقد أغضب الكشف عن هذا الخبر مجموعات حقوقية، وأشارت الى
أن وزارة الخارجية تدرك بأن سجل حقوق الإنسان في المملكة
ـ السعودية ـ هو (مثير للقلق بدرجة عالية).
|
قوات سعودية مدربة بريطانياً
لقمع ثورة البحرين |
وفي رد فعل على الأسئلة التي قدّمت تحت قانون حرية
المعلومات، أكّدت وزارة الدفاع بأن (شركات بريطانية تقوم
بصورة دائمة بتنظيم دورات للحرس الوطني على الأسلحة، والتدريب
الميداني، والمهارات العسكرية عموماً، وكذلك إدارة الأحداث،
والتدريبات على التخلّص من القنابل، والبحث، والنظام العام،
والقنص). ويتم تنظيم هذه الدورات عبر البعثة العسكرية
البريطانية إلى الحرس الوطني السعودي، وهي وحدة سريّة
تتألف من 11 موظفاً في الجيش البريطاني تحت قيادة عميد.
رد فعل وزارة الدفاع البريطانية، الذي حصلت عليه الصحيفة،
يكشف بأن بريطنيا ترسل ما يصل الى 20 فرقة تدريب الى المملكة
سنوياً. وتدفع السعودية رواتب ضخمة لكل من (موظفي البعثة
العسكرية البريطانية، وكذلك تكاليف الدعم مثل السكن والنقل).
استعملت العائلة المالكة في البحرين 1200 من القوات
السعودية للمساعدة في إخماد التظاهرات في آذار (مارس)
الماضي. وفي ذلك الوقت، قالت الحكومة البريطانية بأنها
(قلقة للغاية) حيال تقارير عن انتهكات حقوق الإنسان قامت
بها تلك القوات. وقال نيكولاس جيلبي، من حملة مكافحة تجارة
السلاح: (إن الدور المهم لبريطانيا في تدريب الحرس الوطني
السعودي في الأمن الداخلي طيلة سنوات عديدة مكّنهم من
تطوير تكتيكات للمساعدة على قمع النهوض الشعبي في البحرين).
ويعتقد محللون بأن العائلة المالكة في السعودية مستميتة
في دعم موقعها في المنطقة من خلال المحافظة على الأنظمة
القائمة في الخليج، والذي سيساعد على الحدّ من القوة المتصاعدة
لإيران.
يقول أوليفر سبراج، من منظمة العفو الدولية: (لقد عبّرنا
العام الماضي عن قلقنا بأن السعوديين يستعلمون أسلحة تزّودها
المملكة المتحدة في هجمات سرية في اليمن والتي أدّت الى
مقتل العديد من اليمنيين المدنيين).
وأكّد وزير الدفاع نيك هارفي للبرلمان بأن القوات المسلّحة
التابعة للمملكة المتحدة قدّمت تدريباً للحرس الوطني السعودي.
وقال: (من المحتمل أن بعض أعضاء الحرس الوطني السعودي
الذي نشر في البحرين قد يكونوا قد تلقوا تدريبات من قبل
البعثة العسكرية البريطانية).
التأكيد بأن التدريب كان مكرّساً للحفاظ على النظام
العام في المملكة يعتبر ضمنياً موضع إحراج للحكومة. وكونه
يأتي في نهاية إسبوع، حيث صادقت قمة جي ـ 8 في فرنسا على
تمويل البلدان التي تعتنق الديمقراطية في ظل ربيع العرب،
فإن ـ التأكيد ـ أدى الى إتهامات بأن السياسة الخارجية
للحكومة في صراع مع نفسها.
النائب جوناثان إدواردز، الذي تقدّم بطرح أسئلة في
البرلمان الى وزارة الدفاع حول روابطها بالسعودية، قال
بأنه يجد من الصعوبة بمكان فهم لماذا كانت بريطانيا تدرّب
قوات تنتمي لـ (أنظمة قمعية وغير ديمقراطية). يقول أيضاً:
(إن هذا الوجه الصادم لديمقراطيتنا لكثير من الشعوب في
العالم، حيث أننا ندعم أنظمة من هذا القبيل). ويضيف: (إنه
لأمر نفاقي بصورة فاقعة لقيادتنا في المملكة المتحدة ـ
العمالية أو المحافظة ـ للحديث عن دعم الحريات في الشرق
الأوسط وأماكن أخرى، في الوقت الذي تقوم بتدريب قوات قمعية
للديكتاتوريات).
رد فعل وزارة الدفاع البريطانية صدر في العام 2006،
ولكن حين سئلت هذا الاسبوع أكّدت بأن بريطانيا كانت تقدّم
تدريبات للحرس الوطني السعودي لتحسين قدراته في مجال (الأمن
الداخلي، ومكافحة الإرهاب)، وذلك منذ العام 1964 واستمرّت
في ذلك حتى الآن. أعضاء من الحرس، والذي تأسس من قبل العائلة
المالكة بسبب خشيتها من أن الجيش النظامي لن يساندها في
حال الثورة الشعبية، جرى تقديم أماكن لهم في دورات عسكرية
تحت العلم البريطاني في ساندهيرست ودارتموث. وفي السعودية،
تواصل بريطانيا تدريب الحرس ضمن برامج (القنّاصين الماهرين
الحضريين) وهو أمر أكّدته وزارة الدفاع البريطانية.
في العام الفائت، صادقت بريطانيا على 163 رخصة تصدير
لمعدات عسكرية للسعودية، تقدّر قيمتها بـ 110 مليون جنيه
إسترليني. وشملت الصادرات عربات عسكرية، ورشّاشات قناصة،
وذخيرة أسلحة صغيرة، ونواظير ليلية عسكرية. وفي العام
2009، زوّدت المملكة المتحدة السعودية بقنابل يدوية، وقنابل
مسيلة للدموع، ووسائل للسيطرة على الشغب.
وقال سبارج بأن اهتزاز النظام الذي يصدر ترخيصاً بتزويد
خبرات وأسلحة عسكرية لحكومات أجنبية قد فات موعده. واضاف:
(نحن نريد إمتحاناً أشدّ صرامة بناء على متابعة دقيقة
حالة بحالة لسجلات حقوق الإنسان لأولئك الذين يريدون شراء
معداتنا وتلقي تدريبات).
من جهة اخرى، وصف متحدّث بإسم وزارة الدفاع دول الخليج،
بما فيها السعودية، باعتبارها (شركاء أساسيين) في الحرب
ضد الإرهاب. وقال المتحدّث: (من خلال تقديم التدريب للبلدان
بنفس المستويات العالية المستعملة من قبل القوات المسلّحة
في المملكة المتحدة، نكون قد ساعدنا على إنقاذ أرواح ورفع
مستوى الوعي بحقوق الإنسان).
النائب العمالي مايك جيبس، الرئيس السابق للجنة الشؤون
الخارجية المنتخبة، يقول بأن الدعم العسكري البريطاني
للسعودي كان يدور حول تحقيق (توازن صعب): (فمن جهة، تواجه
السعودية تهديد القاعدة، ولكن من جهة ثانية فإن سجلها
الحقوقي مخيف. هذا هو المأزق الدائم الذي لديك حين تتعامل
مع أنظمة ديكتاتورية: هل تتجاهلها أم تحاول تحسينها؟).
|