أنا النذير العريان: المعتقلون ملف ينفجر!
القاضي نايف بن علي القفاري
أنا اليوم لا أكتب بصفتي القضائية؛ بل كفرد ينتمي إلى
أسرة منها معتقل ! وبيوت أقاربه وجيرانه وأصدقائه لا تخلو
من معتقل..
أرى أثر احتقان أهالي المعتقلين وأشاركهم فيه، وأعيش
معهم مُوجِبَاتِ الاحتِقَان وأراها عياناً لا تُنقل إليَّ
بواسطة. ترددت على سجون المباحث (عليشة/ الملز/ الحائر)
وتردد والدي وإخوتي على الوزارة التي تُشرف عليها فما
وقفنا إلا على ما يسوء: ثمان سنوات.. مات فيها أقارب أدنون
وولد آخرون.. كبر الصغار على احتقان، وشاب الكبار على
احتقان. سنوات من قهر الرجال عاشها المعتقلون وأسرهم معهم..
ولا زال ملفّهم ترتفع درجة حرارته مع كل لحظة يتغافل فيها
النافذون عن إغلاقه برفع الظلم عن المظلومين، حتى وصل
فيما أحسب إلى درجة من الغليان عالية! يُخْشَى أن يعقبها
انفجار.
إن النواميس الربانية لا تحابي أحداً! هل جاملت الصحابة
يوم أحد؟ ألسنا نراها تتخطف كَرَاسي القومِ من حولنا؟!
وهذا الذي صار في (صحارى مول) هو بداية شرر كالقطر،
ويُوشِك إِن استَمرَّ التغافل أن يكون شرراً كالقصر، ثم
بركاناً هائلاً يبدأ بأعزة أهلها قبل أذلّتهم.
وحينها لا تنفع فتوى مفتي.. ولا تهدأة داعية له قبول
شعبي. صدقوني فأنا النذير العريان.. أقول هذا حباً للعقلاء
والصالحين وكرهاً للفتن !هذا الانفصام الذي تعيشه أسر
المعتقلين مع الدولة منذر شؤم.. ناقوس خطر.. صفارات إنذار
من الدرجة الأولى! وما طَفَا هذا الاحتقان حتى جاهرت به
أسر المعتقلين إلا وقد وصل لمرحلة يوشك أن ينهار بعدها
السدّ !
ولئن كانت مشكلة الدولة مع شخص (المقصود نايف)، فقد
غدت بسوء التعامل وتجاهل نصح الناصحين مشكلة أسرة بأصولها
وفروعها وحواشيها.. ثم لا زالت في اتساع! أشبهها بتلك
الدوائر التي تعقب الحجر إذا سقط في وسط بركة ماء.
إن الولاء يا سادة كالإيمان يزيد وينقص، لكن الولاء
يزيد بالعدل وينقص بالجور. هو يا سادة كالحساب الجاري
لا يمكن أن تسحب منه وأنت لا تودع فيه !
يا أهالي المعتقلين: لن يحمل همكم مِثْلكم.. فلا تنتظروا
من غيركم أن يكفيكم واجبكم. إلزموا سهام الليل.. واصلوا
طرق كل سبيل جائز مشروع. لا تلتفتوا للمخالفين أو المخذلين.
قولوا لمن يعيركم ويتنقصكم: لو كُويت مثل كَيَّتِي
لفعلت مثل فِعْلَتي.. ولو وطئت جمرتي لقفزت فوق قفزتي..
فمن يده في النار ليس كمن يده في النعيم أو بين الدنانير.
تحلّوا بالصبر وتوشحوا بالحكمة، رحماء فيما بينكم،
أشداء على من يقف في طريق حقكم، وتذكروا: (انتظار الفرج
عبادة).
يا عقلاء النافذين.. اسمعوا آهات أهالي المعتقلين قبل
ألا يسمعوا لكم!
|