التغيير في السعودية
دويل ماكمانوس
كتب دويل ماكمانوس، الصحافي في جريدة (لوس أنجلس تايمز)
مقالاً في 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي بعنوان (التغيير
في السعودية) جاء فيه:
حققت النساء في السعودية إنتصاراً صغيراً هذا العام
(2011) ولكنه واعدٌ. لا، لم يسمح لهم بقيادة السيارة،
فذلك لا يزال ممنوعاً. غالباً، لا يستطعن العمل، والسفر،
أو حتى فتح حسابات بنكية دون موافقة ولي أمر ذكر. ولكنّ
بإمكانهن الحصول على هذا: تستطيع النساء السعوديات الآن
شراء ملابس داخلية من المحلات فيها محاسبات نساء، بدلاً
من أحياناً الرجال غير المستقيمين الذين اعتادوا توظيف
المقابلين (أي الرجال). وإذا ما استمرت موجة اللبرلة المعتدلة،
فقد يحظون بغرف ملائمة المقاس (fitting rooms).
قد لا تبدو لافتة على هذا النحو، ولكن في عملية التحديث
الجامدة في المملكة ذات الصلّة بالتقاليد، فإنها خطوة
هامة. (إنها بداية التغيير الاجتماعي الحقيقي)، بحسب إيمان
نفيجان، وهي واحدة من الجيل الجديد من الناشطات السعوديات،
وقد أخبرتني بذلك خلال تناول القهوى في الرياض، العاصمة،
الاسبوع الفائت. وتضيف (سيسمح ـ القانون الجديد ـ للمزيد
من النساء بالعمل في الأسواق التجارية. وأن تلك خطوة باتجاه
المزيد من الفرص لتوظيف النساء بصورة عامة).
لم يكن من السهل الحصول على حق بيع الملابس الداخلية.
فقد كان تمّت مناقشة هذا التغيير منذ العام 2005، ولكن
عارضه المحافظون الرافضون للسماح للمرأة بالعمل خارج المنزل
ـ رغم ذلك، في هذه الحالة، فإن هذا المنع أرغم المرأة
على المساومة مع الرجال على أسعار الصدريّة والكيلوت (الملابس
الداخلية للنساء). وقد تغيّر القانون فقط بعد أن أمضت
النساء عامين يحرضّن عبر حملة (فيسبوك) تدعى (كفى إحراجا)،
وبعد ما تشجّع وزير العمل على تطبيق مرسوم من الملك عبد
الله (قد تعتقد بأن لدى الملك أشياء أخرى للقيام بها،
ولكن المرسوم الملكي هو السبيل الوحيد ذي أهمية لتحقيق
التغيير في شيء بالغ الأهمية في السعودية).
هذا هو الكيان الصغير، حسب نفيجان، لكيفية تحسّن الحياة
بالنسبة للنساء في السعودية: ببطء، وليست قاطعة على الأطلاق.
بحسب التوصيفات السعودية، فإن عبد الله يعتبر تحديثياً،
فقد طوّر تعليم المرأة، بما يشمل آلاف من البعثات الجامعية
في الولايات المتحدة، وقد وعد أيضاً ببدء تعيين النساء
في مجلس الشورى المعيّن ـ ولكن ليس قبل عام 2013 (ليس
هناك سلطة تشريعية منتخبة). وحتى الآن، كل خطوة صغيرة
للأمام، تحرّض على مقاومة شرسة من التقلديين، بمن فيهم
علماء الدين الذين يحذّرون بأن التغيير غير ديني وأن النساء
المحافظات اللاتي يقلن بأنهن يحببن الطرق القديمة هن أفضل.
النقاش يتواصل حتى في داخل عائلة نفيجان، وهي عائلة
مرتخية ولكنها ليست ثريّة في الطبقة الوسطى العليا في
الرياض. فعمُّها المحافظ غاضب عليها كونها تتحدث أمام
الملأ العام وقد طالبها بالتوقّف. (يقول بأنه سيجعلنا
جميعاً منبوذين، ولكن والدي وإخواني يقفون إلى جانبي)،
حسب قولها.
بدأت نفيجان، 33 عاماً، التدوين باللغة الانجليزية
قبل سنوات قليلة (saudiwoman’s Weblog) أو (www.saudiwoman.me)،
والتي تعكس اهتمامات المتعلّمات، وخصوصاً النساء السعوديات
الناشطات الى الجمهور العالمي. وقد كتبت عن الحقوق الأساسية
(لاتزال النساء السعوديات غير قادرات على التصويت)، وزواج
الأطفال (في المناطق الريفية، البنات في أعمار 8 سنوات
قد يعطين لرجال طاعنين في السن للزواج بهن)، وقضايا على
صلة بالحياة اليومية، مثل قيادة السيارة والتسوّق (والدي
يفضّل أن أدوّن عن الطبخ السعودي)، تقول ذلك على سبيل
الفكاهة وهي تضحك.
مشت الى بهو الفندق للقاء بي وهي ترتدي عباءة سوداء،
وهي القماشة التي تغطي الجسد من الرأس الى القدم تضعها
النساء السعوديات في الحياة العامة، وكذلك الإشارب الذي
يغطي معظم إن لم يكن كل شعرها. وقد جاءت بصحبة أخيها خالد،
الذي جاء ببشاشة كسائق ووخادم. وقال إنه يدعم نشاطها.
وقال (كل تلك القيود المفروضة على النساء هي حماقات).
زوجها، مهندس اتصالات، يدعم هو الآخر مواقفها، حسب قولها.
لديها أطفال ثلاثة، وتدرّس اللغة الانجليزية، وتقوم بإكمال
العمل في مرحلة الدكتوراه في اللسانيات.
كسبت حركة النساء السعوديات الاهتمام الدولي في يونيو
الماضي حين جرى اعتقال خمس نساء على الأقل لتجرؤهم على
قيادة سياراتهن في مدن البلاد: (نفيجان، التي لم تتعلّم
على قيادة السيارة مطلقاً، قامت بتصوير حركة الإحتجاج
تلك كمرافقة في سيارة صديقة). ولكن قيادة السيارة لم تكن
الشيء الرئيسي الذي جعل الحكومة غاضبة (قيادة السيارة
من قبل النساء محتمل في المناطق الريفية)، ولكنه تحدي
الضوضاء، والاحتجاج الذي حظي برواج واسع.
قضية قيادة السيارة أصبحت ممّلة قليلاً حسب نفيجان:
(إن الحظر سيتغيّر في أحد الأيام، أنا متأكّدة من ذلك.
ولكن في الوقت الراهن، فهن سعيدات بأن ما يطالبن به هو
قيادة السيارة بدلاً من إسقاط الحكومة).
الأكثر أهمية من قيادة السيارة، حسب قولها، هي قضايا
مثل الحقوق القانونية الأساسية (شهادة المرأة في المحاكم
لها نصف وزن شهادة الرجل)، التوظيف (لا يزال يمنع على
النساء الأعمال التي يجب فيها عليهن الإختلاط بالرجال
ـ باستثناء التدريس، والتطبيب، والآن، عمل المبيعات في
محلات نساء)، والممارسة الريفية المستمرة بإرغام البنات
اليافعات على الزواج. تقول نفيجان (إنها غير مقبولة إجتماعياً
لمعظم السعوديين، ولكن إنه تقليد، وإن هناك الكثير من
المقاومة لاعتباره غير قانوني).
هل يعني ذلك أن المرأة المدينية التحديثية في السعودية
تريد نبذ الملكية ـ النظام البطريركي النهائي ـ والهرولة
نحو الديمقراطية؟ على النقيض تماماً. (ثورة مثل تلك التي
حدثت في مصر وتونس ستكون السيناريو الأسوأ هنا، حسب نفيجان.
(معظم السعوديين هم محافظون. وإن الانتفاضة الشعبية هنا
ستجعل المحاربين السلفيين بمثابة ليبراليين. وسنتحوّل
نحن الى طالبان).
إذا كانت على حق، فإن الليبراليين، الديمقراطيين، التحديثيين
الثقافيين في البلاد يقعون في مصيدة في مأزق غريب بالإعتماد
على ملك يبلغ من العمر 87 عاماً وخلفائه الذكور للحماية.
أفضل السيناريوهات، حسب قولها، سيكون من أجل جناح تقدّمي
في العائلة المالكة للوصول الى السلطة حال رحيل عبد الله،
رجال سوف يواصلون تحريك الاقتصاد السعودي الى القرن الحادي
والعشرين فيما يحافظون على بقاء سياسة البلاد متجذّرة
بقوة في القرن السابع. ولكن ليس هناك ضمانات; وريث العرش،
ولي العهد الأمير نايف، 78 عاماً، ينظر إليه بوصفه محافظاً
ـ وكما يبدو في وضع صحي جيد.
في غضون ذلك، وكما تقول نفيجان، فإن نساء السعودية
سوف يحافظون على تنظيم أنفسهن عبر جلسات القهوة الخاصة
وغرف المحادثة على شبكة الانترنت. (لا يمكننا أن نشكّل
إتحاداً، فذلك غير قانوني) حسب قولها.
وسوف يرحبون جميعاً بالإهتمام الأجنبي الذي بإمكانهم
الحصول عليه، كما حصل خلال مسيرة الاحتجاج بقيادة السيارة
ليوم واحد في شهر يونيو الماضي.
تقول نفيجان (حين يحدث الأجانب ضجيجاً حول حقوق النساء،
فذلك أمر حسن، لأن من غير المسموح لنا فعل ذلك)، وتضيف
(كلما كانت القضية أكثر إحراجاً للحكومة، كلما كان من
المحتمل حلّها). بعد كل ذلك، فقد حصلت النساء على ذلك
التغيير في محلات الملابس الداخلية. وفي هذا الوقت من
العام القادم، كما نأمل، قد يسمح لهن بقيادة السيارة.
|