السعودية: تطلعات شبابية لمجلس تشريعي منتخب
نشر موقع (دويتشه فيله) في 27 كانون الثاني
(يناير) الماضي مقالاً حول الحملة الشبابية على موقع تويتر
للمطالبة بمجلس تشريعي منتخب في مقابل المجلس المعيّن
الذي جرى الاعلان عن أعضائه المائة والخمسين في 11 يناير
الماضي. هذا هو النص:
تعتبر السعودية، ذات الحكم الملكي المطلق، من الدول
القليلة في العالم التي تخلو من مجالس تشريعية منتخبة.
فمجلس الوزراء برئاسة الملك يملك سلطة التشريع ومجلس الشورى
المعين من قبل الملك يقترح القوانين التي يتم رفعها للملك.
|
مجلس الشورى المعيّن |
في أواخر عام 2012 انطلقت حملات إلكترونية شعبية تطالب
العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بتغيير النظام
الأساسي للحكم بحيث يسمح بانتخاب مجلس الشورى السعودي
الذي يحوز فيه الملك على سلطات مطلقة في تعيينه بالكامل.
وقال الشيخ سلمان العودة، وهو من أبرز الشخصيات الإسلامية
في السعودية: “مجلس شورى منتخب هو خطوة إيجابية في طريق
طويل بعدها يشعر الناس أنهم شركاء في الربح والخسارة ويتحملون
مسؤوليتهم”. فيما دعت شخصيا أخرى إلى زيادة صلاحيات مجلس
الشورى قبل الدعوة لانتخابه شعبياً كون الصلاحيات الممنوحة
له حالياً هي صلاحيات إستشارية فقط وليست ملزمة للسلطة
التنفيذية.
وكانت نخب سعودية وعدد كبير من المواطنين السعوديين
قد وجّهوا خطاباً للعاهل السعودي مطلع 2011 بعنوان “نحو
دولة الحقوق والمؤسسات” طالبوا فيه بـ “أن يكون مجلس الشورى
منتخباً بكامل أعضائه، و أن تكون له الصلاحية الكاملة
في سنّ الأنظمة والرقابة على الجهات التنفيذية بما في
ذلك الرقابة على المال العام، و له حق مساءلة رئيس الوزراء
و وزرائه”.
دعوات شعبية لانتخاب مجلس الشورى
عبدالعزيز الحيص، وهو كاتب وباحث سعودي في منتدى العلاقات
العربية والدولية يتحدث لـ (DW عربية) عن جاهزية السعودية
للديمقراطية بالقول: “حتى الديمقراطيات المخضرمة لا تزال
في عملية تحسين مستمرة لذا الوقوف والتردد بدعوى الجاهزية
هو وقوف أمام متغير غير فاعل، وبالطبع حان الوقت وقد تأخر.
ولابد للمجلس أن يكون منتخباً وبصلاحيات تشريعية، لأن
أي غياب لأحد هذين العاملين سيبقيه مجلسا معطلا”.
فيما يتحدث توفيق السيف وهو محلل وكاتب سياسي سعودي
لـ (DW عربية) قائلا إنه “لا يوجد إقرار في أي ورقة رسمية
أو إقرار من مسؤول أن الناس تملك بلدها أو حكومة ممثله
للشعب، وواضح أن فلسفة الحكومة السعودية في الحكم هي أنه
يكفي أن يكون الحاكم صالحا سواء أعجب الناس أم لم يعجبهم”.
ويضيف السيف بأن المجتمع السعودي كان جاهزا للديموقرطية
منذ عام 1966 وكان هناك دستور على وشك أن يصدر يقر بالمشاركة
بالسياسية وكانت الطبقة الوسطى بدأت تتشكل وكان المجتمع
السعودي سيشارك بإيجابية لكن المحاولة أجهضت”.
كوتا نسائية في المجلس الجديد
قبل شهر أعلن العاهل السعودي تعيين نساء في مجلس الشورى
الجديد بكوتا نسبتها 20 % تقريباً، واعتبر عدد من المراقبين
أن هذا التخصيص خطوة إصلاحية كبيرة في مجال تمكين المرأة
فيما رأى آخرون أن ذلك قد لا يعني شيئاً في ظل الصلاحيات
المحدودة للمجلس. وفي هذا الإطار يقول الحيص لـ DW: “يصعب
القول إن هذا التغيير يعتبر عملية إصلاحية، فلا توجد خطوات
إصلاح متوقعة ما دام أن المجلس بقي على وضعه السابق، بلا
انتخاب ولا صلاحيات، وكل ما في الأمر هو أنه قد تمّ التنويع
في جنس الأعضاء الذين ما زالوا ضمن إطارهم المحدود. بالطبع
هذه الخطوة قد ينقل صورة إيجابية إلى الخارج تفيد الحكومة”.
ويعلق الباحث السعودي توفيق السيف على تعيين النساء
للمرة الأولى في مجلس الشورى قائلا لـ DW إن “السيدات
اللواتي تم تعيينهن لسن من النوع المناضل، فلا نعلم إن
كنّ سيفرضن وجودهن أم لا؟” إذ أن هناك ثقافة دينية وتقليدية
في السعودية تقوم على أن “المرأة لا تستشار ولا تتولى
منصب ولاية عامة وتعيينها حديثاً كسر لهذه القاعدة. إن
فتح الأبواب المغلقة أمام النساء خطوه مهمة بغض النظر
عن التعيين والانتخاب، وكنت أتمنى أن تصل نسبة تمثيل المرأة
إلى 25 في المائة كما توصي الأمم المتحدة للدول المنتقلة
حديثاً للديمقراطية”.
جهوزية الشعب السعودي للديمقراطية
وفي إطار المطالبات المتكرّرة لانتخاب مجلس الشورى
تثار تساؤلات عن مدى جاهزية السعوديين للديمقراطية في
ظل التنوع الطائفي والقبلي. الباحث السعودي عبد العزيز
الحيص ينتقد مثل هذه التساؤلات لأن “الشعب السعودي جاهز.
بل أشعر أنه من الذم أن نتساءل هكذا عن شعب. فالانتخاب،
كما أشرت سابقاً، هو تجربة ممارسة مستمرة، وهي مفتوحة
لأي شعب كي يتعلم منها مهما كان مستوى ثقافته أو تعليمه”.
ويضيف الحيص متحدثاً عن عقبات التعصب الطائفي والقبلي
قائلاً: “وحتى لو سلّمنا بوجود علل وأمراض مجتمعية (مع
أن الممارسة الواقعية قد تنفي ذلك) فإنها من ذلك النوع
من العقبات التي كي تتجاوزها لابد أن تمر من خلالها”.
وإذ يقر السيف بوجود الطائفية والتعصب القبلي فإن البدء
بتطبيق الديمقراطية لا مفر منه لمواجهة هذه القضايا ويقول:
“لابد أن تظهر عورات المجتمع القبلية والطائفية. أول الطبخ
عادة يكون خراباً. ومن الأحسن لنا أن تظهر كل هذه التبعات
وتأخذ مداها”. فالتعصب الطائفي والقبلي هما “نتيجة بالشعور
بالحرمان. ونحن في السعودية لا تستطيع فئة قبلية أو طائفية
أن تستغني عن البقية. الشيعي لا يستطيع أن يتخلى عن السني
والقبائل لا تستطيع أن تتخلى عن بعضها، هذا سيكلفهم كثيراً”.
|