جنون صفقات التسلّح
الغرب للخليجيين: منكم المال ومنّا العيال!
ناصر عنقاوي
تحول قادة الغرب الى ما يشبه ممثلين عن مصانع السلاح
في دولهم، واختاروا دول مجلس التعاون محطة رئيسية ودائمة
لنشاطهم الدبلوماسي بطابعه الاقتصادي والتجاري. وطالما
أن هناك مالاً وفيراً لدى الدول الحليفة للغرب، فلا بد
من إعادة تدويرها في الدورة الرأسمالية الغربية..
لا تغيب عن سماء الخليج طائرات القادة الغربيين، فما
إن يغادر رئيس أوروبي حتى يحط آخر، والموضوع الرئيسي في
مباحثاته مع قادة الخليج هو بيع السلاح. وتيرة صفقات التسلّح
تصاعدت خلال الشهور الماضية بوتيرة متسارعة، ويعود ذلك
لأن الخليج يكتنز مالياً من وراء مداخيل النفط المرتفعة،
والغرب، في المقابل، مازال يعيش تحت وطأة أزمات مالية
واقتصادية خانقة.
وبات معروفاً أن وراء كل صفقة تسلّح فضيحة فساد مالي
كبرى، فليس هناك صفقة نزيهة، فالأمراء المتصارعون على
صفقات التسلّح يتزايدون عدداً وجشعاً. ولا تكاد تخلو صفقة
سلاح من أمير أو ممثل عنه، وقد باتت شركات السلاح الكبرى
في أوروبا والولايات المتحدة على دراية تامة بطبيعة الاعمال
المطلوبة لجهة الفوز بصفقة سلاح مع السعودية. فهناك هدايا،
وبنات ليل، وأموال يتم تحويلها الى حسابات خاصة وسريّة،
وغالباً ما تكون القائمة معروفة لدى قسم العلاقات العامة
في شركات انتاج السلاح..
|
في صفقة جديدة بين الرياض وواشنطن أعلن عنها مؤخراً
عبارة عن عقد تسلّح بقيمة 7.6 مليارات دولار تشمل 70 مروحية
أباتشي. وأبلغت وزارة الدفاع الاميركية الكونغرس بمشروع
بيع 20 طائرة نقل من طراز سي- 130 وخمس طائرات تموين من
طراز كاي سي-130 للمملكة. وامام الكونغرس، الذي ابلغ مهلة
ثلاثين يوماً لتقديم أي اعتراض محتمل على الصفقة، ويعتبر
العقد بعد هذه المهلة وفي حال عدم الاعتراض مبرماً بصورة
نهائية. وتشمل الصفقة أيضا 120 محرك طائرة و25 "لينك 16"
وهو نظام للحلف الاطلسي مخصص لتبادل معلومات تكتيكية بين
الوحدات العسكرية وقطع غيار إضافة الى التدريب الضروري،
بحسب بيان الوكالة الاميركية.
وابرز المستفيدين من العقد هم شركة صناعة الطائرات
لوكهيد مارتن والمجهزة جنرال الكتريكس وشركة صناعة المحركات
رولس رويس. وقالت الوكالة (ان المملكة السعودية بحاجة
الى هذه الطائرات لوقاية قوتها من التقادم) مشيرة الى
أن 25 طائرة (لن تغير التوازن العسكري في المنطقة).
وزاد النظام السعودي في السنوات الاخيرة بشكل واضح
مشترياته من العتاد العسكري وأبرم نهاية 2010 اكبر صفقة
تسلّح مع واشنطن شملت شراء عشرات الطائرات والمروحيات
بقيمة حوالى 60 مليار دولار. وشملت تلك الصفقة خصوصا 84
مقاتلة قاذفة إف - 15 وتحديث 70 اخرى. وكذلك 178 مروحية
هجومية (70 أباتشي و72 بلاك هوك و36 ايه اتش-6 اي) و12
مروحية خفيفة للتدريب إم دي- 530 اف، وتمتد فترة التسليم
بين 15 و20 عاماً.
وقالت هيئة التعاون للأمن الدفاعي، الكيان المسئول
عن مبيعات الأسلحة للدول الاجنبية في البنتاغون، قالت
في بيان إنها أبلغت الكونغرس الأمريكي بالصفقة المقترحة
لبيع 20 طائرة من الطراز (سي-130جيه-30) و5 طائرات للتزويد
بالوقود من الطراز (كيه سي-130جيه)، إضافة إلى معدات وقطع
غيار ودعم تدريبي ولوجيستي، للسعودية.
وقالت الهيئة إن هذه الصفقة المقترحة (تصب في مصلحة
السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة عن طريق
المساعدة في تحسين أمن دولة صديقة كانت ولا تزال قوة مهمة
بالنسبة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي بالشرق الأوسط).
وأضافت الهيئة أن السعودية تحتاج إلى هذه الطائرات للمحافظة
على أسطولها المتقادم ...إذ تعزز قدرة القوات الجوية الملكية
السعودية على نشر ودعم وتشغيل مثل هذه الطائرات بفعالية).
ولفتت الهيئة إلى أن الصفقة المقترحة في الوقت نفسه (لن
تؤدي إلى تغير في ميزان القوة العسكرية الأساسي بالمنطقة).
في إشارة واضحة الى القوة العسكرية الاسرائيلية التي تبقى
دائماً متفوقة في المنطقة كشرط أساسي وملزم في أي صفقة
عسكرية تعقدها الولايات المتحدة مع دول المنطقة.
ما يلفت في هذه الصفقات أنها لا تحمل بالضرورة أية
بصمة تحوّل استراتيجي بقدر ما هي عمليات تحديث روتينية
لأنظمة دفاع قائمة أو استكمال لأنظمة دفاعية يجري تحديثها
بصورة مستمرة لأنها مصممة كيما تكون مرتبطة بنظام تسليحي
استتباعي يجعل تحديثها الدائم جزءاً من ربط النظام الدفاعي
السعودي بالنظام الاستراتيجي الأميركي ضرورة عسكرية واقتصادية..
ما لفت انتباهنا في سياق التعليق على صفقة واشنطن والرياض،
ما ذكره المواطن أحمد الزهراني في تغريدة له على تويتر
بقوله: (يبدو ان الفساد القادم مع مستقبل مظلم سيجعل من
سوداء اليمامة رمزاً للنزاهة) في إشارة إلى أن حجم الفساد
المالي في الصفقات الجديدة سوف يجعل من الفساد المالي
في ما مضى من صفقات مجرد أرقام زهيدة..فوراء كل صفقة سلاح
فضيحة فساد مالي كبيرة.
|