الخلافة بتعيين الملك للأقوى!
أثبت تعيين نايف أن هيئة البيعة ما هي إلا مؤسسة لا
لزوم لها. وقد قتلها مؤسسها ـ الملك، وقبل أن تباشر أول
أعمالها، حين قام بدلاً عنها بتعيين نايف نائباً ثانياً
لرئيس مجلس الوزراء، ما عنى أنه سيكون ولي العهد القادم،
وهو ما تمّ فعلاً.
لقد تدرّج اختيار منصب ولاية العهد، العرش فيما بعد،
ضمن خيارات أربعة حتى الآن:
أن الملك يعيّن وليّ عهده، الأكبر سنّاً، كما فعل الملك
عبدالعزيز مع ابنه الملك سعود، وهذا لم يلغ الصراع، وانتهى
بعزل الملك وطرده من البلاد منفياً الى أن توفي في اليونان.
أن الأكبر سنّاً يحكم، بتوافق مع العائلة المالكة،
ولكن مع عدم الإحتكام الى قاعدة السنّ دائماً، مثلما حصل
للملك فيصل الذي كان الأكبر، وكان مرشح العائلة المالكة
مقابل سعود؛ وأيضاً مثلما حصل لخالد الذي تجاوز شقيقه
محمد برضا هذا الأخير، وكذلك تجاوز الملك فهد سعد وناصر
ضمن الإجماع، وإن كان رغماً عنهما.
العودة الى قاعدة السنّ، مستندة الى القوة (الحرس الوطني)
في حال تنصيب الملك عبدالله، مع تهميش للإجماع العائلي،
أو بالأصح تهميش دور العائلة (أبناء الملك عبدالعزيز)
في اختيار الملك من بينها. وفي نفس الوقت تجاوز الأكبر
سنّاً مثلما حصل لسلطان (تجاوز مشعل) مع إرضاء الأخير
بالمال.
الرجوع مجدداً الى قاعدة التعيين، أي أن الملك يعيّن
وليّ عهده، دون اعتبار للسنّ، ومع أخذ الإعتبار للقوة
على الأرض التي يمتلكها كلاً من المُعيَّن والمعيِّن،
حين قام الملك عبدالله مؤخراً بتعيين الأمير نايف، خلافاً
لرغبة أمراء كثيرين تمّ تجاوزهم وهم الأكبر سنّاً. وهنا
لم يكن لهيئة البيعة المشكلة حديثاً (2006) أيّ دور في
الإختيار وإنما في (البصم) و (الرضوخ) لرغبة الملك.
في المحصلة النهائية، فإن أرجحية السنّ ولكثرة كسرها
وعدم التقيّد بها، صارت من الماضي.
وهيئة البيعة، لن يكون لها دور حقيقي، بعد اختبارها
الأول، في اختيار أيّ ملك قادم.
لم يبق إلا تعيين الملك لولي عهده، تماماً مثلما كان
النظام الأساسي يقول، تحت حجة الأصلح، قبل ان تحذف المادة
لصالح هيئة البيعة الميّتة.
التعيين هو الوسيلة الأولى والأخيرة لولاية العهد،
ولكن وفق قاعدة (الأقوى) بين الأمراء، وليس (الأصلح).
أي وفق موازين القوى المادية على الأرض للأمراء.
هذا هو مستقبل الخلافة في السعودية.
|