الثورة في السعودية!
كبيرة هي كلمة الثورة في السعودية.
هي ممنوعة الإستخدام أصلاً ولا مكان لها في الأدبيات
الدينية الرسمية ولا في الخطاب الإعلامي الرسمي.
قال أحد المشايخ ذات مرة: نحن ضد الثورة. الثورة جاءت
من الثور! والثوران! والثيران!
الثورة نقيض المحافظة سواء كانت لدى نظام حكم أو فكر
أو مذهب.
في فترة سابقة حتى كلمة (الجمهورية) كانت ممنوعة الإستخدام
إلا اضطراراً. بل أن آيات بعينها كانت لا تُقرأ في اذاعة
القرآن الكريم او القنوات الرسمية مثل: (ان الملوك اذا
دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلّة وكذلك يفعلون)!
الثورة على نظام الحكم في السعودية لم تكن في الحسبان
أبداً لدى عامة الناس. حتى الإعتراض عليه كان محاطاً بالخوف
والرهبة ودخول النار!
اليوم تقتحم كلمة الثورة كل الفضاءات الممنوعة، وتصبح
جزء اصيلاً من الخطاب الشعبي. اما معارضة النظام فصارت
أمراً اعتيادياً بعد انفضاح رموزه وفشلهم في إدارة البلاد
وتوفير الحدود الدنيا من العيش الكريم للشعب.
(أؤيد الثورة في السعودية)! هذا هو عنوان هاشتاق (#
وسم) غرّد تحته المواطنون، وكأنه استفتاء شعبي خارج إطار
الرقابة الدينية والسياسية والأمنية.
سعود الحافي، قال بأن (مؤيد الثورات في المملكة هو
ثور! هذا البلد ما فيه فتنة وثورة. ترفرف الرايات وتحلّق
صقور، ويبقى الولاء والحكم لإخوان نورة)! الملك عبدالعزيز
كان ينتخي دائماً باسم اخته نورة ويقول: (انا اخو نورة،
أنا اخو الأنور)!
وقابل الحافي مغرد (عبدالعزيز الهاشمي) فقال: (بعون
الله سيثور الشعب قريباً ويزيل حكم ابن سعود، وما الصراخ
في هذا الهاشتاق من المباحث إلا رقصة الديك المذبوح)!
وأضاف: (الأمر الطبيعي ان يثور الشعب ضد من سرق ماله،
وشبّك أراضيه، وجعله عاطلاً فقيراً وبلا سكن. الأمر غير
الطبيعي أن لا يقبل الثورة).
كانت معركة قوية بين المؤيدين والمعارضين، فهناك حزبان،
وفي الماضي لم يكن هناك إلا صوت السلطة وحزبها.
لينا الشريف تقول أنها ضد الثورة تماماً ودعت: (الله
يقوي آل سعود في سجن الإرهابيين وقمعهم أكثر، وكذلك قمع
كل من يحاول إنشاء دولة داخل دولتنا كالمطاوعة).
ويقابل هذا التأييد قول مغرد: (اؤيد الثورة في السعودية
لأن سكوتنا على الإستبداد لثمانين عاماً مضت، جعلنا ندفع
الثمن غالياً، بدءً بالسرقات والإعتقالات وانتهاءً بانتهاك
العرض).
من وجهة نظر النظام ومباحثه، فإن الحديث عن (الثورة)
أية ثورة، فضلا عن ان تكون في السعودية، يعني بالنسبة
لهم خطوة متقدمة للقيام بها. فمن يحدث نفسه بالثورة، سيقوم
في وقت لاحق بأفعال ثورية.. ولذا لا بد من تخفيض الحديث
عنها في الإعلام الرسمي الداخلي والخارجي.
لكن الثورة تتطلّب شروطاً مسبقة لكي تقوم في أية بلد،
فهل نضجت الثورة في السعودية؟
الأرجح ان الجواب: لا! هناك بؤر ثورية في الشرق والوسط
والى حد ما في الجنوب والشمال.
هي بؤر قابلة للإنتشار والتوسّع رغم الفواصل الجغرافية
والنفسية والثقافية. ولكن كل النفوس مهتاجة وساخطة وتتوجه
بأصابع الإتهام الى العائلة المالكة.
لكن ايضاً هناك من يتحدث مثل (مشعل القرني) عن أن الثورة
لن تقوم أو لن تنجح في السعودية ما لم تكن مدعومة خارجياً.
وقد اضاف رابطاً لجيمس وولسي رئيس السي آي ايه السابق
يقول فيه في حديث علني تلفزيوني بأن امريكا هي من يحدد
الثورة في السعودية وليس الشعب!
بالطبع هذا غير صحيح وغير دقيق البتة. نعم امريكا حامية
للنظام، وهي معوّق للثورة وحتى الإصلاحات العادية البسيطة.
لكن امريكا والغرب لا يستطيعان منع قيام الثورة ان نضجت
شروطها المحليّة.
عبدالله احمد الأسمري يقول بانه يؤيد الثورة في السعودية
(لأني قررت أن أعيش حراً، وأموتُ حراً، كما خلقني الله
عزيزاً).
اما عبدالله الشمري فهو يشير الى انه حان وقت الثورة،
فـ (إن لم يكن مع هؤلاء الطغاة الخونة آل جحود اليوم وقفة،
فمتى؟ لا بد من تصفيتهم وإذلالهم وكسر جبروتهم). واضاف
مخاطباً المواطنين: (آل سعود خانوا دينكم، وسرقوا أموالكم،
فثوروا عليهم، وكسروا عروشهم، وأزيلوا سلطانهم، حطموا
جبروتهم وطغيانهم)!
أما نادر العتيبي فأيد (ثورة الفكر والمعرفة والعلم؛
والثورة ضد الجهل والعنصرية والتعصب القبلي والعرقي. أما
سياسياً فالثورة تعني الدمار، لذلك لا أؤيد الثورة في
السعودية).
خلود محمد شتمت داعية للثورة فقالت له بأنك تؤيد الثورة
(لأنك ثور، الله يجمعك مع هذا الثور) وجاءت بصورة! وعلى
نفس المنهاج المباحثي السعودي، بصق مغرد باسم مستعار من
البيض (المباحث) بوجه المؤيدين للثورة (تفو) واضاف: (على
كل من أيدها: تخسون وتعقبون. تلاقونا الحريم قبل الرجال
بوجهكم يا كلاب)!
يبدو ان الحديث عن ثورة ضد آل سعود استفزّ كثيراً من
المؤيدين للنظام و العاملين في سلك مخابراته.
لكن البعض اصابه الإحباط بعد تجربة الثورات العربية.
مغرد قال: (جدتي الله يطول بعمرها تقول: ما يثور إلا الثور.
وبعد ليبيا ومصر وتونس اقتنعتُ بحكمتها).
اما المغردة شذى الجبر، فرأت عكس ذلك تماماً: (اؤيد
الثورة لأننا الان نخسر شبابنا في انتشار الإنتحار والمخدرات
والغرق في السيول وحوادث السير. الثورة ستصون هذه الأنفس.
اؤيد الثورة لأن النظام ارتكب الكفر البواح: وسرق الأموال
واعتدى على الأعراض وشبّك الأراضي، وحرم الشباب من العمل،
وسجن المصلحين).
السؤال في النهاية وبعيداً عن التأييد والمعارضة..
من الذي سيثور، وكيف سيثور، ومتى تقع الثورة، ومالذي يحبطها؟
موضوع الثورات علم قائم. وما يجري هو كثير من التمنيات
وقليل من العمل!
|