الملك المؤمن: عبدالله بن عبدالعزيز!
بقلم مجتهد @mujtahidd
هو شخصية لها تجربة حياتية مدتها مرتين ونصف قدر تجربة
عزوز (عبدالعزيز بن فهد)، مليئة بالأسرار التي تدحض مزاعم
الذين وصفوه بالرجل الصالح. ابتداءً، فإن أباه الملك عبدالعزيز
لم يكن محبّاً له، بل تشاءم بولادته، وعامله منذ طفولته
تعامل المنبوذ؛ وهو نفسه يؤكد ذلك في مجالسه الخاصة. وحتى
في صور الملك عبد العزيز مع الأبناء (فيما عدا الصورة
الجماعية) لا يظهر الملك عبدالله إلاّ في صور حشر فيها
نفسه حشراً، كما في رحلة أبيه الى مصر، منتصف الأربعينيات
الميلادية الماضية.
|
الملك السعودي كثير الإيمان
والصلاح! |
ومن المعروف أنا أباه كان يعاقبه كثيراً على سلوكياته
السيئة، بالجلد والضرب التأديبي أمام إخوانه، وفي بعض
الأحيان كان يكلّف العبيد (الرقّ لم ينته إلاّ في الستينيات
الميلاية) بجلده إمعانا في تأديبه. هذا وقد عاقبه والده
بالسجن ما لا يقلّ عن سبع مرات، بعضها بسبب القفز على
محارم الناس، وبعضها بسبب المجاهرة بالخمر والسكر. أخطر
وأشهر قصص سجنه، حين سجن مدّة شهرين بعد تورطه في فضيحة
سنة 1948 ميلادية مع أخيه ناصر، وعدد من أبناء الرشيد،
وقتلت فيها امرأة، وصارت حديث مدينة الرياض حينها. والفضيحة
تلك كان لها تفاصيل، وطريقة السجن التي تمت في بئر المصمك
لها تفاصيل أيضاً.
الفضيحة الثانية للملك السعودي الحالي، محاولته القفز
على أحد المنازل، تبيّن في التحقيق إنها لغرض سيء. ورغم
سجنه وجلده، كرّر المحاولة، وقُبض عليه، وضوعفت له العقوبة،
ومع هذا لم يبالي!
الفضيحة الثالثة تمت في نهاية حكم سعود أو بداية فيصل،
فقد كانت إحدى الدوريات في جولة عادية في (راس خشم العان)
شرق الرياض، فتفاجأت في أعلى الجبل بالمنظر التالي: صاحبنا
كان في وضع سيء كما خلقه ربه مع (....)؛ وحين تفاجأ بالدورية،
رفع السلاح بوجهها، فتراجعت الدورية، وانسحب إلى السيارة
لوحده وترك (...) لمصيرها.
والملك عبدالله كان أيام حكم والده وحكم أخيه سعود
لا يُعطى إلاّ الحدّ الأدنى من العطايا المالية، ويُمنع
من الهدايا العينية، وكان أخوه طلال يعطيه من عنده، لأن
طلال (مدلّع) وغني. ولأن طلال أكرمه كثيراً، فقد شارك
معه في تشكيل (الأمراء الأحرار) مع أن مستواه الذهني والثقافي
والفكري يجعله في مقام لا يفقه فيه حتى معنى كلمة حرية.
وعرفانا بالفضل لطلال، اشتغل عبدالله ـ الملك الحالي ـ
وبالسرّ مديراً لمكتبه في الرياض، وصار يجمع الأخبار عن
فيصل وسعود ويرسلها للأمراء الأحرار: طلال، وعبد المحسن،
وفواز، وبدر، في الخارج. وحين اكتشف سعود أن عبدالله قد
مال مع طلال بسبب إغداق المال عليه، عيّنه في منصب مهم
يدرّ عليه أكثر من عطاء طلال، فتخلى عبدالله عن الأخير
فوراً، وترك الأمراء الأحرار.
بتعيينه في المنصب المهم (رئاسة الحرس الوطني) حدث
تحوّل مهم في حياته، ليس فحسب بسبب المنصب، ولكن أيضاً
بسبب تعيين وكيل له صار منذ ذلك الحين بين يديه مثل المريد
عند مشايخ الصوفية (عبدالعزيز التويجري). وسبب نظرته الأستاذية
لوكيله، هو أن الفارق الذهني والثقافي بين الشخصين، كان
مثل الفارق بين تلميذ ابتدائي، وبروفسور في الجامعة، فضلا
عما يتميز به التويجري من الدهاء والحنكة؛ في حين أن الملك
عبدالله، وخلافاً لما يُشاع عنه، لم يدخل الابتدائية حتى،
بل تعلّم في القصر مباديء القراءة والكتابة وحفظ بعض السور
القصيرة!
وبعد اندلاع المشكلة بين سعود وفيصل واستقالة المسؤولين،
أعيد تعيينه سنة 1964 من قبل فيصل، وكان وقتها متردداً،
لولا أن أقنعه وكيله الداهية (وجاء به من بيروت). والتويجري
الداهية، لم يتمكن من تثقيف تلميذه الملك عبدالله بسب
محدودية استيعابه، وعدم جديته، ولم يتمكن من تقليل هوسه
بالمتعة، لكنّه أثّر عليه في ثلاثة أمور، هي:
الأمر الأول: أنه يكتب له (أو يرتب من يكتب له) كلّ
خطاباته ومراسلاته، ويراجع له كل أوراق،ه وفي هذا الأمر
أبدع وكيله، فجعل من عبدالله متميزاً جداً بين أخوانه.
الأمر الثاني: أنه يلقّنه وبالتفصيل كيف يتعامل مع
إخوانه، وماذا يقول لهم، وأيّ موقف يختار تجاه أي تطور
حتى يضمن مستقبله، ومركزه وتمكينه من الحكم مستقبلا. وزيادة
على ذلك كان التويجري يعلم عبدالله تفاصيل البروتوكول،
وكيف يتخلّص من آثار (المتعة) حين يستعدّ لاجتماع معيّن.
الأمر الثالث: وقد كان تأثيره ضاراً لعبدالله (الملك
حالياً)؛ فقد تغلّبت النزعة الفكرية المنحرفة للوكيل الداهية
على التخطيط الناجح، فتسبب في ضرر لصاحبنا تمّ تداركه
لاحقاً. الوكيل له نزعة ناصرية، حقنها بالقوة في ذهن عبدالله
محدود العقل، فتبناها هذا الأخير بطريقة حمقاء مضحكة،
فارتبطت القومية عند صاحبنا بلبنان وكثرة السفر للبنان.
|
الوكيل التويجري: صانع الملوك
|
كان عبدالله (الأمير يومها) معجباً وبشكل مضحك بكمال
جنبلاط، وذلك بسبب تأثير الوكيل عليه، وحين تبين أن العلاقة
بينهما مخالفة لتوجه الدولة، خشي الوكيل الداهية أن تؤثر
سلبياً، فجعلها وكأنها مهمة احتواء لجنبلاط لصالح المملكة
وحشر معه موسى الصدر. ورتّب الوكيل على يد صاحبنا دعوة
لجنبلاط والصدر لزيارة الرياض، فأحسن وفادتهما، وانتزع
منهما تصريحات مؤيدة للمملكة، وبهذا أنقذ الوكيل نفسه،
وانقذ صاحبنا.
وإلى أن وصل عبدالله الى منصب الرجل الثاني في الدولة
لم يكن يعرف الجدّ والمسؤولية مطلقا، سوى الاجتماعات واللقاءات
والمناسبات التي لا مفرّ منها. وكان قبل ذلك المنصب لا
يعرف إلا سعة الصدر والمتعة بكافة أنواعها (الحلال منها
والحرام)؛ وبرنامجه السنوي والشهري واليومي مرتبط بتلك
المتعة، بحيث ترك المنصب ليديره بالكامل وكيله الداهية،
فيما تفرّغ هو للقنص، وزيارات لبنان، حيث يقضي شهرين على
الأقل في القنص سنوياً، اضافة الى عدة أشهر أخرى في لبنان.
بوصوله الى منصب الرجل الثاني في الدولة، تحولت وجهته
إلى المغرب، وذلك بعد أن اكتشف أن العائلة الحاكمة هناك
تحمي المتعة وتوفر الظروف لها أفضل بكثير من لبنان. وعبدالله
ـ الملك حالياً ـ كان وإلى عهد قريب مهووسا بالزواج بدرجة
ينافس أخاه سلطان، والزواجات التي نعرفها فقط 70 مرة طلق
66، وبقي على ذمته أربع زوجات.
روّج التويجري لصاحبه عبدالله ـ الأمير سابقاً والملك
حالياً ـ بأن الأخير قومي عروبي، ينضح رجولة وفروسية ومروءة،
وأنه مترفع عن الشهوات والسفاسف، مثلما يروج أبناء التويجري
له الآن بأنه رجلُ الإصلاح الأول! فيما يتعلق بالابتعاد
عن الشهوات، اسأل (س.ت) المشهورة بـ (يا الله صبوها القهوة
وزيدوها هيل)؟ ومن الذي ضغط عليه من إخوانه كي (يلغي الزواج)
منها، حتى لا يفضحهم؟ واسأل أطباءه كم قلقلوا على صحته
بسبب إصراره على سكوتش كامل (700 مللتر) قبل النوم، ولم
يخفف ذلك إلا قبل سنوات ولم يفعل ذلك تديّناً، بل خوفاً
على الصحة فقط! ومعروف عن عبدالله أنه في رحلاته لا يسمح
في جلساته الخاصة إلا لمن يشارك بتناول (الروحيات!!) ويطلب
من أخوياه طرد من يرفض إذا كان شخصا عادياً، وتطفيش (المحترمين)!
تزوج عبدالله (الأمير سابقاً والملك حالياً) من عائلة
آل فستق (لبنانيون من أصل فلسطيني) وله مع محمود فستق
علاقة قوية، وكان لفستق، وناجي نحاس، دوراً في التعويض
عن عجزه في الشؤون المالية. فستق هذا، هو الذي علم عبدالله
كيف يبيع حصصه النفطية في سوق النفط؛ وهو الذي علمه ـ
بالتنسيق مع وكيله الداهية ـ تضخيم صفقات الحرس الوطني
العسكرية، من أجل الحصول على العمولات الضخمة. ولم يفقد
عبدالله الثقة بفستق في الصفقات التجارية، حتى بعد ان
تسبب في خسارة له بمليار ونصف المليار دولار في صفقة استثمار
بالفضة، في بداية الثمانينات الميلادية. ومحمود فستق هو
الذي تحدثت عنه صحيفة أمريكية بصفته (نسيب ملك المستقبل
في السعودية)، ونشرت له فضيحة مصورة يقبـّل رجلا آخر،
أحرجت صاحبنا (الأمير يومها) كثيراً!
ومن الذين أحبهم صاحبنا لدرجة العشق: المجرم السوري
رفعت الأسد؛ النائب السابق لأخيه حافظ؛ وقائد سرايا الدفاع؛
وفي الوقت الذي كان رفعت ينفذ مجزرة حماة ومجزة تدمر ومجازر
أخرى، كان صاحبنا الأمير عبدالله يستمتع بليالي الأنس
معه تحت مظلة أنها علاقة من أجل عروبة سوريا! وما يقال
أن رفعت عديل لصاحبنا غير صحيح، لكن إحدى زوجات رفعت وبنت
فستق (بنات خالة). وكان عبدالعزيز بن الملك عبدالله قد
حظي بحصة كبيرة في صفقة الجوال السورية وصفقات أخرى، من
بينها احتكار تنفيذ المشاريع المعتمدة على هبات السعودية
لسوريا.
وهناك دليل آخر على أن عبدالله بريء من دعم العروبة:
ألا وهو تأييده الشديد للسادات في صلح كامب ديفيد، مخالفاً
في ذلك سياسة الدولة وقتها والتي كانت مع الموقف العربي
ضد السادات. ورغم أن الملك فهد كان قد همش عبدالله، ألا
أن الأخير، ولشدة حماسته لكامب ديفيد، طلب من وزير الإعلام
حينها، عرض أطول ما يمكن من تفاصيلها في التلفاز.
ومع أن عبدالله لم يقصر في سرقاته لكن يمكن التمييز
بين مرحلتي ما قبل التمكين وما بعده. ما قبل التمكين جمع
ما بين 20 و 30 مليار دولار. كما حصل على الكثير من هبات
الأراضي منذ أيام فيصل ثم خالد وفهد، وقد باع عبدالله
معظم تلك الهبات التي تضمنت أحياء النسيم والنظيم في الرياض،
وجمع منها ما لا يقل عن 10 مليارات. كما حصل على بضعة
مليارات من أعطيات النفط في حكم خالد، رتبها له الملك
فهد حتى لا يعترض على هبات النفط للآخرين؛ ثم استمر فهد
يعطيه هبات النفط بعد أن أصبح ملكاً. وتقدر عطاءات الكاش
التي حصل عليها عبدالله في مجموعها ـ وعلى مدى حكم خالد
وفهد ـ بضعة مليارات، هذا غير دخله المنتظم من الأسرة
ومن منصبه الكبير كرئيس للحرس الوطني.
حصل عبدالله كما سلطان في وزارة الدفاع على عمولات
ضخمة في صفقات السلاح والمدن العسكرية وبرامج التطوير
للحرس الوطني، والتي كان وكيله الداهية ـ عبدالعزيز التويجري
ـ يأخذ نصيباً كبيراً منها له ولأبنائه.
وعودة للفساد المالي، فقبل أن تصبح التريليونات بين
يديه، استفاد عبدالله من صفقات الحرس بطريقة (سكّيتية)
بمنافع أقل فقط بقليل من منافع سلطان من الجيش. من الصفقات
القديمة التي استفاد منها بالمليارات هو ووكيله وفستق
وأخرون في نهاية السبيعنات وبداية الثمانينات الصفقات
التالية:
ـ صفقة المدرعات (المدولبة) من بلجيكا، وصفقة وناقلات
الجنود، ومركبات الدعم اللوجستي من بريطانيا، والرادارات
الفرنسية، وقطع عسكرية أخرى من أمريكا.
ـ كما استفاد وبالميارات مما يسمى بـ (مدن الحرس الوطني)
في الاحساء والدمام وخشم العان وجدة ومباني أخرى، مثل
مبنى الرئاسة وفروعه، ومستشفيات الحرس الوطني. لقد استفاد
من هذه المشاريع أبناء عبدالله، وكذلك أبناء وكيله، وهم
عبد المحسن وخالد ومحمد وحمد وعبد السلام، الذين تظهر
اسماؤهم في الشركات المنفذة للمشاريع.
ـ أما مشروع تطوير الحرس الوطني التابع لشركة فينيل
الأميركية، فالفساد فيه محدود نسبياً؛ لأنه برنامج بطبيعته
شفاف، والجهات التي تعمل فيه أمريكية يلزمها القانون بالشفافية.
أما فساد عبدالله بعد أن أصبح ملكاً (بعد التمكين!)
وكذلك فساد أبنائه، فله حديث آخر.
|