يوتوبيا المشروع الكوني
الثورة السوريّة تحيي الحلم الوهابي
فريد أيهم
في تجارب التدخل السعودي في العقود الثلاثة الأخيرة
يمكن ذكر ثلاثة نماذج:
1/ النموذج الأفغاني، الذي
بقدر ما وهب النظام السعودي فرصة للحد من تأثيرات الثورة
الايرانية في العام 1979، حيث أن الساحة الأفغانية ساهمت
في الابقاء على دور الرعاية لدى آل سعود في المجال الإسلامي
السني، الى جانب نقل مجاميع شبابية الى منطقة نائية يزاولون
فيها (سياحة) الجهاد على طريقتهم، عبر الانخراط في الصراع
الدولي بين القطبين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيياتي.
ولكن هذا النموذج ما لبث أن تحوّل الى كابوس فاق عليه
العالم في الحادي عشر من سبتمبر 2001، وبات النظام السعودي
يحصد ثماره المرّة منذاك حتى الآن، وهو ما يجعله حذراً
في تنشئة عفريت آخر لتخويف الآخرين منه ثم يصبح هو مصدر
خوفها الدائم.
2/ النموذج العراقي: منذ
سقوط النظام العراقي في 9 إبريل 2003، بدأت البيانات الصادرة
عن مشايخ الصحوة والتشكيلات الناشئة عنهم تشحن الأجواء
السلفية بموجات تحريض ضد معادلة الحكم التي أعقبت سقوط
النظام، وراح المشايخ يهللّون بلغة طائفية منفلتة تحت
عنوان (الدفاع عن أهل السنة في العراق)، الى حد أن الاعلام
السعودي الرسمي بات أسير خطاب غرائزي بنكهات طائفية مقيتة.
وفيما كانت التعبئة القتالية وفتاوى التكفير وحملات التبرّع
بالمال للجماعات القاعدية تنتقل الى العراق، وتحصد أرواح
العراقيين دون تمييز العسكري عن المدني، والمرأة عن الرجل،
والطفل عن الشيخ، والسني عن الشيعي، والمسلم عن المسيحي،
والمرافق الحيوية للمجتمع (المدارس، والشوارع، ومحطات
الكهرباء، والجسور، ومنابع المياه، ورياض الأطفال)، عن
المنشآت الحكومية والعسكرية..كلها كانت أهداف مشروعة بالنسبة
للمقاتلين والجماعات القاعدية التي تتلقى الدعم المالي
والمعنوي والعقدي من مشايخ المؤسسة الدينية ومن مشايخ
الصحوة أيضاً الذين يناصرون الثورة والحرية والديمقراطية
حالياً..!
كان النموذج العراقي في التدخّل السعودي من أسوأ أنواع
التدخل، لأنه كان يستهدف النيل من حق الحياة، ويطمح إلى
إفراغ كل ما تربى عليه الأفراد في المدرسة السلفية من
تعاليم راديكالية واستئصالية ضد الآخر قام بتطبيقها عملياً،
فكان يقود الشاحنات الانتحارية لتفجيرها وسط الأسواق،
وبالقرب من المدارس، ووسط طلاّب الجامعات لأن جميعها تعتبر
في نظره أهدافا مشروعة ترضي الرب وتوصل الى الجنة على
الفور وتضمن وجبة عاجلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم!
حشود العناصر المقاتلة التي انتقلت الى الساحة العراقية
تحت عنوان مقاتلة (الصليبيين والروافض..) لم تكن دونما
غطاء رسمي ديني وسياسي، بل إن الساحة التي يقاتل فيها
القاعديون الآن من سعوديين وأجانب أي حمص وحماة ودير الزور
والقامشلي، كانت في يوم ما قاعدة لانطلاق المقاتلين الذين
يتقاطرون عبر طائرات تأتي من جدّة ودون هويات ووثائق سفر
وتحط في تلك المدن حيث يعبر منها الى الساحة العراقية
لتنفيذ عمليات التفجير والتفخيخ..
ولكن أثبت غالبية الشعب العراقي بأنه شعب يريد الحياة،
ويرفض دعاة الموت، ونجح في كسر مخطط السعودية ودول خليجية
أخرى مثل قطر والإمارات التي كانت تساهم في تمويل الجماعات
المسلّحة، وتراجعت موجات العنف، مع أنه لاتزال مجموعات
القاعدة والعناصر المقاتلة المدعومة من الخليج تعمل الى
جانب فلول النظام البعثي السابق من أجل تخريب العملية
السياسية وإعادة عقارب الساعة للوراء.
3/ النموذج السوري: قبل أكثر
من عام، كان الحديث السائد وسط التيار السلفي السعودي
يدور حول سبل مساعدة الثوّار السوريين، وليس من قبيل الصدفة
على الإطلاق أن يكون اختيار المناطق والثوّار انتقائياً،
فأين ما تواجدت عناصر للتنظيمات المرتبطة بالقاعدة، كان
استهدافها بالمساعدات والتعبئة والنشر مركّزاً..لمناطق،
ومدن، وحتى قرى سورية رمزيتها في الوعي السلفي الوهابي،
لأن بعضاً من رموز السلفية تتحدّر من بلاد الشام مثل شيخ
الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن القيم والشيخ ابن كثير والشيخ
ناصر الألباني والشيخ جمال الدين القاسمي وغيرهم..على
أية حال، فإن غالبية الشعب السوري تنتمي الى المذهب الشافعي
وهناك من أتباع المذاهب الاسلامية الأخرى أيضاً..
حلم لطالما راود التيار السلفي الوهابي بزوال النظام
السوري الحالي، وإقامة دولة على المذهب السلفي، رغم أن
أتباعه أقلية في سورية، ولكن كما هي عقل (الفتوحات) وأدبيات
(الغزو والرباط)، فإن الأمل الذي يحدو السلفيين هو تغيير
وجه سورية الحالي.
منذ انطلاق الثورة الشعبية في درعا وانتقالها الى الشمال
الشرقي بدت عمليات التعبئة والاستنفار في الوسط السلفي
على المستويين الرسمي والأهلي، بل ثمة في تصرّفات المشايخ
والدعاة وحتى رجال الحكم السعوديين من اعتبروا ما يجري
في سورية معركتهم وحدهم دون سواهم، ولذلك يكاد ينحصر التفاعل
مع الحدث السوري في هذا البلد، وفي منطقة وجماعة واحدة.
مبادرة تسليح الثوّار سعودية بامتياز، رسمية وشعبية،
لم تنطلق دعوة بهذا الوضوح والزخم الشعبي والديني كما
انطلقت في نجد، فيما يعارض عدد كبير من قادة المعارضة
السورية الانزلاق بالثورة الشعبية السلمية الى العنف.
ما يجري الآن من حملات التحريض والتعبئة والتحشيد والخطاب
المنفلت يستعيد أجواء الثمانينات حين كانت الدولة بمؤسساتها
الدينية جمعياتها الخيرية تعمل دون هوادة لنقل الفائض
من المال والسخط والشحن الديني الى الساحة الأفغانية لمواجهة
القوات السوفييتية، في سياق مشروع أميركي أوسع.
يدرك النظام السعودي مخاطر هذا الجو المصنّع حالياً
في معقله التقليدي، أي نجد، ووسط أنصاره، فيما المناطق
والفئات الإجتماعية الأخرى لا تكترث لمزايدات النظام الذي
يحارب بالثورة السورية من أجل مآرب أخرى..ولذلك، فإنه
وحده من يستشعر خطر هذا النوع من التعبئة غير المنضبطة
التي يقودها مشايخ ودعاة بعضهم يريد الشهرة، وآخر يريد
الثراء، وثالث يريد توظيف التفاعل الشعبي لدعم مشروع القاعدة
وتمرير أموال الى جماعاتها في الخارج.
بدا آل سعود كما لو أنهم قادرون على خطف اهتمام الرأي
العام المحلي ونقله الى خارج الحدود، ومشاغلته بالثورة
السورية التي تكاد الوحيدة التي حظيت باهتمام رسمي سياسي
وديني بخلاف الثورات العربية الأخرى التي إما بقيت منبوذة
الى حين تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود في شكل الحكم،
أو خضعت لتدخل سعودي عسكري أو مالي أو أيديولوجي أو مجتمعة.
فقد نشرت صحيفة (التايمز) اللندنية في 28 مايو الماضي
تقريراً أكدت فيه تصعيد الدول الخليجية وخاصة السعودية
وقطر من دعمها لما أسمته الصحيفة بالارهابيين في سورية
عبر تزويدهم بكميات كبيرة من الأموال تتجاوز كثيراً تعهدات
الدولتين العلنية في مؤتمر (اصدقاء سورية) في اسطنبول
شهر نيسان (إبريل) الماضي. وقالت الصحيفة ان الارهابيين
حصلوا على تعزيزات جديدة مع استلامهم لأموال مهربة من
دول الخليج وبدء تدفق المجموعات المتشددة دينيا ناقلة
عمن وصفته منسّق (الجيش الحر) في الخليج قوله إن (الرواتب
التي تدفع لهم تضاعفت تقريبا هذا الشهر مع عبور كميات
كبيرة من الأموال الحدود حالياً)، مشيرا الى أن هناك طرقاً
عديدة لإيصال المال إلى البلاد يتم استغلالها جميعها الآن.
واضافت الصحيفة إن السعودية وقطر هما اللتان تقودان
الاندفاعة لتمويل (الجيش الحر) في نفس الوقت الذي القت
فيه المجموعات الدينية وعلى رأسها الاخوان المسلمون بثقلها
المعتبر خلف جهود التمويل أيضاً مشيرة إلى أن قطر والسعودية
ودولاً خليجية اخرى تعهدت بتقديم 100 مليون دولار في اجتماع
(اصدقاء سورية) في اسطنبول، لكنّ ممثلي (الجيش الحر) أكّدوا
بأن الرياض والدوحة مضتا أبعد بكثير من التزامهم ذاك وأنهما
تعملان حالياً مع الولايات المتحدة والحلفاء الاقليميين
لنقل السلاح إلى سورية. وأشارت الصحيفة إلى أن الدولتين
كانتا متلهفتين للمساعدة في اسقاط القيادة السورية وغضتا
الطرف عن المتبرعين الاثرياء والمجموعات المتشددة دينيا
مستغلتين اطلاق ادارة أوباما العنان لهما للمضي في ذلك.
وأكدت التايمز حصول المسلحين على أسلحة أحدث وأفضل ومن
ضمنها قذائف مضادة للدبابات.
لا يكاد تقرير الصحيفة ينتشر حتى ارتفعت وتيرة حملات
التبرع بطريقة فوضوية وغير مسبوقة عقب مجزرة حولة بالقرب
من حمص، وانطلقت الدعوات من كل الأرجاء وعلى مواقع التواصل
الاجتماعي تحث الناس على التبرع والتسليح بل والجهاد.
وعاد مشايخ الصحوة بكل أطيافهم، فقد شارك الشيخ الصحوي
سلمان العودة في تأسيس هاشتاقات لدعم الجيش السوري الحر
منها (#الشعب_يريد_تسليح_الجيش_الحر) وعارض في هاشتاق
آخر ( #منع_التبرعات)، وكتب مقالاً في موقعه (الاسلام
اليوم) بعنوان (الأسد فقد صوابه ودعم الجيش الحر صار واجباً).
وا قتفى أثره مشايخ مثل ناصر العمر وعوض القرني وعايض
القرني ومحمد العريفي.
الإعلامي جمال خاشقجي، مدير قناة العرب التابعة للوليد
بن طلال، شارك على طريقته في التحشيد والتعبئة، وكتب في
29 مايو تغرّيدة بما نصّها (أهم دعم يجب ان يوفر للجيش
الحر هو شبكة اتصال آمنة وفعالة تمكنهم من التنسيق بينهم
في الداخل ومع المعارضة في الخارج وتمنع احتمال الخلاف
بينهم). وكانت تغريدة لافتة، خصوصاً حين تصدر من رجل شبه
رسمي، أو على الأقل محسوب على الرسميين. الناشط السياسي
البحريني علي ربيعة تساءل: ألا يعتبر هذا تدخلاً في شئون
دولة مستقله وذات سياده؟ فأجاب خاشقجي: نعم ولكن لم تعد
ذات سيادة؟ فدفع هذا الجواب فضول الناشط ربيعة لسؤال عن
مزيد من التوضيح: نورنا يا أستاذ كيف لم تعد ذات سياده؟
وانقطع الحوار، ربما لإحساس خاشقجي بأن الوقت ليس للحوار
وإنما لبث أفكار في كيفية إيصال السلاح والمساعدات، وسبل
تكتيل وتوحيد صفوف قوى المعارضة.
كان يمكن أن يكون 27 مايو يوماً حاسماً في المجتمع
السلفي، حيث أمكن استغلال الإنفجار العاطفي لصالح ما كان
يضمره الصحويون والقاعديون وحتى اللصوص في ثياب دينية
من خطط. اللافت، أن سبل المساعدة تبدأ بالمال وتنتهي بالمال
أيضاً خصوصاً في الوسط الصحوي، أما المقاتلون فيتكفّل
به أفراد آخرون خضعوا تحت تأثير مغنطة التوجيهات الدينية
المزخومة بالوعد والوعيد..
كان يمكن أن يكون ذلك اليوم بداية مرحلة جديدة يستعيد
فيها المشايخ زمام المبادرة وتحييد الدولة وعزلها تدريجاً،
وما يضمره ذلك من تنشئة أجواء مناسبة لولادة شكل متطوّر
من القاعدة تكون فيها سورية منطلقاً لكل خارطة العمليات
العسكرية العابرة للدول والقارات..ولكن على ما يبدو، تنبّهت
الحكومة الى خطورة خروج مشروع توجيه وتمويل وتسليح الثورة
السورية من يدها، فقرّرت أن تأخذ إجرءات فورية وحاسمة.
العريفي في التحقيق
في 28 مايو تمّ استدعاء الشيخ الاستعراضي محمد العريفي
الى إمارة الرياض على خلفية تشكيله ومشايخ آخرين لجنة
العلماء لنصرة سوريا، وقضى ساعتين وقعّ بعدها على تعهد
بعدم جمع التبرعات لسوريا..وقال في تغريدة له (أرجو ممن
عزم المجىء لجامع البواردي للتبرّع ألا يكلف نفسه). وفي
اليوم التالي 29 مايو كتب العريفي باقة تغريدات يلخّص
فيها ما جاء في التحقيق معه على النحو التالي:
ـ في جلسة التحقيق أمس ـ (28 مايو) ـ بإمارة الرياض
ذكرتُ لهم أربعة أسباب دفعتنا لإنشاء لجنة العلماء لنصرة
سوريا:
ـ لأن لبلادنا موقعاً دينياً اقتصادياً وموقفها سياسياً
واضح بنصرة سوريا وأفتى مفتينا بوجوب نصرة الجيش الحر
فتحركنا لترجمة ذلك واقعياً.
ـ لأن الناس يبحثون عمّن يوصل تبرعاتهم سوريا، والدولة
لم تقم حملة تبرعات فكثر الذين يجمعونها سِراً لا نعرف
صدقهم فأقمنا اللجنة.
ـ لأن قيام علماء ثقاة بجمعها ويوصلونها لثقاة سوريا..خيرٌ
من استمرار أشخاص يجمعونها في الظلام.
ـ لأن تشجيع الدولة والمفتي دعم الجيش الحر ثم منع
التبرعات هو مثل أمر الناس بصلاة الجماعة..فإذا توجهوا
للمساجد وجدوها مقفلة.
ويضيف: قلت بالتحقيق: الدولة تستفيد منا في الملمات..أنا
عضو لجنة مناصحة الموقوفين..وطُلبت رسميا لحرب الحوثيين..فلما
أنشأنا اللجنة صِرتُ غير ثقة!
ونقل عن المحقّق قوله: أنتم خوارج..قلت: بل ثقاة عقيدتنا
معروفة..مأذون لنا تدريس العقيدة بكل مكان. قال: لكنكم
تجمعون تبرعات بلا إذن ولي الأمر.. لاتعليق!
يواصل العريفي تقريره: قلت للمحقق: الرافضة الصفويون
يرسلون خُمس أموالهم..ملايين لقم والنجف.. لدعم بشار وتدريب
جنود يُرسلون إليه.. ونحن لما جمعنا صرنا خوارج!! ويمضي
(الحملات الإعلامية والمشايخ البكّائين بالقنوات! مرحلة
انتهت..الآن جمع فلوس لمجاهدين عن دينهم وأعراضهم.. ويدفعون
خطراً قد يصلنا. أما نستحي أن تجمع الدول الأموال لدعم
سوريا وعلماؤها يقيمون المهرجانات لذلك..ونحن نودع (ونحن
مرعوبون) لحسابات بالكويت والبحرين!..إن لم ندعم مجاهدي
سوريا بأموالنا.. وينتصروا.. فبشار ورافضة إيران (و..
) مقبلون علينا..فـتَحسَّس رقبة طفلك من اليوم! ثم خرجت).
وبصرف النظر عن دقة تقرير العريفي الذي أدمن إضافة
(بهارات) زائدة على روايات لضمان عنصر التشويق والإثارة،
فإن الرجل كشف عن دوره في خدمة مشاريع النظام السعودي،
وكان يتوقّع من الأخير حفظ الجميل له، ولكن لا يبدو أنه
كان يتوقّع ذلك..
صاحب مبادرة حملة التبرّع الشيخ حسن الحميد كان أول
من خضع للاستدعاء وكتب تغريدة: (تم استدعائي للمباحث بشأن
تبرعات سوريا)، وكذلك الشيخ ناصر الحنيني فقد كتب (استدعيت
رسمياً ومنعت من جمع التبرعات فلا استطيع استقبال أي تبرعات..)،
وأيضاً الشيخ علي بادحدح وقال بأنه (تمّ استدعائي من قبل
مكتب مدير شرطة منطقة مكة المكرمة وأبلغوني بورود برقية
من الأمارة بطلب التعهد بعدم استقبال التبرعات وقد تمّ
امتثالاً للتوجيه).
وحده الشيخ سعد البريك، المقرّب من الحكومة ومن الامير
عبد العزيز بن فهد، من فهم الرسالة مبكّراً، حيث كتب تغريدة
فاترة (بعون الله تعالى ستنطلق حملة دعم (معنوي) مناصرة
لإخواننا في الشام على عدد من القنوات الفضائية لمدة ثلاث
ساعات مساء يوم الأربعاء القادم من 9:30) فجاءه الجواب:
دعمهم المعنوي أكبر من دعمك ياشيخ! ولاحقته التعليقات
الساخرة والتهكمية التي نالت من شكل الدعم المعنوي الذي
يقترحه.
ونشرت الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمملكة إعلاناً
بعنوان (للإخوة في السعودية التبرع للندوة العالمية لدعم
الاخوة في سوريا)، وذكر بأن مكاتب الندوة العالمية للشباب
الإسلامي بالمملكة تستقبل التبرعات لسوريا. ومن بين ما
جاء في البيان: (فتحت جميع مكاتب الندوة العالمية للشباب
الإسلامي بالمملكة استقبال تبرعات المواطنين لأهل سوريا
الشقيقة نفع الله بهذا العمل، ونصر أخواننا في سوريا على
عدوهم، ولمن يرغب في التبرع عليه التوجه لأحد مكاتب الندوة
العالمية في أنحاء المملكة).
لايبدو أن صاحب الاعلان قد تحرّز الرخصة من (ولي الأمر)
قبل أن يطلق الحملة، ويثبّت رقم الحساب البنكي والهاتف
الخاص بالحملة..
شكوك حول حملات التبرع..إلى أين؟
تجربة الناس مع حملات التبرّع ليست على ما يبدو إيجابية
دائماً، فقد تباينت المواقف منها وعبّر مغرّدون عن انطباعاتهم
ومواقفهم المكتومة عبر حملة مضادة انطلقت بعنوان (#منع_جمع
_التبرعات)، وعلّق أحدهم: الحركيون يحاولون إستثمار أي
حدثٍ لتجنيد أتباعهم ضد النظام السياسي، يتذرعون بالقضية
السورية، وبالتبرعات السائبة الخطيرة. فيما ذكر آخر: هذا
القرار ـ قرار منع التبرعات ـ قديم من عام ٢٠٠٢ يجي واحد
يسوي البطل الي مش عارف، ويستغل عاطفة الشعب ويبسط في
مسجد ليجمع التبرعات هذي كبيرة شوي.
وليد الخضري اطلق تغريدات ذات دلالة مثل: (لنتذكر التباطؤ
الكبير جداً والذي يسير بأقل من سرعة السلحفاة في حل ملفات
المعتقلين وملفات الفساد، والسرعة الهائلة التي تم بها)،
وقال في تغريدة أخرى (السرعة الهائلة والكبيرة جداً تصدر
حين يكون الأمر بالمنع أما التباطؤ والتلكؤ والتأجيل والوعود
فهي حين يتعلق الأمر بـ”الحل”).
أحدهم لفت الى حسابات المشايخ الذين يجمعون التبرّعات،
وقال: ناصر العمر لا زال يستقبل التبرعات من منزله!.هل
يكشفون إذاً عن حساباتهم المالية الشخصية؟. ناصر الصرامي
كتب أكثر من تغريدة تدور حول حسابات المشايخ، وكتب: وهل
يكشف المشايخ والدعاة عن حساباتهم الشخصية قبل وبعد التبرعات
في هذه أو غيرها، من باب الشفافية وتأكيد الثقة؟!. أما
المغرّد هيثم طيب فلفت الى الجانب الدعائي من حملات التبرع
وكتب (كيف تجمعون تبرعات لسورية قبل أن تطلق القناة الأولى
(بأمر ولي الأمر) حملتها من أجل التبرعات؟ ألا تدركون
أنكم سرقتم منهم الأضواء؟ فيما تساءل آخر عن حملات التبرّع
الرسمية: ما أخبار تبرعات أفغانستان؟ وما أخبار تبرعات
البوسنة؟ وتبرعات باكستان؟ هل وصلت لمستحقيها؟ للأسف بتنا
نثق بالأفراد أكثر. وجاء من يضع النقاط على الحروف ليقول:
بالنسبة لي لو أُقيمت حملة رسمية من قبل الحكومة لجمع
الأموال لن أُشارك بها. لا أثق بمن يتبرع لانقاذ اقتصاد
امريكا.
آخرون شكّكوا في الهدف من وراء جمع التبرعات. قال أحدهم
بأن قرار منع جمع التبرعات: صادم لكل باحث عن الثراء السريع
محزن لمن كان مصدق إنه بيساعد سوريا متوقع من العقلاء.
وقال آخر: يااارب وش هالعالم اللي ماترتاح لين يجي أحد
يسرق فلوسها!١-دعم إرهاب من فلوسكم ٢- مساهمات من فلوسكم
٣-ظهورهوامير.
التجاذب بين الرسمي والصحوي
المغرّد هاني الظاهري تبرّع بتغريدة لصالح وزارة الداخلية
وكتب: (هذا بريد وزارة الداخلية المخصص للبلاغات الهامة..أبلغوا
عمّن يدّعي جمع الأموال لسوريا للتحقق من مصيرها..)، وتأتي
التغريدة في سياق الحملة المضادة التي قامت بها الحكومة
لوقف حملات التبرّع. طراد الأسمري كتب: (إذا لم يكن هناك
جهات رسمية تقوم على جمع التبرعات للسوريين..فلا تلقوا
أموالكم في جيوب الإرهابيين)، وأوضح سليمان الضحيان في
تغريدة بهذا الصدد: (قالوا جمع التبرعات للجيش الحر قلنا
هذه سذاجة مضحكة يقول بها الدراويش فشراء السلاح ونوعيته
وإيصاله خاضع لتعقيد إقليمي ودولي وليس حكاية دراويش).
المحامي عبد الرحمن اللاحم لفت الى الأبعاد الخفية
وراء حملات التبرّع، وقال: (من أكبر الضربات التي وجهت
للقاعدة تخنقهم مالياً وتجفيف منابع التمويل من خلال مأسسة
التبرعات ومع هذا لا زال بعض الوعاظ يحن لأيام بحبوحتهم
المالية).
وفي الحصاد الإجمالي، صنّف الشيخ سعد الشمري هؤلاء
جميعاً تحت عنوان (الشبيّحة السعوديون) وقال بأن لكل بلد
شبيحة، بما يلفت الى غضب الشيخ من معارضة هؤلاء لحملات
التبرّع..فماهي مناسبة كلمة شبيّحة؟!
ثمة تحليلات انفعالية خرجت للتعليق على قرار منع التبرعات،
لعل أبرزها ما جاء في صفحة ملاحظات جهاز الخليوي الخاص
بأسماء رويشد، (ماحصل من منع التبرعات، تصرّف متوقّع،
لم نفاجأ به وطرح هذا الاحتمال في البرنامج نفسه في قناة
المجد لكن موقفنا الآن المفترض الثبات وسؤال الله الخيرة
وفي أقدار الله من الخير ما لانعلم لا تنسوا أن هذه فرصة
الشيعة وأعداء البلد ينتهزوا الفرصة للظهور والانقلاب.
تذكروا أنهم فشلوا أكثر من مرة في إثارة الشعب وأثبتنا
في أكثر من موقف لحمتنا واتحادنا كونوا قلباً واحداً لئلا
تقوى شوكتهم..).
المغرد مشاري التومي دخل بالعرض على الجدل المتصاعد
حول منع التبرعات، ودسّ طرفة خفيفة الدم في هيئة خبر افتراضي
بأن مظاهرة خرجت في الرياض للتنديد بمنع التبرعات، ووضع
رابط الفيديو، ولكن المشهد كان لقطيع أغنام تصدر أصواتاً
متقطعة.
|