السعودية: الإرهاب في مكافحة الإرهاب
محمد فلالي
في يوليو 2009، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً
مطولاً عن السعودية حمل عنوان: (السعودية: الإعتداء على
حقوق الإنسان باسم مكافحة الإرهاب)، جاء في 71 صفحة، تحدثت
فيه عن مواصلة السعودية الإزدراء بحقوق الإنسان، وعن (التدابير
الكاسحة والقمعية لمكافحة الإرهاب) بالرغم من تشريع قوانين
واتخاذ اجراءات لإصلاح القضاء، رأت العفو الدولية انها
إيجابية، ولكنها لم تطبق البتة. والدليل أن هناك آلافاً
من البشر معتقلين لسنوات عديدة بدون محاكمة، وهم محرومون
من حقوقهم الأساسية، وكل جرمهم هو التعبير السلمي عن آرائهم.
كما تحدث التقرير عن تفشي التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة
نظراً لغياب الضمانات للمعتقلين، وبسبب أن المحققين يمكنهم
القيام بما يريدونه من انتهاكات دونما الخشية من العقاب.
وفي موضوع الإرهاب الذي يجري التستر باسمه للقيام بكل
تلك الإنتهاكات.. فإن التقرير أشار الى التعريفات الحكومية
لمفردة (الإرهاب) وهي غامضة أو تتوسع لتشمل أموراً بعيدة
كل البعد عن أعمال الإرهاب، ما زاد من القيود المفروضة
على حرية التعبير والإنضمام الى الجمعيات الخاضعة اصلاً
لقيود متشددة ولا يجري التساهل في مجرد انشائها. وأشارت
الى قانون الجمعيات الحكومي الذي تم تمريره عبر مجلس الشورى
الذي يجري تعيين كل اعضائه من قبل العائلة المالكة، والذي
حوى عبارات فضفاضة تؤدي في النهاية الى منع قيام أية مؤسسات
للمجتمع المدني فضلاً عن قيام جمعيات سياسية.
وإزاء التجاوزات الحكومية، لاحظت العفو الدولية أن
السعودية لا ترفع تقارير بشأن المعاهدات الدولية المتعلقة
بحقوق الإنسان، كما أنها لا تهتم بموضوع حقوق الإنسان
في تقاريرها المرفوعة الى (لجنة مكافحة الإرهاب) وأن الحكومة
السعودية لا تأخذ بتأكيدات الأمم المتحدة التي تقول بأن
(احترام الحقوق الإنسانية للجميع وسيادة القانون)هما (القاعدة
الأساسية للحرب ضد الإرهاب) وأنهما (أساسيان لجميع مكونات
الإستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب).
ولاحظت العفو الدولية في تقريرها ان الحكومة السعودية
قامت في عام 2004 باعتقال ناشطين سياسيين سلميين وحاكمتهم
بتهمة التحريض على الإرهاب، بينما هم اكاديميون ومحامون
وصحافيون، كان كل جرمهم الدعوة الى إصلاحات سياسية، في
حين اعتبرت الحكومة المتهمين بأنهم إرهابيون لأنهم حرّضوا
المواطنين على انتقاد (ولي الأمر) وسياسات الحكومة، كما
أنهم حرضوا المواطنين على التشكيك في الطابع الإسلامي
للدولة، وأنهم هددوا استقرار البلاد ووحدتها، وخرجوا عن
الطاعة، وغير ذلك مما أدخلته الحكومة السعودية قسراً تحت
تعريف مكافحة الإرهاب!
وفسّر تقرير العفو الدولية استخفاف الحكومة السعودية
بشرعة حقوق الإنسان، بأنها تعتمد على إمكاناتها الدينية
والسياسية في التغطية على جرائمها، ويضيف: (السلطات تستغل
سطوتها الدينية والسياسية والإقتصادية لتحصين نفسها من
الإنتقادات بشأن سجلها في مضمار حقوق الإنسان من جانب
حلفائها الغربيين، بمن فيهم الولايات المتحدة والإتحاد
الأوروبي، وكذلك من جانب الدول النامية، وعلى ما يبدو
فإن حلفاء السعودية الغربيين لا يعطون لحقوق الإنسان في
البلاد وزناً يذكر، بقدر ما يعطون لمصالحهم الإقتصادية
الخاصة بهم، ولمصالح الحكومة السعودية. وبالمثل، فإن حكومات
الدول النامية لا تبدي استعداداً لأن تعلي صوتها خشية
الإضرار بتدفقات التحويلات المالية التي يرسلها مواطنوها
من العمال المهاجرين العاملين في السعودية). والنتيجة
هي أن (الحكومة السعودية تبدو واثقة من أن المجتمع الدولي،
وبسبب الأهمية الدينية والإقتصادية والسياسية للسعودية،
سيظل يغض الطرف، ويشيح بوجهه عن محاسبتها على ما تقترفه
من قمع للحقوق التي نادى بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان).
ومع ان العالم كله يتحدث الآن بلغة حقوقية، وأكثر الدول
تخشى من الإنتقاد، فإن اللاإبالية هي طابع الممارسات السعودية.
وبالرغم من أن السعودية تتحاشى إصدار القوانين والتشريعات،
لأنها تعلم مسبقاً بأنها تخترقها ولا تلتزم بها، فإن بعض
التعديلات في الشؤون القضائية لم يلتزم بها أساساً، وبقيت
معاملة المعتقلين تتدهور طيلة السنوات الماضية. لكن المثير
في الأمر، هو أن الحكومة السعودية وفي شهر يوليو الماضي،
حوّلت مشروع قانون لمكافحة الإرهاب على مجلس الشورى المعيّن
لإقراره، ويشير حقوقيون سعوديون الى أن وزارة الداخلية
ووزيرها القوي هو من صاغ القانون، وقدّمه.
ومنذ سنوات طويلة كان معلوماً للجميع أن السعودية ـ
كما دول مستبدّة أخرى ـ فضلاً عن بعض الدول الغربية، استخدمت
مفردة مكافحة الإرهاب لقمع مواطنيها أو مواطنين آخرين،
كما حدث للولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وكما
جرى في معتقلات ابو غريب وغوانتنامو وغيرهما. وبحسب تقرير
العفو الدولية، فإن السعودية وسّعت من القوانين والإنظمة
الجزائية التي فرضت لهذا الغرض واستخدمت مفردات الإتفاقيات
الدولية في مجال مكافحة الإرهاب، وسعت من نطاق الجرائم
ذات الصلة بالإرهاب، وتمت صياغة هذه بعبارات غامضة وفضفاضة
قابلة لشتى التفسيرات وبينها مفهوم (الإرهاب) نفسه، دون
أن توفر الحكومة السعودية ضمانة لحماية الحقوق والحريات
الأساسية. هذا الفعل أدى الى زيادة التشويش والتآكل للهوامش
المشروعة المقيدة بشدة أصلاً لحرية التعبير ولغيرها من
الحريات في السعودية، وبالتالي زادت الإنتهاكات الحكومية
لحقوق الإنسان.
وقد اعتمدت السعودية في تعريفها للإرهاب وفي طرق مكافحتها
له، ليس على المواثيق الدولية، وتعريفات منظمات حقوق الإنسان،
ومجلس حقوق الإنسان، التي تعد السعودية عضواً فيه.. كلا.
بل اعتمدت على فتاوى من مشايخها لتوضح ماهية الإرهاب وما
تعتبره من أعمال أو مواقف تصنفها المؤسسة الدينية التابعة
لآل سعود على أنها عملاً إرهابياً. ومن أهم الفتاوى ما
صدر عن هيئة كبار العلماء في السعودية في الفتوى رقم 148
والصادرة في أغسطس 1988.
وحسب الفتوى فإنه يدخل ضمن الإرهاب (الدعاية لأي معتقد
أو أيديولوجية أو فكرة تخالف الإسلام والشريعة، بما في
ذلك التحريض على الفتنة والعصيان، وزرع الشقاق بين المواطنين،
حيث ستطبق قواعد القرار على أي فرد ينتهك تعاليم الإسلام،
أو يقوض الأمن أو يحاول زعزعة أسس الحكم القائم في البلاد).
أي أن نصيب من يقوم بذلك الإعدام حسب الفتوى الدينية الوهابية.
لقد صدرت قوانين عديدة قبل مشروع قانون مكافحة الإرهاب
الجديد، وكلها تصبّ في القمع باسم مكافحة الإرهاب، وبين
ذلك الأمر الملكي رقم م/ 45 الصادر في 30/8/2005 المتعلق
بنظام المتفجرات والمفرقعات. ومثله نظام مكافحة غسل الأموال
لسنة 2003؛ ونظام مكافحة جرائم المعلوماتية لسنة 2007.
كما أن السعودية انضمت الى عدد من المعاهدات الإقليمية
وكلّها تحمل تعريفات فضفاضة للإرهاب، ولذات السبب الذي
تريده السعودية، وهو توسيع فضاء القمع للحريات وزيادة
الإنتهاكات تحت مسمى الإرهاب. من بين تلك الإتفاقيات التي
ناسبت الذوق السعودي فوقع عليها الأمراء: الإتفاقية العربية
لمكافحة الإرهاب لسنة 1998؛ واتفاقية منظمة المؤتمر الإسلامي
لمكافحة الإرهاب لعام 1999؛ واتفاقية مجلس التعاون الخليجي
لمكافحة الإرهاب. كل هذه الإتفاقات تتضمن أحكاماً مقلقة،
وتشمل بتوصيف الإرهاب أعمالاً سلمية، ما يشدد الخناق على
حرية التعبير، والحريات السياسية في البلدان الخليجية
والعربية والإسلامية.
وعموماً فإن الحكومة السعودية لا تلتزم بالمعاهدات
الدولية التي وقعتها، كما أنها رغم قبولها الضمني أن تكون
تلك المعاهدات التي توقعها السعودية جزءً من التشريع الوطني،
فإنها في الحقيقة لا تلتزم بذلك، ولا توجد آلية لاستخدام
تشريعات المعاهدات الدولية التي قبلت بها السعودية في
الإطار القانوني المحلي. وأبسط مثال على ذلك، هو أن الحكومة
السعودية حين وافقت على معاهدة القضاء على جميع أشكال
التمييز ضد المرأة، كتبت في 29/3/2007 الى اللجنة المعنية
بالإتفاقية (إن أحكام الإتفاقية التي تم التصديق عليها
بمرسوم ملكي، تعتبر جزءً من القانون الوطني، وبناء عليه،
يمكن الإستشهاد بأحكام الإتفاقية أمام المحاكم أو أي سلطات
قضائية أو إدارية أخرى في المملكة)! لكننا نعلم أن حقوق
المرأة مهانة في السعودية، حتى مسألة سواقة المرأة، فهل
هذا الحرمان يتوافق مع الإتفاقية، بل هل الأوامر التي
تشبه التشريعات التي صدرت مؤخراً تجاه موضوع سواقة المرأة،
واعتقال السائقات، والتهديد بسجنهن لثلاث أو خمس سنوات،
يتوافق مع الإتفاقية الدولية التي وقعت عليها الرياض؟
|
ذات الأمر ينطبق على مصادقة السعودية على اتفاقية مناهضة
التعذيب، مع تحفظ على المادة 28 التي لها علاقة بتقصي
لجنة مناهضة التعذيب في مزاعم التعذيب التي ترتكبها الدول
المصادقة. فواضح هنا ان السعودية لا تريد أحداً يفتش من
ورائها ماذا تفعل، وما إذا كانت تطبق التزاماتها من عدمه.
كما انها من الناحية العملية لا تعتبر اتفاقية مناهضة
التعذيب جزءً من التشريع الوطني، بحيث يمكن للمتظلمين
وهم آلاف المواطنين الذين يتعرضون للتعذيب والإهانة وهدر
الحقوق الآدميّة من محاكمة النظام السعودي على جرائمه
وانتهاكاته لحقوقهم.
وحتى بالنسبة للقوانين المحلية، فإن من البديهي أن
تقوم الحكومة السعودية بخرقها وعدم الإلتزام بها. وابرز
مثال على ذلك عدم تقيّد الحكومة بنظام الإجراءات القضائية
الذي أُقرّ في عام 2001 والذي فرض حداً اقصى لتوقيف المتهمين
لستة أشهر، في حين أن هناك آلافاً من المعتقلين أمضوا
سنوات عديدة تصل الى تسع سنوات دونما محاكمة حتى، ولا
سبيل لهؤلاء أن ينتصفوا من النظام، لأنه لا يقبل الإحتجاج
والتظلم على هذا الإنتهاك، بل أن مقترح مشروع مكافحة الإرهاب
جاء مصمماً للتخلص من هذه النقطة بالذات، حيث لا يحق لأحد
التظلم إلا بعد الكتابة مباشرة الى وزير الداخلية، ومن
وزير الداخلية تحول القضية أو لا تحول الى القضاء!!
وكما جرى الإعتقال التعسفي، والتعذيب وسوء المعاملة
للمعتقلين، تحت سقف مكافحة الإرهاب، فإنه جرى تحت هذا
السقف المزعوم العديد من المحاكمات الجائرة، كما العقوبات
الجائرة. هناك الآلاف من البشر معتقلين بدون محاكمة ومنذ
سنوات طويلة، للإشتباه بهم في قضايا تتعلق بالإرهاب، أو
لمزاعم متعمدة من قبل السلطة بحق شخصيات حقوقية وسياسية
جرى اتهامها بالإرهاب فاعتقلت تعسفاً وضيّق عليها تعذيباً
وإهانة في السجون، ولم تجر المحاكمة لهم حتى اليوم، كما
هو حال معتقلي جدّة: د. سعود الهاشمي، والدكتور القرني،
والمحامي الرشودي، وغيرهم.
تستهدف الحكومة السعودية من استخدام مظلّة مكافحة الإرهاب،
اعتقال خصومها السياسيين، والإمعان في تحطيمهم عبر التعذيب،
والإسراف في إصدار الأحكام بحقّهم، بحيث تكون مشددة، وهذا
يتطلب السيطرة على القضاء وفرض نمط من الأحكام والتشريعات،
وهو ما يحدث فعلاً، حيث القضاء من الناحية العملية يتبع
وزارة الداخلية السعودية ويأتمر بأمرها، وحيث مشاريع القوانين
تخالف الشرع أساساً فضلاً عن مخالفتها لشرعة حقوق الإنسان.
تهتم الحكومة السعودية بأن يكون القضاة تابعين لها،
ويصدرون أحكاماً يقررها رجال الأمن والسياسة، وأحياناً
بصورة شخصية يقررها الأمير نايف نفسه أو ابنه: فهذا يعتقل
لخمس سنوات، وذاك لعشر وهكذا!
ولكن الحكومة السعودية وبشأن الآلاف من المعتقلين الذين
لم تجر محاكمتهم حتى الآن، والتي لا تنوي توفير محاكمة
عادلة لهم، ولا يوجد لديها قانون في الأساس يوفّر ما تبتغيه
الحكومة من أحكام، أو يبرر لها خروقاتها والتي يأتي في
مقدمتها احتجاز آلاف البشر لمدة تصل الى تسع سنوات بدون
محاكمة.
إزاء هذا، ظلت الحكومة السعودية ولعدة سنوات تشير الى
أنها سوف تقدم للمحاكمة بعض المعتقلين من أولئك الآلاف
بتهمة الإرهاب بعد أن أخضعتهم لمدة طويلة من الإعتقال.
ولكن أية محكمة؟ هل المحاكم العادية؟ أم هناك محاكم استثنائية
خاصة تشرعن ما تريده السلطة وبالتحديد وزارة الداخلية؟
في اكتوبر 2008، قالت الحكومة انها قد هيّأت الوضع
لمحاكمة (إرهابيين) وأنها قد شكلت محكمة جزائية خاصة لمحاكمتهم،
وعينت قاضياً لذلك، ووضعت حراسة مشددة خشية تعرضه للإعتداء،
وقالت وزارة الداخلية أنها حولت 991 معتقلاً بجرائم تتصل
بالإرهاب على تلك المحكمة. ورغم التطبيل للأخيرة، وتهديد
وزارة الداخلية بتطبيق حدّ الحرابة والإفساد في الأرض
بحق المتهمين (أي القتل)، فإن المحاكمات لم تبدأ، ولم
يعلم العالم عنها، ولا سمح للمتهمين بتعيين محامين لهم،
أي أنه لم تتوفر أدنى شروط المحاكمة العادلة، إن وجدت.
ولم يعرف حتى من هم الذين تمت محاكمتهم. لكن بعد أشهر
عديدة وبالتحديد في مارس 2009، قال وزير الداخلية بأن
المحاكمات بدأت، وأن وزارة العدل هي المسؤولة عن ملف المعتقلين.
وهنا توقف كل شيء. لكن لا يبدو أن محاكمات بهذا المعنى
قد تمت بالفعل، حتى ولو كانت سرية، أو لم تستوف أدنى شروط
المحاكمة العادلة أو يتوفر فيها للمعتقلين الحد الأدنى
من الحقوق. كل ما تسرّب حتى الآن، هو إحضار عشرات المعتقلين
أمام قاض، يقوم بقراءة الحكم: حكم عليك بكذا سنة. وأغلب
الأحكام كما قيل تتراوح بين 20 و40 سنة!!
وملخص القول بأن الحكومة السعودية ممثلة في وزارة الداخلية
بالذات لم تعر في سياساتها وممارساتها لمكافحة ما تسميه
بالإرهاب، أية اهتمام لحقوق المواطنين، ولا للتشريعات
الحقوقية الدينية الإسلامية، ولا هي التزمت بالتشريعات
الدولية والإتفاقيات الدولية سواء تلك التي صادقت عليها
الحكومة أو التي لم تصادق عليها، إذ يظهر أن المصادقة
لم تغيّر شيئاً في سلوك الحكومة السعودية، ولا أدّت مصادقتها
على بعض الإتفاقيات الحقوقية الدولية الى تحسين ملفها
الحقوقي واحترام حقوق الإنسان السعودي. ولقد أدّى استخدام
مظلّة مكافحة الإرهاب من قبل السلطات السعودية الى تفاقم
سوء حالة حقوق الإنسان في البلاد، والى زيادة الإنتهاكات،
كما أدت الى وقوع المزيد من ضحايا التعذيب والقتل داخل
السجون. واعتبرت التدابير التي اتخذت لمكافحة الإرهاب
مناقضة لما قيل من وجود إصلاحات قانونية في السعودية،
وأدت تلك التدابير الى تعميم قوانين وأنظمة لا تتوافق
ومعايير حقوق الإنسان، حيث أنها اعتمدت تعريفات غامضة
وفضفاضة لمفردة الإرهاب، وتوسعت في تطبيق سياسات عقابية
على أفراد لا يمكن أن يشملهم مشروع مكافحة الإرهاب كالمطالبين
بالإصلاح السياسي السلمي، وكنشطاء حقوق الإنسان الذين
تم اعتقال العديد منهم.
وحسب العفو الدولية، فإن الإنتهاكات واسعة النطاق لحقوق
الإنسان، قلبت حياة آلاف الأشخاص رأساً على عقب، أو دمرت
بالكامل حياتهم، جراء الإنتهاكات لحقوقهم بإسم مكافحة
الإرهاب. ومع هذا، لا تكل السلطات السعودية في مساعيها
لإبعاد الأنظار عن سجلها المظلم في مضمار حقوق الإنسان،
وإنما تسعى بدأب الى استغلال مواطن القوة التي تتمتع بها
البلاد للتأثير على شؤون العالم كي يشيح بوجهه عن ممارساتها
أيضاً، كما حصل مثلاً من تقاعس مجلس حقوق الإنسان التابع
للأمم المتحدة من تفحص انتهاكات السعودية الخطيرة لحقوق
الإنسان أثناء عملية (المراجعة الدورية الشاملة) لملفها.
إن الاستخدام المفرط للقمع والإنتهاكات لحقوق الإنسان
بإسم مكافحة الإرهاب أمرٌ غير مقبول على أي مستوى من المستويات
العالمية. فقوانين وممارسات الحكم السعودي المتصلة بالإرهاب
لا تتواءم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. هناك إرهاب
تقوم به الحكومة السعودية تجاه مواطنيها بإسم مكافحة الإرهاب.
وهناك إرهابيون حقيقيون يضطهدون البشر ويستعبدون الناس،
ويسرقون الثروات، ويحطمون حياة الملايين من الأشخاص، وهؤلاء
هم أمراء العائلة المالكة ومن يستظلّ بظلّهم.
|