2013.. عام التغيير في السعودية؟
لعبة الدومينو لم تصل الى نهايتها بعد
في الشرق الأوسط، فلا تزال هناك مناطق مرشّحة لأن تشهد
تحوّلات كبرى، وأن رياح التغيير منذ انطلقت من الغرب هي
في طريقها الى الشرق، وقد وصلت الى المناطق التي كان يعتقد
حكّامها بأنها محصّنة وبمنأى عن التغيير..لقد بات حديث
التغيير محسوماً الآن في المملكة السعودية، ولم يعد الأمر
فرضياً، ولا تكهناً، فهذا الربيع يزحف تدريجاً، ويحاول
حكّامها احتواءه، استيعابه، الالتفاف عليه عبر مبادرات
عبثية، كتشكيل مجلس شورى جديد يضم 30 إمرأة، من أجل كسب
تأييد الغرب..مصيبة العائلة المالكة أنها باتت عاجزة عن
هضم الحقائق الجديدة، وأبرزها أن الناس لم تعد تنتظر دعماً
غربياً أو تكترث لموقف الغرب سلباً أم إيجاباً، ولا للتغطية
الاعلامية شبه الغائبة عن وقائع التحول الداخلي العميق
والسريع، ولا التهويل الامني الذي يزداد شراسة الى حد
اعتقال النساء والاطفال، ولا تدابير كثيرة كان النظام
يلجأ اليها حين يريد قمع الحركة المطلبية..
لقد فرض ربيع الثورة نفسه في مملكة الاستبداد
حتى على الأمراء أنفسهم الذين راحوا يتحدثون عنه تارة
بعنوان التمجيد حتى قال خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة،
بأن الربيع بدأ في المملكة قبل 82 عاماً، موهماً جمهوره
بأن المملكة سبّاقة في التغيير والاصلاح ولكن ليس وفق
شروط الربيع الثوري الديمقراطي، ولذلك لم يلبث أن شنّ
هجوماً على الربيع الحالي في نسخته الحالي وكتب فيه قصيدة
بعنوان (هبوب) اشتملت على هجاء للربيع العربي، واعتبر
ان ما يجري هو لخدمة الدولة الصهيونية وتحقيقاً لفكرة
الفوضى الخلاّقة..
على أية حال، فإن قصيدة خالد الفيصل لم
تلامس الاستبداد السياسي في مملكة ال سعود، والذي يتطلب
تغييراً شاملاً وجوهرياً، وإن تحميل الآخر، مسؤولية مايجري
ليس سوى المحاولة المكرورة واليائسة للهروب..وقد سبقه
أخوه الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات العامة الأسبق
والسفير السابق في لندن وواشنطن، الذي نفى وجود ربيع عربي،
وقال بأن من السابق لأوانه الحكم على ما يجري في الشرق
الأوسط بأنه ربيع (فقد يكون صيفاً أو شتاءً أو زمهريراً).
ومهما كانت التوصيفات لما يجري، فإن مملكة
آل سعود تواجه حركة مطلبية شعبية متصاعدة، لايمكن إيقافها،
بل تفيد المؤشرات بأن ما تشهده هذه البقعة شديدة الحساسية
والحيوية بالنسبة للإقتصاد العالمي ينذر بتحولات غير قابلة
للسيطرة في حال تمسّكت العائلة المالكة بموقف التجاهل
لمطالب الشعب التي باتت قنوات التواصل الاجتماعي (تويتر)
و(فيسبوك) الأكفأ في نقلها بأمانة فائقة.
الصحف السعودية هي الأخرى لم تعد قادرة
على تجاهل ما يجري، بحيث بات طيف من الكتّاب المحليين
ينخرطون في نقاشات جدية وواسعة حول موضوعات ذات مصلة بمطالب
الناس وهمومهم اليومية الاقتصادية والسياسية..فقضايا مثل
الحريات والانتخابات والمشاركة السياسية وحقوق المرأة،
وتدخّل رجال الدين والمطاوعة في خصوصيات المواطنين، وعلاقة
الحاكم بالمحكوم، وشرعية السلطة، باتت عناوين حاضرة في
الكتابات الصحفية اليومية..
|